مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةقراءة في كتاب

رسالة حول مسألة الفطر والصوم في السفر للعلامة محمد المفضل بن الهادي بن أحمد ابن عزوز المكناسي(ت1319هـ). تعريف وتوصيف

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحابته أجمعين.

وبعد؛

فإن الفقه الإسلامي هو روح الأمة الإسلامية، منه تتعلم أحكام شريعتها، وبه تعبد ربها، وعن طريقه تجد الجواب عما ينزل بها من قضايا وأحداث، لذا فقد أولوه علماء الأمة عناية فائقة، فألفوا فيه مؤلفات، وصنفوا فيه مصنفات تختلف كما وكيفا، منهجا وموضوعا، انطلاقا من حاجيات مجتمعهم، وما يتطلبه واقعهم؛ فتركوا مؤلفات كثيرة.

ومن أهمها: المؤلفات المتعلقة بالأجوبة أو والنوازل، أو المسائل أو والفتاوى الفقهية التي تمثل الفقه العملي. 

ومن العلماء الذين ألفوا في هذا الجانب العلامة محمد المفضل بن الهادي بن أحمد ابن عزوز المكناسي الذي  ألف رسالة حول مسألة الفطر والصوم في السفر  للإجابة على: ما الأفضل للمسافر الإفطار أم الصوم؟ وهي رسالة  مفيدة جدا  ولأهميتها أرتأيت التعريف بها في هذا المقال.

  أولا: التعريف بالمؤلف[1].

هو محمد المفضل بن الهادي بن أحمد ابن عزوز المكناسي، ولد بمكناسة مهد العلم والأدب،  أخذ رحمه الله العلم من علماء كبار، منهم: مبارك بن عبد الله الفيضي، والعباس بن كيران الفاسي، والعربي بن الطاهر بن المهدي بصري المدعو قطيطة المكناسي، والمهدي بادو، و المهدي بن سودة، وغيرهم.

وأخذ عنه جماعة من العلماء الأفذاذ منهم: إدريس بن اليزيد، وأبو عبد الله محمد بن عبد السلام الطاهري، وأبو عبد الله محمد العرائشي،  وأبو عبد الله محمد القصري العبدري، وأبو عبد الله المدعو الهويج، والتهامي بن عبد القادر المدعو الحداد، ومحمد بن العربي المنوني وخلق.

أثنى عليه جماعة من العلماء، منهم: العلامة ابن سودة، الذي قال في تحليته: “كان عالما مشاركا متبحرا مطلعا معروفا بالإجادة والإفادة”[2].

ترك العلامة ابن عزوز رحمه الله مجموعة من المؤلفات  منها:

الختم المبارك على الشمائل النبوية. مطبوع ضمن منشورات الرابطة المحمدية للعلماء بتحقيق: نجاة زنيزن، سنة: 1440 /2019.

شرح الألفية لم يكمل[3] .

شرح الهمزية كذلك لم يكمل[4].

شرح رجز سيدي العربي الفاسي في الذكاة[5].

قمع القامعة بالمقمعة ذوي الجحد والبدع المبتدعة.  منه نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط، تحت رقم: 12375[6].

كشف الرّان عن قلب مانع الزيارة ومفضّل الوظيفة عن القرآن أو إقامة الدليل و البرهان على مانع الزيارة ومدعي تفضيل الوظيفة على القرآن. منه نسختان بالخزانة الحسنية بالرباط تحت الرقمين: 11421-13723[7]، وأخرى بالمكتبة الوطنية بالرباط، تحت رقم: 186د، وأخرى بمؤسسة آل سعود بالدار البيضاء، تحت رقم: 424 /4 .

الكواكب الدرية في بعض ما يتعلق بألفاظ التسمية في معاني ألفاظ البسملة. صدر عن دار الكتب العلمية، بتحقيق: الهاشمي برعدي الحوات، سنة: 2019.

النصيحة الشافية النافعة للطريقة الدرقاوية. منه نسخة بالمكتبة الوطنية بالرباط، تحت رقم: 515/3د، وأخرى بمؤسسة آل سعود بالدار البيضاء، تحت رقم: 423 /1.

وفاته.

     توفي في شهر صفر عام تسعة عشر وثلاثمائة وألف ( 1319هـ )، ودفن بالزاوية الكنتية بمكناس مسقط رأسه [8].

ثانيا: التعريف بالرسالة.

هي رسالة ألفها العلامة ابن عزوز المكناسي للإجابة عن مسألة اختلف الفقهاء  فيها وهي: ما الأفضل للمسافر الإفطار أم الصوم؟ وهي مفيدة جدا  في الإجابة عن هذه المسألة.

قال رحمه الله في مقدمة رسالته هذه مبينا السبب الذي دفعه إلى تأليفها: “وبعد، فإنك أيها النجيب  الذكي، الفاضل الألمعي، سألت عن تحقيق ما وقع بين الفقيهين الجليلين الفاضلين المرضيين، من النزاع  والاختلاف فيما هو الأفضل للمسافر هل الفطر أو ضده؟  وأكثرت في الإلحاح مع شغل البال في هذا الوقت الغابر، إلا أنك  لم تحقق وجه الاختلاف، ولا أتيت بما يحصل  به لهما  أو لأحدهما الإنصاف، ومع ذلك أكثرت الذهاب والإياب، في طلب تقييد ما في المسألة ليزول الارتياب، فنهضت مستعينا بالله أقول، وعليه الاعتماد والمعول في المقول”[9].

ثم قدم للإجابة على هذه المسألة وبناء الحكم عليها بأمور، قال رحمه الله: “لا بد من تقديم أمور، إذ عليها ينبني الحكم في المسألة ويدور.

 أولها: هل الاختلاف إذا وقع ممدوح أو مذموم.

 ثانيها: إذا وقع في عبارة ما يخل بالتفاهم اليقيني بأن كانت محتملة لواحد من التخصيص، أو المجاز، أو الإضمار، أو النقل، أو الاشتراك، أو النسخ، أو اثنين منهما أو أكثر ما هو المقدم.

ثالثها: أن تعلم ما وقع من الخلاف في الرخصة هل هي معونة أو تخفيف؟ المبني عليها بطلانها بالحرام والمكروه وعدمه.

 رابعها: موضوع الآيتين: وهما قوله تعالى: (كتب عليكم الصيام) إلى قوله: (وأن تصوموا خير لكم)، وقوله جل من قائل: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)، إلى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) هل هو متحد أو مختلف؟

 خامسها: وجود الاختلاف في أصل المسألة لدى أصحاب الإمام مالك بن أنس أولا عند الصحابة رضوان الله عليهم وكذا الأئمة.

سادسها: ما في المسألة لدى أصحاب الإمام مالك بن أنس من الكلام، ومنه تعلم هل الصواب الصوم أو الإفطار؟ والفرض أن الموضوع مجرد السفر لا مع انضمام شيء آخر كضرر نفس أو هلاكها فإن الفطر لذلك.  نعم هل يأكل ما يرتفع به ضرره أو يشبع يجري على الخلاف في المضطر لأكل الميتة المشار له بقول خليل: “وللضرورة ما يسد”، وقول ابن أبي زيد صاحب الرسالة: “وللمضطر أن يأكل الميتة ويشبع  ويتزود”[10].

ثم فصل في الحديث عن كل نقطة من الأمور المذكورة، مركزا على المذهب المالكي متوسعا فيه، وأتى بأقوال أئمته مرجحا ومفضلا القول الذي ذهب إلى أن الصوم أفضل للمسافر، واستدل بمجوعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.

 وفي الختام أقول: إن رسالة العلامة ابن عزوز في الفطر والصوم في السفر صغيرة الحجم كثيرة الفائدة، قدم فيها رحمه الله جوابا شافيا كافيا عن مسألة ما الأفضل للمسافر الصوم أم الإفطار؟ 

هذه الرسالة مفيدة جدا، وأنا بصدد تحقيقها، راجيا من الله العلي القدير أن ييسر نشرها في قابل الأيام.

*اعتمدت في التعريف بهذه الرسالة على نسخة مخطوطة  بالمكتبة الوطنية بالرباط، ضمن مجموع، تحت رقم: 515د، ومعها في نفس المجموع مؤلفين آخرين لابن عزوز: شرح خاتمة الشمائل المصطفوية للترمذي، والنصيحة الشافية النافعة للطريقة الدرقاوية.

ومنها بمكتبة آل سعود بالدار البيضاء نسخة بعنوان: إجابة عن سؤال يتعلق باختلاف الفقهاء مع بيان هل الأفضل الصوم للمسافر أو ضده، تحت رقم: 454.

******************

هوامش المقال:

[1] من مصادر ترجمته:  إتحاف أعلام الناس(4 /369)، معجم طبقات المؤلفين على عهد دولة العلويين (2 /365-366)، إتحاف المطالع (1 /351)، التأليف ونهضته (ص: 250)، موسوعة أعلام المغرب (8 /2826).

[2]  إتحاف المطالع (1 /351).

[3]  إتحاف المطالع (1 /351).

[4]  إتحاف المطالع (1 /351).

[5]  إتحاف المطالع (1 /351).

[6]  كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية (ص: 361).

[7]  كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية (ص: 373).

[8]  إتحاف المطالع (1 /351).

[9]  رسالة حول الفطر والصوم في  السفر (ص: 91).

[10]  رسالة حول الفطر والصوم في  السفر (ص: 91 ـ 92ـ 93).

*****************

جريدة المصادر والمراجع:

إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن ابن زيدان. تحقيق: د.علي عمر. مكتبة الثقافة الدينية القاهرة.ط1. 1429هـ /2008م.

إتحاف المطالع بوفيات رجال القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة، تحقيق محمد حجي، دار -1996م الغرب الإسلامي ، بيروت – لبنان، ط.1، 1417هـ.

إجابة عن سؤال يتعلق باختلاف الفقهاء مع بيان هل الأفضل الصوم للمسافر أو ضده لمحمد المفضل بن الهادي بن أحمد بن عزوز المكناسي، نسخة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء، تحت رقم: 454.

التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري، مطبعة النجاح الجديدة البيضاء، ط1 1406هـ ـ 1985م.

 رسالة حول مسألة الفطر والصوم في السفر لمحمد المفضل بن الهادي بن أحمد بن عزوز المكناسي، نسخة المكتبة الوطنية بالرباط، تحت رقم: 515د.

شرح خاتمة الشمائل المصطفوية للترمذي لمحمد المفضل بن الهادي بن أحمد بن عزوز المكناسي، نسخة المكتبة الوطنية بالرباط، تحت رقم: 515د.

كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية إنجاز: عمر عمور، تقديم أحمد شوقي بنبين، منشورات الخزانة الحسنية، الرباط، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش- المغرب، ط.1. 1428/ 2007.

كشف الرّان عن قلب مانع الزيارة ومفضّل الوظيفة عن القرآن لمحمد المفضل بن الهادي بن أحمد بن عزوز المكناسي، نسخة المكتبة الوطنية بالرباط، تحت رقم: 186د،

كشف الرّان عن قلب مانع الزيارة ومفضّل الوظيفة عن القرآن لمحمد المفضل بن الهادي بن أحمد بن عزوز المكناسي، نسخة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء، تحت رقم: 424/4 .

معجم طبقات المؤلفين على عهد دولة العلويين لعبد الرحمن ابن زيدان. تحقيق: د.حسن الوزاني، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، ط1، 1430هـ/2009م.

موسوعة أعلام المغرب محمد حجي، دار الغرب الإسلامي ،  ط.1،  1996م.

النصيحة الشافية النافعة للطريقة الدرقاوية لمحمد المفضل بن الهادي بن أحمد بن عزوز المكناسي، نسخة المكتبة الوطنية بالرباط، تحت رقم: 515د.

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق