وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

أبواب مدينة مكناس من خلال إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لابن زيدان

يحيط مدينة مكناس القديمة سور ضخم يبلغ طوله حوالي 40 كيلومترا، ويتألف من ثلاثة جدران بنيت للدفاع عن مدخل المدينة في عهد السلطان مولاي إسماعيل في القرنين السابع عشر والثامن عشر، حيث سعى في عهده إلى بناء مدينة عظيمة بأسوار وأبراج عالية وقصور فخمة وبوابات محصنة…، وقد اخترقت هذا السور العظيم أبراج ومعاقل وحوالي 20 بوابة ضخمة، أطلق عليها اسم باب،  وقد ذكرها ابن زيدان في إتحاف أعلام الناس وهي :

باب الخضارين : باب الخضارين وبجانبه متصلا به بويب صغير، يدخل منه النساء لصلاة الجمعة المؤذون ليلا مثل باب الزرائعيين، وهذا البابان هما المقابلان لباب مدرسة الخضارين، وكان بين باب الخضارين هذا وباب المدرسة قبالته حجارات بالأرض على نحو ما كان في باب مدرسة الشهود، وباب المسجد قبالتها، وباب سماط الشهود الآن، ويقابل هذا الباب المكتب الذي كان محكمة القضاة فيما سلف، ولم يزل معدا لذلك إلى زمان تولية شيخ بعض شيوخنا العلامة المتضلع النقاد حامل لواء المعقول والمنقول في زمانه سيدي أحمد بن سودة المري، خطه القضاء بالعاصمة، وقد كان هذا السماط فيما سلف وغبر، معدا لبيع الخضر، ثم رجع سماطا لباعة الحرير يعرف بالحرارين، ثم رجع سماطا للعدول ولا زال كذلك إلى الحين الحالي[1].

 باب  الخميس : سمي باب الخميس لأنه كان منفتحا على سوق أسبوعي يقام كل يوم خميس، يعد هذا الباب المدخل الرئيسي لمدينة الرياض العنبري[2] المندثرة، وقد تم تشييده على يد المولى إسماعيل، وتعلوه نقوش وزخاريف جميلة، وكتابة عبارة عن ثلاثة أبيات شعرية.

وأسس باب الخميس القائم العين إلى الآن، وهو أحد أبواب مدينة الرياض السالفة الخبر، وذلك عام ثمان وتسعين وألف، ويدل لذلك ما هو منقوش في الزليج المتوج به أعلى الباب المذكور ودونك لفظه.

أنا الباب السعيد سأموت فخرا         سمو البدر في الفلك السعيد

 سنا مولاي إسماعيل يبدو             على ذاتي المنوطة بالسعود

 ففي وقت سعيد قد بناني                 وورخ نشأتي جود المشيد.

وأسس باب الجديد على ما في بعض التقاليد الموثوق بصحتها عام خمس ومائة وألف”[3].

باب الحجر : فإنه لا يزال يعرف بهذه الإضافة إلى الآن، وهو الذي يدخل عليه لحومة سيدي النجار، ويمر فوقه لحومة الدريبة وكلام هذا الأسير فيه يدل على أن باب أبي العمائر الواقع خارج هذا الباب، لم يكن في زمنه وكذا باب المرس، وإنما حدثا بعده، وهو قد كان المولى إسماعيل من عليه بالفكاك من الأسر في جملة سبعين أسيرا عام واحد وثمانين وستمائة وألف[4].

وباب الحجر سميت بذلك لأحجار ثلاث مسبوكات كانت مغروسة بين بابي المسجد والمدرسة المعروفة الآن بالفيلالية، وفيما سلف بمدرسة القاضي ومدرسة الشهود، يمر على تلك الأحجار المتوضئ بالمدرسة المذكورة، إذا رام الدخول للمسجد، وكان لهذه الأحجار قيم على تنظيفها كل حين، وله على ذلك جراية شهرية، ولم تزل تلك الأحجار قائمة والقيم على تنظيفها بالمرصاد، وصف إلى أن رصفت الدولة الحامية ذلك النهج كله، بالحجر المنجور في الحين الحالي، فأزيلت تلك الأحجار، وانقطعت الجراية وأبطل العمل[5]..

باب الحفاة : وكلام صاحب الروض في باب الحفاة أولا وثانيا صريح في أنه هو الذي أجري إليه الماء أيام الموحدين بعد الستمائة، وهو الواقع جوفي هو المعروف بذلك الاسم الآن، وهو المقابل لعنزة المحراب المقابلة لمحرابه، على ما في ذلك المحراب من تمام الانحراف عن القبلة، وعليه فالتحويل الذي فعله الوطاسي لم يستمر، بل رجع بعد ذلك اسم باب الحفاة إلى مسماه أيام الموحدين، واستمر على ذلك إلى الآن، وإن خلا عن المناسبة المعهودة في مثله، من أبواب حفاة المساجد، وهي إعطاء ذلك الاسم للباب القريب من باب ديار وضوئها[6].

باب الرايس : أما باب الخلاء المذكور فهو المعروف اليوم بباب الرايس، وإنما كان يسمى باب الخلاء زمن خدمة هذا الأسير بالبناءات الإسماعيلية، وإلا فقد صار باب العمارة، وفي وسط القصبة ومن هنا يفهم أنه لم يصف القصة بتمامها لأنها زادت بعده كثيرا، والباب المفضى للخلاء من تلك الجهة هو باب الناعورة البراني،  والمقبرة التي أشار لمقابلة باب الرايس لها هي مقبرة سيدى عمرو الحصيني، ومقابلتها له ليست حقيقية، بل هي مقابلة في الجملة لأن الخارج من باب الرايس كون المقبرة عن يساره، وقد حال الجدار المار فيه ماء شرب المدينة المقابل لباب القصر الملوكي المسمى بالمدرسة بين المقبرة والباب المذكور[7].

والباب المعروف الآن بباب الرايس ذو الأقواس العشرة، خمسة عن يمين المار فيه، ومثلها عن شماله المحمولة على الأعمدة الحجرية العظيمة التي لا زالت موجودة قائمة لهذا العهد، أربعة عن اليمين ومثلها عن الشمال[8].

باب أبي العمائر: هو أحد أبواب المدينة وهو واقع في شمال غربى مستقبل حمرية من باب ضريح الشريف أبى الحسن على بن محمد بن على دعى بمنون أحد رجال العلوم والمعارف المرجوع إليه بالعاصمة قديما المتوفى سنة أربع وخمسين وثمانمائة.

ومركز الباب المذكور الطبيعى هو في مقابلة باب دار البارود المعدة لتصفية ملحه، وهى إحدى آثار فخامة العاصمة قديما وهناك دار بارود أخرى كانت معدة لصنعه وهى التي موقعها بالمحل بين الباب المحدث عنه وبين الباب الأخرى هناك للمدينة المسماة بباب المرس[9].

 باب البراذعيين : أما باب البراذعيين فموقعة قديما وحديثا في الجانب الغربى للمدينة، غير أنه كما زحلق زمن ذلك المطرر إلى الباب ذى الثمانية عشر قوسا الذى ذكره كذلك زحلق بعده الى الباب الخارج عنه المقابل له الموجود الآن وهو باب في غاية الارتفاع والسعة والإتقان وإحكام البناء، يكتنفه برجان أحدهما عن يمين داخله والآخر عن شماله، وتنفتح دفتاه بين قوسين خر سقفها وانهد القوس الداخلى وغارباه الدالان عليه لازالا لهذا العهد.

ومن هذا الباب يخرج لضريح الولى الكامل المولى عبد الله بن حمد وهو متصل من جهة يمين الخارج منه بالسور المحيط بقصبة تزيمى الممتد إلى الباب المعروف بباب تزيمى، وعن يمين الخارج أيضا روضة قبور الشهداء، وعلى يساره المقبرة العظيمة الجامعة لجم غفير لا يعلمه الا الله من العلماء والأولياء الكاملين التي بها ضريح الشيخ محمد بن عيسى الولى الشهير، وبينه وبين الباب ذى الأقواس الثمانية عشر صحن فسيح يقام فيه سوق لبيع الخشب كل يوم جمعة بعد صلاتها، وقد كان الداخل على الباب ذى الثمانية عشر قوسا المذكور ينعطف فيه لجهة اليمين حيث الفندق الموجود الآن، ويدخل للمدينة من قوس كان مجاورا للمئذنة فسد ذلك القوس، وأحدث في محله دكان للبيع والابتياع وروى صغير وجعل فوق الكل غرفة، والكل تحت القوس الذى فوقه المستودع محل القيم بالتوقيت، ولا زال كل ذلك قائم العين إلى الحين الحالي، ولما سد ذلك القوس المشار فتح نقب كالقوس مسامت للبابين المذكورين، ومنه الممر الآن لكل ذاهب وآت، أما الأقواس الثمانية عشر فمنها ما هو قائم العين والأثر حتى الآن، ومنها ما هد وبقيت أساطينه أو بعضها شاهدة له، كان إذا دخل الإنسان من القوس المحدث في محله الدكان وما ذكر معه وجد خمسة أقواس في صف عن يساره، وأربعة كذلك عن يمينه، فيمر بينهما مستطيلا، فإذا وصل إلى القوس الخامس استدبره منحرفا عن اليمين فيجد قوسا آخر عن اليمين في مقابلة القوس الذى منه المرور الآن، وهو في الوسط بين خمسة أقواس اثنان عن اليمين ومثلهما على اليسار .[10]

 باب منصور العلج : ” ومن تأسيسات السلطان مولانا عبد الله بن مولانا إسماعيل…باب منصور العلج على الطراز الذي هو عليه الآن على إصلاح للدولة الحامية، فيما كان تصدع منه إصلاحا لم يغير ما كانت عليه، وهذا الباب أبت الأقطار المغربية أن تعززه بثان، فهو وحيد الحسن بين أترابه، أنشأ تجديده عام أربعة وأربعين ومائة وألف، وشاهد ذلك ما هو منقوش في زليج أسود بخط مشرقي بارع في أعلى ذلك الباب ولفظه: الحمد لله وحده، وصلى الله سيدنا محمد الذي لا نبي بعده… [11].

باب تزيمي الصغيرة : أحد أبواب المدينة اليوم وقيدنا بالصغيرة احترازا عن تريمي الكبيرة القصبة الشهيرة الكثيرة السكان الكائنة داخل باب البراذعيين المحدث فيها اليوم الباب الذي أعد لدخول البقر عند إيابه من المسارح فتبقى الحوائر التاورية ، وما عطف عليها عن يساره[12]

وموقع باب تزيمى في الجانب الغربى الشمالى تنفتح دفتاه بين قوسين يسترهما سقف أعلاه غرفة معدة للقيم بحراسته، ووجه إضافته تقدمت الإشارة إليها، وخارج هذا الباب كانت سقاية السبيل المعروفة بسقاية الذهب المشار لها فيما أسلفناه في ذكر الآثار الإسماعيلية، ولا زال إلى الآن سور صدر هذه السقاية شاخصا للعيان وكذلك غارباها، وقد أحدث في محلها بناء جعلته دولة الحماية من جملة مرافقها[13].

وأما عن الأبواب التي هدمت ولم يبقى لها أثر، فقد ذكرها ابن زيدان قائلا : وأما باب المشاوريين  فقد هدم أيضا لقريب من هذا العهد، وبنى وراءه غربا باب يسمى باب بريمة بتشديد الراء مكسورة وأما باب عيسى فقد هدم قبل هذا التاريخ وزيد في القصبة وموضعه الآن بين باب سعيد -بكسر ياء مشددة- وضريح سيدى عبد الرحمن المجذوب نفعنا الله به وأما باب القلعة  فقد هدم وزيد في القصبة وموضعه الآن قريب من باب العلوج. وأما باب قورجة  فقد هدم وزيد في القصبة وبنى جوفا منه باب يسمى عبد الرزاق.

وأما باب دردورة، فقد هدم ولم يبق وموضعه الآن بباب تزيمى، وتزيمى اسم قبيلة أخرج أهلها من الصحراء من عمالة سجلماسة وغربوا وأسكنوا في هذا الموضع، وقد أدركناه قبل دار عمل الفخارين، فأخرج الفخارون إلى عدوة النهر شرقا، وكان هناك قنطرتان قديمتان فهدمتا وجعلت قنطرة واحدة [14]

وأما باقى أبواب المدينة التي لم يقع لها تعرض ممن أسلفنا؛ فمنها باب السيبة وموقعه في الجانب الغربى الجنوبى خارج باب الجديد المعروف بهذا الاسم إلى الآن بنى باب السيبة هذا على عهد السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام [15].

ومنها باب سيدى سعيد، ويقال له باب الملاح، وباب وجه العروس وموقع هذا الباب في الربع الغربى الجنوبى، وهو من تأسيس السلطان المولى عبد الرحمن ابن هشام.

ومنها باب زين العابدين موقع هذا الباب في الجانب الغربى الجنوبى على يسار الخارج من باب منصور العلج لبطحاء الهديم، بنى هذا الباب المولى زين العابدين بن السلطان الأعظم المولى إسماعيل أيام إمرته، تنفتح دفتاه بين قوسين يعلوهما سقف فوقه غرفة. [16].

ومنها باب ابن القارى موقعه في الجانب الغربى الجنوبى كسابقه، وهو باب محكم البناء يعلوه برج هائل يشتمل هذا الباب على بابين أحدهما يدخل منه لناحية القصور الملوكية من جهة صهريج السوانى، والآخر يدخل منه لناحية الأروى الإسماعيلى، ومساكن الجيش الملوكى الذى كان بمثابة الحرس[17].

ومنها باب البطيوى، موقعه في الجانب الغربى، وهو باب متقن البناء في غاية الإحكام، يدخل منه لناحية الأروى المذكور. [18].

ومنها باب كبيش، بصيغة التصغير- موقعه في الجانب الشرقى في ناحية الأروى كذلك أيضا. [19].

ومنها باب الناعورة وموقعه في الجانب الشرقى الشمالى يعلوه برج عظيم هائل محكم البناء عجيب الإتقان، أحدث السلطان العظيم الشأن المولى الحسن في هذا البرج بإزاء هذا الباب بابا آخر قبالة قصر المحنشة السعيد، ومنه اليوم مرور كل صادر ووارد ممن يأتى من ناحيته، ووراء هذا الباب باب آخر يعرف بباب الناعورة البرانى وهو حديث البناء ولا أستحضر الآن بانيه [20].

ومنها باب القزدير موقعه في الجانب الشرقى يخرج منه لناحية ضريح أبى زكرياء الصبان، تنفتح دفتاه بين قوسين عليهما سقف، ومن هذا الباب كان دخول جيوش فرنسا الاستعمارية لهذه الحضرة المكناسية، وذلك في زوال يوم الخميس ثامن جمادى الثانية عام ثمانية وعشرين وثلاثمائة وألف موافق شهر مايو بلغتنا سنة إحدى عشرة وتسعمائة وألف …[21].

[1] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  127 الطبعة الأولى 2008م.

[2] – هي مدينة الرياض العنبري و التي أحدثها المولى اسماعيل ( القرن 18م)، لإيواء جيش لوداية، وكذلك لفائدة بعض أعيان المدينة، لكنها لم تدم كثيرا، ففي 1731م دمرها ابنه مولاي عبد الله الذي حكم بعده.

[3] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  298 الطبعة الأولى 2008 م.

[4] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  181 الطبعة الأولى 2008 م.

[5] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  127 الطبعة الأولى 2008 م.

[6] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  124 الطبعة الأولى 2008 م.

[7] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  199 الطبعة الأولى 2008 م.

[8] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  180 الطبعة الأولى 2008 م.

[9] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  298 الطبعة الأولى 2008 م.

[10] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  78 الطبعة الأولى 2008 م.

[11] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  268 الطبعة الأولى 2008 م.

[12] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  229 الطبعة الأولى 2008 م.

[13] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  84 الطبعة الأولى 2008 م.

[14] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  270 الطبعة الأولى 2008 م.

[15] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  267 الطبعة الأولى 2008 م.

[16] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  271 الطبعة الأولى 2008 م.

[17] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  272 الطبعة الأولى 2008 م.

[18] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  272 الطبعة الأولى 2008 م.

[19] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  272 الطبعة الأولى 2008 م.

[20] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  272 الطبعة الأولى 2008 م.

[21] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  272 الطبعة الأولى 2008 م.

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق