الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

 امتدت مدافن أعلام أيت تيدرارين أو أيت اِدرارين في كثير من مناطق المغرب (الصحراء المغربية- بلاد هزميرة إرجان- بلاد الحوز الكبير)، ابتداء من العصر الوسيط.

  العصر الوسيط :

 ذهب أكثر من باحث إلى أن سيدي حنين بن سرحان الأنصاري، الجد الثقافي لقبائل أيت تيدرارين، دفن بموضع لمسيد من بلاد الساحل. حيث ما زال قبره مزارا بشمال بوجدور[1]. وجعل غيرهم سيدي أبا يعزى يلنور الهزميري أحد أحفاد سيدي حنين الأنصاري. فسموه “أبا قبرين“، أحدهما بهزميرة إرجان، وثانيهما بزريبة لمسيد[2].

   العصر الحديث وما بعده :

 وُطّن مدفنُ سيدي أحمد بن إعز الأنصاري الشهير بسيدي أحمد بوغنبور، بوصفه مؤسسا لزاوية أيت تيدرارين، بالزريبة، مدفن أولاد حنين، بالساحل الأطلنتي قرب موضع مدينة بوجدور[3]. ودفن ابنه سيدي الطالب علي، بالموقع نفسه[4].

 ودُفنت حفيدة سيدي أحمد بوغنبور للا العيافة بنت عبد الرحمان أو بنت ميارة، بروضة بعض صلحاء قبيلتها، بوادي الساقية الحمراء. وقيل بفم الواد أو بأزيار العيافة، قرب العيون غربها[5]. ووُري جثمان حكيم الصحراء السيد البشير بن محمد بن البشير (بابي)، بروضة أسلافه، أهل الزريبة بالمسيد[6].

 واسترسل الباحث محمد دحمان في ذكر عدد من أعلام أيت تيدرارين، وتعيين مدافنهم، مثل “مقلش بن اعلي دفين النخيلة، وسيدي عبد الله امحمد دفين لكراع“، وعلم آخر غير سيدي أحمد بوغنبور السابق، يسمى “سيد أحمد أبو غمبور دفين اجريفية، وأحمد ولد يداس دفين الترتار (بئر شمال واد لكراع) وسيدي الغازي ولد بابا اعلي دفين اكطي الغازي وأحمد ولد إبراهيم دفين حاسي توزنين والعالم ولد محمد الشيخ دفين أوديات العالم وعيسى امنبراهيم دفين الساقية الحمراء وبابا اعلي (اعلي لعصام) دفين اكطي وباب اعلي جوار البحر شمال لمسيد وميارة ولد سيدي إبراهيم دفين تافراوت شمال فم الواد“. ومن الصالحات “لالة مالوكت زوجة باب اعلي المدفونة معه في اكطي باب اعلي جنوب لبلايا (العيون الشاطئ)“[7].

 وجرد الباحث عبد العزيز فعراس ثلاثا وثلاثين زاوية تيدرارية[8] من الممكن جدا أن تكون مدافن لأعلام وصلحاء القبيلة المذكورة. وذهب غيره إلى أن زاوية أهل الزريبة وحدها تضم أكثر من ألف قبر[9]. لعل كثيرا منها مدافن أعلام وصلحاء تيدراريين.

 وبذلك، شكلت خريطة مدافن أعلام أيت تيدرارين علائقية ثقافية وطنية كبرى، لا يمكن الحديث، انطلاقا منها، عن مجال صحراوي مغربي منفصل عن عموم التراب المغربي.

والله الموفق للصواب والمعين عليه.

الإحالات:

[1] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار: المواسم الدينية والملتقيات الثقافية استحضار للرمزية الروحية والتاريخية لقبيلة صحراوية، عبد العزيز فعراس، بتعاون مع: زهرة فعراس، الرباط، مطبعة طوب بريس، 2012 م، ص42؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور قبيلة الأنصار أولاد تيدرارين نموذجا، زهرة فعراس، الرباط، مطبعة طوب بريس، ط. الأولى، 2015 م، ص62؛ وزاوية أهل الزريبة مؤسسوها وأدوارها، زهرة فعراس، في: أدب الواحة تراث ثقافي لا مادي، مراكش، المطبعة والوراقة الوطنية، ط. الأولى، 2016 م، ص181، بتصرف؛ ومادة تيدرارين، أولاد، مصطفى ناعمي، في: معلمة المغرب، ج8، سلا، مطابع سلا، 1995 م، ص2658؛ والمادة نفسها، محمد دحمان، في: معلمة المغرب،ج26، ملحق (ج3)، الرباط، دار الأمان، ط. الأولى، 2014 م، ص197.

[2] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار، ص35، وص54؛ وزاوية أهل الزريبة مؤسسوها وأدوارها، ص181، وص182.

[3] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار، ص55، وص81؛ وأولياء وصلحاء الصحراء، إدريس نقوري، مطبعة DIMAGRAF، 2018 م، ص343؛ والمجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور، ص64، الهامش رقم 2؛ والساقية الحمراء: “صلحاء وزوايا”، مولود سنادي، في: الصحراء، الإنسان والمجال، تطوان، مطبعة الحمامة، ط. الأولى، 2017 م، ص171؛ والمقدس الولوي بالصحراء المغربية بحث في ظاهرة الصلاح والكرامة، عبد الرحيم العطري، في: ثقافة الصحراء مدارات الهوية والانتماء، مراكش، المطبعة والوراقة الوطنية، ط. الأولى، 2012 م، ص182؛ وزاوية أهل الزريبة مؤسسوها وأدوارها، ص183؛ ومادة تيدرارين، أولاد، في: معلمة المغرب، ج8، ص2659؛ وج26، ص198.

[4] مادة تيدرارين، أولاد، في: معلمة المغرب، ج8، ص2659.

[5] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار، ص55، وص81؛ وأولياء وصلحاء الصحراء، ص340؛ ومادة تيدرارين، أولاد، في: معلمة المغرب، ج26، ص198.

[6] راجع: أولاد تيدرارين الأنصار، ص55، وص56؛ ومادة التّيدراريني، بابي ولد محمد، محمد دحمان، في معلمة المغرب، ج26، ص199.

[7] مادة تيدرارين، أولاد، في: معلمة المغرب، ج26، ص198.

[8] أولاد تيدرارين الأنصار، ص81. راجع: المجتمع الصحراوي ومسألة تدبير الماء بمنطقة بوجدور، ص66؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي زاوية الأنصار أهل الزريبة، مصطفى حاضيه، في: أدب الواحة تراث ثقافي لا مادي، ص208؛ ومادة تيدرارين، أولاد، في: معلمة المغرب، ج8، ص2659؛ وج26، ص198.

[9] راجع: زاوية أهل الزريبة مؤسسوها وأدوارها، ص181، وص183؛ والزوايا والتصوف بالجنوب المغربي زاوية الأنصار أهل الزريبة، ص207.