وحدة المملكة المغربية علم وعمرانأعلام

أعلام وأدباء العدوتين الرباط و سلا.

الحلقة التاسعة : محمد بن أحمد الرغاي

 

يعد أبو عبد الله بن أحمد الرغاي،  من علماء الرباط وكتابه البارزين، درس على يد كبار شيوخ عصره منهم أبي المواهب سيدي العربي بن السائح، وعلى أبي العباس دنية، وعلى الرياضي الشهير السيد الطاهر ضاكة، تلقى عليه الحساب والتوقيت والتنجيم وما إليها من العلوم الرياضية، كان مدرسا مشاركا، وفقيها نزيها، وشاعرا متفننا، وكاتبا مقتدرا….

  وهو الأديب المؤدب، أحد مشايخ شيخنا القاضي أبي حامد البطاوري، أتم عليه قراءة القرآن العظيم يعد والده، وأخذ عنه الحساب وبعض علوم الآداب، ولما سألته عنه كتب لي في ترجمته ولعل ذلك نقله من فهرسته فقال: كان والده من فقهاء الرباط، وعدولها المتصدرين للشهادة بين الناس، وكان خطيبا بالمسجد السيلماني، وولده المترجم له شاعر مطبوع، وأديب ممتع المجالسة، ذو حظ وافر من اللغة، يكاد أن يكون كتاب القاموس محفوظا له، سألته مرارا عن عدة ألفاظ فأجاب بأن هذه ما أغفله صاحب القاموس، وتارة يقول ليس لهذه ذكر في القاموس[1]..

   اشتهر بالفقه في اللغة حتى كان يستحضر نصوص القاموس ويملي منها الفذلكة الطويلة عندما يقتضي الحال عرض مادة من المواد مع فهمه الدقيق لخبايا المحيط وأسرار اصطلاحاته الخاصة.
درس على أبي المواهب سيدي العربي بن السائح، وعلى أبي العباس دنية، وعلى الرياضي الشهير السيد الطاهر ضاكة، تلقى عليه الحساب والتوقيت والتنجيم وما إليها من العلوم الرياضية، حتى فن الأوفاق وسر الحرف مع إتقانه عمل الجدول المثيني [2] .

  كانت له خبرة واسعة بالتجويد وأداء الكتاب أداء حسنا، وتصدى لتعليم النشئ القرآن الكريم فتخرج من مدرسته في الكتاب العزيز وحفظه عدد وافر من الطلبة، في مقدمتهم شيخ الجماعة أبو حامد البطاوري، وكان له نشاط خاص بالوراقة والنساخة، فكم حبر بخطه الجميل كتب: كالقاموس المحيط، والنفح، ووفيات الأعيان، وتاريخ العبر لابن خلدون، وإحياء الغزالي، ومعاهد التنصيص وغيرها، مع تكرار النسخ لبعضها [3]

تعاطى خطة العدالة، وكان فيها موثقا بارزا ثم رشح كاتبا في السلك المخزني كما استخدم عدلا بمرسى الدار البيضاء عام 1311هـ الموافق 1893م [4] .

  انتسخ كثيرا من الكتب الكبار كنفح الطيب، ووفيات الأعيان، وتاريخ ابن خلدون وغيرها مرات عديدة، وانتسخ الإحياء للعزالي، وانتسخ نسخا من شرح الغرناطي على الحازمية، ومسخة من معاهد التنصيص، وكان يبيع من ذلك ما طلب منه بالثمن الغالي، خصوصا الجانب المخزن، ولمن كانت فيه أهلية من الوزراء والأمراء، وما من كتاب أنسخه إلا كان مستحضرا لجل ما اشتمل عليه، إن لم نقل على كله، وأما ما يشتمل عليه من الشعر فهو محفوظ عنده قطعا، بحيث إذا سمع بيتا يقول هذا من قصيدة فلان… [5].

  وكان له  في أوائل أمره خزانة متوسطة مشتملة على كل حسن وغريب، وجلها بخط يده، وكان له اعتناء تام بمقابلة مايستنسخه، وإصلاح ما عسى أن يوجد فيه من الغلط، فلذلك لا يوجد كتاب بخطه إلا في غاية الصحة.

  ثم لما بسطت عليه الدنيا توجه لجمع الكتب، فكان يكلف من يكتب له بمصر والشام بل ولبلاد الهند، فيأتيه من ذلك العدد الكثير، حتى صارت خزانته يضرب بها المثل.

  وبعد وفاته بيع البعض من كتبه، فلا تجد أحدا من الطلبة إلا وعنده منها عدد، وأنفسها وأحسنها وأكثرها كله في خزانة بعض علماء الرباط، تملكه بالشراء ووجه بعضها للبلدان [6]..

  وكانت كتبه مميزة بتجليد خاص على نسق واحد، كان استحضرها حيث كان بفاس في بعض الخدمات السلطانية، واتخذ عدة من المجلدين معه في منزله هناك مدة مديدة، إلى أن أتم أمرها وفق ما أراد، فتميزت بذلك عن غيرها بحيث أول ما يرى كتابه بقال: هذا من كتب الفقيه الرغاي، لأنه يكتب على كل اسم الكتاب بخطه المشهور [7]..

توفي أوائل عام خمسة عشرة وثلاثمائة وألف 1315هـ الموافق سنة ثمان وتسعين وثمانمائة وألف 1898م، ودفن بالزاوية الناصرية من رباط الفتح [8].

 

الصورة من إنجاز أكرم صبحا       

 

[1] –  الاغتباط في تراجم أعلام الرباط ص 383 الطبعة الثانية 2014م، دار المذهب للطباعة والنشر والتوزيع.

[2] –  أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا (2/84)

[3] –  أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا (2/84)

[4] –  أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا (2/84)

[5] –  الاغتباط في تراجم أعلام الرباط ص 383 الطبعة الثانية 2014م، دار المذهب للطباعة والنشر والتوزيع.

[6] –  الاغتباط في تراجم أعلام الرباط ص 383 الطبعة الثانية 2014م، دار المذهب للطباعة والنشر والتوزيع.

[7] –  الاغتباط في تراجم أعلام الرباط ص 383 الطبعة الثانية 2014م، دار المذهب للطباعة والنشر والتوزيع.

[8] –  أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا (2/84)

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق