وحدة المملكة المغربية علم وعمرانأعلام

أعلام وأدباء العدوتين الرباط و سلا

الحلقة السابعة : أحمد بن قاسم جسوس

ولد أحمد بن قاسم جسوس بالرباط في حدود سنة 1270ھ/1862م، الفاسي الأصل، الرباطي الدار، من أسرة ميسورة، وقد سهر والده على تربيته وتكوينه تكوينا حسنا، وخلال المرحلة الأولى من تعلمه بمسقط رأسه برباط الفتح درس المترجم له على شيوخ الرباط في وقته، فحفظ القرآن الكريم، والمتون والمنظومات العلمية، ثم رحل إلى فاس، فأخذ عن كبار شيوخها، فبلغ الشيخ أحمد بن قاسم جسوس بهذه المسيرة العلمية الحافلة شأنا عظيما، فكان رحمه الله  فقيها معلما وأديبا شاعرا متميزا في عصره …

  ولد أحمد ابن قاسم جسوس في أسرة ميسورة، نشط أبناؤها في ميادين العلم والتجارة والخدمة المخزنية، وقد سهر أبوه الذي كان يعمل أمينا في الجهاز المخزني، على تربيته وتكوينه تكوينا أصيلا، ارتكز بالأساس على الدراسات القرآنية والفقهية واللغوية والأدبية، وخلال المرحلة الأولى من تعلمه بمسقط رأسه برباط الفتح، تمكن المترجم من حفظ القرآن الكريم، وحفظ منظومات النحو وماشابهها من المتون التي كان يتسلح بها كل مقبل على الدراسة في عصره…[1].

وكانت قراءته على شيوخ الرباط في وقته كالولي الصالح أبي المواهب سيدي العربي بن السائح، وشيخ الجماعة أبي إسحاق التادلي، والعلامة الصوفي أبي حفص الحاج عمر عاشور، والقاضي أبي العباس ملين السابق وغيرهم [2].

  فكان فقيها معلما وأديبا شاعرا فأخذ عن ملحق الأحفاد بالأجداد، أبي العباس أحمد بن أحمد البناني، والشيخ الإمام أبي عبد الله الحاج محمد كنون، وسبيويه زمانه السيد عبد الواحد بن سودة، والمحقق الشريف أبي عبد الله محمد بن قاسم القادري، والعلامة الحافظ الحاج الطيب بن أبي بكر بن كيران وغير هؤلاء ممن كان في طبقتهم”[3].

  وجاء في كتاب الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام: “أخذ رحمه الله عن من الشيوخ بينهم في إجازته العامة لصحابنا الفقيه النبيه الأديب الأريب النسيب الحسيب الشريف سيدي محمد المدني ابن الفقيه النزيه الزمي محمد الغازي ابن الحسني العلمي، والعارف الشهير سيدي محمد العربي، ومنهم الإمام سيدي أحمد بناني ومنهم العلامة محمد كنون ومنهم العلامة سيدي الحاج  براهيم بن محمد التادلي، ومنهم العلامة سيدي الحاج محمد بن عبد الواحد بن سودة وغيرهم…. “[4].

  وإذا كانت له همة سامية لم يقف عند هذا الحد القصير، بل نظرا بعيدا فتوجه إلى مراكش وطنجة وتطوان ومصر والحرمين الشريفين، واجتمع بعلماء هذه البلاد، فأحذ وسمع واستجاز واستفاد  وكتب في ذلك كناشا خصوصيا، أتى في على تراجم كل من أخذ عنه وسمع منه، وذلك من جملة كتابته العلمية، وإنشاءاته النثرية، وله تعليق على الموطأ… [5].

ولاشك أن فترة التكوين والتحصيل وإشباع نهم وفضول المثقف بلغت منتهاها لدى أحمد بن قاسم أواخر القرن الثالث عشر، أي عندما بلغ من العمر نحو 30 سنة.

  وبعد العودة إلى الرباط اشتغل أول الأمر في الإشهاد والتوثيق مع القاضي علي بن أحمد دنية الرباطي، ثم اشتغل عدلا في أمانة المراسي بالدار البيضاء وطنجة، وفي البتيقة المراكشية أي الجهاز المالي المكلف بالصوائر المخزنية، إلا أن الرجل سرعان ما أنف من العمل في الوظيف المخزني، متعللا بضعف بنيته وبعدم القدرة على الاشتغال باستمرار في المهام المسندة إليه، ولهذا عاد إلى بلده، وتفرغ للتدريس والتأليف… [6].

  وأما  في حقل التدريس، فكان يلقي دروسه في الزاوية التيجانية لأنه كان تيجاني الطريقة، وكذلك في بالمسجد الأعظم بمسقط رأسه، …ومن بين أوجه النشاط الأدبي والثقافي، السائد في وقت المترجم له، تلكم المحاورات والمساجلات التي كانت تجري بين أدباء الوقت، فيتبادلون التهاني والتحيات، يتداولون بعضا من القضايا الفكرية والأدبية التي كانت تشغل بالهوم، وتثير قريحتهم، وذلك بواسطة تبادل قصائد شعرية أو نصوص نثرية، وهي طريقة التواصل والتحاور الوحيدة السائدة في وقتهم… [7]

وهكذا كان أحمد بن قاسم جسوس، فقيها معلما وأديبا شاعرا، بل فنانا، جماعا للكتب والمؤلفات، حتى تكونت لديه خزانة كانت تعد من أغنى الخزانات الخاصة في وقته، ولا شك أنه كان يمثل أحسن تمثيل هذا الجيل من المثقفين المغاربة والنشيطين والفاعلين في الحقل الثقافي بالمغرب، في فترة ما قبل الحماية… [8].

ومما ينسب إليه من مصنفات وتآليف نذكر ما يلي :

  • تعليق على الموطأ.
  • الإغراء مسائل الاستبراء.
  • افتتاح البخاري وختمه.
  • ختم الشمائل الموسوم بزهر الخمائل أو زهر الخمائل من دوحة الشمائل.
  • وله كذلك أشعار كثيرة لو جمعت لجاءات ديوانا. . [9]

   له نظم كثير، جمع بعضه في ديوان  صغير وكتب عدة  كنانيش خص أحدها بتراجم من لقيهم في أسفاره، من مغاربة ومشارقة، ولا تزال كتبه مخطوطة عند أسرته [10]. وقد وافاه الأجل وفاضت أنفاسه الزكية في ثالث عشر من ذي القعدة عام واحد وثلاثين وثلاثمائة وألف، ودفن بالزاوية الناصرية، وكان لالتحاقه بربه رنة أسف عميق رددت صداه أجواء الأسى والأنين[11].

[1] – معلمة المغرب (9/3024) من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والنشر والتوزيع مطابع سلا 1989م.

[2] –  الاغتباط في تراجم أعلام الرباط ص 256 الطبعة الثانية 2014م، دار المذهب للطباعة والنشر والتوزيع.

[3] –  الاغتباط في تراجم أعلام الرباط ص 256 الطبعة الثانية 2014م، دار المذهب للطباعة والنشر والتوزيع.

[4] –  الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام (2/466) الطبعة الثانية المطبعة المكية الرباط.

[5] –  أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا (2/36)

[6] – معلمة المغرب (9/3024) من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والنشر والتوزيع مطابع سلا 1989م.

[7] – معلمة المغرب (9/3024) من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والنشر والتوزيع مطابع سلا 1989م.

[8] – معلمة المغرب (9/3024) من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والنشر والتوزيع مطابع سلا 1989م.

[9] – معلمة المغرب (9/3024) من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والنشر والتوزيع مطابع سلا 1989م.

[10] – الأعلام للزركلي (1/199) الطبعة الخامسة عشر ار العلم للملايين.

[11] –  أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا (2/41).

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق