وحدة المملكة المغربية علم وعمرانتراث

المدرسة البونعمانية العتيقة بضواحي تزنيت

 الدكتور مصطفى مختار

باحث  بمركز علم وعمران                                               

ذكر أوائل المدرسين بالمدرسة البونعمانية العتيقة: 

      درّس بالمدرسة البونعمانية العتيقة كثير من المدرسين، ابتداء من أوائل القرن 13 هـ وأواسطه. وكان منهم سيدي محمد بن أحمد الادوزي[29] الذي أخذ عن أبيه سيدي أحمد بن محمد الادوزي، وابن عمه سيدي علي بن إبراهيم الادوزي، والشيخ الحضيكي، وسيدي محمد بن إبراهيم الكَرسيفي العثماني، وبعض علماء أزاريف الحامديين[30]. وشارط في المدرسة البونعمانية[31] والمدرسة الأدوزية[32]، ومدرسة ايكَضي[33] التي ما زالت بها نسخ من مؤلفاته[34].

      وكان من تلامذته سيدي محمد بن عبد الله الحضيكي، وسيدي إبراهيم بن محمد امبارك المحجوبي، وسيدي محمد بن علي القرقاوي الحاحي، والقاضي أحمد بن ياسين الحاحي، والفقيه عبد الملك السوسي، وسيدي محمد بن إبراهيم امبارك البعقيلي الذي خلفه في مدرسة أدوز، وغيرهم[35]. ولقيه سيدي عبد الرحمان بن عبد الله الجشتيمي بموسم سيدي أحمد بن موسى التازروالتي[36]. وزاول خلال حياته العمل بعلم الفرائض وقسمة التركات التي علّم تلامذته العمل بها[37]. ومن الممكن أن يكون بعضهم من المدرسة البونعمانية. ولعله اهتم أيضا بالفلاحة، بشكل أو بآخر، وهو يدرس بالمدرسة البونعمانية وغيرها. حيث كان من الكتب التي صنفها مؤلف في أحكام المغارسة[38].

      وقيل إن من درس بالمدرسة المذكورة هو سيدي محمد بن محمد الادوزي[39] الذي أخذ عن سيدي الحسن بن الطيفور قليلا، وعن سيدي العربي بأدوز كثيرا[40]. وشارط بالمدرسة المتحدث عنها سنتين[41] مثل ما شارط في مدرسة سيدي بوعبدلي، بأيت بْرَايِّيم[42]، ومدرسة تَالُوسْت بتازروالت[43]، ومدرسة دُّودْرَار برسموكة[44]، ومدرسة تازروالت المجاطية، ومدرسة أيت عمرو الهشتوكية[45].

      وحين كان بمدرسة تالوست يذهب بعد الانتهاء من الأنصبة الصباحية إلى بعض أساتذة المدرسة التازروالتية القريبة منها ليسأل عن المسألة التي توقف عندها. وعند الظهر يراجع الدرس الذي وقف عنده[46]. وممن درس على سيدي محمدٍ بن مَحمد الأدوزي سيدي محمدُ بن مَحمد بن يدير الساحلي، والفقيهُ أحمد بن الحسن البعمراني الرسموكي، والفقيهُ أوترسيم البعمراني[47].

      وعلاوة على المترجم درّس بالمدرسة البونعمانية سيدي أحمد بن محمد أُورْعْمْ (أو جمل) الامزالي[48] الذي تخرّج بأبي سالم سيدي إبراهيم بن محمد الاكَراري الاكَلويي. ثم التحق بالزاوية التيمكَيدشية حيث أخذ عن سيدي أحمد بن محمد التيمكَيدشتي[49]. فأمره بالتوجه إلى مدرسة بونعمان[50]. فدرس هناك أعواما[51]. وانتقل إلى مدرسة ايكرار ليساعد شيخه أبا سالم الايكَراري. ثم التحق حوالي عام 1250 هـ بمدرسة أيت عمرو، بهشتوكة[52]. وإثر خلاف انتقل إلى مدرسة تيمزكَيدا واسيف بأمر من شيخه التيمكَيدشتي[53].

      ولعل سيدي أحمد أوجمل استثمر مياها تملكها المدرسة البونعمانية بساقية بونعمان[54] للاهتمام بالفلاحة خلال تدريسه في المدرسة المذكورة مثل اهتمامه بها خلال تدريسه بمدرسة أيت عمرو الهشتوكية حيث حرث هناك كثيرا. “فلما أدرك الزرع خاف الطلبة أن يحصدوه على عادة الطلبة مع أساتذتهم من تولي شئونهم كلها كيفما كانت. حتى إنهم ليكفونهم المؤن كلها. فقد سمع من طلبة مدرسته ليلة ذلك الإباء“. فانتقل من المدرسة قاصدا مراكش للتجارة. وهناك التقى بسيدي الحسن بن أحمد التيمكَيدشتي الذي نصحه بالرجوع[55]. ويبدو أن نصيحة سيدي الحسن التيمكَديشتي تحتمل أفضلية الفلاحة على التجارة. ولعل سيدي أحمد أوجمل ورث اهتمامه الفلاحي عن الزاوية التيمكَيدشتية[56].

      وبالإضافة إلى سيدي أحمد أو جمل درّس، بالمدرسة البونعمانية، سيدي أحمد  أضْرْضُور بن محمد- فتحا- الاكَراري[57]. وكان قد درس بقرية إيكَرار. ثم بمدرسة دودار برسموكة آخذا عن سيدي إبراهيم المحجوبي الرسموكي[58]. وشارط بالمدرسة البونعمانية مرة أو مرتين[59] قبل سفره إلى ضريح المولى عبد السلام بن مشيش[60]، ناويا متابعة دراسته بجامع القرويين من فاس الذي احتل فيه مكانة مرموقة بين الطلبة[61].

      وبعد رجوعه من فاس شارط بالمدرسة البونعمانية[62]. حيث شرح بسطحها بعض مسائل الفقه لطلبتها[63]. وتردد على محيطها أكثر من مرة[64]. وإلى جانب من سبق درس بالمدرسة المذكورة سيدي مبارك إيحيصر المعدري[65] الذي أخذ من فاس[66]. ومكث في الصويرة[67]. وشارط في إحدى مدارس حاحة قاطنا بها[68]. ودرس بالمدرسة البونعمانية أيضا سيدي محمد بن الحسين الاكَلويي[69]، ومحمد الماسي التاكنسي[70] إلى أن التحق بها العلامة سيدي مسعود المعدري، ابتداء من عام 1279 هـ[71] إثر لقاء بينه وبين بعض رجالات آيت براييم في قرية ادمبارك بتاكنسا[72].

      وكانت المدرسة البونعمانية قبله مدرسة قرآنية[73]، بحسب قول سيدي محمد المختار السوسي: “لم يكن كل الأساتذة المتقدمين قبل الأستاذ مسعود قائمين في المدرسة (البونعمانية) حق القيام. بل كانوا متفاوتين في أعمالهم الدراسية. كما كانوا متفاوتين في مداركهم. بل كان بعضهم يشتغل فيها بتعليم القراءات كما كان بها بعض الأساتذة المقرئين يشارطون فيها أحيانا. فكانت البونعمانية بهم بين جزر ومد. وبين أزمنة تلحظ فيها عين السعادة وتغمض. حتى أتاها من الأستاذ مسعود من أتاها. فاستحالت الدلو غربا. بيد عبقري لا يفرى سواه فريه“[74].

يتبع

 

الإحالات:

[29] ولد في آخر ربيع الأول أو الثاني عام 1164 هـ. وتوفي عام 1221 هـ أو ما بعده. انظر عنه: المعسول، ج5، ص62- 65؛ ورجالات العلم، ص84؛ وخلال جزولة، ج4، ص23؛ وسوس العالمة، ص196؛ والحضيكيون، عبد الرحمان الجشتيمي، تقديم وتحقيق: المجلس العلمي المحلي لتارودانت، منشورات المجلس العلمي المذكور، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1431 هـ- 2010 م، ص97- 98؛ وإتحاف المطالع، ج1، ص102؛ ودليل مؤرخ المغرب، عبد السلام ابن سودة، ضبط واستدراك: مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، دار الفكر، ط. الأولى، 1418 هـ- 1997 م، ص154. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص167؛ وتاريخ قبيلة إداوسملال، ص499- 501؛ ومن تاريخ مدرسة إكَضي إنتاجها العلمي وإشعاعها الثقافي، جمع وترتيب: عبد الله ريس، مطبعة Exprim Impression، 1436 هـ- 2015 م، ص107- 108؛ وقبيلة آيت براييم، ص114؛ ومادة الأدوزي، محمد بن أحمد المرابط، محمد البايك، في: معلمة المغرب، ج1، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، سلا، مطابع سلا، 1410 هـ- 1989 م، ص296- 297.

[30] انظر: المعسول، ج5، ص63، وص63- 64. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص499؛ ومن تاريخ مدرسة إكَضي، ص107؛ ومادة الأدوزي، محمد بن أحمد المرابط، في: معلمة المغرب، ج1، ص296.

[31] انظر: خلال جزولة، ج4، ص23. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص167. وتوجد نسخ من بعض كتبه في خزانة عبد العزيز الأدوزي، بسيدي بوعبدلي القريب مجاله من المدرسة البونعمانية. راجع: مادة الأدوزي، محمد بن أحمد المرابط، في: معلمة المغرب، ج1، ص296.

[32] انظر: المعسول، ج5، ص63. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص167؛ وتاريخ قبيلة إداوسملال، ص499؛ ومن تاريخ مدرسة إكَضي، ص108. وبخزانة أدوز نسخة عن أحد كتبه. راجع: مادة الأدوزي، محمد بن أحمد المرابط، في: معلمة المغرب، ج1، ص296.

[33] انظر: المعسول، ج5، ص64. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص499؛ ومن تاريخ مدرسة إكَضي، ص107.

[34] من تاريخ مدرسة إكَضي، ص107.

[35] انظر: المعسول، ج5، ص63، وص64- 65. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص500؛ ومن تاريخ مدرسة إكَضي، ص108.

[36] انظر: الحضيكيون، ص98؛ والمعسول، ج5، ص63.

[37] انظر: المعسول، ج5، ص63. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص500؛ ومادة الأدوزي، محمد بن أحمد المرابط، في: معلمة المغرب، ج1، ص296.

[38] انظر: المعسول، ج5، ص63. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص501؛ ومن تاريخ مدرسة إكَضي، ص107؛ ومادة الأدوزي، محمد بن أحمد المرابط، في: معلمة المغرب، ج1، ص296.

[39] ولد قبل عام 1221 هـ أو بعده. وتوفي يوم الأربعاء 5 رمضان عام 1276 هـ. وهو ممن أغفل ذكره عبد السلام ابن سودة. انظر: المعسول، ج5، ص65؛ ورجالات العلم، ص124. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص501- 502.

[40] انظر: المعسول، ج5، ص65. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص501.

[41] انظر: المعسول، ج5، ص65. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص501.

[42] انظر: المعسول، ج5، ص65؛ ورجالات العلم، ص124. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص501.

[43] المعسول، ج5، ص65. وقد جعلها امحمد أيت بومهاوت الوسخيني مدرسة جرارية. راجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص501.

[44] انظر: المعسول، ج5، ص65. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص501.

[45] تاريخ قبيلة إداوسملال، ص501.

[46] المعسول، ج5، ص65.

[47] انظر: المعسول، ج5، ص65. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص501.

[48] ولد قبل عام 1200 هـ. وتوفي يوم الخميس 9 ربيع الثاني عام 1273 هـ. وهو ممن أغفل ذكره عبد السلام ابن سودة. انظر عنه: المعسول، ج13، ص10؛ وج14، ص8- 10؛ ورجالات العلم، ص150؛ وخلال جزولة، ج1، ص87. وراجع عنه: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص168؛ وتاريخ قبيلة إداوسملال، ص247- 248؛ وقبيلة آيت براييم، ص114؛ ومادة البونعمانية، مدرسة، في: معلمة المغرب، ج6، ص1880.

[49] انظر: المعسول، ج14، ص8، وص9؛ ورجالات العلم، ص150. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص247.

[50]  تاريخ قبيلة إداوسملال، ص247.

[51] انظر: المعسول، ج14، ص8. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص247

[52] انظر: المعسول، ج14، ص8، وص9، وص9- 10؛ ورجالات العلم، ص150؛ وخلال جزولة، ج1، ص87. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص247- 248.

[53] انظر: المعسول، ج14، ص8، وص10. وراجع: تاريخ قبيلة إداوسملال، ص248.

[54] استأنس بـ: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص172؛ ومادة البونعمانية، مدرسة، في: معلمة المغرب، ج6، ص1880؛ وقبيلة آيت براييم، ص154.

[55] المعسول، ج14، ص9.

[56] انظر: المعسول، ج6، ص58، وص180، وص181، وص189، وص201، وص210، وص268، وص272، وص273، وص274، وص289- 290، وص309، وص311، وص313؛ وج17، ص138؛ وج19، ص64، وص65.

[57] ولد عام 1218 هـ. وقتل في رجب 1294 هـ. وهو ممن أغفل ذكره عبد السلام ابن سودة. انظر عنه: مدارس سوس، ص97؛ والمعسول، ج13، ص10، وص11، وص366- 370؛ ورجالات العلم، ص169؛ وخلال جزولة، ج1، ص87؛ وطاقة ريحان، ص43، وص61- 62؛ وروضة الأفنان، ص206، وص281- 283. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص167، وص168؛ وقبيلة آيت براييم، ص114؛ ومادة البونعمانية، مدرسة، في: معلمة المغرب، ج6، ص1880.

[58] انظر: المعسول، ج13، ص367؛ ورجالات العلم، ص169؛ وطاقة ريحان، ص62؛ وروضة الأفنان، ص281.

[59] انظر: المعسول، ج13، ص10، وص367؛ وطاقة ريحان، ص62؛ وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص168.

[60] المعسول، ج13، ص367.

[61] انظر: المعسول، ج13، ص10، وص366، وص367، وص368؛ ورجالات

العلم، ص169؛ وطاقة ريحان، ص62؛ وروضة الأفنان، ص281. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص168.

[62] المعسول، ج13، ص368.

[63] المعسول، ج13، ص11، وص368.

[64] انظر: المعسول، ج13، ص366، وص368، وص369؛ ورجالات العلم، ص169؛ وطاقة ريحان، ص62؛ وروضة الأفنان، ص282.

[65] لعله توفي عام 1295 هـ. انظر عنه: المعسول، ج13، ص10؛ ورجالات العلم، ص156. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص168؛ وقبيلة آيت براييم، ص114؛ ومادة البونعمانية، مدرسة، في: معلمة المغرب، ج6، ص1880.

[66] رجالات العلم، ص156.

[67] رجالات العلم، ص156.

[68] رجالات العلم، ص156.

[69] انظر عنه: خلال جزولة، ج4، ص23؛ والمعسول، ج13، ص10. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص167، وص168؛ وقبيلة آيت براييم، ص114؛ ومادة البونعمانية، مدرسة، في: معلمة المغرب، ج6، ص1880.

[70] انظر عنه: مدارس سوس، ص97؛ والمعسول، ج13، ص10. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص167، وص168؛ وقبيلة آيت براييم، ص114؛ ومادة البونعمانية، مدرسة، في: معلمة المغرب، ج6، ص1880.

[71] قيل في مفتتح رجب عام 1278 هـ/ 1861 م. راجع: مادة البونعمانية، مدرسة، في: معلمة المغرب، ج6، ص1880؛ ومادة الطالبي المعدري، مسعود، في: معلمة المغرب، ج17، ص5692. وقيل عام 1280 هـ، بحسب وثيقة بخط سيدي مسعود المعدري. انظر: المعسول، ج13، ص20. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص169- 170.

[72] يذكر محمد المختار السوسي خبرا طريفا عن سبب لقاء بعض رجالات آيت براييم بسيدي مسعود بن محمد المعدري. انظر: المعسول، ج13، ص10.

[73] انظر: خلال جزولة، ج4، ص23؛ والمعسول، ج13، ص10؛ وسوس العالمة، ص165. وراجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص168؛ وقبيلة آيت براييم، ص114؛ ومدرسة بنكَمود، ص103، وص106؛ ومادتي البونعماني، الحسن- البونعمانية، مدرسة، في: معلمة المغرب، ج6، ص1876، وص1880. واستأنس بـ: المدارس العتيقة وإشعاعها الأدبي، ص166 والهامش رقم 409.

[74] المعسول، ج13، ص10. راجع: المعهد الإسلامي بتارودانت، ج3، ص168؛ ومادة البونعمانية، مدرسة، في: معلمة المغرب، ج6، ص1880.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق