مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات محكمة

فنّ التطريز في شعر الشاعر السنغالي الشيخ الخديم (ت:1346هـ/1927م) (الحلقة الثانية)

التطريز عند الشعراء السنغاليين:

إن التطريز فن ذائع في الشعر العربي الإفريقي، وضرب من الصناعة اللفظية التي افتتن بها الشعراء الأفارقة باختلاف الأعصار والأمصار، ومنهم شعراء مالي، وغينيا، ونيجريا وغانا، ومالي وسنغال، وغيرها، وفي كتاب «الشعر العربي في الغرب الإفريقي»، للدكتور عمران كبا نماذج من قصائدهم المطرزة بالآيات والأحاديث والأسماء.

 وقَد أغرمَ بـ«فنّ التطريز» الشعراء السنغاليون، وانتشر في أشعارهم انتشار النار في الهشيم؛ فقد طرزوا قصائدهم بالآيات القرآنية، وبالأحاديث النبوية، وبأسماء الله الحسنى، وأسمائه نبيه صلى الله عليه وسلم، وبغير ذلك من النصوص الدالة، ومن أولئك الشعراء الولي الكبير والعالم الشهير الشيخ عمر الفوتي (ت:1864م) أحد مشيخة الطريقة التجانية وناشريها في الغرب الإفريقي، فله قصيدتان سمَت فيهما هذا السمتَ؛ أما إحداهما فسماها: «تذكرة الغافلين على قبح اختلاف المؤمنين»، ونظمها للإصلاح بين ناسٍ وقع بينهم شِجارٌ وتنازعٌ، وطرزها على حروف قوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) [الحجرات:9-10]، ويقول في مقدمتها: «أردنا أن نجعل منظوماً على ترتيب حروف آيتين من كتاب الله تعالى، ويكون كل حرف من حروفها الهجائية – ولو كان غير ثابت في الرّسم كالألف المحذوفة – بيتًا تمامًا ويكون ذلك الحرف أول البيت…(1)»، وفيها: [الرجز]

وقال باسم ربه الفوتي عمرْ = الكدوي ابن سعيد ما افتخر

الحمد لله الذي قـد أوجبـا = إصلاح ذات البين ثم هذبا

نـفس الذي يصلح بين الناس = فصار طاهرا من الأدناس

طـهارة تهديه للإنصاف = في ذلك الإصلاح لا الإرجاف

إلهنا صل وسلِّمْ سرمدا = على النبيِّ الهاشميِّ أحمدَا

آمر كل مقتدي بنصحِ = أمته وأمرها بالصُّلحِ

فـائق من أرسل بالنصائح = وزجر ذي الخلاف عن قبائحِ

تـارك ذي الحقدِ والاختلاف = قابل ذي الصلح والائتلاف

نـافع كل الخلق ذي التحذير = عن التدابر بلا تنفير… (2)

والأخرى:« تذكرة المسترشدين وصلاح الطالبين»، وطرزها على حروف: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (*) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (*) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[المنافقون:9-11]، ويقول في مقدمتها: «وبعد، فاعلم يا أخي -رحمك الله- أني تصفّحتُ آية من كتاب الله، وأمعنتُ فيها النظر، فوجدتها ناهيةً عن جميع المعاصي القلْبيّة والجوارحية، وآمرة بجميع الطاعات الظاهرة والباطنة، وهي قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (*) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (*) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المنافقون:9-11]، فقد عَتَبتْني نفسي أن أنظِمَها نظما منتقلا، ويكون كل حرف منها -ولو غير ثابت في الرسم كالألف المحذوفة- بيتا كاملا، وتكونُ تلك الحروف أولَ البيت، وأشيرَ إلى كل حرف من حروفها الهجائية؛ لجعلها محمرة في أول البيت، وبتمام حروف الآية الشريفة تتم القصيدة إن شاء الله تعالى.

وقد كنت نظمتُها أولا في السَّفَر، ونحن قاصدون بيت الله الحرام، فلما وصَلْنا مكة المُشرّفة وقضيْنا مناسكَنا، وتمّ حجُّنا بحمد الله قصدْنا المدينة المنورة لزيارة أفضل البرية؛ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فلما وصَلْنا مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزُرنَاه كما ينبغي، وتمّ مطْلَبُنا والحمد لله على ذلك، اشتاقتْ نفسي إلى أن أنظِمَها مرة ثانية في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرُّكاً به وبتلك الأماكن الشريفة، بتغيير كثير مما كان في المنظومة الأولى، وترْك بعض الأبيات كما كان أولا، وزيادة على المنظومة الأولى؛ إذ منتهى تلك قولُه عز وجل: (وَأَكُن مِنَ الصَّالِحِينَ).

ثم اعلمْ أني ما قصدتُ بهذه القصيدة إظهارَ منصبي في علم العروض والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع وغيرِ ذلك، بل قصدي نفْعُ المؤمنين الذين لهم اعتناءٌ بإصلاح نفوسهم لا غيرُ، ومع ذلك، إنها قصيدةٌ نافعةٌ، -إن شاء الله- عونٌ لمن عمِل عليها وعمل بمُقتضاها بما في ضِمنِها.

وسميتُها: «تذكرة المسترشدين وصلاح الطالبين» وتمّ نظمُها وتسويدُها وتبييضها في المدينة المنورة في مسجده صلى الله عليه وسلم في الروضةِ المُشَرّفة بين منبر رسول الله صلى الله عليه وقبره ووجهي إلى وجهه صلى الله عليه وسلم يومَ الخميس وقتَ الضحى بعد أربع مضَيْن من شهر الله شوال سنة أربع وأربعين ومائتين وألف من الهجرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فقلتُ:… (3)»، وفيها: [الرجز]

يَقُولُ فُوتِيٌّ وَذَاكَ الْأَفْقَرُ = الكدويُّ ابنُ سَعِيدٍ عُمَرُ

الْحَمْدُ للهِ الذِي تَوَحَّدَا = فِي مُلْكِهِ كَفَرَ مَنْ قَدْ جَحَدَا

إِلَهُنَا صَلِّ دَوَاماً سَلِّمِ = عَلَى الرَّسُولِ الْمُصْطَفَى الْمُكَرَّمِ

يَا أَيُّهَا الْإِخْوَانُ لاَ تَشْتَغِلُوا = بِالْمَالِ وَالْبَنِينَ خَيْراً اعْمَلُوا

هَمٌّ وَغَمٌّ دَائِمٌ لِلْمُشْتَغِلْ = بِالْمَالِ وَالْأَوْلَادِ دُونَ اللهِ جَلّْ

إِذْ هَذِهِ الدُّنْيَا غُرُورٌ بَاطِلُ = وَاعْمَلْ لِدَارٍ دَائِمٍ يَا غَافِلُ

إِذْ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ لَكِنْ زَائِلُ = فَهْوَ غُرُورٌ فَاعْتَبِرْ يَا غَافِلُ

لَا تَطْلُبُوا فِيهَا سِوَى مَا يَنْفَعُ = فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ لَا مَا يَرْدَعُ

ذَرُوا عِبَادَ اللهِ مَا يَشْغَلُكُمْ = عَن ذِكْرِ رَبِّي، وَاعْمَلُوا لِرَبِّكُمْ

يَا أَيُّهَا الْمَغْرُورُ بِالْآمَالِ = وَيْحَكَ تُبْ وَاقْصِدْ إِلَى الْأَعْمَالِ

نَكَالُ رَبِّ الْخَلْقِ وَالنِّيرَانُ = لَمْ يُنْجِ مِنْهَا الْمَالُ وَالْوِلْدَانُ

أَجَلْ وَلَا جَاهٌ وَلَا قَرَابَهْ = وَلَا شَجَاعَةٌ وَلَا حِرَابَهْ

إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ فِي الْقِيَامَهْ = يُحَاسَبُونَ هُمْ ذَوُو النَّدَامَهْ

مُزَوَّجٌ كُلُّ امْرِئٍ بِمِثْلِهِ = نَدِمْتَ مَا فَعَلْتَ مِن عِصْيَانِهِ

نَدَامَةً عَظِيمَةً لَا تَنْفَعُ = تُبْ قَبْلَ أَنْ تَطْلُبَ مَا لَا يسْمَعُ

وَلَا يَغُرَّكَ الَّذِي عَلِمْتَهُ = مِن رَحْمَةِ الرَّحْمَانِ أَوْ سَمِعْتَهُ

إِذْ رَبُّنَا لَوْ كَانَ ذَا الْغُفْرَانِ = فَهُوَ ذُو النَّقْمَةِ وَالنِّيرَانِ

لَا تَقْبَلُوا قَوْلَ عَدُوِّ اللهِ = بِالزُّورِ وَالْبَاطِلِ أَهْلَ اللهِ

إِنَّ إِلَهَ الْخَلْقِ قَدْ أَخْبَرَنَا = عَدَاوَةَ اللَّعِينِ حِينَ غَرَّنَا

ومنهم شيخ الإسلام الحاج إبراهيم انياس (ت: 1975م)، أحد علماء الطريقة التيجانية وصلحائها، وله قصائد في هذا النط الشعري، منها: ما طرزه على حروف: (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)[يس:58]، وعلى حروف: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)[طه:39]، وعلى الحروف الأبجدية، ويقول في قصيدته المطرزة بـ: (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ): [الطويل]

سلام على الهادي لنحو السلام = سراج الهدى غوث العباد إمام

له وإليه الدهر سيري ووجهتي = وتعلو لتزييني ثناه بنامي

إذا ذكر المختار حنت يراعتي = ونفسي لأمداحي بكل غرام

مديحي له طبي وروضي وراحتي = وكنزي وأعدادي لكل مقام

قديماً فهوْ عبد القديم وإنني = بخدمة هذا العبد نلت مرامي

ليسعد بي قرني ونسلي ومن درى = سماتي مدى الآنا بحسن ختام

ألا حبذا حب الأمين وحبذا = مدائحه تشفي جميع سقامي

متى نابني أمر مدحت إمامنا = فتمسي حروب الكل سبل سلام

نعم أوقدوا ناراً لحربي ومحنتي = وأطفأها المولى بدون كلام

رددت الذي كاد العدى في نحورهم = على رغمهم أبقى بدون ملام

بطه ويسين وأحمد فاكفني = إله البرايا كل أهل خصام

بسرٍّ سرى في الكل أبطل جميع ما = تكيد به الأعداء أهل ظلام

رميت به في عينهم ونحورهم = ليضرب طلا الأعداء كل حسام

حماني إلهي وهو كاف عبيده = ويا ويل من يأتي لغير سلام

يصلي على خير الأنام محمد = إله البرايا في ابتداً وختام

مع الآل والصحب الكرام مسلماً = عليهم فترقى الدهر خير مقام

ويقول في قصيدته المطرزة بـ: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي): [الطويل]

ولوعي بحب الهاشمي المدافع = كفاني سلاحا عن وجود المَدافع

ألين به قلب الملوك وينثني = به عن جنابي كل قتل مُدافع

لقيت به طيب الحياة محبة = عليه صلاة من إلهي ونافعي

قد انتقل الأسواء عني وأقبلت = إلى جانبي الخيرات من غير دافع

يقيني يقيني الدهر من كل ماكر = بسرِّ رسول الله مُبدي المنافع

تزحزح عني الضيق والشك والونى = بحب حبيب للمحامد جامع الخ

ومنهم العالم الصالح والولي الناصح أحد مقدمي الطريقة التجانية الشيخ  عباس صل (ت:1990م)، وله دواوين شعرية، في مدح قطب الوجود صلى الله عليه وسلم ، وفي مدح الشيخ أبي العباس أحمد التجاني، ومنها: ديوان سماهُ بـ«جواهر البديع في التوسل إلى الله البديع في مدح الحبيب الشفيع»، وهي: «قصيدة بل قصائد نسجها الشيخ بتتويج أوائلها بالحروف الهجائية التسعة والعشرين حسب الترتيب الألفبائي مع الالتزام بأن يكون الحرف المُبدأ به في وسط البيت وآخره، على أن ينشئ في كل حرف ثلاثة عشر بيتا إلا في حرف الياء حيث أنشأ أربعة عشر بيتا، تصورا للمنازل القمرية الثمانية والعشرين التي يقضي القمر في كل واحدة منها ثلاثة عشر يوما، إلا الجبهة حيث يقضي أربعة عشر يوما.

وقد اعتبر الشيخ (لام الألف) حرفا مستقلّا بذاته، وبها بلغت الحروف الهجائية تسعة وعشرين حرفا(6)».

وقد سلك نفس المسلك في ديوانه: «فتح القدير بتيسير العسير في مدح البشير النذير»، وإن كان الأول من البحر الكامل، والأول من البحر الطويل، ومما قاله في (حرف الباء) (7) : [الكامل]

بَدْئِي بِحَمْدٍ لِلإِلَـهِ تَسَبُّبُ = بَادٍ لِمَدْحِي الْمُصْطَفَى وَتَحَبُّبُ

بَشَرٌ وَلَكِنْ لَا يُرَى كُفْؤًا لَهُ = بَصَرٌ، وَعَبْدٌ لِلْإِلَـهِ مُقَرَّبُ

بَذْرُ الْوُجُودِ وَجُودُهُ مُتَدَفِّقٌ = بَابُ الْإِلَـهِ وَبَابُهُ لَا يُحْجَبُ

بَدْرٌ سَرَى فَوْقَ الْبُرَاقِ لِمُنْتَهَى = بَحْرِ النَّدَى غَيْثُ الْأَنَامِ مُحَبَّبُ

بَادِي الشُّفُوفِ عَلَى الْوَرَى نَائِي الْمَدَى = بَهَرَ الْعُقُولَ، جَلَالُهُ لَا يُقْرَبُ

بَطَلَتْ بِمَقْدَمِهِ الْكَهَانَةُ إِذْ غَدَا = بِالشُّهْبِ يُرْمَى جِنُّهَا لَنْ يَقْرُبُوا

بُشْرَى لَنَا نِلْنَا الْمُنَى بُشْرَى لَنَا = بَرِئَ السَّقَامُ وَرِزْقُنَا مُتَصَبِّبُ

بَسَطَ الْكَرِيمُ بِمَدْحِهِ طَيَّ الْمُنَى = بَرًّا وَبَحْرًا طَابَ لِي ذَا الْمَشْرَبُ

بَارِكْ لَنَا وَأَدِمْ عَلَيْنَا خَيْرَهُ = بَارِي الْوَرَى إِنِّي لِفَضْلِكَ أَرْغَبُ

بَاتَ السَّلِيـمُ مُؤَرَّقًا أَجْفَانُهُ = بَلْهَ الْخَلِـيِّ بِغَفْلَةٍ يَتَقَلَّبُ

بَرِحَ الْخَفَاءُ وَنَمَّ بِي سَهَرِي وَبِي = بَرْحُ الْغَرَامِ وَنَارُ شَوْقِي تَلْهَبُ

بَرْقٌ تَأَلَّقَ بِالْحِمِى أَوْحَى لَنَا = بَعْضَ الَّذِي كُنَّا نَرُوحُ وَنَطْلُبُ

بَحْرُ الصَّلَاةِ مَعَ السَّلَامِ يُفِيضُهَا = بَرٌّ عَلَى خَيْرِ الْوَرَى وَيُرَحّبُ

 وله أيضا قصيدتان طرزهما بحروف: (من روحه استمداد كل الأوليا(8)) أي من روح سيدي أبي العباس أحمد التجاني –قدس الله سره-، وأخرى على حروف (خاتم أولياء الله طرا) (9): [الخفيف]

خاتم الأولياء لله طرا = يا ممد الأقطاب سرا وجهرا

أنت يا ملجأ العفاة جميعًا = يا غياث العباد دنيا وأخرى

تم منك الفخار طينا ودينا = عم منك العطاء برا وبحرا

ما رأت مقلة ولا سمعت أذْ = ن امرئٍ في الأنام مثلك فخرا

أسعد الله ذو الجلال أناسا = خصهم منك صحبة ما وإصرا

ويحَ قوم لم يجعلوك إماما = وحجابا حصنا ملاذا وذخرا

ليت شعري أأنت ترضى بكوني = لك يا سيدي عبيدا مقرا

يمن يمناك أنقذ الناس واليسـ = ـرى بها صار عندنا العسر يسرا

أنت يا سيدي لقد قيل في ملـ = ـككَ ما قيل لابن داود شكرا

إن تشأ يا كريم وصل حبالي = فبه أبتغي مدى الدهر ظفرا

يمن يمناك أنقذ الناس واليسـ = ـرى بها صار عندنا العسر يسرا

أنت يا سيدي لقد قيل في ملـ = ـككَ ما قيل لابن داود شكرا

إن تشأ يا كريم وصل حبالي = فبه أبتغي مدى الدهر ظفرا

إن تشأ غيره فبالغير أختا = ر مماتا على الحياة فخسرا

لك مني مملوء قلب غراما = لم تجد فيه للمشارك وكرا

لك مني اللسان حاشاه أن يلْـ = ـفى ولم يلف يجتني فيك ذكرا

أنت يا سيدي ملاذ الأماني = بك نرجو غدا نجاة وسترا

هاك عبدا من الذنوب أسيرا = ما ابتغى من سواك فكا وبِرا

طاب قلبا إذ حل باب كريم = ملئَ الكونُ منه نورا وسرا

رب ذي كربة أتاك أسيرا = فانثنى من عميم جودك حرا

ربنا رب في حماك ابن عبا = س قهِ البأس لا يرى الدهر ضرا

أإلهي حسن الختام مماتا = زمرة الخاتم الممدّ وغفرا

وعلى سيد الوجود صلاة = والأصاحيب آله الغر طرا

فهذه – كما ترى – قصائد تدور في فلك التطريز والتتويج، مما حبره شعراء السنغال، على اختلاف مشاربهم الصوفية، ولا تخرج موضوعاتها غالبا عن مدح النبي صلى الله عليه وسلم ومدح المشايخ الصوفية، إلى المناجاة والتوسل والابتهال، كما أن أوزانها لا تخرج عن الأوزان الخليلية، ولم يحيدوا عنها إلا قليلا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

 (1) الأدب السنغالي العربي (1/70)، مجلة آفاق الثقافة والتراث (ص:180)

(2) الأدب السنغالي العربي (1/74)، مجلة آفاق الثقافة والتراث (ص:184)

(3) الأدب السنغالي العربي (1/59)

(4) ديوان جبر الكسر (ص:9)

(5) ديوان جبر الكسر (ص:8)

(6)جواهر البديع في التوسل إلى الله البديع، ضمن: نفحات ربانية (ص:46)

(7)فتح القدير بتيسير العسير ، (ص:91)

(8) فتوحات السلام (ص:46) و(ص:315)

(9) فتوحات السلام (ص:181)

 

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ما شاء الله لقد خلف شيوخنا ثروة أدبية جديرة بأن استلهم. شكرا لك أبا مدين على هذه التحف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق