مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويمعالم

الواجهة الأطلنتية للصحراء المغربية إسهام المجال الصحراوي المغربي في تنمية مرسى السويرة الأطلنتي

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

الحلقة الرابعة

   أسهم المجال الصحراوي المغربي في تنمية حاضرة السويرة ومرساها الأطلنتي، بشكل بيّن بعد نظر بانيها بجعله منظومة الأصيل (سفينة الصحراء) مكملة لمنظومة الجديد (بابور البحر)، وجعله طريق البر مكملا لطريق البحر.

   وفي سياق التكامل المذكور، أسهمت بعض الأسر الوادنونية في التنمية التجارية، بحاضرة السويرة ومرساها. ومنها أسرة بيروك التي ركزت عملياتها التجارية، في بداية الأمر، بين هذه الحاضرة وكَلميم [46]. حيث كان لأحد أفرادها، بالحاضرة نفسها، وكيل يهودي مغربي هو أبراهام قرقوز[47] الذي كلفته السلطات المغربية بمراقبة أمن الطريق الاستراتيجي الرابط بين وادي نون والسويرة [48].

   وإذ اهتمت أسرة آل بيروك بالتجارة الجهوية، اشتهرت بالتوسط التجاري بين السويرة وإفريقيا جنوب الصحراء[49]. واكتسبت صيتا بتعاونها التجاري مع بعثات السويرة الأجنبية، وتلقي البضائع الأوروبية غالبا، القادمة من مرسى السويرة  [50].

   ومن هذه الأسرة مؤسسها الشيخ عبد الله ولد سالم، نائب ويلسن وماكينزي وغيرهما، بالسويرة، منذ سنة 1784 م [51]. ومنها الشيخ مبارك- بيروك- بن عبيد الله الكلميمي الذي نفذ له المولى عبد الرحمن بن هشام العلوي دارا تجارية، بحاضرة السويرة [52]. حيث كان محمد توفلعزت [53]، “أحد وكلائه يتولى فيها مهمة جمع الرسوم[54]، قبل أن يتحول إليها اليهودي المغربي يعقوب أفرياط [55].

  وشكل آل أفرياط جزءا أساسيا من فرع شبكة بيروك التجارية الرابطة بين كَلميم ومرسى السويرة [56]. حيث قدم إليها من كلميم جوزيف أفرياط ليقوم بأعمال تجارية لصالح الشركة المذكورة، بوصفه وسيطا ثقة بين الشيخ بيروك وممثلي القنصلية الفرنسية، بحاضرة السويرة [57]، مثل ما انتقل من كَلميم إلى المرسى المذكور يوسف بن النفتالي أفرياط ليكون أحد وكلاء بيروك [58].

   وإجمالا، كان للشيخ بيروك، بمرسى السويرة، وكلاء تجاريون وسماسرة يسوقون بضائعه وسلعه، بأوروبا [59]، بعد أن سُمح له بالتصدير[60]، وينظمون معاملاته [61]، بوصفه وسيطا تجاريا بين السودان الغربي ومرسى السويرة عبر داره، بوادي نون [62]. وسعى دحمان ولد بيروك جاهدا إلى امتلاك دار، بحاضرة السويرة، لتنظيم علاقاته هو أيضا مع وكلائه التجاريين فيها [63].

   ومن بين الأسر التي أسهمت في تنمية التجارة، بثغر السويرة ومرساها، أسرة أهل العرابي اللمطيين التي اشتغلت بالتجارة في الثغر المذكور[64]. ومنهم السيد محمد العرابي، بكلميم، الذي كان وسيطا تجاريا بين ثغر السويرة وتومبكتو[65].

   وسبق له أن أرسل سلعا إلى وكيله التاجر سعيد بن الكريميس الباعمراني، بالسويرة، مع وسيطين من اليهود المغاربة (مكن البرهم بن شلوم الشهير بالحاخام- برهم بن الببكري)، بحسب رسالة مؤرخة بـ 1293 هـ/ 1867 م[66]. وكانت لديه علاقات تجارية مع مغاربة مسلمين ويهود بارزين، بحاضرة السويرة [67]. وشكلت أسرته خاصة، وأسرة سيدي عبد الواسع عامة، وسيطا تجاريا بين الحاضرة نفسها وبلاد واد نون[68]. ودلت وثيقة تجارية مؤرخة بـ 1294 هـ/ 1877 م، ذات صلة بأسرة سيدي محمد العرابي، على قلة البيع والشراء بالحاضرة المذكورة[69].

   وأحالت وثائق تجارية أخرى خاصة بالأسرة نفسها، بتواريخ مختلفة، على بعض المتعاملين معها من تجار السويرة الذين من بينهم سعيد بن لحسن الكرميس، ومحمد أعلي الببكري، وعلي بن محمد علي الباعمراني، ويعقوب بن المفتالي، والحاج سعيد بن أمبارك التمرغتي، والسلالي بن السباغ [70]، وعبد السلام بن السباعي، والحسين الأحم الإبراهيمي، وعبد الله بن الحاج محمد [71].

   ومن أقارب الأسرة اللمطية نفسها سيدي محمد بن أحمد بن عبد الواسع، بواد نون، مالك دار بالسويرة، الذي أرسل سلعا إلى وكيله محمد أو علي الببكري، بالسويرة، فتوصل ببعضها، بحسب رسالة مؤرخة في العام المذكور[72].

   ومن الأسر الوادنونية التي تعاملت مع تجار السويرة أسرة أهل لعريبي الركَيبات التي يبدو أنها شكلت وسيطا تجاريا بين تومبكتو وثغر السويرة [73]. ولعلها أسهمت، مثل غيرها من الأسر الوادنونية، في تنمية مرسى السويرة عبر الطريق الصحراوي الساحلي الشهير[74] أو عبر الطريق البري البحري المركب (وادي نون- مرسى السويرة- مرسى سان لوي- تنبكتو) [75].

   وإذ أسهم بعض أعلام الصحراء في جعل مرسى السويرة الأطلنتي هبة سفينة الصحراء وبابور البحر، جعل أعلام صحراويون آخرون المرسى المذكور وغيره محطة للتنقل ذهابا وإيابا، بحسب ما سنعرضه خلال الحلقة المقبلة، بحول الله.

الإحالات:

[46] واد نون خلال القرن 19، ص154، وص204.

[47] التجارة في وادي نون خلال القرن التاسع عشر، ص167.

[48] نفسه، ص150- 151. استأنس بـ: المرجع نفسه، ص219.

[49] نفسه، ص145، بتصرف، وص349؛ وواد نون خلال القرن 19، ص166، وص171- 172، وص204.

[50] واد نون خلال القرن 19، ص173، وص204.

[51] نفسه، ص166.

[52] تجار الصويرة، دانييل شروتر، تعريب: خالد بن الصغير، مطبعة النجاح الجديدة، 1997 م، ص96، وص306؛ والتجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص128، وص157، وص170، وص366.

[53] المرجع الأخير، ص157، وص167، وص170؛ وتجار الصويرة، ص96.

[54] تجار الصويرة، ص306. قابل بـ: التجارة في وادي نون خلال القرن التاسع عشر، ص128. وعد إلى: المرجع الأخير، ص366.

[55] تجار الصويرة، ص96؛ والتجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص157.

[56] الأخير، ص156- 157، وص158؛ وتجار الصويرة، ص93، وص100.

[57] التجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص156.

[58] نفسه، بتصرف؛ وتجار الصويرة، ص93، بتصرف.

[59] التجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص128، وص145، بتصرف، وص156، وص157.

[60] نفسه، ص128، وص344، وص345، وص349، وص366.

[61] واد نون خلال القرن 19، ص204.

[62] التجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص121- 122، وص127، وص129.

[63] واد نون خلال القرن 19، ص204؛ والتجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص415- 416، وص417.

[64] واد نون خلال القرن 19، ص154.

[65] التجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص139، وص140، وص141، وص142.

[66] واد نون خلال القرن 19، ص153- 154.

[67] نفسه، ص175؛ والتجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص139، وص158- 159.

[68] واد نون خلال القرن 19، ص175.

[69] نفسه، ص179.

[70] نفسه، ص179- 180؛ والتجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص139، وص141، وص168، وص419.

[71] التجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص141، وص142، وص168.

[72] واد نون خلال القرن 19، ص154.

[73] نفسه، ص185، وص188.

[74] نفسه، ص195، وص199، وص200، وص202؛ والتجارة في وادي نون خلال القرن 19، ص204- 207، وص161- 162، وص169.

[75] التجارة في وادي نون خلال القرن التاسع عشر، ص397- 398.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق