وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

قصور مدينة مكناس من خلال إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لابن زيدان

الحلقة الثالثة :

قصر الستينية – قصر الدار البيضاء – قصر مولاى زيدان .

ومن القصور المربعة في هذا الدار، الجامعة أصناف المحاسن والفخار، قصر الستينية الفسيح الفائق، ذو المنظر البهج الذي تجسم فيه الانشراح، ورفرفت على طالعه الميمون أعلام الأفراح، وجر ذيول العجب على الزوراء… ينيف طوله على مائة متر، وعرضه على خمسين، كان له أيام شبابه مباح فسيج محيط بجوانبه الأربعة، محمول السقف على أعمدة الرخام الناصع البياض، على رأس كل عمود كرسي من المرمر البديع المزخرف بالنقش العالي المبرهن على كمال براعة الصانع واقتداره على إبراز كل  غريب فتان، تستوقف لطافته الأنظار، ويحير عجيب إتقانه النظار، اصطفت تحت ظل ذلك المباح الظليل أبواب قبب متقابلة بسائر جوانبه الأربعة، تتخللها دور وقصورها فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، تجسمت فيها الأبهة والبهاء، وحير وضعها الهندسي أهل النهى… [1].

ووجه تسمية هذا القصر بالستينية وجود قبب بها لها مزيد أبهة وبهاء، ومن جملته كونها مسقفة بالعمل المعروف عند أهل حرفة النجارة بالستيني، فأعطيت التسمية للقصر كله من باب تسمية الكل باسم الجزء الأعظم[2].

قصر الدار الكبيرة

ومن تأسيسات الأمير سيدي محمد هذا قصره البهيج الموسوم باسم الدار البيضاء، محل المدرسة الحربية الآن المعدة لتعليم ضباط المغاربة، أسس بهذا القصر الشامخ مسجدا منتظما من صفوف أربعة وصحن، وجعل له منارا ومستودعا لوضع آلات التوقيت، وأسس بجانبه الشرقي مدرسة لطيفة وأحاط السور بالفسيح الطويل العريض المعروف باسم أجدال، وأسس بصدر هذا الفسيح قبة مرونقة بديعة على جانب من الإتقان والتزويق مكين، وجعل بإزائها حماما له باب ينفذ إليها وكنيفا، وكل ما يحتاج إليه من منافع ومرافق بحيث لا يحتاج القاطن فيها إلى الخروج منها لما تدعو إليه الحاجة اللازمة للإنسان، أعد هذه القبة لفسحته، والجلوس لسماع مظالم رعيته، وأعد البسيط المذكور أمامها لرعي إناث الخيل العتاق…..[3]

قصر مولاي زيدان

ومنها قصر مولاى زيدان، ومنها قصر الشعشاع ولا يقصر قصر من هذه القصور عما فصلناه في القصر السابق قصر الستينية في الأبهة والزخرفة، وإن اختلفت أوضاعها في الاستطالة والتربيع، ولا يخلو واحد منها عن صروح شامخات يشرف منها على ضواحى مناظر مكناس الطبيعية المختلفة الشكل ما بين منخفض ومرتفع وأرجائه الأريجة، كما أنه لا يخلو واحد منها من مسجد للتعبد أو مساجد.

فمنها المسجد الأنيق الحافل ذو الصفوف التسعة، والأساطين الرخامية والقبة ذات الخصة العظيمة التي لا زالت قائمة إلى الزمان الحاضر، ومنها يدخل اليوم للضريح الإسماعيلى، طول هذه القبة كعرضها يبلغ طول هذا المسجد سبعا وثمانين مترا وعرضه تسعة أمتار وعشرون سنتيما، ويعرف هذا المسجد في العقود الحبسية بمسجد الرخام، والظاهر أنه إنما كان معدا للصلوات الخمس، فإن ثبت أنه كان للجمعة احتمل حينئذ أن يكون هو المراد بمسجد القصبة في قول أبي القاسم الزيانى: ولما ضاق مسجد القصبة أسس الجامع الأخضر أكبر منه[4].

[1] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  154 الطبعة الأولى 2008 م.

[2] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  154 الطبعة الأولى 2008 م.

[3] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  233  الطبعة الأولى 2008 م.

[4] – إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 1 ص  157  الطبعة الأولى 2008 م.

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق