مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلاميةأعلام

الطبيب الأديب عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الجلياني الغساني

تقديم :

هذه الدراسة سنخصصها باقتضاب لواحد من أهم الأعلام الذين عرفتهم الحضارة الأندلسية الإسلامية والإنسانية عبر تاريخها المديد، فلولا هذه الزبدة النقية من العلماء الفطاحلة لما كان لحضارتنا و لحضارة غيرنا أي أثر يذكر عبر الزمان والمكان، فبفضلهم تم تناقل الأفكار العلمية بكل أصنافها وفروعها، مما مكن أغلب العلماء اللاحقين المهتمين بالمعرفة العلمية أن يبدعوا عبرها أفكارا علمية جديدة حتى سارت في قلب كل حضارة علوما وفروعا علمية مستحدثة بفضل اجتهادات هؤلاء العلماء السابقين – السباقين علينا في الإبداع والاجتهاد.

إن العالم الجليل الذي سيكون محطة هذه الدراسة هو الطبيب و الشاعر والأديب والمتصوف عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الجلياني الغساني الملقب بحكيم الزمان.

الإسم :  [1]

هو أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الجلياني الغساني الأندلسي. طبيب وشاعر وأديب ومتصوف، لقب بحكيم الزمان. أصله من جليانة، وهي حصن من أعمال (وادي آش) بالأندلس. ولد وترعرع بمدينة غرناطة سنة 531 هـ [2]، انتقل إلى القاهرة في سبيل طلب العلم، ثم بعدها سار إلى دمشق وسكنها مدة [3]، ثم سافر إلى بغداد فدخلها سنة 601 ونزل بالمدرسة النظامية. وكانت معيشته من الطب، يجلس على دكان بعض العطارين، وهناك التقى به المؤرخ والجغرافي العربي الكبير ياقوت الحموي. توفي بدمشق سنة 603 هـ، وبعض المؤرخين يؤرخون سنة وفاته في 602 هـ [4].

دراسته وعلومه :

كان أديبا فاضلا، له شعر مليح المعاني أكثره في الحكم والإلهيات وآداب النفوس والرياضيات، وكان حاذقا بالصناعة الطبية، كما كان علامة زمانه في صناعة الطب والكحل وأعمالهما بارعا في الأدب وصناعة الشعر وعمل المديحات، وكان أيضا يهتم بصناعة الكيمياء.

تواليفه :

لحكيم الزمان عبد المنعم الجلياني عدة  كتب. ففيما قاله من منظوم الكلام ومطلقه عشرة دواوين: الأول: ديوان الحكم وميدان الكلام، والثاني: ديوان المشوقات إلى الأعلى، والثالث: ديوان أدب السلوك، والرابع: كتاب نوادر الوحي، وهو يشتمل على كلام حكمة مطلق يشتمل في غريب معان من القرآن العظيم، ومن حديث الرسول عليه أفضل السلام والتسليم. والخامس كتاب تحرير النظر، والسادس كتاب سر البلاغة وصنائع البديع في فصل الخطاب. والسابع: ديوان المبشرات والقدسيات، والثامن: ديوان الغزل والتشبيب والموشحات والدوبيتي، والتاسع: ديوان تشبيهات وألغاز ورموز وأحاجي وأوصاف وزجريات وأغراض شتى ومنظوما. والعاشر ديوان ترسل ومخاطبات في معان كثيرة وأصناف من الخطب والصدور والأدعية. وله أيضا من الكتب: كتاب منادح الممادح ورضة المآثر والمفاخر، من خصائص الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن أيوب ألفه في سنة تسع وستين وخمسمائة، وتعاليق في وصفات أدوية مركبة.

ولعبد المنعم فيه مدائح كثيرة، أشهرها قصائده “المدبجات – خ” العجيبة في أسلوبها وجداولها وترتيبها، أتمها سنة 568 هـ، وتسمى ” منادح الممادح “، وله أيضا “روضة المآثر والمفاخر في خصائص الملك الناصر” و” مشارع الأشواق – خ”، نسخة نفيسة كتبت سنة 731 أظنها فريدة. وله عشرة “دواوين” نظما ونثرا، منها “ديوان أدب السلوك – خ” وهو الثالث، نثر، و”ديوان الغزل والتشبيب والموشحات” وهو الثامن، نظم، و” ديوان الترسل والمخاطبات” وهو العاشر، نثر. وقد أتى ابن أبي أصيبعة على بيان موضوعات الدواوين العشرة، وذكر له “تعاليق في الطب” و “وصفات أدوية مركبة”. وشعره حسن السبك فيه جودة.

 من تصانيفه في أدب السلوك: تحرير النظر، تحفة الجوهرية قصيدة في فتوحات صلاح الدين الايوبي، جامع انماط السائل في العروض والخطب والرسائل، ديوان الحِكم وميدان الكلم، ديوان الغزل والتشبيب، ديوان المبشرات والقدسيات، ديوان المديح، سر البلاغة وصنايع البديع في فصل الخطاب، مذبحة رهان الاذهان في مدى ذكر الملك الناصر على ممر الزمان، مشارع الأشواق في التصوف، منادح الممادح وروضة المآثر والمفاخر من خصائص الملك الناصر أعني صلاح الدين .

تلاميذته :

روى عنه محب الدين بن النجار.

وروى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الرحيم الخطيب بضريح الخليل، وأيضا أبو عبد الله بن يحيى المرسي.

مصادر ترجمته :

  • عيون الأنباء في طبقات الأطباء، إبن أبي أصيبعة.
  • التكملة لكتاب الصلة، ابن الأبار، محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضلعي البلنسي.
  • إيضاح المكنون، في الذيل على كشف الظنون، إسماعيل باشا البغدادي.
  • هدية العارفين أسماء المؤلفين و آثار المصنفين، إسماعيل باشا البغدادي.
  • الوافي بالوفيات، صلاح الدين بن عبد الله الصفدي.
  • نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، أحمد بن محمد المقري التلمساني.
  • الاعلام، خير الدين بن محمود، الزركلي الدمشقي.
  • أعلام من الحضارة العربية الإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقية، زهير حميدان.
  • الطب والأطباء في الأندلس الإسلامية، محمد العربي الخطابي.
  • الطب والأطباء بالمغرب، عبد العزيز بن عبد الله.

 [1] – من بين أهم المصادر التي تناولت هذا العلَم بالتفصيل نشير إلى: محمد الغساني الجلياني (الطب والأطباء بالأندلس ) – محمد عبد المنعم، الغساني، الجلياني، وهو عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن أحمد بن خضر بن مالك بن حسان (نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب ) – عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الجلياني الغساني الأندلسي، أبو الفضل (الأعلام للزركلي ) – عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن أحمد بن خضر بن مالك بن حسان، الغساني، الأندلسي، الجلياني (أعلام من الحضارة العربية الإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقية)- أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن أحمد بن حسان، الغساني، الأندلسي، الجلياني (عيون الأنباء في طبقات الأطباء) – عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن حسان، الغساني،لجلياني، أبو الفضل (التكملة لكتاب الصلة) – الجليانى – عبد المنعم بن عمر بن عبدالله بن حسان الوادي آشى الغساني حكيم الزمان أبو الفضل الحليانى الاندلسي (هدية العارفين) – أبو الفضل الجلياني “المغربي” عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن أحمد بن خضر بن مالك بن حسان. أبو الفضل، حكيم الزمان. الغساني، الجلياني، الأندلسي. (الوافي بالوفيات) ( فوات الوفيات).

[2] – يعتقد صاحب كتاب هدية العارفين أنه نزل دمشق سنة 531، لكن الأصل هو أن هذه السنة بالضبط هي السنة التي ولد فيها بحسب ما تذكره جل كتب التراجم التي عرفتنا عن شخصيته.

[3] – ملاحظة بخصوص كتاب إيضاح المكنون: نجد فيه المؤلف يكرر هذا العالم عدة مرات، وبالتالي فمسألة ضبط سنة وفاته لم يدلي فيها بالجزم والثبوت، مثلا لما يذكر كتابا منفردا من أحد كتبه، يضع أمام اسمه سنة الوفاة مختلفة عن السّنة التي يضعها أمام اسمه في كتاب آخر.

[4] – نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب.

ذ. زيدان عبد الغني

باحث مركز ابن البنا المراكشي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق