وحدة المملكة المغربية علم وعمرانأعلام

مسعودة الوزكيتية أم أحمد المنصور الذهبي

مسعودة بنت أحمد بن عبد الله الوزكيتي الورزازتي هي أميرة مغربية، وقد تعددت أسماء الأميرة مسعودة، فالبعض يفضل تسميتها الأميرة العالمة، والبعض اختار لها اسم السيدة الحرة الصالحة، والبعض الآخر يسميها المحسنة للاعودة ، تزوجت مسعودة الوزكيتية من محمد الشيخ المهدي، زعيم الدولة السعدية سنة 1548م، وأنجبت أحمد المنصور الذهبي، وكانت تحرص على اقتناء المفاخر في فعل الخير، كما حبست الكثير من الأراضي والبنايات على المساكين والمحتاجين، وقد خلد اسمها في التاريخ ببناء معلمة تاريخية دينية، وهي “مسجد الحرة” ، الواقع بباب دكالة بمراكش، ويتميز هذا الصرح الديني ببنائه وهندسته وزخاريفه التي جمعت فيها مهارات الهندسة والزخرفة الأندلسية والموحدية.

وقد عرفت بالسعي في أبواب الخير والبر، فاعتنت بإصلاح الجسور والطرق وتشييد القناطر وبناء المساجد، كالمسجد الجامع بباب دكالة بمراكش الذي بنته سنة 995هـ، وأوقفت عليه أوقافا عظيمة، ومن الفئة التي استفاذت من خراج هذه الأوقاف، قراء الجامع وحزابيه، إضافة إلى أئمته وفقهائه ومؤذنيه القائمين بسائر وظائفه… [1].

وجاء في الأعلام للزركلي: “…ولها آثار، منها جامع في حومة باب دكالة داخل مدينة مراكش، وجسران أحدهما جسر وادي أم الربيع، وكان بناؤها المسجد سنة 995هـ،  ووقفت عليه أوقافا عظيمة”[2]

والمسجد الجامع بباب دكالة بمراكش يعتبر هذا المسجد من أهم المساجد في العصر السعدي، في كل من مراكش أو فاس على السواء، ومما زاد في أهميته أن أم المنصور أمدته بمكتبة عظيمة، أوقفت عليها جملة وافرة من الكتب العلمية.

وجاء عنها في الإعلام: “مسعودة بنت عبد الله الوزكيتي، أم السلطان أحمد المنصور،” قال في المنتقى”: وبمثل هذه الصفة اتصفت والدته أم المؤمنين عاملها الله بلطفه، ففيها من الرحمة والشفقة على عباد الله تعالى ما لا يدخل تحت الحصر، فكم جهزت من يتامى، وكم زوجت من أيامي، وكم بذلت من صدقات، وكم أجزت من صلات هذا مع ما كانت عليه تنشيه من المساجد والقناطر، وإصلاح الطرق للبوادي والحاضر، وغير ذلك مع ما كانت تنذره من الصيام والهدايا مع كل من قفل إلى المعشر الحرام[3]..

فلما أمرت ببناء المسجد الذي أنشأته بباب دكالة من مراكش الحمراء المحروسة، مسجد عظيم تقام فيه به الجمعة، وحبست عليه وقفا عظيما، … فحبست لوجه الله العظيم، ورجا ثوابه الجسيم والنعيم المقيم، جميع حانوت غير الحانوت الواجب لها في نصفها من القيصرية المشتركة بينها وبين مساكن الماريستان المخترعة لها وسط سوق الخضرة المراكشية، دون البقعة المتصلة بقبلتها، وجميع بيت الرحا الجديد المخترعة لها على وادي تسلطانت القريب من رحى ولاد وأولاد الأمين   محمد بن قاسم القصطالي وأولاد التاجر عبد الله الشجاري المشتمل على أربع مدرارات، من جميع داره المبنية له، وجميع العين الكبرى التي تملكها من ورثة أحمد بن ربوح الكائنة بالمخالص خارج باب تغازوت[4]..

وهذا المسجد عبارة عن بيت للصلاة يشتمل على ثلاث قباب في البلاطة الوسطى، أحدها وسط البلاطة والأخريات طرفيها، وكل من بوابات المجامع يحتوب على دهليز تعلوه قبة، وتوجد به عدة أشكال من العقود موزعة بين أنحاء المسجد، وهي تضفي عليه مزيدا من الروعة، ويشمل كذلك على سبع بلاطات وأربعة أساكيب، وصحن المسجد يكاد يكون مربعا، وتحيط به أروقة يعلو الرواق الداخلي منها قبتان، ويعتبر تعدد القبات تطويرا للتصميم الموحدي، إذ نجد القبات تعلو البوابات أيضا… [5]..

وكانت الحرة مسعودة هذه من الخيرات الصالحات … وكانت وفاتها سحر يوم الثلاثاء السابع والعشرين من المحرم فاتح سنة ألف [6]..

[1] –  انظر المنتقى المقصور على مآثر الخليفة المنصور دراسة وتحقيق محمد زروق مكتبة المعارف الرباط.

[2] – الأعلام للزركلي (7/221) الطبعة الخامسة عشر دار العلم للملايين.

[3] – الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام (7/269) الطبعة الثانية 1997م المكتلة الملكية الرباط.

[4] – الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام (7/270) الطبعة الثانية 1997م المكتلة الملكية الرباط.

[5] – أنظر السياسة والمجتمع في العصر السعدي ص 310 دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء.

[6] – الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (5/126) دار الكتاب الدار البيضاء

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق