الإمام أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي (المتوفى سنة 895 هـ)
- اسمه ونسبه ومولده
هو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي نسبة لقبيلة بالمغرب تسمى بني سنوس، ويلقب أيضاً بالحسني نسبة للحسن بن علي بن أبي طالب من جهة أم أبيه، وهو تلمساني أيضاً نسبة إلى بلدة تلمسان. لم يتم تحديد تاريخ ولادته بشكل دقيق إلا أنه من المتفق عليه بين أغلب المؤرخين أنه ولد بعد سنة 830 للهجرة[1].
كان رحمه الله إماما عالما علما من أئمة أهل السنة والجماعة، متفننا صالحا زاهدا خاشعا أستاذا ومحققا. وقد قام علماء الإسلام بالوقوف ضد تيارات الفلسفة المنحرفة وبيان خطأ من قال بها، ووقفوا ضد الفرق التي ظهرت في المجتمع الإسلامي في تلك الآونة، فبينوا ما وقع فيها من الخروج عن تعاليم الإسلام، وكان ممن وقف في وجه هذا التيار هذا العالم الجليل.
- شيوخه
من جملة الشيوخ الذين أخذ عنهم: أبو يعقوب يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي، وأبو الحسن علي بن محمد السنوسي الشهير بالتالوتي الأنصاري (ت895ﻫ)، ومحمد بن الحسن بن مخلوف بن مسعود المزيلي الراشدي، أبو عبد الله الشهير بـ: أبركان، (ت868ه)، ومحمد بن قاسم بن تُوزتْ وقيل تومرت، التلمساني السنوسي، وأبو الحسن علي بن محمد البسطي القرشي الشهير بالقلصادي الأندلسي (ت891ﻫ)، ونصر الزواوي التلمساني، ومحمد بن أحمد بن عيسى المغيلي الشهير بالجلاب التلمساني. (ت875ﻫ)، وأبو الحجاج يوسف بن أحمد بن محمد الشريف الحسني أخذ عنه القراءات، وأبو عبد الله محمد بن العباس العبادي الشهير بـ"ابن العباس"(ت871ﻫ) أخذ عنه الأصول والمنطق، وأخذ عن العالم العدل أبي عبد الله محمد بن أحمد بن الحباك علم الاسطرلاب. (ت868ﻫ)، وأبو القاسم الكنابشي البجائي، وإبراهيم بن محمد بن علي اللنتي التازي (ت866ﻫ)، وأبو زيد عبد الرحمن الثعالبي، وأبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي (ت884ﻫ).
تلاميذه:
- وأخذ عنه العلم جماعة منهم: محمد بن إبراهيم بن عمر بن علي، أبو عبد الله الملالي نسبته إلى بني ملال بالمغرب، التلمساني (898ﻫ) ، ومحمد بن أبي الفضل بن سعيد بن صعد (ت901ﻫ)، وبلقاسم بن محمد الزواوي (ت922ﻫ)، ومحمد بن أبي مدين التلمساني (ت915ﻫ)، ومحمد بن محمد بن العباس التلمساني، الشهير بـ "أبي عبد الله" الشيخ الفقيه النحوي العالم (كان حيا في حدود سنة (920ﻫ) ، وأبو عبد الله محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي، التلمساني توفي سنة (909ﻫ) ، وأحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي الشهير بزروق(ت899ﻫ)، ومحمد بن عبد الرحمن الحوضي، الفقيه الأصولي التلمساني، العالم الشاعر المكثر، (ت910ﻫ).
- أقوال العلماء في الإمام السنوسي رحمه الله
قال تلميذه الملالي: "له في العلوم الظاهرة أوفر نصيب، جمع من فروعها وأصولها السهم والتعصيب، كان لا يتحدث في فن إلا ظن سامعه أنه لا يحسن غيره سيما في التوحيد والمعقول، شارك غيره فيها وانفرد بعلوم الباطن بل زاد على الفقهاء، مع معرفة حل المشكلات سيما التوحيد، لا يقرأ علم الظاهر إلا خرج منه لعلوم الآخرة سيما التفسير والحديث لكثرة مراقبته لله تعالى، كأنه يشاهد الآخرة. سمعته يقول: ليس من علوم الظاهر ما يورث معرفته تعالى ومراقبته إلا علم التوحيد، وبه يفتح في فهم العلوم كلها، وعلى قدر معرفته يزداد خوفه".
ومن خُلقه رحمه الله أنه كان حليماً كثير الصبر ربما يسمع ما يكره فيتعامى عنه ولا يؤثر فيه، بل يبتسم، وكان هذا شأنه في كل ما يغضبه. وقال الملالي: سمعته يقول: "ينبغي للإنسان أن يمشي برفق وينظر أمامه لئلا يقتل دابة في الأرض".
وقال فيه أبو عمران موسى بن عقدة الأنصاري كلما ذكر علم الكلام: "ما رأيت من غربل هذا العلم مثل هذا الرجل" يعني الإمام السنوسي رحمه الله، ولعل مثل هذه الشهادات كفيلة بأن تبرز لنا المكانة العالية التي شغلها الإمام السنوسي رحمه الله في التقريب العقدي بالمغرب وكذا من خلال مؤلفاته.
- وفاته
لما مرض السنوسي رحمه الله بمرض الموت انقطع عن المسجد ولازم فراشه حتى مات، ومرض عشرة أيام ولما احتضر لقنه ابن أخيه مرة بعد مرة فالتفت اٍليه وقال: "وهل ثم غيرها". وتوفي يوم الأحد 18 جمادى الآخرة سنة 895 للهجرة.
قال تلميذه الملالي: وأخبرني قبل موته بنحو عامين أن سنه خمس وخمسون سنة. قال التنبكتي في نيل الابتهاج: "ورأيت مقيدا عن بعض العلماء أنه سأل الملالي عن سن الشيخ فقال له: مات عن ثلاث وستين سنة والله أعلم."
- مؤلفاته
ألف رحمه الله مجموعة من التآليف اعتبر البعض منها عمدة أهل المغرب والمشرق في العقيدة الأشعرية:
- الشرح الكبير على الحوفية: ألفه وهو ابن تسعة عشر عاماً
- العقيدة الكبرى مع شرحها: عمدة أهل التّوفيق والسّداد
- العقيدة الوسطى، وشرحها
- العقيدة الصغرى أم البراهين وشرحها
- شرح العقيدة الصغرى
- عقيدة صغرى الصغرى
- عقيدة صغرى صغرى الصغرى
- توحيد أهل العرفان وتوحيد الله بالدليل والبرهان
- المقدّمات وشرحها
- شرح نظم الحوضي في العقائد
- رسالة: الدّهريّة، في العقيدة
- شرح مرشدة ابن تومرت
- المنهج السّديد في شرح كِفاية المريد
- مختصر حاشية التّفتازاني على الكشّاف
- مختصر في القراءات السّبع
- مكمل إكمال الإكمال
- شرح جواهر العلوم للعضد
- اختصار كتاب الرّعاية لحقوق الله
- اختصار كتاب بغية السّالك إلى أشرف المسالك
- شرح مختصر ابن عرفة
- شرح ايساغوجي في المنطق
- مختصر الرّوض الأنف للسّهيلي في السّيرة
- شرح قصيدة الحباك في الاصطرلاب
- تهذيب شرح السنوسية.
هامش المقال:
[1] ـ انظر ترجمته في: المواهب القدوسية في المناقب السنوسية للإمام أبي عبد الله محمد بن عمر الملالي التلمساني تحقيق وتعليق: علال بوربيق بحث مقدم للمشاركة في المسابقة الدولية لإحياء التراث الجزائر 1429 هـ 2088م. والبستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان، لابن مريم ص: 237، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، لأحمد بابا التنبكتي ص: 563، وتعريف الخلف برجال السلف، لأبي القاسم محمد الحفناوي ج:1 ص 176، و شجرة النور الزكية في طبقات المالكية: محمد بن محمد مخلوف، ص 266. وثبت أبي جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي ص: 436/446 تحقيق عبد الله العمراني، دار الغرب الإسلامي، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر الطبعة الأولى 1403هـ 1983م، ومعجم أعلام الجزائر لعادل نويهض ص: 180/181 الأعلام:8/29 -30، ومعجم المؤلفين، ج: 12 ص:132، والأعلام للزركلي، ج: 5 ص:301. [i] ودوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر، لابن عسكر الحسني، تحقيق محمد حجي، ط.2، مطبوعات جار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، ص. 121.