وحدة الإحياءدراسات محكمة

القراءات القرآنية وأثرها في الدراسات النحوية.. أبو عمرو البصري: القراءات والتوجيه

الحمد لله الذي يسر لنا دراسة كتابه الكريم، قراءة وتوجيها، وأصلي وأسلم على نبيه القائل: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”[1]، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل، لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، ولا يمل قارئه، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله، أضاء بالقرآن القلوب، سبحانه أنزله بأجزل لفظ وأعذب أسلوب، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله.

وبعد، فلا يعزب عن ذوي الألباب أن علم قراءة القرآن أقدم العلوم في الإسلام نشأة وعهدا، وأشرفها منزلة، حيث إن أول ما تعلمه الصحابة من علوم الدين كان حفظ القرآن وقراءته، ثم لما اختلف الناس في قراءة القرآن وضبط ألفاظه مست الحاجة إلى علم يميز به الصحيح المتواتر والشاذ النادر، ويتقرر به ما يسوغ القراءة به وما لا يسوغ، وقاية لكلماته من التحريف، ودفعا للخلاف بين أهل القرآن، فكان هذا العلم علم القراءة الذي تصدر لتدوينه الأئمة الأعلام من المتقدمين.

والحق أن تدوين علم القراءات أفاد المسلمين فائدة لم تحظ بها أمة سواهم، وذلك أن البحث في مخارج الحروف، والاهتمام بضبطها وتوجيهها على وجوهها الصحيحة، ليتيسر تلاوة كلمات القرآن على أفصح وجه وأبينه، كان من أبلغ العوامل في عناية الأمة بدقائق اللغة العربية الفصحى وأسرارها، وكانت ثمرة هذا الاهتمام والجهد أن القراء تشربوا بمزايا اللغة العربية وقواعدها ودقائقها، ومما يؤيد ذلك أن الكثيرين من قدماء النحويين كـ”الفراء” و”الخليل ابن أحمد الفارهيدي” و”سبويه” وغيرهم، كانوا مبرزين في علم القراءات القرآنية كما كان الكثيرون من أئمة القراء كـ”أبي عمرو بن العلاء البصري” و”علي الكسائي” بارعين في علم النحو.

لقد شغلت القراءات القرآنية أذهان النحاة منذ نشأة النحو العربي، ذلك أن النحاة الأوائل الذين نشأ النحو على أيديهم كانوا قراء كأبي عمرو بن العلاء البصري الذي يعتبر أحد جهابذة القراء السبعة، فمن هو إذن أبو عمرو بن العلاء؟

هو أحد البدور السبعة، وأحد أئمة اللغة والأدب، ولد بمكة سنة ثمان وستين، ونشأ بالبصرة، ومات بالكوفة سنة أربع وخمسين ومائة، وقيل خمس وخمسين ومائة، وكان أعلم الناس بالأدب والقرآن والشعر، وليس في القراء السبعة أكثر شيوخا منه، فقد قرأ بمكة والمدينة، وقرأ بالكوفة والبصرة على جماعة كثيرة، سمع أنس بن مالك، وقرأ على الحسن البصري وحميد الأعرج، وأبي العالية، ومجاهد وسعيد بن جبير وعاصم وابن كثير وغيرهم.

روى القراءة عنه عرضا وسمعا يحيى بن المبارك اليزيدي، ويونس بن حبيب وسيبويه وخلق كثير[2].

كان، رضي الله عنه، أوسع علما بكلام العرب ولغاتها وغريبها، وكان من جلة القراء الموثوق بهم، قال الإمام المحقق ابن الجزري فيه: “كان أعلم الناس بالقرآن والعربية مع الثقة والأمانة والدين”[3].

وقد أشاد بأبي عمرو يونس بن حبيب الذي روى عنه قال: “لو كان أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله كله في شيء واحد، ينبغي لقول أبي عمرو بن العلاء في العربية أن يؤخذ كله…”[4].

ولعل اهتمام ابن العلاء البصري بالقراءات القرآنية توجهه إلى الدراسات النحوية واللغوية ليلائم بين القراءات والعربية، فما المقصود بالقراءات لغة واصطلاحا؟ وما حجيتها؟ التدوين فيها؟ أركانها؟ أبو عمرو البصري ـ القراءة من خلال فرش الحروف “سورة البقرة”؟.

أولا: القراءات لغة

القراءات جمع (قراءة) وهي في الأصل مصدر (قرأ)، يقال: قرأ قراءة وقرء وقرآنا: نطق بالمكتوب، أي حول الحروف المكتوبة إلى أصوات مسموعة[5].

واصطلاحا فقد عرفت بتعريفات عدة نورد البعض منها فيما يأتي: فقد عرفها الزركشي بقوله: “القراءات اختلاف ألفاظ الوحي ـ المذكور في الحروف وكيفيتها من تخفيف وتشديد وغيرها”[6].

ويستخلص من تعريفه هنا: أن القراءات تختص بالمختلف فيه من ألفاظ القرآن الكريم، بينما نجد علماء القراءات يوسعون في دائرة شمول القراءات إلى المتفق عليه أيضا، وذلك لتعريفهم لعلم القراءات.

واعتنى إمام المحقق ابن الجزري بتعريفه للقراءات بقوله: “القراءات علم بكيفية أداء كلمات القرآن، واختلافها معزو لناقله”[7]، وإلا لو طالعنا الفهرست لابن النديم لوجدنا حشدا ممن ألفوا في جزئيات القراءة كالإدغام والإمالة والياءات، فالاعتبار هنا لهذا المعنى وهو جمع القراءات باصطلاح القراء.

أما الزرقاني فيعرف القراءات بقوله: “القراءات هي مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء كانت هذه المخالفة في نطق الحروف أو نطق هيئاتها”[8].

وفصل الإمام البنا الشافعي فقال: “علم القراءة علم يعلم منه اتفاق الناقلين بكتاب الله تعالى واختلافهم في الحذف والإثبات والتحريك والتسكين والفصل والوصل وغير ذلك من هيئة النطق والإبدال وغيره من حيث السماع”[9].

وفي ضوء هذه التعريفات نستنبط أن القراءات القرآنية هي تلك الوجوه اللغوية والصوتية، التي أباح الله بها قراءة القرآن تيسيرا وتخفيفا على العباد.

والقرآن الكريم كما هو معروف، نقل إلينا نقلا متواترا، لفظه ونصه كما أنزله الله تعالى على نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، ونقلت إلينا كيفية أدائه كما نطق بها المصطفى، عليه الصلاة والسلام، وفقا لما علمه جبريل عليه السلام، وقد اختلف الرواة الناقلون، فكل منهم يعزو ما يرويه بإسناد صحيح إلى النبي، صلى الله عليه وسلم.

ثانيا: حجية القراءات القرآنية

إن علم القراءات القرآنية سنة متبعة وعلم متصل بالروايات والأسانيد، وهي من أشرف العلوم الإسلامية توارثها المسلمون جيلا بعد جيل وألفوا فيها التآليف الحسان، وهي مراتب ودرجات حسب علو الإسناد أو نزوله.

ثالثا: أهمية علم القراءات القرآنية وبيان فضله

تتجلى أهمية هذا العلم في أن الله عز وجل لم يجعل على عباده حرجا في دينهم، ولا ضيق عليهم فيما افترض لهم، وكانت لغات من أنزل عليهم القرآن مختلفة، فيسر الله عليهم أن أنزل كتابه على سبع لغات متفرقات في القرآن بمعان متفقة ومختلفة ليقرأ كل قوم على لغتهم[10].

بيان شرف هذه الأمة وعظيم قدرها حيث خصصها الله سبحانه وتعالى بهذا الكتاب العظيم وأذن لها في تلاوته على عدة أوجه تخفيفا وتسهيلا.

إن علم القراءات القرآنية من أجل العلوم قدرا، وأرفعها منزلة، لتعلقه بكلام رب العالمين، فالقرآن الكريم مصباح النور، ومشعل الهداية، ومصدر الخير، قال تعالى: ﴿قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم﴾ [المائدة: 15- 16].

وقد هيأ الله سبحانه وتعالى رجالا مخلصين عنوا بحفظ القرآن الكريم ومعرفة أوجهه وقراءاته تحقيقا لقوله جل وعلا: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحجر: 9].

وذكر شيخ المحققين الإمام ابن الجزري ـ رحمه الله ـ في بيان فضل هذا العلم الجليل، ما في ذلك من نهاية البلاغة وكمال الإعجاز وغاية الاختصار وجمال الإيجاز، إذ كل قراءة بمنزلة الآية، إذ كان تنوع اللفظ بكلمة تقوم مقام آيات، ولو جعلت دلالة كل آية على حدتها لم يخف ما كان في ذلك من التطويل[11].

ثم يضيف ما في ذلك من عظيم البرهان وواضح الدلالة، إذ هو مع كثرة هذا الاختلاف وتنوعه لم يتطرق إليه تضاد وتناقض ولا تخالف، بل كله يصدق بعضه بعضا، ويبين بعضه بعضا، ويشهد بعضه لبعض على نمط واحد وأسلوب واحد، وما ذلك إلا آية بالغة، وبرهان قاطع على صدق ما جاء به صلى الله عليه وسلم[12].

تعلق عدد من العلوم بهذا العلم واستمدادها قواعد منه، فعلوم اللغة العربية تستفيد من هذا العلم استفادة كبيرة في تقعيد القواعد وتأصيلها وبنائها على أعظم أصول يمكن أن تبنى عليها، وهو هذا الكتاب العربي المبين. وعلماء التفسير يورثهم هذا العلم غنى في المعاني وتنوعها، فقوله تعالى: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات﴾ [البقرة: 37]، له معنى يختلف عن قراءة ابن كثير ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات﴾، قال الشاطبي (ت 590ﮪ):

وآدم فارفع ناصبا كلماته           بكسر وللمكي عكس تحولا

ففي القراءة الثانية جعلت الكلمات كأنها هي التي تلقت آدم، أي استقبلته فصارت كأنها مكرمة له لكونها سبب العفو عنه.

صيانته عن التحريف والتغيير، مع ما فيه من فوائد كثيرة عليها الأحكام تبنى، ولم يزل العلماء يستنبطون من كل حرف يقرأ به قارئ معنى لا يوجد في قراءة الآخر ذلك المعنى، فالقراءات حجة الفقهاء في الاستنباط، ومحجتهم في الاهتداء إلى سواء الصراط، مع ما في ذلك من التسهيل على الأمة، وإظهار شرفها، وإعظام أجرها من حيث إنهم يفرغون جهدهم في تحقيق ذلك وضبطه[13].

القراءات منبع غزير يثري اللغة العربية ويمدها بالنحو والحياة لتصمد أمام التيارات الفكرية على اختلاف العصور والأزمنة.

والقراءات سجل واف للغات العرب ولهجاتها، فإذا أردنا أن نقارن بين هذه اللهجات أو هذه اللغات من حيث النحو أو التطور فإننا نجد خير معوان لنا في تحقيق هذا الغرض هو كتب القراءات.

ولعلم القراءات ارتباط وثيق بعلوم اللغة العربية وآدابها من حيث أن القرآن الكريم عربي، ولابد لقبول القراءة من موافقتها للعربية.

رابعا: التدوين في علم القراءات

إن العناية بالقرآن الكريم والحفاظ عليه وعلى أداء نصوصه، كانت على عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، والصحابة ومن جاء بعدهم، ففي مرحلة نزوله والنص القرآني بين يدي الرسول والصحابة كان الخوف عليه من قبيل الاحتراس وتثبيته في النفوس وفي ألسن قرائه فكان الصحابة يتلقون قراءته عن الرسول مباشرة، وكانت عناية الرسول نفسه ومتابعته لما ينزل من الوحي تتخذ مجالات عدة أهمها تدوين الوحي، فكان صلى الله عليه وسلم ـ قد اتخذ كتابا يعتمد عليهم في كتابة الوحي، ومن هؤلاء الكتاب الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.

يذكر المؤرخون أن أول إمام معتبر جمع القراءات باتفاق القراء هو الإمام أبو القاسم بن سلام (ت 224ﮪ)، حيث ألف كتابا في القراءات، وكان ذلك في نهاية القرن الثاني وبداية الثالث للهجرة، وقد جمع فيه قراءة خمسة وعشرين قارئا مع هؤلاء السبعة المعروفين.

خامسا: أركان القراءات القرآنية (ضوابطها)

تعارف العلماء على ضوابط ثلاثة لقبول القراءة كما ذكر أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني فقال: ما مؤداه: “كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا، وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة، أم عمن هو أكبر منهم”[14]. وقد نقل هذا التعريف الإمام المحقق ابن الجزري (ت 833ﮪ) في كتابه “النشر في القراءات العشر”[15]، ويقول مشيرا إلى هذه الأركان في منظومته الشهيرة[16].

فكل ما وافق وجه نحوي            وكان للرسم احتماله يحوي

وصح إسنادا هو القرآن              فهذه الثلاثة الأركان

وحيثما يختل ركن أثبت           شذوذه لو أنه في السبعة

وهذه الأركان الثلاثة كما هو مصرح في الضوابط أعلاه هي:

1. أن توافق وجها من وجوه النحو

ومعنى ذلك كما قال ابن الجزري: “نريد وجها من وجوه النحو سواء كان أفصح أو فصيحا، مجمعا عليه أم مختلفا فيه اختلافا لا يضر مثله إذا كانت القراءة مما شاع وذاع وتلقاه الأئمة بالإسناد الصحيح، إذ هو الأصل الأعظم والركن الأقوم، وهذا هو المختار عند المحققين في ركن موافقة العربية، فكم من قراءة أنكرها أهل النحو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم بل أجمع الأئمة المقتدى بهم من السلف على قبولها كإسكان (بارئكم) ونحو (وسبأ، ومكر السيئ، وننجي المؤمنين في الأنبياء)[17].

أود أن أشير هنا إلى مسألة ذات أهمية بالغة وهو أنه ما ثبت بالتواتر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز أن يقال فيه هو خطأ أو قبيح ورديء، بل في القرآن فصيح وفيه ما هو أفصح، ومنه كذلك ما ذكره ابن الجزري في (منجد المقرئين) للإمام الشيرازي قوله: “…ولعلهم أرادوا أنه صحيح فصيح وإن كان أفصح منه، فإنا لا ندعي أن كل ما في القراءات على أرفع الدرجات من الفصاحة[18].

إن الخلاف بين القراء والنحاة في هذه المسألة إنما هو خلاف في المنهج المتبع، فبينما يأخذ النحاة بالقياس معتمدين أشهر اللغات وأكثرها شيوعا واستعمالا وأحفلها بالشواهد، نرى القراء يتمسكون ـ وحق لهم ذلك ـ بالرواية المتصلة السند إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، دون أدنى التفات إلى شيوع لغتها أو ندرتها وشذوذها.

وقد عبر الإمام أبو عمرو الداني (ت 444ﮪ)، عن هذا المنهج بقوله: “وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا اثبتت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها[19].

2. موافقة القراءة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا

بمعنى قد يقرأ قارئ بما في مصحف ويقرأ آخر بما في مصحف آخر: مثل ذلك قراءة ابن عامر الشامي[20] في قوله تعالى: ﴿قالوا اتخذ الله ولدا﴾ [البقرة: 116]، بغير واو، في حين قرأ الباقون[21] “وقالوا” بواو كما هو مثبت في غير مصحف الشامي. قال مكي بن أبي طالب القيسي (ت 437ﮪ): وإثبات الواو وهو الاختيار لثباتها في أكثر المصاحف، ولأن الكلام علة قصة واحدة، وإجماع القراء سوى ابن عامر[22].

كما قرأ قوله تعالى: ﴿والزبر والكتاب المنير﴾ [آل عمران: 184]، بزيادة الباء في الاسمين، فإن ذلك مثبت في المصحف الشامي، ومثل ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ بغير ألف، وكتبوا ﴿مالك يوم الدين﴾ [الفاتحة: 4]، بغير ألف، قال أبو عمرو كتبوا ﴿مالك الملك﴾ [آل عمران: 26]، وكتبوا ﴿بئس ما شروا به أنفسهم﴾ [البقرة: 102] مقطوعة، وكتبوا “الربوا” بالواو والألف في جميع القرآن إلا حرفا واحدا في سورة الروم ﴿وما ءاتيتم من ربا﴾ [الروم: 39]، وفي بعض المصاحف بغير واو، وكتبوا في بعضها بالواو، وكتبوا ﴿وزاده بسطة في العلم﴾ [البقرة: 247] بالسين، وكتبوا ﴿الله يقبض ويبصط﴾ [البقرة: 245]، وكتبوا ﴿الحيواة﴾ بالواو[23].

3. صحة السند عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، (التواتر)

صحة السند في القراءة هي أن يروي القراءة العدل الضابط عن مثله وتكون مشهورة عند أئمة هذا الفن الضابطين له غير معدودة عنهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم.

والتواتر (صحة السند)، هو الشرط الأول المعتمد، والركن الأقوم، وهو مذهب الأصوليين وفقهاء المذاهب الأربعة والمحدثين والقراء[24]

سادسا: أبو عمرو البصري: القراءة والتوجيه من خلال فرش الحروف “سورة البقرة”

إن الحديث عن فرش ـ سورة البقرة ـ يقتضي منا أن نعرف بهذا المصطلح الجديد “الفرش”، ثم ننتقل للحديث عن قراءة أبي عمرو البصري قراءة وتوجيها، فما معنى إذن فرش الحروف؟

الفرش لغة: النشر، والمراد بالحروف: الكلمات المختلفة فيها، فهو إضافة المصدر إلى مفعوله.

والمراد بالفرش في اصطلاح القراء هو الكلام على كل حرف في موضعه على ترتيب السور[25]. القراء إذن يسمون ما قل دوره في حروف القراءات المختلف فيها فرشا، لأنها لما كانت مذكورة في أماكنها من السور، فهي كالمفروشة بخلاف الأصول، لأن الأصل الواحد منها ينطوي على الجميع، وسمى بعضهم الفرش فروعا مقابلة للأصول[26].

ذكر قراءة أبي عمرو البصري فيما قل دوره من الحروف “سورة البقرة”

قوله تعالى: ﴿إن الذين كفروا سواء عليهم ءانذرتهم أم لم تنذرهم لا يومنون﴾ [البقرة: 6]، قرأ أبو عمرو البصري “ءانذرتهم” بتخفيف الأولى وتعويض مدة من الثانية، اختارها الخليل وسيبويه، وهي لغة قريش، وحجته أنه كره الجمع بين الهمزتين متواليتين، فخفف الثانية، وعوض منها مدة كما قالوا: آدم وآزر، وإن تفاضلوا في المد على قدر أصولهم، وكل ذلك من فصيح كلام العرب[27].

قوله تعالى: ﴿يخادعون الله والذين ءامنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون﴾ [البقرة: 9].

قرأ أبو عمرو “يخادعون” في الموضعين بضم الياء، وبألف بعد الخاء، وكسر الدال، وحجته ليس أحد يخدع نفسه، وإنما يخادعها، فوجب أن يقرأ: “وما يخادعون إلا أنفسهم” إذ لا يخدعون أنفسهم إنما يخادعون[28].

والعرب تقول: خادعت فلانا إذا كنت تخادعه، وخدعته إذا ظفرت به، قال بعض المتأولين، يخادعون الله وإن خادعوا نبيه لأن الله تعالى بعث نبيه بدينه، فمن أطاعه فقد أطاع الله تعالى كما قال: ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ [النساء: 80]، وقال: ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله﴾ [الفتح: 10].

قال العلامة الشيخ محمد البنا: والمفاعلة هنا إما بمعنى فعل فيتحدان، وإما بإبقاء المفاعلة على بابها فهم يخدعون أنفسهم، أي يمنون الأباطيل وأنفسهم تمنيهم ذلك أيضا”[29]، وإلى هذه القراءة أشار الإمام الشاطبي في حرزه بقوله:

وما يخدعون الفتح من قبل ساكن         وبعد (ذ) كا والغير كالحرف أولا

أخبر أن المشار إليهم بالذال من (ذ) كا وهم الكوفيون وابن عامر قرؤوا وما يخدعون إلا أنفسهم بالفتح قبل الساكن يعني في الياء وبعد الساكن يعني في الدال وأراد بالساكن الخاء ويلزم من ذلك حذف الألف.

وقوله: والغير كالحرف أولا، يعني أن غير الكوفيين وابن عامر وهم نافع وابن كثير وأبو عمر قرؤوا وما يخادعون بضم الياء وفتح الخاء وألف بعدها. قوله تعالى: ﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون﴾ [البقرة: 10].

قرأ أبو عمرو “يكذبون” بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الدال، مضارع كذب المضعف من التكذيب، الله ورسوله والمفعول محذوف تقديره “يكذبون”، وحجته أن ذلك تردد منهم إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، مرة بعد أخرى فيما جاء به، ويدل أيضا على التثقيل كما قال تعالى: ﴿ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا﴾ [الأنعام: 34]، وقوله تعالى: ﴿بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه﴾ [يونس: 39]، ﴿وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم﴾ [يونس: 41]، ﴿وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك﴾ [فاطر: 4]، ﴿والذين كفروا وكذبوا﴾ [البقرة: 39]، ونحو ذلك من الآي[30].

قال أبو محمد، مشيرا إلى هذه القراءة: “والتشديد أقوى في نفسي لأنه يتضمن معنى التخفيف، والتخفيف لا يتضمن معنى التشديد ولأنها قراءة أهل المدينة ومكة”[31].

قال الشاطبي رحمه الله:

وخفف كوف يكذبون وياؤه           بفتح وللباقين ضم وثقلا

أخبر أن المشار إليه بكوف وهم: عاصم، وحمزة، والكسائي خففوا بما كانوا يكذبون، والمراد بالتخفيف إسكان الكلف وإذهان ثقل الذال… وللباقين ضم أي الياء ـ وثقلا أي الذال ـ وفتح الكاف.

قوله تعالى: ﴿يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا﴾ [البقرة: 20].

قرأ أبو عمرو (يخطف) بفتح الياء وسكون الخاء وفتح الطاء، قال العكبري: “والجمهور على فتح الياء والطاء وسكون الفاء، وماضيه خطف ـ كقوله تعالى: ﴿إلا من خطف الخطفة﴾ [الصافات: 10]، وفيه قراءات شاذة إحداها كسر الطاء على أن ماضيه “خطف”، والثانية بفتح الياء والخاء والطاء وتشديد الطاء، والأصل يختطف فأبدل من التاء طاء وحركت بحركة التاء، والثالثة كذلك إلا أنها بكسر الطاء على ما يستحقه في الأصل، والرابعة كذلك إلا أنها بكسر الخاء على الاتباع، والخامسة بكسر الياء، والسادسة بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الطاء وهو ضعيف لما فيه من الجمع بين الساكنين[32].

قوله تعالى: ﴿وهو بكل شيء عليم﴾ [البقرة: 29]، وكذلك قوله: “وهي، وفهي، ولهي، وثم هو”[33] قرأ أبو عمرو بإسكان الهاء، هي لغة نجد فيما عدا الأخريين[34] وذلك إذا كان قبلها واو أو فاء أو لام متصلة.

 قال الشاطبي في حرزه: وها هو بعد الواو ألفا ولامها وها هي اسكن راضيا باردا (ح) لا، أي إذا كانت الهاء من لفظ هو، والهاء من لفظ هي، بعد واو أو فاء أو لام زائدة، نحو: (وهو بكل شيء، فهو وليهم اليوم، وإن الله لهو الولي، وهي تجري بهم، فهي كالحجارة، لهي الحيوان).

أي أن المشار إليه بالحاء في (ح) لا قرأ هذه المواضع بإسكان الهاء.

قوله تعالى: ﴿قال إني أعلم مالا تعلمون﴾ [البقرة: 30]. قرأ أبو عمرو “أني”[35] بفتح الياء فعلى أصل الكلمة، وذلك أن الياء إسم المتكلم، والإسم لا يخلو أن يكون مضمرا ومظهرا، فإذا كان ظاهرا أعرب وإذا كان مضمرا بني على حركة كالكاف في (ضربتك) والتاء في (قمت)، وكذلك الياء وجب أن تكون مبنية على حركة لأنها علامة إضمار وهي خلف من المعربة، والدليل على ذلك قوله: ﴿وما أدراك ماهيه﴾ [القارعة: 10]، ﴿حسابيه﴾ [الحاقة: 20-26]، لأن الهاء إنما أوتي بها للسكت لتبين بها حركة ما قبلها[36].

قوله تعالى: ﴿فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه…﴾ [البقرة: 36]. قرأ أبو عمرو “فأزلهما” بغير ألف وتشديد اللام، من “الزلل” أي أوقعهما في الزلة بفتح: والمراد بها المعصية، وهي الأكل من الشجرة، وحجة قوله تعالى: ﴿إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا﴾ [آل عمران: 155]، أي أكسبهم الزلة، فليس للشيطان القدرة على زوال أحد من مكان إلى مكان، إنما قدرته على إدخال الإنسان في الزلل، فيكون ذلك سببا إلى زواله من مكان إلى آخر بذنبه، ويقوي ذلك أنه قال في موضوع آخر: ﴿فوسوس لهما الشيطان﴾ [الأعراف: 20]، والوسوسة إنما هي إدخالها في الزلل بالمعصية، وليست الوسوسة بإزالة منه لهما من مكان إلى مكان، إنما هي تزيين فعل المعصية، وهي الأكل من الشجرة[37].

قال الشاطبي في حرزه:

وفي فأزل اللام خفف لحمزة           وزد ألفا من قبله فتكملا

تعين للباقين؛ (أي من ضمنهم أبو عمرو البصري) القراءة بتثقيل اللام (أي بتشديدها) من غير ألف.

قوله تعالى: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه…﴾ [البقرة: 37].

قرأ أبو عمرو برفع ميم (آدم) ونصب تاء “كلمات بالكسرة، والتاء مكسورة في حال النصب، على سنن العربية، على إسناد الفعل إلى “آدم” وإيقاعه على “كلمات”[38]، وحجته في ذلك أن الله تعالى لما علم آدم الكلمات فأمره بهن تلقاهن بالقبول[39].

قال أبو علي: “ومما يشهد للرفع قوله تعالى: ﴿إذ تلقونه بألسنتكم…﴾ [النور: 15]، فأسند الفعل إلى المخاطبين، والمفعول به كلام يتلقى كما أن الذي تلقاه آدم كلام متلقى، فكما أسند الفعل إلى المخاطبين فجعل التلقي لهم، كذلك يلزم أن يسند الفعل إلى آدم، فيجعل التلقي له دون الكلمات[40] بمعنى أن آدم أخذ كلمات من ربه بالقبول ودعا بها.

قال الإمام الشاطبي:

وآدم فارفع ناصبا كلماته          بكسر وللمكي عكس تحولا

أمر أن يقرأ لكل القراء غير ابن كثير فتلقى آدم من ربه كلمات برفع آدم ونصب كلمات بالكسر… تم أخبر أن المكي وهو عبد الله بن كثير (ت 120ﮪ)عكس ذلك، وعكسه نصب آدم ورفع كلمات.

قوله تعالى: ﴿ولا يقبل منها شفاعة﴾ [البقرة: 48].

قرأ أبو عمرو “يقبل” بالتأنيث لإسناده إلى شفاعة وهي مؤنثة لفظا فهو ظاهر التلاوة، وبهذه القراءة قرأ أهل مكة، وهو الأصل[41].

قال الإمام الشاطبي:

ويقبل الأولى أنثوا (د) ون (حا) جز  ………………

إن المشار إليه بالحاء في (حا) جز وهو أبو عمرو قرأ ولا تقبل منها شفاعة بالتاء المثناه فوق التأنيث… وقيد كلمة الخلاف بقوله الأولى احترازا من قوله تعالى: ﴿ولا يقبل منها عدل﴾ [البقرة: 123]، لأن الفعل هنا مسند إلى مذكر وهو عدل فلا يجوز فيه إلا التذكير[42].

قوله تعالى: ﴿وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة…﴾ [البقرة: 51].

قرأ أبو عمرو “وإذ وعدنا” بغير ألف هنا، وفي الأعراف، وطه[43]، وعلته أن المفاعلة أكثر ما تكون من اثنين من البشر، والوعد من الله وحده كان لموسى، فهو منفرد بالوعد والوعيد، ولأن ظاهر اللفظ فيه وعد من الله لموسى، وليس فيه وعد من موسى، فوجب حمله على الواحد بظاهر النص، لأن الفعل مضاف إلى الله وحده[44].

وفعل وعد يتعدى إلى مفعولين، تقول: وعدت زيدا مكان كذا ويوم كذا، فالمفعول الأول “موسى” والمفعول الثاني “أربعين”، وفي الكلام حذف تقديره تمام أربعين، وليس أربعين ظرفا، إذ ليس المعنى وعده في أربعين[45].

قال الإمام الشاطبي في حرزه:

…………………….    وعدنا جميعا دون ما ألف (حا) لا

أخبر أن المشار إليه بالحاء من (حـ) لا وهو أبو عمرو قرأ (وعدنا) دون ألف أي بغير ألف بين الواو والعين، وقوله جميعا، أي في جميع القرآن في قصة موسى فقط وهو ثلاث مواضع “وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة هنا” و”ووعدنا موسى ثلاثين ليلة” بالأعراف، “ووعدنا لهم جانب الطور” بطه.

قوله تعالى: ﴿وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة يغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين﴾ [البقرة: 58].

قرأ أبو عمرو في رواية الرقيين في كل راء ساكنة أتت اللام بعدها بالإدغام نحو: “يغفر لكم، وينشر لكم”[46] وشبه، وهو ضعيف عند البصريين، وقد روي عنه الإظهار، وبالإدغام قرأ الداني على أبي القاسم عبد العزيز بن جعفر عن قراءته بذلك على أبي طاهر عن ابن مجاهد، وهي الطريق المسندة في التسيير، قال الداني في جامعه: وقد بلغني عن ابن مجاهد أنه رجع عن الإدغام إلى الإظهار اختيارا واستحسانا ومتابعة لمذهب الخليل وسيبويه قبل موته بست سنين، قال الإمام ابن الجزري: “إن صح ذلك عن ابن مجاهد فإنما هو في وجه إظهار الكبير، أما في وجه إدغامه فلا، لأنه إذا أدغم المتحركة في اللام فإدغامها ساكنة أولى وأحرى”[47].

قال العكبري: “والجمهور على إظهار الراء عند اللام، وقد أدغمها قوم، وهو ضعيف لأن الراء مكررة فهي في تقدير حرفين، فإذا أدغمت ذهب أحدهما، واللام المشددة لا تكرير فيها، فعند ذلك يذهب التكرير القائم مقام حرف”[48].

قال الإمام الشاطبي في حرزه:

وفيها وفي الأعراف نغفر بنونه         ولا ضم واكسر فاءه (حـ) ين ظلالا

فيها يعني في البقرة، ولا ضم يعني الفتح في النون، فتأخذ للغير بالضم وفتح الفاء، وضد النون الياء، ووجه النون أن قبله: (وإذا قلنا)، فهي نون العظمة فأشار بقوله: حين ظلالا إلى أنهم في ظل غفرانه سبحانه وتعالى[49].

قوله تعالى: ﴿ويقتلون النبيئين بغير الحق﴾ [البقرة: 61].

قرأ أبو عمر “النبيئين” بغير همز في هذا الباب حيث وقع، إلا قوله تعالى في: “الأنبياء” فإنه لا خلاف في إثبات الهمزة التي بعد الألف حيث وقع في حال الوصل[50]، وهو مأخوذ من “نبا” ـ ينبو” إذا ارتفع، فيكون “فعيلا” من الرفعة، والنبوة: الارتفاع، وإنما قيل للنبي “نبي” لارتفاع منزلته وشرفه، وتشبيها له بالمكان المرتفع على ما حوله، ويؤيد ذلك أن كل ما في القرآن من جميع ذلك على وزن (أفعلاء) نحو (أنبياء)، وهو دليل على أن الواحد منه بغير همز، كما جمع “ولي وأولياء”، ووصي وأوصياء، كما روي أن رجلا قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، (يا نبئ الله) قال: “لست نبئ الله، ولكني نبي الله”[51] قال أبو عبيد: كأنه كره الهمزة، أخرج الحديث الحاكم عن أبي ذر وصححه[52].

سمي الرسول نبيا لاهتداء الخلق به كالطريق، قال أوس بن حجر[53].

لأصبح رتما دقاق الحصى         مكان النبي من الكاثب

قال أبو محمد: “ترك الهمز في هذا الباب كله، أحب إلي لأنه أخف ولإجماع القراء عليه”[54].

قال الشاطبي: (وجمعا وفردا في النبيء وفي النبو//ءة الهمز كل غير نافع أبدلا جمعا وفردا في النبيء، وتقدير البيت كل القراء غير نافع أبدل الهمزة في لفظ النبيء مجموعا ومفردا، فالمجموع نحو (الأنبياء، والنبيئين، والنبيون)، والمفرد، نحو، النبيء، ونبئ، ونبيئا، وفي لفظ: النبؤة، أيضا يريد قوله تعالى: ﴿ ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة﴾”، بغير همز مأخوذا من فعل: نبا ينبو: إذا ارتفع شرفه وعلت منزلته، وسما قدره تشبيها له بالمكان المرتفع على ما حوله، والنبوة هي إذن، بهذا الارتفاع، وله حجة قوية يراها مبررة لاختياره هذه القراءة، ذلك أن الجمع من نبيء لم يرد في القرآن الكريم إلا على “أفعلاء” الذي لا يأتي من النعوت التي تكون من ذوات الواو والباء.

قوله تعالى: ﴿إن الذين ءامنوا والذين هادوا والنصارى والصابين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ [البقرة: 62].

قرأ أبو عمرو “والصابئين” بالهمز على الأصل، وهو من صبأ يصبأ إذا مال، وعلته أنه مأخوذ من صبأ فلان، إذا خرج من دين إلى دين[55]، وصبأ الرجل في دينه يصبأ إذا كان صابئا، وصبأ ناب الصبي يصبأ إذا طلع، وصبأت النجوم إذا ظهرت، والصابئ: التارك لدينه، الخارج منه، فلام الفعل همزة، فكذلك يجب أن تكون في الصابئين[56].

ذكر فائدة في هذه الآية:

قوله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين﴾ [البقرة: 62]، وقال في الحج (الآية: 17): “الصابئين والنصارى”، وقال في المائدة (الآية: 69): و”والصابئون والنصارى”، لأن النصارى مقدمون على الصابئين في الرتبة، لأنهم أهل الكتاب، فقدمهم في البقرة، والصابئون مقدمون على النصارى في الزمان، لأنهم كانوا قبلهم فقدمهم في الحج، وراعى في المائدة المعنيين، فقدمهم في اللفظ، وأخرهم في التقدير: والصابئون كذلك[57].

قوله تعالى: ﴿…وما الله بغافل عما تعملون، أفتطمعون أن يومنوا لكم…) [البقرة: 74- 75].

قرأ أبو عمرو “تعملون”، أفتطمعون” بتاء الخطاب جريا على نسق ما قبله من قوله تعالى: ﴿ثم قست قلوبكم﴾ [البقرة: 74]، ولا اختلاف في “أفتطمعون” أنه بالتاء[58].

قال الشاطبي:

وبالغيب عما تعلمون هنا (د) نا  …………………..

أشار بقوله (د) نا إلى ابن كثير قرأ (تعلمون) بالياء، فتعين لأبي عمر البصري وغيره القراءة بالتاء، أي بتاء الخطاب.

قوله تعالى: ﴿بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئاته…﴾ [البقرة: 81].

قرأ أبو عمرو “خطيئته” بالتوحيد، وعلته أن الخطيئة ليست بشخص، فإذا لم تكن شخصا واشتملت على الإنسان جاز أن يقال: (أحاطت به خطيئته)[59]، وأول الخطيئة بمعنى الشرك، وتكون السيئة الذنوب، وهي بمعنى السيئات، ويجوز أن تكون الخطيئة في معنى الجمع، لكن وحدت كما وحدت السيئة، وهي بمعنى الجمع، فتكون كالقراءة بالجمع في المعنى، وحسن انفراد الخطيئة، وهي بمعنى الجمع إضافتها إلى مفرد في اللفظ بمعنى الجمع[60].

وفي (خطيئته) قراءتان، أحدهما: “خطيئاته” والأخرى “خطاياه”، والخطيئة في اللغة: الذنب، وبهذا جاءت القراءتان المتواترتان إفرادا وجمعا. أما القراءة الشاذة الأولى، فقد رويت على أن خطيئة صارت “خطية” بعد أن قلبت الهمزة ياء وأدغمت في الياء الزائدة، وهذا جائز في كل همزة وقعت بعد ياء ساكنة زائدة للمد وقبلها كسرة.

وأما جمع خطيئة على “خطايا” فهو جمع تكسير قياسي لـ “خطيئة”، والأصل “خطائئ بهمزتين، الولى مكسورة، والثانية مضمومة، على وزن “فعائل” ولما تجاوزت همزتان قلبت الثانية ياء للكسرة التي قبلها فصار الجمع “خطائي فاستثقلت الياء المحركة فقلبت ألفا فصار الجمع “خطائا”، وفي هذه الصيغة تكون الهمزة واقعة بين ألفين مما يجعلها خفية في السمع، لذا قلبت ياءا فجاءت الصيغة الأخيرة “خطايا” وقيل عنها “هي الصيغة القياسية.

ويرى سيبويه أنه لا قلب فيها، ولكنه أبدل من الهمزة الثانية التي هي لام الفعل ياء، ثم أبدل منها ألفا، فوزنه عند سيبويه “فعايل” محولة من فعائل”[61].

قال الشاطبي:

خطيئته التوحيد على غير نافع    …………………….

أشار أن السبعة إلا نافعا قرؤوا وأحاطت به خطيئته بالتوحيد كما نطق، فتعين أن نافعا قرأ خطيئاته بزيادة ألف الجمع وهو جمع السلامة.

قوله تعالى: ﴿وإذا آخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا…﴾ [البقرة: 83].

قرأ أبو عمرو: “لا تعبدون” بتاء الخطاب حكاية لما خوطبوا به، وليناسب قوله تعالى: “وقولوا للناس” في الآية نفسها[62].

قال الشاطبي:

ولا يعبدون الغيب (ش) أيع (د) خللا   …………………….

قوله تعالى: ﴿تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان، وإن ياتوكم أسارى تفادوهم﴾ [البقرة: 85].

قرأ أبو عمرو “تظاهرون” بتشديد الظاء على إدغام التاء في الظاء لشدة المخرج، وحجته أنه كره الحذف، فأدغم التاء الثانية في الظاء، فزال لفظ التكرير، وحسن الإدغام لأنك تبدل من التاء في التاء في الإدغام حرفا أقوى من التاء، وهو الظاء[63].

قال الشاطبي:

وتظاهرون الظاء خفف (ث) ابتا   ………………….

قرأ أبو عمرو “أسارى” بضم الهمزة، وفتح السين وإثبات الألف بعدها، جمع “أسرى” فيكون “أسارى” جمع الجمع (قرأه بالإمالة).

قرأ أبو عمرو: تفدوهم “بفتح التاء وإسكان الفاء من غير ألف بعدها من “فدى” المجرد، وحجته أنه بناه على أحد الفريقين يفدي أصحابه من الفريق الآخر بمال أو غيره، من عرض، وكذلك العادة في المغلوب، وهو يفدي ما أخذ له الغالب، فالفعل من واحد، إذ لا يكون كل واحد من الفريقين غالبا، وحينئذ فأحد الفريقين يفدي أصحابه من الفريق الآخر.

ومعنى هذه القراءة “تفدوهم” أي تشتروهم من العدو، وعلته، في ذلك: أن في دين اليهود ألا يكون أسير من أهل ملتهم في إسار غيرهم، وأن عليهم أن يفدوهم بكل حال، وإن لم يفدهم القوم الآخرون، كذا قال ابن عباس[64].

قوله تعالى: ﴿وما الله بغافل عما يعملون﴾ [البقرة: 85]

قرأ أبو عمرو: “تعملون بتاء الخطاب، لمناسبة قوله تعالى: ﴿وإذا آخذنا ميثاقكم﴾ [البقرة: 84] في الآية قبلها، تكرر الخطاب حمل عليه، وهو الاختيار لكثرة ما قبله من الخطاب، ولأن أكثر القراء عليه[65].

قوله تعالى: ﴿وءاتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس﴾ [البقرة: 87].

قرأ أبو عمرو: “القدس” بضم الدال وهو الأصل، وهو الاختيار، لإجماع القراء عليه، ولقلة حروف الكلمة وخفتها، وروح القدس أراد به جبريل، وقيل روح عيسى، ووصفها به لطهارته عن مس الشيطان، أو لكرامته على الله تعالى، ولذا أضافه إلى نفسه، أو لأنه لم تضمه الأصلاب[66].

قال الشاطبي:

وحيث آتاك القدس إسكان داله          (د) واء وللباقين بالضم أرسلا

ابن كثير قرأ القدس حيث وقع بالإسكان، فتعين للباقين ومن ضمنهم أبو عمرو البصري القراءة بضم الدال.

قائمة المصادر والمراجع المعتمدة

  • القرآن الكريم، رواية ورش عن نافع، العد المدني الأخير.
  • إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر، أحمد محمد البنا، (ت 1117ﮪ)، تحقيق وتقديم: د/ شعبان محمد إسماعيل، الطبعة الأولى، مكتبة الكليات الأزهرية، سنة 1987م.
  • إعراب القرآن للعكبري، دار الكتب العلمية، ط/1، بيروت، 1979م.
  • إملاء ما من به الرحمان من وجوه الإعراب والقراءات، لعبد الله العكبري (ت 616ﮪ)، الطبعة الأولى، دار الفكر، بيروت، 1986م.
  • الإبانة عن معاني القراءات، لمكي بن أبي طالب القيسي (ت 437ﮪ)، تقديم وتحقيق وتعليق: د/عبد الفتاح إسماعيل شلبي، دار النهضة، مصر.
  • الإتقان في علوم القرآن، لجلال الدين السيوطي (ت 911ﮪ)، دار الفكر.
  • بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، للفيروزبادي، تحقيق: ذ/ محمد علي النجار، سنة 1983، طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مصر.
  • البرهان في علوم القرآن، لعبد الله الزركشي (ت 797ﮪ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الثانية.
  • تاج العروس، لمرتضى الزبيدي، بيروت.
  • تحبير التيسير في قراءة الأئمة العشرة، لابن الجزري (ت 833ﮪ)، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت 1983م.
  • التبصرة في القراءات، لمحمد بن أبي طالب القيسي (ت 437ﮪ)، تحقيق وتعليق: د/محيى الدين رمضان، الطبعة الأولى، الكويت، 1985م.
  • التذكرة في القراءات، لعبد المنعم بن غلبون (ت 399ﮪ)، تحقيق: د/عبد الفتاح بحيري إبراهيم، الطبعة الثانية، القاهرة.
  • التعريف في اختلاف الرواة عن نافع، أبو عمرو الداني (ت 444ﮪ)، تحقيق: د/التهامي الراجي الهاشمي، 1982م.
  • التيسير في القراءات السبع، أبو عمرو الداني، عناية أو توبرتزل، الطبعة الثالثة، دار الكتاب العربي، بيروت، 1985م.
  • جمال القراء وكمال الإقراء، لعلم الدين السخاوي (ت 902ﮪ)، الطبعة الأولى، مكتبة التراث، مكة المكرمة، 1987م.
  • الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (ت 671ﮪ)، الطبعة الثانية، القاهرة 1935م، والطبعة الثالثة، دار الكتاب، 1967م.
  • حجة القراءات، لأبي زرعة زنجلة، تحقيق: سعيد الأفغاني، الطبعة الرابعة، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1984م.
  • الحجة في القراءات السبع، لابن خالويه (ت 370ﮪ)، تحقيق وشرح: د. عبد العال مكرم، الطبعة الخامسة، مؤسسة الرسالة، 1990، مراجعة: محمد علي النجار، الطبعة الثانية، مصر، 1983م.
  • الحجة في علل القراءات السبع، لأبي علي الفارسي (ت 377ﮪ)، تحقيق جماعة من أساتذة.
  • سراج القارئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي، لابن الحسن الفاصح، دار الفكر، 1981م.
  • سنن ابن ماجة (ت 275ﮪ)، تعليق: محمد فؤاد، دار الفكر.
  • سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، الطبعة الثانية، مصر، 1969م.
  • سنن الترمذي (ت 279ﮪ)، تحقيق وشرح: أحمد شاكر، المكتبة الإسلامية.
  • سنن الدارمي (ت 255ﮪ)، دار الكتب العلمية، بيروت.
  • الصحاح في اللغة والعلوم، للجوهري، إعداد: نديم مرعشلي وأسامة المرعشلي، بيروت، 1975م.
  • طبقات الشعراء، للقاسم بن سلام (ت 224ﮪ)، المطبعة المحمودية.
  • غيث النفع في القراءات السبع، لعلي النوري الصفاقسي (ت 1118م)، بهامش سراج القارئ.
  • غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري، القاهرة، 1932م.
  • كتاب السبعة في القراءات، لابن مجاهد (ت 324ﮪ)، تحقيق: د/شوقي ضيف، دار المعارف، الطبعة الثانية.
  • الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها، لمكي بن أبي طالب القيسي، تحقيق: د/ محيي الدين رمضان، الطبعة الثالثة، مؤسسة الرسالة، 1984م.
  • معرفة القراء على الطبقات والأعصار، لعبد الله الذهبي (ت 748ﮪ)، تحقيق: بشار عواد ومعروف شعيب الأرناؤوط وصالح مهدي عباس، الطبعة الأولى، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1984.
  • متن الجزرية، نظم ابن الجزري (ت 833ﮪ)، ضمن مجموع المتون.
  • مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت 241ﮪ)، المكتب الإسلامي، دار صادر، بيروت.
  • مناهل العرفان في علوم القرآن، الزرقاني، دار إحياء الكتب 1372ﮪ، الطبعة الثالثة، 1953م.
  • منتهى الأماني والمسرات في علوم القراءات، للشيخ محمد البناء، الطبعة الأولى، بيروت، 1987م.
  • المستنير في تخريج القراءات المتواترة، د/محمد سالم محيسن، دار الجيل، الطبعة الأولى، بيروت، 1989م.
  • المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة، د/محمد سالم محسين، الطبعة الثانية، دار الجيل، بيروت، 1988م.
  • المقنع في رسم المصاحف، لأبي سعيد الداني (ت 444ﮪ)، تحقيق: محمد صادق قمحاوي، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة.
  • المهذب في القراءات الأربعة عشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر، د/محمد سالم محسين، الطبعة الثانية، مكتبة كليات الأزهرية، 1389ﮪ.
  • الميسر في القراءات الأربعة عشر، لمحمد فهد خاروف، مراجعة: محمد نديم راجح، دار ابن كثير، الطبعة الأولى، 1985م.
  • النجم الطالع في أصل مقرأ الإمام نافع، لابن بري، بدون طبعة.

النشر في القراءات العشر، لابن الجزري (ت 833ﮪ)، تصحيح: علي محمد الضباغ، دار الكتب العلمية، بيروت.

انظر العدد 19 من مجلة الإحياء

القراءات القرآنية وأثرها في الدراسات النحوية.. أبو عمرو البصري: القراءات والتوجيه

الهوامش

  1. رواه ابن ماجة، ج 4/5028. مسند الإمام أحمد، 2/437. سنن الدارمي، 2/437. سنن أبي داود، 1/58-59. وسنن الترمذي، 5/2907 و2908.
  2. ترجمته في معرفة القراء، للذهبي، 1/83 إلى 87. غاية النهاية، لابن الجزري، 1/288. جمال القراء، للسخاوي، 2/453.
  3. النشر في القراءات العشر، 1/134.
  4. طبقات الشعراء، لابن سلام، ص: 11.
  5. المعاجم اللغوية بتصرف.
  6. البرهان في علوم القرآن، 1/318.
  7. منجد المقرئين ومرشد الطالبين، ص: 61.
  8. مناهل العرفان في علوم القرآن، 1/418.
  9. إتحاف فضلاء البشر، 1/5.
  10. الإبانة عن معاني القراءات، للقيسي، ص: 80.
  11. النشر، 1/52.
  12. نفس المصدر، 1/52.
  13. الميسر في القراءات الأربعة عشر، لمحمد فهد خاروف، ص: حرف (ز).
  14. التعريف في اختلاف الرواة عن نافع، ص: 71.
  15. النشر، 1/9.
  16. متن الجزرية، نظم ابن الجزري، ضمن مجموع المتون.
  17. النشر، 1/10.
  18. منجد المقرئين، ص: 65.
  19. التعريف، ص: 72.
  20. هو أبو عمران عبد الله بن عامر بن زيد بن تميم بن ربيعة اليحصبي، إمام جامع دمشق وقاضيها في خلافة الوليد بن عبد الملك، وشيخ الإقراء بها إمام كبير، وتابعي جليل، وليس في القراء السبعة ولا العشرة من العرب غيره وغير أبي عمرو فهما العربيان وحدهما والباقون هم موالي، توفي بدمشق سنة ثمان عشرة ومائة، ورجاله أبو الدرداء وعويمر بن عامر صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والمغيرة بن أبي شهاب المخزومي، وأخذ أبو الدرداء عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أخذ المغيرة عن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم. أنظر ترجمته في تحبير التيسير، لابن الجزري، ص: 15إلى 18. النشر 1/134.
  21. نعني بالباقين؛ أي المتبقين من القراء السبعة، ابن كثير، نافع، أبو عمرو والكوفيون (حمزة وعاصم والكسائي).
  22. الكشف، 1/131.
  23. المقنع في رسم مصاحف الأمصار، للداني، ص: 87- 88.
  24. غيث النفع في القراءات السبع، للصفاقسي، ص: 17.
  25. النجوم الطوالع لابن بري، ص: 183.
  26. سراج القارئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي، لابن الفاصح، ص: 148.
  27. الحجة في القراءات السبع لابن خالويه، ص: 65- 66.
  28. الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 1/185.
  29. منتهى الأماني والمسرات في علوم القراءات، 1/377.
  30. الحجة في علل القراءات، 1/254.
  31. الكشف، 1/229.
  32. إعراب القرآن، 1/23.
  33. هذه الأحرف على ترتيبها في سورة الحج الآية: 46، الفرقان الآية: 5، العنكبوت الآية: 64، القصص الآية: 61.
  34. وهي قوله تعالى: “ثم هو يوم القيامة من المحضرين” [القصص: 61]، وقوله تعالى: “أولا يستطيع أن يمل هو…” [البقرة: 282]. فكأن هاتين الكلمتين نزلتا منزلة الكلمة الواحدة فضم الهاء فيه، وقرأ بالإسكان فيما بقي، إلا أن ابن غلبون ذكر أن أبا عمرو خالف فقط في موضع واحد في سورة القصص: الآية: 61، راجع التذكرة في القراءات، 2/311.
  35. وهذه أول ياء ذكرت في القرآن الكريم من ياءات الإضافة المختلف فيها، وجملتها مائتان وإثنتا عشرة آية، زاد الداني: اثنتين وهما: “أتاني الله” [النمل: 36]، “فبشر عبادي الذين” [الزمر: 16-17]، أنظر غيث النفع، ص: 33.
  36. حجة القراءات، لأبي زرعة، ص: 93.
  37. التبصرة في القراءات، للقيسي، ص: 148. الكشف، 1/236. المستنير، 1/18. والمهذب، 1/53.
  38. التاء في “كلمات” محفوظة في اللفظ.
  39. الحجة، لابن خالويه، ص: 75. التبصرة، ص: 148. الكشف، 1/237. اتحاف، 1/388. المهذب، 1/53. المستنير، 1/19.
  40. الحجة، للفارسي، 2/34.
  41. الحجة في القراءات، ص: 76. الكشف، 1/238. اتحاف، 1/390.
  42. سراج القارئ، ص: 150.
  43. وحرفاهما: 142- 78.
  44. الكشف، 1/239.
  45. إملاء ما من به الرحمان من وجوه الإعراب والقراءات، للعكبري: 1/3.
  46. هذا الحرف 16 في الكهف.
  47. النشر، 2/13.
  48. إملاء، 1/45.
  49. إبراز المعاني، ص: 327.
  50. التذكرة في القراءات، لابن غلبون، 2/315.
  51. قال السيوطي: “الحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب التفسير باب قراءات النبي، صلى الله عليه وسلم، مما لم يخرجاه وقد صحح سنده، ج 2/251، من طريق حمران بن أعين عن أبي الأسود الدؤلي عن أبي ذر قال: “جاء أعرابي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبيئ الله فقال ليس بنبيئ الله ولكني نبي الله، قال الذهبي: حديث منكر”، أنظر الإتقان في علوم القرآن، 1/98.
  52. حجة القراءات، لابن زنجلة، ص: 99- 100.
  53. الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 1/431.
  54. الكشف، 1/245.
  55. الحجة في القراءات، لابن خالويه، ص: 81. إملاء، 74.
  56. الحجة في علل القراءات، 2/77. الكشف، 1/246.
  57. بصائر ذوي التمييز، للفيروزبادي، 1/144- 145.
  58. الجامع لأحكام القرآن، 1/431.
  59. حجة القراءات لابن زنجلة، ص: 102. التيسير، ص: 74.
  60. الكشف، 1/249.
  61. الصحاح للجوهري، مادة خطأ خطئ. تاج العروس للزبيدي، نفس المادة.
  62. المهذب، 1/62.
  63. الكشف، 1/250. التبصرة، ص: 151. اتحاف، 1/401. المهذب، 1/63.
  64. كتاب السبعة في القراءات، لابن مجاهد، ص: 164. حجة القراءات لابن زنجلة، ص: 105. التبصرة، ص: 151. الكشف، 1/252.
  65. الكشف، 1/153. التيسير، ص: 74. المهذب، 1/64.
  66. الكشف، 1/253. إتحاف، 1/403. المهذب، 1/64. المستنير، 1/27.
Science
الوسوم

د.علي البودخاني

أستاذ بكلية الشريعة

فاس-سايس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق