وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

جوامع حاضرة أنفا خلال العصر الوسيط

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

أثثت بعض المساجد المجال الحضري، بحاضرة أنفا، خلال العصر الوسيط[1]. حيث تنامت داخلها “مساجد […] في غاية الحسن“[2]، ظلت “تقدم أطلالها للأنظار مشهدا جديرا بالرثاء“[3]، خلال العصر الوطاسي. “وما تزال تشاهد فيها […] بعض بقايا المساجد“[4]، خلال العصر السعدي.

  ومن بين مساجد حاضرة أنفا الجامع الكبير[5]، ذي العمارة الحفيلة[6]، بحسب الاحتمال. حيث تحدث أكثر من موثق عن سيدي محمد بن إسحاق الفزازي الذي “ولي أنفا قاضيا بها في دولة المرتضي الموحدي، وتوفي بعيد الفطر، وقبره مشهور بها عند الباب القبلي من الجامع الكبير“[7].

  وحين الرجوع إلى المصدر الذي تمت الإحالة عليه وجدنا المترجم قد توفي بعين الفطر، مدشر المولى عبد الله أمغار حاليا، لا بعيد الفطر. حيث قال صاحب المصدر: “أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفزازي، ولي أنفا في دولة المرتضى، وتوفي بعين الفطر وقبره مشهور بها عند الباب القبلي من الجامع الكبير“[8].

  ولعل من خطباء الجامع الكبير، بحاضرة أنفا، الشيخ الخطيب سيدي أبو الحسن بن أبي حَدّوا، “الأصيل البيت النابه الأبوَّة“[9]؛ وسيدي عمران بن موسى الهواري السلوي[10]. قيل عنه: “خطب بآنفا، وأراه استقضِي به“[11]. من أهل مدينة سلا، متوفى بها[12]. أخذ عن سيدي محمد بن جابر بن ذي النون، وسيدي أبي القاسم بن سمجون، بغرناطة. وأقرأ بها اللغة العربية التي لعله أخذها عن سيدي أبي الحسن بن خروف. وروى عنه سيدي أبو العباس ابن فرتون الذي لقيه بسبتة[13]. وأقرأ ببلده سلا، وبمالقة ومراكش وغيرها[14]. وكان قاضيا بمراكش[15]، وسلا[16].

  ومن بين المدرسين، بالجامع نفسه، سيدي علي بن إبراهيم الأنصاري، الشهير بابن الرقاص المالقي[17]، الذي “رحل عن بلده مالقة، بعد التبريز في العَدالة والشهرة بالطلب، واستقر بالمغرب، فأقرأ بمدينة أنفا، مُنَوَّهًا به“[18]،  في جامعها الكبير، ومدرستها المرينية معا. حيث درّس بهما “تفسير القرآن العزيز، والموطأ، والمختصر الفقهي لابن الحاجب، والرسالة القيروانية“، و”تسهيل الفوائد لابن مالك، والجمل للزجاجي، والكراس للجزولي“[19].

  مثل ما درّس، بمدينة سلا، “واستوطن بها، رئيس المدرسة بها، مُجَمْرا بكرسيها، فارعا بمنبرها، بالواردة السلطانية، يفسر كتاب الله بين العشاءين، شرحا كثير العيون، محذوف الفضول، بالغاً أقصى مبالغ الفصاحة، مُسمعا على المحال النّابية، ويدرس من الغَدَوات بالمدرسة، دولا في العربية، والفقه“[20].

   ودرَس، بمالقة، على القاضين سيدي أبي عبد الله إبن تِبر أو ابن أبي بكر، وسيدي أبي عمرو بن منظور، والقرآن على سيدي أبي محمد بن أيوب، والعربية، بغرناطة، على سيدي أبي عبد الله بن الفخار، وسيدي أبي الحسن بن الجيّاب. وتلقى على بعض المغاربة، مثل سيدي أبي محمد الحَضْرمي، والقاضي سيدي أبي عبد الله المقري، وغيرهما. ثم أصبح قاضيا، بشرق مالقة[21].

الإحالات:     

[1] وصف إفريقيا، ج1، الحسن الوزان، ترجمة: محمد حجي & محمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، 1983 م، ص197، وص198؛ وإفريقيا، ج2، مارمول كربخال، ترجمة: محمد حجي وآخرون، مطابع المعارف الجديدة، 1988 م- 1989 م، ص128؛ ونفاضة الجراب، ج1، لسان الدين ابن الخطيب، تعليق: أحمد العبادي، دار النشر المغربية، 1985 م، ص80؛ والذيل والتكملة، السفر الثامن، القسم الأول، محمد ابن عبد الملك المراكشي، تحقيق: محمد بن شريفة، مطبعة المعارف الجديدة، 1984 م، ص243؛ والإعلام بمن حل مراكش، ج9، العباس السملالي، تحقيق: عبد الوهاب ابن منصور، المطبعة الملكية، 1980 م، ص307؛ وعبير الزهور، ج1، هاشم المعروفي، مراجعة: عبد الرحمن القباج، مطبعة النجاح الجديدة، 2013 م، ص80، وص85. وراجع: الدار البيضاء الإنسان .. والزمان، محمد السنوسي معنى، دار النشر المغربية، 2017 م، ص25، وص26، وص30؛ وأنفا وما حولها في العصر الوسيط، إبراهيم حركات، في: ندوة الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، د. ت، ص26، وص27؛ وأنفا في عهد المرينيين، محمد المنوني، في: المدينة في تاريخ المغرب العربي، مطابع سلا، ص252، وص253، وص254.

[2] وصف إفريقيا، ج1، ص197. راجع: الدار البيضاء الإنسان .. والزمان، ص25. واستأنس بـ: أنفا وما حولها في العصر الوسيط، ص26.

[3] وصف إفريقيا، ج1، ص198. راجع: أنفا وما حولها، ص27.

[4] إفريقيا، ج2، ص128.

[5] الرحلة المغربية، إبراهيم النميري، تخريج وتعليق: عبد القادر سعود، الرابطة المحمدية للعلماء، 2021 م، ص343، وص348؛ والذيل والتكملة، السفر الثامن، القسم الأول، ص243؛ وعبير الزهور1، ص71، وص85، بتحفظ؛ والدار البيضاء الإنسان..، ص26، وص30؛ وأنفا في عهد المرينيين، ص252، بتحفظ، وص253.

[6] عبير الزهور1، ص71، وص85، بتحفظ؛ وأنفا في عهد المرينيين، ص252.

[7] عبير الزهور، ج1، ص71. قابل بـ: المصدر نفسه، ص85. وراجع: الدار البيضاء الإنسان .. والزمان .. والمكان، ص24؛ وأنفا في عهد المرينيين، ص252.

[8] مفاخر البربر، صالح الإيلاني، تحقيق: عبد القادر بوباية، دار أبي رقراق، 2008 م، ص175- 176.

[9] نفاضة الجراب1، ص80؛ وعبير الزهور1، ص80؛ وأنفا في عهد المرينيين، ص254.

[10] الذيل والتكملة، السفر الثامن، ق.1، ص243؛ وق.2، ص559؛ وكتاب صلة الصلة، القسم الرابع، أحمد ابن الزبير، تحقيق: عبد السلام الهراس & سعيد أعراب، مطبعة فضالة، 1994 م، ص177؛ والإعلام بمن حل مراكش، ج9، ص306- 307؛ وعبير الزهور، ج1، ص84- 85؛ والإتحاف الوجيز، محمد الدكالي، تحقيق: مصطفى بوشعراء، مطبعة المعارف الجديدة، 1986 م، ص192؛ والمصدر نفسه، 1996 م، ص266؛ وأعلام قضاة سلا، الصديق بوعلام، مطبعة الأمنية، 2013 م، ص133؛ والدار البيضاء الإنسان..، ص24؛ وأنفا في عهد المرينيين، ص252.

[11] الذيل والتكملة، السفر الثامن، القسم الأول، ص243. قابل بـ: الإعلام بمن حل مراكش، ج9، ص307؛ وعبير الزهور، ج1، ص85. وراجع: أنفا في عهد المرينيين، ص252؛ و”أخبار أنفا والشاوية عبر العصور”، ص137.

[12] الذيل والتكملة، السفر الثامن، القسم الثاني، ص559؛ وكتاب صلة الصلة، القسم الرابع، ص177؛ والإعلام بمن حل مراكش، ج9، ص306؛ وعبير الزهور، ج1، ص84، وص85؛ والإتحاف الوجيز، 1986 م، ص192؛ والمصدر نفسه، 1996 م، ص266؛ وأعلام قضاة سلا، ص133.

[13] الذيل والتكملة، السفر الثامن، القسم الثاني، ص559؛ وكتاب صلة الصلة، القسم الرابع، ص177؛ وعبير الزهور، ج1، ص84.

[14] الذيل والتكملة، السفر الثامن، ق. 1، ص243؛ والإعلام بمن حل مراكش، ج9، ص307؛ وعبير الزهور، ج1، ص85؛ وأنفا في عهد المرينيين، ص252.

[15] عبير الزهور، ج1، ص85.

[16] الإعلام بمن حل مراكش، ج9، ص307؛ والإتحاف الوجيز، 1996 م، ص266؛ وأعلام قضاة سلا، ص133؛ وأنفا في عهد المرينيين، ص252.

[17] الكتيبة الكامنة، لسان الدين ابن الخطيب، تحقيق: إحسان عباس، مطبعة عيتاني الجديدة، د. ت، ص94؛ والإحاطة في أخبار غرناطة، مج.4، المؤلف نفسه، شرح وضبط: يوسف علي طويل، دار الكتب العلمية، 2003 م، ص92، الهامش رقم 2.

[18] الإحاطة4، تحقيق: محمد عنان، الشركة المصرية، 1978 م، ص117. قابل بـ: عبير الزهور1، ص85. وانظر: الرحلة المغربية، ص344، وص347. وراجع:  الدار البيضاء الإنسان..، ص24؛ وأنفا في عهد المرينيين، ص254، وص255.

[19] أنفا في عهد المرينيين، ص253؛ والرحلة المغربية، ص343، وص344، وص348.

[20] الإحاطة، مج.4، 1978 م، ص117. قابل بـ: عبير الزهور، ج1، ص85.

[21] الإحاطة، مج.4، ص117- 118؛ والرحلة المغربية، ص341- 343؛ وعبير الزهور، ج1، ص85.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق