مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويأعلام

من رباط المسيد إلى زاوية أهل الزريبة الأنصار

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

 أسس سيدي حنين بن سرحان الأنصاري رباط المسيد، خلال القرن السادس الهجري[1]، لتعليم القرآن الكريم وبعض علوم الدين[2]، بجماعة المسيد، شمال بوجدور حاليا[3]، قرب عين الخطارة العذبة التي ستسمى عين المولى بوعزة نسبة إلى الصالح الشهير سيدي أبي يعزى[4] الذي لعله كان ينزل قربها[5]. ومن الراجح أنه كان من المسهمين في تنمية الرباط الصوفي المذكور[6]، وأنه أمر بعض أولاد تيدرارين الأنصار بحفر حاسي “لمسيد” القريب من الرباط نفسه[7].

ويبدو أن هذا الرباط تحول إلى زاوية منتسبة إلى سيدي أحمد بوغنبور الأنصاري[8]، ابتداء من القرن العاشر الهجري. ثم تحول اسمها إلى زاوية أهل الزريبة الأنصار[9] في زمن غير محدد. وشكلت مؤسسة ذات وظائف مختلفة.

وظائف زاوية أهل الزريبة الأنصار: 

أدت زاوية أهل الزريبة الأنصار وظائف متعددة خلال مسيرها، بفضل موسمها[10]، وبفضل رساميلها[11]. فأولاها هي الوظيفة التعليمية. حيث كانت مأوى لطالبي القرآن الكريم، والصلاح السني، والمذهب المالكي الأشعري[12].

وثانيتها هي الوظيفة الاجتماعية. إذ كانت مجالا للفصل بين المتنازعين، وإيواء الفقراء وأبناء السبيل، ومحل إطعام الطعام، خاصة خلال الكوارث الطبيعية[13].

وثالثتها هي الوظيفة العلاجية. حيث شكلت واحة إيكولوجية[14] أسهمت في أداء دور علاجي للأمراض الجلدية بفضل مياه عينها الكبريتية[15].

ورابعتها هي وظيفة الأمن المجالي. حيث شكلت حرما[16]، بفضل رسائل التوقير والاحترام[17]، وبفضل تحكم أولاد تيدرارين الأنصار في مجالها[18].

وإلى جانب ذلك، أسهمت الزاوية المذكورة في الأمن الروحي بالتشبث بالبيعة والوسطية والاعتدال[19]، مثل ما أسهمت في مقاومة الاستعمار الإسباني[20].

وإذ أثثت هذه الزاوية جزءا من الوعي الجمعي المغربي، يبدو أن انتسابها للأنصار[21]، أسهم في تبعيتها للعرش العلوي حامي الأولياء والشرفاء. حيث يصبح الحاضر إعادة إنتاج للتاريخ الديني، وتعبيرا رمزيا عن نصرة أبي دجانة الأنصاري، جد أولاد تيدرارين، لسيدنا محمد عليه السلام، جد الشرفاء العلويين.

وحين ينضبط جزء من الوعي الجمعي نفسه لمؤسسة الزاوية المذكورة، تنضبط هي لتدبير الدولة المغربية. فيصبح مجال أولاد تيدرارين الأنصار تابعا للنظام العام.

الإحالات:

[1] راجع: زاوية أهل الزريبة، زهرة فعراس، في: أدب الواحة، المطبعة والوراقة الوطنية، 2016 م، ص181، وص184؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، مصطفى حاضيه، في: أدب الواحة، ص204، وص205، وص207.

[2] أولاد تيدرارين الأنصار، عبد العزيز فعراس، مطبعة طوب بريس، 2012 م، ص42، وص53- 54، وص79؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور، زهرة فعراس، مطبعة طوب بريس، 2015 م، ص62؛ والساقية الحمراء ووادي الذهب خلال القرن 19، ج1، بشرى الفراحي، مطبعة أصكوم، 2021 م، ص113؛ وزاوية أهل الزريبة، ص181، وص184؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص205؛ ومادة تيدرارين، في: معلمة المغرب، ج8، ص2658.

[3] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار، ص81، وص84، وص89، وص104، وص112؛ وزاوية أهل الزريبة، ص180، وص183؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص203، وص205، وص206، وص207.

[4] راجع: المجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور، ص77؛ وزاوية أهل الزريبة، ص181، وص185، وص187؛ وجوانب من حياة الشيخ سيد أحمد بوغنبور، عبد المولى بابي، في: أدب الواحة، ص193.

[5] استأنس بـ: أولاد تيدرارين الأنصار، ص54، وص114.

[6] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار، ص89؛ وزاوية أهل الزريبة، ص181، وص184؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص205، وص207.

[7] المجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور، ص80.

[8] أولاد تيدرارين الأنصار، ص55، وص89؛ وزاوية أهل الزريبة، ص182؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص203، وص204، وص206، وص207.

[9] أولاد تيدرارين الأنصار، صفحات متفرقة؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور، ص80، وص86؛ وأولياء وصلحاء الصحراء، إدريس نقوري، مطبعة DIMAGRAF، 2018 م، ص343؛ وزاوية أهل الزريبة، صفحات متفرقة؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص200، وص204، وص207، وص208؛ ومادة بوغنبور، أحمد، في: معلمة المغرب، ج26، ص122.

[10] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار، صفحات متفرقة؛ وزاوية أهل الزريبة، ص186، وص188؛ وجوانب من حياة الشيخ سيد أحمد بوغنبور، ص196؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص204، وص207- 208؛ والصلاح والتصوف وعمارة الجنوب المغربي، عبداتي الشمسدي، في: طرفاية تاريخ ومجال، المطبعة والوراقة الوطنية، 2019 م، ص108.

[11] أولاد تيدرارين الأنصار، ص89، وص92- 96، وص104- 105، وص129؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور، ص80؛ وأولياء وصلحاء الصحراء، ص343؛ وزاوية أهل الزريبة، ص184، وص185، وص186- 187، وص188؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص207.

[12] أولاد تيدرارين الأنصار، ص55، وص79، وص89؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور، ص80؛ وأولياء وصلحاء الصحراء، ص343؛ وزاوية أهل الزريبة، ص182، وص184؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص206، وص207، وص208؛ والساقية الحمراء: “صلحاء وزوايا”، مولود سنادي، في: الصحراء، الإنسان والمجال، مطبعة الحمامة، 2017 م، ص171.

[13] أولاد تيدرارين الأنصار، ص79، وص84؛ وزاوية أهل الزريبة، ص184، وص185، وص188؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص204، وص207، وص208.

[14] أولاد تيدرارين الأنصار، ص89؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور، ص77؛ وأولياء وصلحاء الصحراء، ص343؛ وزاوية أهل الزريبة، ص181، وص185، وص186، وص187- 188؛ وجوانب من حياة الشيخ سيد أحمد بوغنبور، ص193؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص204، وص207، وص208؛ والساقية الحمراء: “صلحاء وزوايا”، ص171.

[15] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار، ص89؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء، ص77؛ وزاوية أهل الزريبة، صفحات متفرقة؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص207؛ والساقية الحمراء: “صلحاء وزوايا”، ص171.

[16] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار، ص79، وص89؛ وزاوية أهل الزريبة، ص187- 188؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص206، وص207.

[17] أولاد تيدرارين الأنصار، ص48- 50؛ والساقية الحمراء ووادي الذهب خلال القرن 19، ج1، ص114؛ وزاوية أهل الزريبة، ص183؛ وجوانب من حياة الشيخ سيد أحمد بوغنبور، ص193- 194، وص197- 198؛ ومادة تيدرارين، في: معلمة المغرب، ج8، ص2658؛ ومادة بوغنبور، في: معلمة المغرب، ج26، ص122.

[18] أولاد تيدرارين الأنصار، ص59- 62؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء، ص66؛ ومادة تيدرارين، في: معلمة المغرب، ج8، ص2658- 2659.

[19] الزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص207، وص208.

[20] راجع: زاوية أهل الزريبة، ص185؛ ومعلمة المغرب، ج26، ص198.

[21] أولاد تيدرارين الأنصار، صفحات متفرقة؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء، ص62، وص66؛ والساقية الحمراء ووادي الذهب، ج1، محمد الغربي، مطابع دار الكتاب، ص128؛ والساقية الحمراء ووادي الذهب خلال القرن 19، ج1، ص113؛ وأعلام من الصحراء المغربية، محمد الجيلاني لعبدَّ، ص104؛ وأولياء وصلحاء الصحراء، ص194، وص333، وص334؛ وزاوية أهل الزريبة، ص180؛ وجوانب من حياة الشيخ سيد أحمد بوغنبور، ص191؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي، ص204؛ ومعلمة المغرب، ج8، ص2658؛ وج26، ص197.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق