مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات محكمة

فنّ التطريز في شعر الشيخ الخديم رضي الله عنه – القصائد المطرزة بالآيات القرآنية – (الحلقة الثالثة)

التطريز عند الشيخ الخديم  رضي الله عنه :

أولع بالتطريز جماعة من الشعراء والسنغاليين، منهم العلامةُ الشهير والفهامة الكبير الشيخ عمر الفوتي (ت:1864م)، والشيخ الحاج إبراهيم انياس (ت: 1975م)، والشيخ عباس صل (ت:1990م)، كما ذكرنَا في الحلقة السابقة وقطب رحى هذا الفن وحامل لوائه أبو المحامد الشيخ الخديم (ت:1927م)، صاحب القصائد الفنانة والدواوين الطنانة في مدح سيد الوجود وعلم الشهود  صلى الله عليه وسلم  ولله دره حين قال في «فَتْحِ الْفَتَّاح فِي مَدْحِ الْمِفْتَاح»(1): [الرجز]

لِلْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ فِي كُلِّ سَنَهْ = عَلَيَّ أَمْدَاحٌ تُرَى مُسْتَحْسَنَهْ

لَهُ عَلَيَّ دَيْنُ مَدْحٍ وَصَلَاةْ = وَبِهِمَا أَرْجُو رِضَى مُعْطِي النَّجَاةْ

لَهُ عَلَيَّ الْمَدْحُ كُلَّ عَامِ = مِنْ يَوْمِنَا هَذَا إِلَى حِمَامِي

لِحُبِّهِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِيَا = مِنْ نَفْسِيَ الَّتِي بِهَا عَذَابِيَا

كان هذا الإمام العارف بالله -قدّس الله سرّه -، مسحورا بحب النبي  صلى الله عليه وسلم ، حبا خالط سويداء قلبه، وجعله يشدو به في أراجيزه وقصائده، حتى حملتهُ المحبة الصادقة إلى جعل السنة على شقين: من المحرم إلى منسلخ جمادى الآخرة ينظم فيها قصائد في مدح النبي  صلى الله عليه وسلم ، ومن رجب الفرد إلى منسلخ ذي الحجة يؤلف فيها منظوماتٍ ومنثورات في الصلاة  والسلام عليه، ويقول في قصيدة «مفاتح البشر والأمن والجنة (الصغرى): [الرجز]

مَدَحْتُ خَيْرَ الْخَلْقِ مِنْ مُحَرَّمِ = إِلَى انْتِصَافِ الْعَامِ ذَا تَكَرُّمِ

لَهُ امْتِدَاحِي لِجُمَادَى الثَّانِيَهْ = مِنْهُ وَقَادَ لِي قُطُوفًا دَانِيَهْ

لَهُ صَلَاتِي وَسَلَامِي مِنْ رَجَبْ = لِخَتْمِ ذِي الْحِجَّةِ نِعْمَ الْمُنْتَجَبْ

 وقد حُبِّبتْ إليه  رضي الله عنه  أرض المدينة المنورة وأكثرَ من الشَّدو بشوقه إلى زيارتها والوقوف على ربوعها، ولثم ثراها الطيب الذي وطئته قدما سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، ولله دره حين قال(2): [البسيط]

أَرْجُو بِرَحْمَتِهِ الْمُهْدَاةِ سَيِّدِنَا = زَوْرِي مَدِينَتَهُ دَارَ الرَّيَاحِينِ

دَارٌ مَتَى مَا يَزُرْهَا زَائِرٌ لِهُدًى = يَسْعَدْ هِيَ الدَّارُ دَارُ الْحَقِّ وَالدِّينِ

 وكذلك التاط قلبه بالقرآن الكريم الذي أنزل على حبيبه  صلى الله عليه وسلم ، واحتوى على خصاله الفائقة وخلاله الرائقة، وصدقت الصديقة بنت الصديق ¶ حين قالت: «كان خُلُقُه القُرآن»[مسند أحمد (41/148)، قال ابن رجب الحنبلي ♫ في «جامع العلوم والحكم (1/412)»: «تعني : أنَّه كان تأدَّب بآدابه ، وتخلَّق بأخلاقه ، فما مدحه القرآن، كان فيه رضاه ، وما ذمه القرآنُ ، كان فيه سخطه».

ومن أجل ذلك كانت قصائد الشيخ الخديم  رضي الله عنه  تسبح في فلك القرآن الكريم، وجعله مصدر إيحاء واستلهام، يَكرع في حياضه، ويرتع في رياضه، ويغترف من معانيه، ويقتبس من مبانيه، لاسيما مدائحه النبوية التي آلى أن تكون مستخرجة من من مشكاته، ويقول في إحدى قصائده(3): [الطويل]

أَتَتْ فِي امْتِدَاحِ الْمُصْطَفَى آيُ رَبِّهِ = بِهِ اللَّهُ أَسْرَى لِلْعُلَى وَهْوَ يَعْرُجُ

خَلِيقٌ بِأَنْ يُثْنَى عَلَيْهِ بِذِكْرِهِ = فَأَمْدَاحُهُ مِنْ آيِ مَوْلَاهُ تَخْرُجُ

فاستخراج مدائحه من نصوص الوحي له منحيان: منحًى لفظي، ومنحًى معنوي؛

أما المنحَى المعنويّ فهو مدح النبي  صلى الله عليه وسلم  والثناء عليه بأخلاق القرآن الكريم،  كالأخذ بالعفو والأمر بالعرف والإعراض عن الجاهلين، والعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى والانتهاء عن الفحشاء والمنكر والبغي، والصبر، والصفح والدفع بالتي هي أحسن، وكظم الغيظ والعفو والإحسان، واجتناب الظن، وترك التجسس والغيبة وهلم جرا، يقول  رضي الله عنه  في «فَتْحِ الْفَتَّاح فِي مَدْحِ الْمِفْتَاح»(4):

نُزِّهَ قَلْبُ الْمُصْطَفَى عَنْ كُلِّ مَا = يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِي السَّمَا

نُطْقُ لِسَانِهِ الْهُدَى دُونَ الْهَوَى = إِذْ لَمْ يَضِلَّ قَلْبُهُ وَمَا غَوَى

نَفِدَ فِي رِضَى الْإِلَهِ سَعْيُهُ = وَقَوْلُهُ وَحَوْلُهُ وَرَأْيُهُ

وأما المنحى اللفظي فيتجلى في تطريز قصائده بالآيات القرآنية؛ ببناء قصائد تتشكل من أوائل حروفها آيةٌ قرآنية أو أكثر أو أقلّ، ويكون بين مضمون الآية ومضمون الأبيات ارتباط وثيق واتصال قويّ، وقد يخفى على غير خبير!

وإذا نظرنا في قصائده بصرف النظر عن أغراضها وموضوعاتها نجدها على ضربين: قصائده مطرزة كما سيأتي ذكرها، وقصائد غير مطرزة، مثل قصيدة «تيسير العسير في الصلاة على البشير النذير» و«مواهب النافع في مدائح الشافع»، و«جذب القلوب لعلام الغيوب»، و«المشرب الصافي في مدح المصطفى الكافي»، و«حدائق الفضائل في خدمة خير الوسائل» و«مطلب الفوزين» و«الرائية» و«الميمية» و«النونية».

وأمّا القصائد المطرّزة فيمكن تصنيفها إلى أصناف:

1- صنف مطرز بالآيات القرآنيّة،

2- وصنف مطرّز بالأحاديث النبويّة، وهو قليل.

3- وصنْف مطرّز بالأيّام والشّهور والأعوام، وهذا الأخير عن طريق حساب الجمَّل.

4- وصنْف مطرّز بالأسماء؛ إما أسماء الله الحسنى، أو أسماء نبيه  صلى الله عليه وسلم ، أو أسماء الملائكة المقربين، أو أصحاب الصحابة الكرام.

5- وصنف خامس مطرّز بما عدا ذلك، أي بعباراتٍ تحمل في أحنائها دلالات عرفانية، وإشارات صوفية، كالقصيدة المطرزة بـ«وَجَعَلَ هَذِهِ حَقًّا» «وَهب لي الله…» و«وحال بيني وبين كل ما لم يرضه لي» إلخ.

ويحتلّ الصّنف الأوّل والثّالث حيّزًا كبيرًا في قصائده، وهناك ديوانان مشهوران احتوى الأول بين دفّتيه على القصائد المطرزة بالآيات القرآنية، واحتوى الآخر على القصائد المطرزة بالأيام مثل يوم الخميس مثلا، أو بالشهور القمرية، أو بالأعوام، مثل «بكسش»، وهو عام 1322هـ، على حساب الجمّل؛ فالباء:2، والكاف:20، والسين:300، والشين:1000، والمجموع ما ذكرنا، وهذا المنهج التأريخي فاشٍ في كتابات علماء الغرب الأفريقي، ومألوف في تصانيفهم وتآليفهم.

ويسلك الشيخ  رضي الله عنه  في التطريز مسالك عدة؛

المسلك الأول: أن يبني من كل حرف بيتا واحدا، مثل قصيدة المطرزة بحروف لفظ الجلالة (الله) (5): [الكامل]

(ا) أُهْدِي إِلَيْكَ مُسَلِّمًا بِالشُّكْرِ ذَا = مَدْحًا عَلَا يَاقُوتَةً وَزُمُرُّذَا

(ل) لَكَ خِدْمَتِي يَا خَيْرَ عَبْدٍ مُرْسَلٍ = مَدْحًا عَجِيبًا مِنْ كِتَابِكَ أُجْرِذَا

(ل) لَكَ يَا نَبِيُّ مَنَازِلِي وَمَوَاطِنِي = وَمَوَاضِعِي لَكَ بِالْعَلِي مُتَعَوِّذَا

(هـ) هَبْ لِي بِرَبِّكَ سَيِّدِي شُكْرًا عَلَا = قَمِّصْ رِدَائِي جَمِّلَنْ وَالْمِشْوَذَا

وقصيدته المطرزة بحروف (محمّد)، وهي: [الرجز]

(م) مَنْ ظَنَّ أَنَّكَ تُحَاكِي الْبَشَرَا = وَالْجِنَّ وَالْمَلَكَ لَنْ يُبَشَّرَا

(ح) حَاكَى سِوَاكَ غَيْرَهُ مِنَ الْوَرَى = وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْ إِلَهِي صَوَّرَا

(م) مَدَّ إِلَيْكَ اللَّهُ فَضْلًا ظَهَرَا = كَمَا إِلَيْكَ قَادَ مَا لَمْ يَظْهَرَا

(م) مَدْحُكَ أَعْجَزَ الَّذِي تَفَكُّرَا = أَعْمَلَ يَا خَيْرَ بَشِيرٍ شَكَرَا

(د) دَعَوْتَ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْبَشَرَا = وَالْجِنَّ أَنْتَ خَيْرُ هَادٍ بَشَّرَا

المسلك الثاني: أن يبني من كل حرف أبياتا، مثل قصيدته المطرزة بحروف «وإنك لعلى خلق عظيم» والمشهورة بـ«مقدمات الأمداح في مزايا المفتاح»، وهي ست عشرة مقطوعة شعرية عددَ حروف الآية المذكورة، وفي كل مقطوعة اثنا عشر بيتا، يبتدئُ كلّ بيتٍ بالحرفِ ويُقَفَّى به؛ فالمقطوعةُ الأولى مثلًا في «حرف الواو»، والثانية في «حرف الهمزة»، والثالثة والرابعة في «النون المشددة» وهلم جرّا، ويقول في المقطوعة الأولى الواوية(6): [الطويل]

(و) وَثِقْتُ بِرَبِّ الْعَرْشِ ذِي الْجُودِ وَالْعَفْوِ = مَعَ الْمُصْطَفَى وَاللَّهُ لِي مُخْلِدٌ صَفْوِي

(و) وَثِقْتُ مَعَ الْمُخْتَارِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ = عَلَيْهِ سَلَامَا مَنْ بِهِ قَدْ مَحَا لَغْوِي

(و) وَقَانِي بِهِ السُّوأَى وَلِي كَانَ بِالْمُنَى = وَلِي قَادَ إِخْلَاصًا بِهِ قَدْ مَحَا سَهْوِي

(و) وَلَجْتُ خَدِيمًا فِي امْتِدَاحِي مُحَمَّدًا = عَلَيْهِ صَلَاةُ اللَّهِ مَا صَانَ لِي نَحْوِي

(و) وَلَجْتُ خَدِيمًا فِي امْتِدَاحِي وَسِيلَتِي = عَلَيْهِ سَلَامُ اللَّهِ مُعْلِيهِ ذَا فَشْوِ

(و) وَنَى كُلُّ ذِي عِلْمٍ وَسَعْيٍ وَرُتْبَةٍ = عَنِ الْمُصْطَفَى فِي خُلْقِـهِ الْحَائِزِ الْعُلْوِ

(و) وَجِيهٌ وَصُولٌ وَاصِلٌ وَاسِعٌ لَهُ = صِحَابٌ بِهِمْ أَغْنَانِيَ اللَّهُ عَنْ غَزْوِ

(و) وَسِيمٌ وَوَهَّابٌ وَصِيٌّ وَسِيلَةٌ = إِلَى خَيْرِ رَبٍّ ذِكْرُهُ قَدْ مَحَا لَهْوِي

(و) وَفِيٌّ كَرِيمٌ وَاعِدٌ وَعْدُهُ أَتَى = بِهِ لِسِوَانَا مَالَ ذُو الْجَوْرِ بِالرَّعْوِ

(و) وَلِيٌّ نَبِيٌّ لِلْبَرَايَا رَسُولُ مَنْ = بِهِ لِسِوَانَا سَاقَ ذَا الظُّلْمِ وَالسَّطْوِ

(و) وِدَادِي لِرَبِّي وَالْمُقَفَّى وَحِزْبِهِ = وَمَنْ حَبَّهُمْ وَاللَّهُ لِي كَانَ بِالْعَفْوِ

(و) وَثِقْتُ بِبَاقٍ صِرْتُ عَبْدًا لَهُ بِهِ = خَدِيمًا لِخَيْرِ الْخَلْقِ بِالْمُكْثِ وَالصَّفْوِ

ومثلها قصيدة «فتح الفتاح في مدح المفتاح»، وهي مقطوعات من الرجز مطرزة على حروف «أبجد…»، وفي كل مقطوعة سبعة أبياتٍ، يبتدئُ كلّ بيتٍ بالحرفِ، ويقول في «المقطوعة الدالية»(7): [الرجز]

دَعَا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَهْ = بِشِرْعَةٍ نَقِيَّةٍ مُنِيرَهْ

دُعَاؤُهُ قَدْ كَانَ فِي آدَابِ = حَسَنَةٍ لَا الْجَبْرِ وَالْعِتَابِ

دَارَى الْوَرَى بِالْحَقِّ فِي الْأَقْوَالِ = لِوَجْهِ رَبِّهِ وَفِي الْأَفْعَالِ

دَامَتْ لَهُ بَشَاشَةٌ وَالْقَلْبُ = حَمَاهُ عَنْ قَصْدِ سِوَاهُ الرَّبُّ

دَاوَى قُلُوبَ الْأَتْقِيَاءِ بِالْأَدَبْ = وَبَاءَ عَنْهُ الْأَشْقِيَاءُ بِالْعَطَبْ

دَامَ كِتَابُهُ شِفَاءَ الْأَتْقِيَا = طُرًّا كَمَا دَامَ شَقَاءَ الْأَشْقِيَا

دَعَوْتُ رَبِّي وَدُعَائِيَ يُجِيبْ = كَوْنِيَ عَبْدَ اللَّهِ خَادِمَ الْحَبِيبْ

ومثلها قصيدة «فتوح المكرم في أمداح المكرم»، وهي على وزانِ القصيدة السابقة إلا أنها مطرزة على ترتيب «أبتث..».

المسلك الثالث، وهو ما سلكه في قصيدته المشهورة بـ«مدادي» المطرزة بحروف قوله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)[النساء:80]، ونظمها على وِزان المسمّطاتِ، من التسميط، وهو «أن يقول الشاعر عدة مصاريع متفقة في الوزن والقافية، ثم يأتي في المصراع الأخير بالقافية الأصلية التي يبني الشعر عليها، سواء كانت القافية الأصلية موافقة لقافية المطلع أوّلا. وهذه المصاريع ينظمها على نحو معيّن ثم يذكر أبياتا أخرى بعدها موافقة لها في الوزن دون القافية ما عدا المصراع الأخير الذي يجب أن يوافق القافية الأصلية الأولى، وهكذا حتى يتمّ الشّعر. ولا يقلّ عدد كلّ مسمّط عن أربعة أبيات ولا يزيد عن عشرة حتى لا يفقد لطافته»[كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (2/ 1538)].

ومعنى ذلك أنه  رضي الله عنه  نظمَ في هذه القصيدة ستة أبياتٍ: تتفق الخمسة الأولى في القافية، ثم تكون قافية المصراع الأخير حرفا من حروف الآية التي طرز بها أوائل الأبيات، ويقول فيها: [الطويل]

(م) مِدَادِي وَأَقْلَامِي لِمَنْ زَحْزَحَ الْيَمَّا = كَمَا زَحْزَحَ الشَّيْطَانَ وَالْجَهْلَ وَالْغَمَّا

(م) مَحَا اللَّهُ أَنْ أَلْقَى أَذًى خَلْقَهُ عَمَّا = مَعَاذِيَ بِالْبَاقِي الَّذِي خِدْمَتِي رَمَّا

(م) مِنَ النَّارِ وَالشَّيْطَانِ قَدْ عُذْتُ مُنْضَمَّا = بِرَبِّي إِلَى خُدَّامِ مَنْ عِنْدَهُ الْأَسْمَى(م)

(ن) نَوَيْتُ بِمَدْحِي مَنْ أَتَانِي نَوَالُهُ = وَإِنِّي بِمَا لِي اخْتِيرَ قَطْعًا عِيَالُهُ

(ن) نَسَاكَةَ مُغْنٍ عَزَّ قَطْعًا مِثَالُهُ = وَوَاجَهَنِي دُنْيَا وَأُخْرَى جَمَالُهُ

(ن) نَبَذْتُ الْفِرَى لِلَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ = بِمَدْحِي الَّذِي أَمْدَاحُهُ زَحْزَحَتْ حُزْنَا(ن)

وهكذا صنع في الياء فالطاء فالعين الخ، ويقول في الحرف الأخير (الهاء):

(هـ) هَدَايَا امْتِدَاحِي الْمُصْطَفَى هَاكَ لِلْوَجْهِ = إِلَهِي وَهَبْ لِي خَيْرَ عِلْمٍ وَزِدْ نُبْهِي (هـ)

(هـ) هِبَاتُكَ لِي أَعْيَتْ شُكُورِيَ فِي الْكُنْهِ = لَكَ الْحَمْدُ يَا فَرْدًا تَعَالَيْتَ عَنْ شِبْهِ (هـ)

(هـ) هَدَيْتَ بِعَقْدِي وَالتَّصَوُّفِ وَالْفِقْهِ = عِيَالِي بِذِكْرِي مَعْ صَلَاتِي وَبِالْمَدْهِ (هـ)

المسلك الرابع، وأسميه «التطريز المجنَّح»، وهو أن يبدأ البيت بالحرف ويقفَّى به، كصُنعه  رضي الله عنه  في قصيدة أخرى مطرزة بحروف قوله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)[النساء:80]، ويقول فيها: [الطويل]

(م) مَرَامِيَ كَوْنِي عَبْدَ مَنْ يَغْفِرُ الْإِثْمَا = وَكَوْنِي خَدِيمًا لِلَّذِي اخْتَارَهُ فَخْمَا(م)

(ن) نَبَذْتُ اللَّغَا للهِ جَلَّ جَلَالُهُ = بِمَدْحِ الَّذِي عَنِّي نَفَى مَدْحُهُ السِّجْنَا(ن)

(ي) يَمِينِي عَلَيْهَا دَيْنُ خَطٍّ لِمَدْحِ مَنْ = أَجَارَنِيَ الْمَوْلَى بِهِ مِنْ ذَوِي الْبَغْيِ(ي)

(ط) طَعَامِي شَرَابِي مَعْ لِبَاسِي بِجَاهِهِ = أَتَتْنِي بِلَا كَسْبٍ لَدَى الْبَحْرِ بِالْبَسْطِ(ط)

(ع) عَلَى الْمُصْطَفَى أَزْكَى صَلَاةٍ مِنَ الْعَلِي = مَعَ الْآلِ وَالْأَصْحَابِ تَنْمُو بِهَا نَفْعِي (ع)

(ا) إِلَهِي عَلَى الْمُخْتَارِ صَلِّ وَسَلِّمَنْ = مَعَ الْآلِ وَالْأَصْحَابِ مَنْ حُبُّهُمْ خَبْئِي(ا)

(ل) لَهُ اكْتُبْ صَلَاةً مَعْ سَلَامٍ بِآلِهِ = وَأَصْحَابِهِ يَا وَاحِدًا جَلَّ عَنْ مِثْلِ(ل)

(ر) رَسُولٌ كَرِيمٌ مِنْ كَرِيمٍ مُكَرِّمٍ = بَشِيرٌ نَذِيرٌ مِنْهُ بِالنَّفْعِ وَالضُّرِّ(ر)

(س) سَلَامٌ عَلَى الْمَاحِي الَّذِي زَحْزَحَ الدُّجَى = مُحَمَّدٍ الْمَبْعُوثِ بِالنُّصْحِ وَالْبَأْسِ(س)

(و) وَجِيهٌ لَدَى الْمَوْلَى تَعَالَى مُقَدَّمٌ = عَلَى كُلِّ مُخْتَارٍ لَهُ الرِّفْقُ بِالسَّطْوِ(و)

(ل) لَهُ السَّبْقُ وَالتَّقْدِيمُ وَالْعِلْمُ وَالتُّقَى = وَعَنِّي بِإِذْنِ اللَّهِ قَدْ فَكَّ لِي كَبْلِي(ل)

(ف) فَلَاحِي رَجَوْتُ الْيَوْمَ مِنْ خَالِقِ الْوَرَى = بِخَيْرِ الْوَرَى مَنْ مَدْحُهُ قَدْ غَدَا سَيْفِي(ف)

(ق) قَدِ انْصَرَفَتْ للهِ حَاجِي بِخِدْمَتِي = لِخَيْرِ الْبَرَايَا نَاصِرِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ(ق)

(د) دَعَانِي إِلَى مَدْحِ الْمُقَفَّى مُحَمَّدٍ = دَوَامُ انْصِبَابِ الْخَيْرِ مِنْهُ بِلَا كَمْدِ(د)

(أ) أُطِيعُ إِلَهِي بِامْتِدَاحِي وَسِيلَتِي = وَعَنِّي بِهِ يَنْفِي الْبَلِيَّاتِ بِالدَّرْءِ(أ)

(ط) طِبَاعِي صَلَاةٌ مَعْ سَلَامٍ عَلَى النَّبِي = وَأَرْجُو مِنَ الْمَوْلَى بِهِ أَعْظَمَ الْقِسْطِ(ط)

(ا) إِلَهِي عَلَى الْمُسْرَى بِهِ صَلِّ سَرْمَدًا = وَسَلِّمْ وَجُدْ لِي بِالْمُعَافَاةِ وَالْبُرْءِ (ا)

(ع) عَلَيْهِ صَلَاةٌ مَعْ سَلَامٍ بِآلِهِ = وَأَصْحَابِهِ تَكْفِي جَنَابِي ذَوِي الْهَوْعِ(ع)

(ا) إِلَهِي بِجَاهِ الْمُصْطَفَى سُقْ لِيَ الْمُنَى = وَبِي بَشِّرِ الْأَبْرَارَ طُرًّا مَعَ الْفَجْإِ(ا)

(ل) لَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ الشُّكْرُ يَا خَيْرَ مَالِكٍ = فَعَنِّي عَلَى خَيْرِ الْوَرَى سَرْمَدًا صَلِّ (ل)

(ل) لَهُ اكْتُبْ صَلَاةً مَعْ سَلَامٍ بِآلِهِ = وَأَصْحَابِهِ وَاكْتُبْ لِيَ الْفَوْزَ بِالْوَصْلِ (ل)

(هـ) هَجَرْتُ اللَّغَا عَبْدًا خَدِيمًا مُصَلِّيًا = عَلَى الْمُصْطَفَى نَثْرًا وَنَظْمًا مَعَ الْمَدْهِ(هـ)

المسلك الخامس، وأسميه «التطريز المضمَّن»، وهو  أن تكون القصيدة غير مطرزة، ثم تكون ضمنَها أبياتٌ يسيرة مطرزةٌ، كصنعه في قصيدة: «مفاتح البشر والأمن والجنة، في الصلاة والتسليم على مقيم السنة»؛ فمنها ستة أبيات مطرزة بحروف: (يوم رجب)، يشكر فيها الله تبارك وتعالى مثنيا على رسوله  صلى الله عليه وسلم ، ويقول فيها: [الرجز]

(ي) يَا فَاضِلًا فَضَّلَهُ الْخَلَّاقُ = يَا مَنْ بِهِ فَارَقَنِي الْإِمْلَاقُ

(و) وَاجَهْتُكَ الْيَوْمَ وَلِي الرَّزَّاقُ = كَانَ بِمَا تَنْمُو بِهِ الْأَرْزَاقُ

(م) مَحَوْتَ عَنِّي مَا بِهِ النِّفَاقُ = عَنِّي امَّحَى وَجَاءَنِي النَّفَاقُ

(ر) رَدَدْتَ لِي مَا زَانَهُ الْوِفَاقُ = بِمَنْ بِهِ اسْتَنَارَتِ الْآفَاقُ

(ج) جَاءَ الرِّضَى وَالْفَوْزُ وَالْإِعْتَاقُ = بِكَ كَمَا بِكَ اعْتَلَتْ عِتَاقُ

(ب) بِكَ احْتَوَيْنَا مَا لَهُ نَشْتَاقُ = صَلَّى عَلَيْكَ الْأكْرَمُ الْخَلَّاقُ

وكَصنعِه أيضا في قصيدة: «نور الدارين في خدمة الحامي عن العارين»، وضمنها أبيات مطرزة بحروف: «كز رجب أكرمني» إشارة إلى اليوم السابع والعشرين من رجب الفرد تاريخِ الإسراء والمعراج، وأولها: [الرجز]

كِتَابَ رَبِّي إِنَّكَ الْكِتَابُ = وَفِيكَ قَالَ: (ذَلِكَ الْكِتَابُ)

وهذه أهم مسالك التطريز وأكثرها استعمالا وذيوعًا في شعره.

أ- القصائد المطرزة بالآيات القرآنية:

طرز الشيخ الخديم  رضي الله عنه  مئات من قصائده بالآيات القرآنية، أحصيت منها ما ينيف على أربعمائة من بين قصيدة وأرجوزة، وأغلبها مجموع في ديوانين اثنين:

– الأول: يحمل اسم «ديوان القصائد الخديمية المقيدة بالآيات القرآنية»، طبع طبعة محلية سنة 1395هـ، بإذن الخليفة الثالث للطريقة المريدية.

– والآخر: يحمل اسم «ديوان القرآنية المحتوي على القصائد المطرزة بالآيات القرآنية»، وجمعه الشيخ محمد جَاجْ المسؤول السابق عن قسم التصحيح في مكتبة ومطبعة الشيخ الخديم بطوبى.

وتدلّ وفرةُ ما طرزه من قصائدَ بآيات القرآن الكريم على مكانة هذا الكتاب في قلبه واهتمامه به قراءة واستقراء، وكتابة واستكتابا، يقول محمد عبد الله العلوي: «وَمِمَّا جَمَعَ مِنْهُ مَا لَا يُعْرَفُ قَدرُهُ الْمَصَاحِفُ؛ عِنْدَهُ مَا يَزِيدُ عَلَى مِائَتَيْ مُصْحَفٍ كَمَا سَمِعْتُ. وَتَرَى عِنْدَه كَثِيرًا مِنَ الْكُتَّابِ لَا يَشْتَغِلُونَ إِلَّا فِي خَطِّ الْمَصَاحِفِ، وَيَجْعَلُهَا فِي الْأَوْعِيَةِ الْحَسَنَةِ وَيُعَطِّرُهَا، وَلَا يَشْتَرِيهَا إِلَّا بِكَثِيرٍ تَعْظِيمًا لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى»[النفحات المسكية (ص:150)].

ويصوِّر لنا هذا المشهد الشاعر الموريتاني أحمد محمود بن السيد الحسني بقوله(8) : [البسيط]

مَا إِنْ أُبَالِي إِذَا مَا ضَنَّ ذُو الْمَالِ = عَنِّي بِأُجْرَةِ خَطِّ الْمُصْحَفِ الْعَالِي

مَا دَامَ غَوْثُ الْوَرَى حَيًّا يُبَجِّلُهُ = حَقًّا وَيَبْذُلُ فِيهِ غَالِيَ الْمَالِ

فِي كُلِّ يَوْمٍ تُوَافِي الْأَلْفُ مَنْزِلَهُ = تُتْلَى بِأَمْثَالِهَا مِنْ بَعْدِ أَمْثَالِ

وَاللَّهِ مَا زَادَهُ إِلَّا بِهَا فَرَحًا = وَبَذْلَ مَا لَمْ تَنَلْهُ كَفُّ بَذَّالِ

فَيَأْخُذُ الْكُلَّ عَنْ حُبٍّ وَتَكْرِمَةٍ = أَخْذَ النَّفِيسِ بِعَافِي الدِّمْدِمِ الْبَالِي

كَأَنَّمَا آخِرُ الْمَأْخُوذِ أَوَّلُهُ = مِمَّا يُلَاقِيهِ مِنْ حُبٍّ وَإِقْبَالِ

تِلْكَ الْكَرَامَةُ لَمْ يَظْفَرْ سِوَاهُ بِهَا = فِي الْعَالَمِينَ مِن اَقْطَابٍ وَأَبْدَالِ

وَمَا سِوَاهَا مِن اَنْوَاعِ الْخَوَارِقِ لَا = يُحْصَى بِعَدٍّ وَلَا يُدْرَى بِمِكْيَالِ

يَا مَنْ يُجِلُّ كِتَابَ اللَّهِ جَلَّ كَمَا = يُجِلُّ مَوْلَاهُ حَقًّا أَيَّ إِجْلَالِ

مَا أَنْتَ وَالنَّاسُ إِذْ تَسْعَى وَتَجْهَدُ فِي = نَيْلِ الْمَآلِ وَهُمْ يَسْعَوْنَ لِلْحَالِ

إِذْ هُمْ يَبِيعُونَهُ حُبًّا لِعَاجِلَةٍ = وَأَنْتَ تَبْتَاعُهُ لِحُبِّكَ الْوَالِي

مَا ذَاكَ إِلَّا لِوَجْهِ اللَّهِ جَلَّ لِكَيْ = تُرَى غَدًا أَنْتَ أَنْتَ الرَّابِحُ الْغَالِي

إِنِّي بِكَتْبِي لَكُمْ هَذَا الْكِتَابَ أَرَى = لِنَفْسِيَ الْفَوْزَ مِنْ فَوْزِي بِآمَالِي

أُدْلِي إِلَيْكُمْ بِهِ فِي حَاجَتِي وَكَفَى = بَلْ هُوَّ أَنْجَحُ إِدْلَاءٍ وَإِدْلَالِ

فَاللَّهُ بَارَكَ فِيمَا هُوَّ خَوَّلَكُمْ = مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَإِفْضَالٍ وَإِكْمَالِ

ويمكنُ تصنيف القصائد والأراجيز المطرزة بالقرآن التصنيف الآتي:

أ- ما طرّز بسورة كاملةٍ، مثل قصيدة سورة الإخلاص، وقصيدة سورة الكوثر؛ إذ يطرّز بكل حرفٍ من حروف السورة بيتا، ويقول في القصيدة الأولى: [الرجز]

(ق) قَوْلِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ = مُحَمَّدٌ أَرْسَلَهُ الْإِلَهُ

(ل) لِلَّهِ تُبْتُ مِنْ جَمِيعِ ذَنْبِي = وَمِنْهُ أَطْلُبُ صَفَاءَ قَلْبِي

(هـ) هُوَ الَّذِي نَفْسِي وَدِيعَةٌ لَهُ = فِي أَبَدٍ مَعَ الَّذِي فَضَّلَهُ

(و) وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لَهُ وَنِيَّتِي = إِرْضَاؤُهُ وَهْوَ أَجَلُّ مُنْيَتِي

(ا) أَسْأَلُهُ جَلَّ بِجَاهِ الْمَاحِي = كَوْنِيَ ذَا رِضًى وَذَا فَلَاحِ

(ل) لَهُ أُمُورِي ظَاهِرًا وَبَاطِنَا = حَيْثُ أَكُونُ رَاحِلًا أَوْ قَاطِنَا

(ل) لَهُ تَقَلُّبِيَ فِي الْمُبَاحِ = بِالشُّكْرِ وَالذِّكْرِ وَبِالرَّبَاحِ

(هـ) هُوَ الَّذِي يَعْصِمُنِي مِنَ الْحَرَامْ = وَكُلِّ مَا جَانَسَهُ وَمِنْ حِمَامْ

(أ) أَيْقَنْتُ بِالظَّفَرِ بِالْإِجَابَهْ = ثُمَّ لَهُ أَتُوبُ بِالْإِنَابَهْ

(ح) حَتَّى لَهُ أَتُوبَ مِنْ مَتَابِي = وَمِنْ خَوَاطِرِي وَمِنْ صَوَابِي

(د) دَعَوْتُهُ وَهُوَ جَلَّ أَكْرَمُ = مِنْ أَنْ يَرُدَّ سَائِلًا يَعْتَصِمُ

(ا) الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ وَالتَّأَدُّبَا = وَالْفَوْزَ بِالْحُسْنَى بِجَاهِ الْمُجْتَبَى

(ل) لَهُ صَلَاتُهُ مَعَ السَّلَامِ = عَنِّيَ مِنْهُ دُونَ الاِنْصِرَامِ

(ل) لَهُ صَلَاةٌ مِنْهُ تَجْلُبُ لِيَا = جُمْلَةَ مَا أَطْلُبُهُ مِنْ رَبِّيَا

(هـ) هَبْ لِيَ يَا وَهَّابُ مَا أَخْتَارُ = دَأْبًا بِمَنْ سُمَاتُهُ الْمُخْتَارُ

الخ

ب- ما طرّز بآيةٍ أو آيتين فأكثر، أو بأقل من آية، مثل قصيدة: (لَيْسَ الْبِرّ…) [البقرة:177]، وقصيدة: (آية الكرسي) [البقرة:255]، وقصيدة: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ…)[التوبة:128-129]، وقصيدة: (إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[هود:56]، وقصيدة: (إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)[هود:57]، ومنها: [البسيط]

(ا) أَغْنَانِيَ اللَّـهُ رَبُّ الْجِنِّ وَالْبَشَرِ = عَنِ الْعَنَا وَالْأَذَى بِالشُّكْرِ وَالبُشَرِ

(ن)نَبِيُّنَا الْمُنتَقَى أَغْنَتْ شَجَاعَتُهُ = نَحْوِي عَنِ الْغَزْوِ وَالْأَكْدَارِ وَالْأَشَرِ

(ن) نَبِيُّنَا الْمُجْتَـبَى مَا إِنْ يُبَارِزُهُ = سِوَى شَقِيٍّ طَرِيدٍ خَابَ مُنْزَجِرِ

(ر) رُمْتُ امْتِدَاحًا لِخَيْرِ الْخَلْقِ مُذْ زَمَنٍ = وَالْآنَ لِي لَانَ مَا قَدْ كَانَ كَالْحَجَرِ

(ب) بَايَعْتُ خَيْرَ الْوَرَى مِنْ قَبْلُ ذَا خِدَمٍ = عَلَيْهِ سَلَّمَ بَاقٍ صَانَ عَنْ خَطَرِ

(ب) بَايَعْتُهُ قَبْلُ بِالْأَقْلَامِ مُنْفَرِدًا = وَصَانَنِي عَنْ أَذَى التَّسْيِيرِ كَالْمَطَرِ

(ي) يَقُودُ لِي مَدْحُهُ سِرًّا أَفُوزُ بِهِ = وَلَيْسَ يَنْحُو جَنَابِي جَالِبُ الضَّرَرِ

(ع) عَاهَدْتُ رَبِّي عَلَى كَوْنِي الْخَدِيمَ لَهُ = وَكَانَ لِي اللَّـهُ بِالْمُخْتَارِ ذَا دُرَرِ

ومنها قصيدة: (فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا)[الإسراء:25]، وقصيدة: (الرحمن الرحيم)، وقصيدة: (الحي القيوم)، وقصيدة: (لا ريب فيه).

ويلاحظ أن هناك آيات طرز بها قصائد كثيرة، مثل قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم:4]، الذي أحصيتُ منه سبعا وثلاثين قصيدة، أشهرها قصيدة: «مقدمات الأمداح في مزايا المفتاح» التي ذكرتها آنفا، وقصيدته الدالية هذه: [البسيط]

(و) وَلَّيْتُ عَنْ كُلِّ مَا لَمْ يَرْضَهُ الْأَحَدُ = وَكَانَ لِي وَكَفَانِي شَرَّ مَنْ جَحَدُوا

(ا) إِلَى الَّذِي اخْتَارَ لِي عَبْدًا لَهُ أَبَدًا = ذَا خِدْمَةٍ لِلَّذِي يَأْتِي بِهِ الْمَدَدُ

(ن) نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى مَنْ كَانَ مُنْفَرِدًا = وَعَنْ مَزَايَاهُ كَلَّ الْفَرْدُ وَالْعَدَدُ

(ن) نَبِيُّهُ الْمُجْتَـبَى – صَلَّى عَلَيْهِ بِلَا = عَدٍّ وَسَلَّمَ – عَبْدٌ فَاقَ مَنْ عَبَدُوا

(ك) كَفَّاهُ بِرٌّ وَبَأْسٌ فِيهِمَا عُهِدَا = لِلْحِبِّ وَالْقِتْلِ ذِي سَيْفٌ وَذِي زَبَدُ

(ل) لَهُ الْوَسِيلَةُ يَوْمَ الْحَشْرِ مِنْ مَلِكٍ = اِخْتَارَهُ فَوْقَ مَنْ صَلُّوا وَمَنْ حَمِدُوا

(ع) عَلَيْهِ أَزْكَى صَلَاةٍ بِالسَّلَامِ مَعًا = فِي الْآلِ وَالصَّحْبِ مِنْ فَرْدٍ هُوَ الصَّمَدُ

(ل) لِلْمُصْطَفَى عِنْدَ رَبِّ الْعَرْشِ مُكْرِمِهِ = مِنَ الْعُلَى وَالْمُنَى مَا لَا تَنَالُ يَدُ

(ى) إِنِّي الْتَزَمْتُ لَهُ مَدْحًا رَجَوْتُ بِهِ = رِضَى إِلَهِي وَيَأْتِينِي بِهِ زَيَدُ

(خ) خَبَأْتُ كَوْنَ إِلَهِي لِي بِهِ أَبَدًا = وَكَوْنَهُ لِيَ نِعْمَ الْقُدْوَةُ السَّنَدُ

(ل) لِلْمُصْطَفَى خُلُقٌ فَاقَ الْأَنَامَ بِهِ = دَرَى بِذَلِكَ مَنْ طَاعُوا وَمَنْ عَنَدُوا

(ق) قَادَ الْبَرَايَا لِمَوْلَاهُمْ وَسَهَّلَهُمْ = مَا كَانَ صَعْبًا بِتَيْسِيرٍ وَقَدْ رَشَدُوا

(ع) عَمَّ الْبَرَايَا بِإِكْرَامٍ وَمَرْحَمَةٍ = وَالصَّحْبُ فِي الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ قَدْ حُشِدُوا

(ظ) ظَلَمْتُ نَفْسِي وَلِلْغَفَّارِ تُبْتُ بِلَا = شَكٍّ وَقَلْبِيَ لِلتَّوَّابِ وَالْجَسَدُ

(ي) يَا رَبِّ صَلِّ بِتَسْلِيمٍ عَلَى وَزَرِي = مُحَمَّدٍ وَلْتَرُضْ لِي كُلَّ مَنْ حَسَدُوا

(م) مَلِّكْنِيَ الْيَوْمَ بِالْمُخْتَارِ مَطْلَبَتِي = وَلْتَكْفِنِي كُلَّ مَا لَمْ تَرْضَ يَا أَحَدُ

ج- ما طرز بفواتح السور، وبفواتح الأحزاب، مثل قصيدة: (ألم ألم طسم) وقصيدة: (أَلَمِّ أَلَمِّصَ أَلَرَ أَلَرَ أَلَرَ أَلَمِّرَ أَلَرَ أَلَرَ طَهَ)، وقصيدة: (حم عسق)، وهي: [الرجز]

(ح) حَمْدِي وَشُكْرِي لِلْكَرِيمِ الْأَكْرَمِ = الْبَاسِطِ الْمُقَدِّمِ الْمُكَرِّمِ

(م) مُدِيمَ أَفْضَلِ الصَّلَاةِ الْأَعْظَمِ = عَلَى النَّبِيِّ الْمُنْتَقَى الْمُعَظَّمِ

(م) مُحَمَّدٌ قَبِلَ مِنِّي خِدَمِي = مُقَدِّمًا كُلِّيَّتِي لَمْ أَنْدَمِ

(ع) عَلَيْهِ خَيْرُ صَلَوَاتِ الْأَكْرَمِ = وَآلِهِ وَالصَّحْبِ ظَرْفِ الْكَرَمِ

(س) سَعَادَتِي كَتَبَهَا ذُو الْقِدَمِ = وَلَيْسَ يَمْحُوهَا وَأَعْلَى قَدَمِي

(ق) قُدْتُ خُيُورًا لِلنَّبِيِّ الْأَكْرَمِ = مُحَمَّدٍ حَبِيبِنَا الْمُكَرَّمِ

وقصيدة: (كهيعص) وهي: [الرجز]

(ك) كَفَيْتَنِي فِي الْبَحْرِ كَيْدَ مَنْ ظَلَمْ = يَا مُغْنِيًا لَهُ مِدَادِي وَالْقَلَمْ

(هـ) هَدَيْتَنِي وَسُقْتَ لِي خَيْرَ نِعَمْ = يَا خَيْرَ مَدْعُوٍّ يُجِيبُ بِنَعَمْ

(ي) يَسَّرْتَ لِي مَا وَدَّهُ ذَوُو الْهِمَمْ = كَمَا كَفَيْتَنِي الْبَلَايَا وَالْغُمَمْ

(ع) عَلِيمُ يَا رَبَّ الْبَرَايَا يَا حَكَمْ = يَا مَنْ وَقَانِيَ الْعَمَى مَعَ الْبَكَمْ

(ص) صَلِّ بِتَسْلِيمٍ عَلَى الْعَبْدِ الْأحَدْ = فِي الْآلِ وَالصَّحْبِ وَكُنْ لِي يَا أَحَدْ

 وله قصيدة أيضا طرزها بفواتح الأحزاب من سورة البقرة، وهي: (أَلَمِّ -وَإِذَا لَقُوا سَيَقُولُ- وَاذْكُرُوا اللَّهَ- تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا).

والخلاصةُ أن الشيخ – رضي الله عنه – طرز بآيات القرآن الكريم ما يجل إحصاؤه ويعز استقصاؤه، إلى اختلاف مسالكه في التطريز والتتويج.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

(1) ديوان سعادات المريدين (1/232)

(2) قصيدة: «رمنا شكور الذي»، منتخبات من قصائد الشيخ الخديم (2/51)

(3) منتخبات من قصائد الشيخ الخديم (4/110)

(4) ديوان سعادات المريدين (1/233)

(5)  سعادات المريدين (2/354)

(6)  سعادات المريدين (1/82)

(7)  سعادات المريدين (1/228)

(8) دواوين شعراء أهل الزوايا الموريتانيين (ص:161)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق