وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

اللقى الأثرية بمنطقة الدار البيضاء وضواحيها

الدكتور مصطفى مختار

باحث بموقع علم وعمران

الحلقة الرابعة

  بسطنا القول عن مواقع الصناعات الأثرية ما قبل التاريخية، بموضع بعض مناطق الدار البيضاء ومغاراتها، وسنتحدث الآن عن بعض مواقع الصناعات نفسها، بضواحيها [49]، مخالفين من جعل البحث الأثري غير شامل لمجال الشاوية [50].

  وفي هذا الصدد تم العثور على لقى أثرية، بضواحي المدينة [51]،  مثل ما عثر على لقى أخرى دالة على الأشولي السفلي، بموقع معسكر الإسبان القديم[52]، وعلى آثار أركيولوجية، بمقلع بوشعيب بن صالح [53]، بهذا الخارج نفسه، وعلى لقى أثرية أخرى، بتيط مليل[54]، لعلها دالة على العصر الأشولي الأعلى[55].

  واكتشفت، بطريق مازغان القديمة، لقى أثرية دالة على الفترة الأشولية [56]، ولقى أثرية لافوازية [57] دالة على العصر الحجري الأوسط، ولقى أخرى لعلها دالة على صناعة شيلية مثيلة industrie subchelléenne [58].

 مثل ما اكتشفت، بكاف الكرمة، قرب طريق مازغان الساحلي، أدوات حجرية دالة على العصر الأشولي [59]، وبطريق أزمور، لقى أثرية أخرى [60].

  وعثر، بعين الكَديد، بمنطقة دار بوعزة، على لقى أثرية مختلفة دالة على العصر الحجري الأوسط [61]، وبمحيط العين، على لقى أخرى دالة على الصناعة الحجرية الأشولية، والصناعة الحجرية الوسطى، والصناعة الحجرية الحديثة [62].

 مثل ما عثر، بكهف فيلوزو، بمنطقة دار بوعزة نفسها، على لقى حيوانية، وصناعة حجرية متنوعة، منها أدوات دالة على العصر الحجري الأوسط[63].

   وبمغارة الغزلان، بمنطقة دار بوعزة ذاتها، عثر على لقى حيوانية وإنسانية، وأدوات أثرية دالة على الفترة الموستيرية من العصر الحجري نفسه [64]. ويبدو أنه اكتشفت أدوات موستيرية بالمنطقة عينها أو قريبا منها[65]، لعلها شبيهة بالأدوات المكتشفة بكهف فيلوزو. ومهما يكن من أمر، فقد عثر قرب مركز دار بوعزة على موقع أثري دال على العصر الحجري الأسفل [66].

   وعلى مقربة من واد مرزكَ، بموقع الرداد بن علي، اكتشفت أدوات حجرية دالة على العصر الحجري نفسه [67]، وبموقع أول وثان قرب الواد المذكور تم اكتشاف أدوات دالة على العصر الحجري الأوسط [68]. وبكهف الواد نفسه عثر على أدوات أخرى لعلها دالة على العصر الحجري ذاته أو على العصر الحجري الحديث [69].

  ومثلت مدافن الكيفان، بشاطئ منطقة الطماريس، أحد المجمعات الجنائزية خلال العصر النيوليثي [70] الذي تطورت حضارته منذ أطوارها القديمة إلى حدود ما قبيل التاريخ، بالمنطقة الأطلنتية ما بين موضعي الرباط والدار البيضاء [71].

  وقد شكلت هذه المدافن “فضاءً لدفن العديد من البالغين والأطفال حسب طقوس معينة“. حيث الأموات “يدفنون لفترة ما، ثم يتم استخراج الجثامين قبل أن تبلغ درجة متقدمة من التحلل ليتسنى فصل لحمها عن العظام قبل أن يعاد دفنها للمرة الأخيرة، مع الحرص دوما على وضع مصنوعات خزفية بجانب الجمجمة” [72].

  وإذ تنوعت المواقع الأثرية جنوب الدار البيضاء، اكتشفت مواقع للصناعة الحجرية دالة على الأشولي الأوسط والأشولي الأعلى بحوض وادي بوسكورة [73]، وموقع آخر أشولي، طول السكة الحديدية القديمة نحو بوسكورة [74]. واكتشفت أدوات حجرية دالة على الحضارة الأشولية، بطريق ولاد سعيد عبر بوسكورة [75].  واندفع محمد غازي، اعتمادا على الانطباع والرواية الشفهية؟، متحدثا عن لقى أثرية “ما قبل تاريخية”؟، بمنطقة بني مسكين، ومقترحا إطلاق اسم إنسان سيدي الخدير؟ على أثر قدم بشرية شاهدها بمجال الجماعة المسماة باسم الصالح نفسه [76].

  وإذ نشكر الباحث المذكور إثر محاولته المحتشمة، بحسب تعبيره، نشير إلى أن اهتمام الباحثين الأركيولوجيين، خلال دراستهم لمنطقة سيدي حجاج القريبة من مجاله، انصب على آثار من العصر الوسيط، بحسب ما سنتطرق إليه، بحول الله.

  وفي مقابل ذلك، عُثر، غير بعيد عن المحمدية، بموقع وادي المالح، على الضفة اليسرى منه، قبالة مقبرة سيدي بوعمرو، على صناعات أثرية، متمثلة في قطع حجر الصوان المنحوت متنوع الأشكال، عائدة إلى فترات ما قبل تاريخية مختلفة، وعلى مواقع يبدو أنها تطابق مواقد دالة على الحضارات نفسها، وعلى بعض الصناعات الخزفية المثيرة للجدل في أوساط الباحثين الأركيولوجيين [77].

  وتؤكد اللقى المادية، بمحيط مدينة المحمدية، قدم مأهوليته التي يبدو أنها استفادت من مواصفات وادي المالح الطبيعية المتسمة بالرطوبة، والمسهمة في تنوع نباتي مهم ما زال موقع الشلالات، بوصفه متحفا بيئيا حيا، محافظا على بقاياه [78].

  وبمغارة، بعين الرمان، ما بين جمعة الفضالات ومدينة ابن سليمان، تم اكتشاف صناعة حجرية وسطى شبيهة بالصناعة الحجرية المكتشفة بمنطقة العنق [79].  وغير بعيد عن المحمدية شرقها، عثر على صناعات أثرية دالة على “قدم تقنية  استعمال الخزف الكامبانيفورم“، بكهف البارود- ابن سليمان، الواقع على بعد حوالي 30 كلم من الساحل الأطلنتي [80].

  وبذلك، شكلت منطقة الدار البيضاء وضواحيها مجالا أثريا متنوعا دالا على حضارات ما قبل تاريخية مختلفة، بشكل يؤكد قدم مأهولية المجال نفسه.

الإحالات:

[49] الحفريات الأثرية بمنطقة سيدي عبد الرحمن، ص49، الهامش رقم 33.

[50] مجال الشاوية في التاريخ القديم، محمد مجدوب، في: الشاوية التاريخ والمجال، مطبعة دار النشر المغربية، 1997 م، ص16، وص21، بتصرف؛ وجوانب من تاريخ قبيلة بني مسكين، ج1، محمد غازي، دار أبي رقراق، 2014 م، ص65.

[51] Atlas préhistorique du Maroc I, p. 224.

[52] Ibid, p. 226.

[53] Ibid, p. 238.

[54] راجع: الدار البيضاء عاصمة المغرب الاقتصادية، ص256؛ و Casablanca des origines, p. 21, p. 33.

[55] Casablanca des origines, p. 33.

[56] Atlas préhistorique du Maroc I, p. 232.

[57] Ibid, p. 183.

[58] Ibid, p. 238. . نشكر هنا د. محمد محيي الدين على اقتراحه هذه الترجمة.

[59]  Ibid, p. 184, 222.

[60] Ibid, p. 232.

[61]  Ibid, p. 232.

[62] Ibid, p. 235- 236, p. 237- 238.

[63] Ibid, p. 235.

[64] Casablanca des origines, p. 30.

[65]Atlas préhistorique du Maroc I, p. 239.

[66] Ibid, p. 240.

[67] Ibid, p. 239.

[68] Ibid, p. 240, 243.

[69] Ibid,. 240- 241.

[70] تاريخ المغرب: تحيين وتركيب، ص59، وص61.

[71] نفسه، ص58- 59؛ وص61- 62.

[72] نفسه، ص61.

[73] Atlas préhistorique du Maroc I, p. 234, 239.

[74] Ibid, p 239.

[75] Ibid, p. 245- 250.

[76] جوانب من تاريخ قبيلة بني مسكين، ص72- 75.

[77] راجع: بصمات برغواطية ص47؛ وفضالة أو عودة الذاكرة، حسن أميلي- أحمد سراج، مطبعة الرسالة، 2000 م، ص25- 26.

[78] راجع: بصمات برغواطية، ص47؛ وفضالة أو عودة الذاكرة، ص26.

[79] Atlas préhistorique du Maroc I, p. 187, 188.

[80] بصمات برغواطية، ص48.         

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق