مركز أجيال وادنون للتأطير والتكويندراسات وأبحاثدراسات عامة

الشباب وتحولات القيم (1) مفهوم الأجيال الاجتماعية

تقديم:

يسعى مركز أجيال وادنون للتأطير والتكوين بكلميم التابع للرابطة المحمدية للعلماء، من خلال ورش تكوين وتمنيع الشباب ضد أضرب الخلل السلوكي الذي يطلق عليه المتخصصون اسم “السلوكات الخطرة” أو “السلوك المولد للخطر”، إلى تنويع المقاربة وتناول الموضوعات على المستوى النظري، من عرض لأهم محاور نظرية الأجيال الاجتماعية، وعلاقة الشباب بالبعد الرقمي، وحضور المسألة الدينية في حياتهم، وآثار التحولات القيمية على سلوكهم، وغير ذلك.

تندرج سلسلة هذه المقالات، التي نستهلها بالتعريف بمفهوم الأجيال الاجتماعية، ضمن هذه المساهمة النظرية في فهم التحولات التي تعرفها أجيال الشباب اليوم، وذلك بهدف فهم أعمق لأشكال تفاعل الشباب مع سياقاته المعاصرة، والتعرف على أنماط التفكير وأسلوب الحياة الجديد، والوقوف على الهواجس والتطلعات التي توجه أنشطتهم وعلاقاتهم وترسم أحلامهم وتحدد اختياراتهم.

وهذا الفهم النظري العام قضية جوهرية تعزز من نجاعة عمليات المواكبة والتمنيع والتأطير لفئة الشباب، كما أنها ستقدم للمهتمين بالشأن التربوي والتعليمي أهم الرؤى والأفكار حول التحولات القيمية وتغيّر العلاقات لدى هذه الفئة الحيوية داخل المجتمع.

مفهوم الأجيال الاجتماعية

يتم دراسة مفهوم الأجيال الاجتماعية ضمن علم اجتماع الأجيال، وهو أحد المجالات الجديدة نسبياً في دراسة الاجتماع، حيث يذكر Dan Woodman في دراسته المعنونة بـ : علم اجتماع الأجيال ودراسة الشباب[1] أن أول نظرية اجتماعية رسمية مستدامة للأجيال ظهرت في أواخر القرن العشرين بالاعتماد على نظرية المراهقة خاصة مع  أعمال ج. ستانلي هول 1905م، قبل أن تظهر نظرية العالم الاجتماعي الألماني كارل مانهايم (1923م) باعتبارها أكثر الإسهامات النظرية التأسيسية شمولاً لمشكلة الأجيال.

ومع المحاولات المنهجية لعلم اجتماع الأجيال، انضافت إلى نظرية مانهايم التاريخية للأجيال، دراسات  أخرى منها دراسة جين بيلشر[2]، فأمكن لهذا المبحث أن يتوسع وأصبح مجالًا للدراسة يستند إلى أسس قوية، وأحد أشمل المبادرات المنهجية التي ينبغي معالجتها في عملية تطوير علم اجتماع الأجيال.

ومن الواضح أن ظاهرة اختلاف الأجيال، والتي تعتبر إحدى المجالات الرئيسية للنقاش في الوقت الحاضر، ستصبح أكثر فهماً وقابلية للبحث في إطار الأجيال الاجتماعية. فما هي، إذن، أهم أفكار نظرية الأجيال؟

نظرية كارل مانهايم:

يوصَف مقال مانهايم عام 1923 بعنوان “مشكلة الأجيال”[3] بأنه المعالجة النظرية الأساسية للأجيال باعتبارها ظاهرة اجتماعية.

كان مانهايم يهدف إلى فهم الطريقة التي عارضت بها مجموعات مختلفة من الشباب الألماني الأفكار الموروثة من جيل آبائهم، وكيف يمكن لهذه المجموعات أن تصبح مصدرًا للقيم الجديدة والحركات السياسية الجديدة، وأيضا وصف الأجيال باعتبارها مواقع اجتماعية تتشكل من خلال الوعي الجماعي الذي يخضع له الأفراد في العملية التاريخية.

وتتضمن هذه النظرية مفاهيم الخبرات والتحديات المشتركة بين الأفراد في الجيل الواحد، وتأثير الظروف الاجتماعية على أساليب العمل والتعبير، ووجود معتقدات وقيم متنوعة داخل كل جيل.

أما الأجيال الاجتماعية فيمكن تعريفها بكونها المجموعات البشرية التي تتقاسم نفس التوجهات والمعتقدات والخبرات القادِمة من السياق والأحداث التاريخية.

فالأجيال الاجتماعية هي ظاهرة ثقافية واجتماعية تقوم على تأسيس وهيكلة وتحليل الأجيال المختلفة لمعرفة السمات المشتركة لكل جيل بالاعتماد على الحقائق التاريخية والاجتماعية الأساسية من أجل فهم سلوك وردود أفعال كل فرد ينتمي إلى كل جيل.

وهكذا ترتبط الأجيال وأسماؤها التي تُعرف بها علمياً ارتباطاً مباشراً بالظواهر التاريخية والاجتماعية التي ميزت بيئتها، وسنتعرف في المقالات المقبلة على تصنيف الأجيال، وخصائص كل جيل على حدة.

[1] العنوان الأصلي للدراسة: The sociology of generations and youth studies، منشور على الموقع العلمي: Semantic Scholar.

[2] انظر: Jane Pilcher, Mannheim’s sociology of generations: an undervalued legacy. رابط الدراسة:

https://marcuse.faculty.history.ucsb.edu/classes/201/articles/94PilcherMannheimSocGenBJS.pdf

[3]  رابط الدراسة:

https://marcuse.faculty.history.ucsb.edu/classes/201/articles/27MannheimGenerations.pdf

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق