وحدة الإحياءمفاهيم

المقولات بين التعريف والتصريف: رؤوس أقلام.. لا رؤوس ألغام

تمثل المقولات مفاهيم انتقلت من مرحلة الأمشاج والتداخل إلى مرحلة الاكتمال، مما رشحها إلى أن تصاغ في قالب أسلوبي دقيق وموجز ومحكم.

غير أن نظرية المعرفة التي تبحث في مصادر المعرفة وطبيعتها وإمكانيتها وحدودها وأنواعها لا ينبغي لها أن تقتصر على هذه المجالات البحثية، وإنما يتعيّن عليها أن تقوم بوظيفة نقدية متواصلة.

وليست ضرورة النقد نابعة من التطورات الحاصلة في الحقول الداخلية للمفاهيم والمعارف، بل إن أهم مدخل للنقد هو تنزيل تلك المفاهيم في واقع الأفراد والمجتمعات؛ إذ التنزيل، مع أنه يقع خارج البناء الداخلي للمفاهيم، قادر على أن يعير تلك المقولات ويحكم عليها بالخطأ أو الصواب.

وهذا يكشف عن جدلية دقيقة في المقولات بين تعريفها التعريف الاصطلاحي والأكاديمي المحض، وتصريفها في واقع الأفراد والمجتمعات من خلال السعي إلى تنزيلها وممارستها، جدلية قد تفضح وهم الصفاء المقولاتي والسلامة الدلالية، وقد تفرض على المقولات إعادة النظر في مفاهيمها وصياغاتها.

وقد تبين لي أن هذه الجدلية لا تختص بمقولات تنتمي إلى بيئات علمية وحضارية خاصة، وإنما تعم مختلف البيئات، وقد سعيت إلى تنويع أمثلة الظاهرة، فاخترت مقولة من البيئة المعرفية والحضارية الإسلامية، ومقولة من البيئة المعرفية الغربية، على أن تفكك المقولة المنتمية إلى البيئة الغربية في قابل الدراسات.

وقد اختير من البيئة الأولى مقولة “البديل الإسلامي”، ومن الثانية مقولة: “العقلانية”.

مقولة البديل الإسلامي

يمكن محاورة هذه المقولة بمختلف آلياتها من خلال العديد من الزوايا، بدءًا بزاوية المفهوم والنشأة والتداول وانتهاءً إلى الإشكالات التصورية والعملية الناجمة عن تلك المقولة.

فمن حيث المفهوم، يمكن القول إن مقولة “البديل الإسلامي” يقصد بها: “الحلول التي يقدمها الإسلام في التربية والحكم والإدارة والاقتصاد والفنون والعلاقات الدولية وغيرها من مناشط الحياة إخراجا للإنسانية من ظلمات النظم إلى نور الإسلام”.

وقد أخذت هذه المقولة في الانتشار غداة استقلال العديد من الدول العربية والإسلامية من ربقة الاستعمار، والسعي إلى تنفيذ النظم الرأسمالية والاشتراكية في إدارة شؤون البلاد، وما نتج عن ذلك من تجاذبات سياسية وفكرية تحولت، في بعض البلاد، إلى مواجهات دامية.

وقد بلغ انتشار هذه المقولة أوجه مع شعار: “حتمية الحل الإسلامي”، وما يزال يحرك العديد من الأطروحات والمواقف، كما أنه يشكل مناخًا نفسيًا لدى الجماهير الإسلامية التواقة إلى الحرية والكرامة والعدالة.

ومع أن هذه المقولة ترتبط بالإسلام من حيث الرؤية والشعار، إلا أن تعييرها بهدايات القرآن وتوجيهاته، تجعل الدارس يتحفظ في القبول بمصدريتها القرآنية، ويوجه إليها العديد من الاستدراكات، بل قد يختبر مصدر انبثاقها وتداولها، فيجد أنها معرفة لا تنتمي إلى الرؤية القرآنية بقدر ما هي إفراز لأفعال وردود أفعال هيمنت على ساحة الفكر العربي الحديث والمعاصر، أفعال سعت، بوعي أو بدون وعي، إلى إقصاء الإسلام من واقع الحياة، واتهامه بما اتهمت به المسيحية في سياقها الغربي، وإحلال منتجات الفكر الغربي محله في التربية والتعليم والسياسة والإدارة والاقتصاد والقضاء والفنون.

إن القرآن يقدم نفسه قوة اقتراحية في سبيل الإصلاح، يدعو إلى المصالح كلها،  وينهى عن المفاسد كلها، وقوته الاقتراحية هاته تبتدئ بالاقتناع الذاتي، وتنعكس على سلوك الأفراد والجماعات والمؤسسات، ولا يقبل منهم تغيير أحوالهم إلا بمقدار ما تكون مناشطهم متحققة بصفتي الإخلاص والاتباع، إخلاص النية والقصد لله، عز وجل، واتباع سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.

وبما أن مقولة “البديل الإسلامي” نشأت بالبلاد العربية والإسلامية، فمن المفيد التذكير بأن الأمة، في عمومها، لم تنسلخ عن الإسلام، ولم تجمع على محاربته وإقصائه، ولم تقرر الانعتاق منه إلى دين جديد وفلسفة جديدة ومذهب جديد، فأصل التدين وتطبيع العلاقة مع الإسلام كان وما يزال، لكن الذي حصل هو أن فتنا عصفت بالأمة، وأحدثت مناخا مضطربا في جميع المستويات، ولم يرض دعاة “البديل الإسلامي”، أو لم يكن بإمكانهم، بإصلاح الأوضاع بشكل متدرج، مع تثمين انجذار التدين في نفوس الناس، بل اعتبروا الحالة وكأنها “ردة عن الدين”، فقاموا بصياغة تصوراتهم للبديل الإسلامي في التربية والإدارة والقضاء والسياسة والاقتصاد والفنون وغيرها من مناشط الحياة.

وشعرت الأطراف التي تتحرك وفق مذهبيات وفلسفات غير إسلامية بأن تيار البديل الإسلامي ممعن في تجريدها من الانتماء إلى الدين، فازدادت حدة المفاصلة بينهم، وتحولت إلى معارك ما يزال أوارها مشتعلا.

والسؤال المتبادر هنا: هل يمكن أن يصدق على المعرفة التي تنشئها مقولة “البديل الإسلامي”وصف “الإسلامية” أو “القرآنية”؟

قد يبدو السؤال استفزازيا، لكن إثارته هنا مطلب معرفي، وذلك أن السياق الثقافي العام للعرب والمسلمين لم ينفصل عن الإسلام، ومن ثم فتنزيل مقولة البديل الإسلامي على واقعهم يبعد عن مقاصد القرآن وهداياته، بل قد يسبب في حدوث خلل منهجي بتحويل الخاص إلى عام، والمقيد إلى مطلق، وفصل أحداث في السيرة النبوية عن سياقاتها الحاكمة، وتنزيلها على وقائع ونوازل مباينة لها.

إن القرآن الكريم يطبع علاقة المسلمين مع الصلاح مهما كانت درجته، ويحفزهم على التدرج في الارتقاء نحو القيم الفاضلة، ويحذرهم من اتباع سبل الشياطين، ويحثهم على الاعتصام بحبله والتآلف بينهم، وترك كل ما من شأنه أن يسبب العداوة والبغضاء بينهم، ويأمرهم بالاحتكام إلى هداياته في حال الفتن والأزمات، وإرجاع الأمر إلى أولي العلم من الحكماء والعلماء والحكام، ويحثهم على الإصلاح بين الفرقاء المتنازعين وإلجام الباغي، والمسارعة في الخيرات.. وبالمنظور القرآني، فإن هذه الأعمال تتحقق تباعا من خلال تفاعل المسلمين فيما بينهم  ومن خلال تفاعلهم مع غيرهم ممن يحتضنه المجتمع من غير المسلمين، وهو تفاعل سيمفوني يعزز من لحمة الإصلاح والارتقاء والتنمية.

وفي ظل هذا التفاعل، يندر أن تنبت في المجتمع نبتة الفرقة والمفاصلة والإقصاء، وتضعف ثقافة التحريض والتصنيف، وتكاد تتلاشى نعرات التكفير والقتل باسم الإسلام، ولا يجد الحكماء أي مسوغ لنقض المجتمع والانقضاض على مسيرته برفع شعار “البديل الإسلامي” و”حتمية الحل الإسلامي”.

وإذا كان ذلك كذلك، فإن أهم النقود التي تتوجه إلى مقولة ” البديل الإسلامي” وما ينتج عنها من معارف ومناهج  تتلخص في الآتي:

1. وضع المجتمعات في خانة “الردة” عن “الإسلامية”، سواء أكان ذلك بوعي أو بدون وعي، لأن الاستلزامات المنطقية تفضي إلى القول بذلك.

فالحديث عن “بديل” يعني أن ذلك البديل غير متوفر وغير متحقق، والقول إنه غير متحقق يستلزم القول إن المعنيين بتحققه قد ابتعدوا عنه، والقول بالابتعاد مظنة القول بالردة والانحراف والزيغ.

والاطمئنان إلى وجود ردة أو زيغ أو انحراف مفض إلى التخندق ضمن طائفة المناصرين للحق الضائع، المقدمين المهج والأرواح في سبيل تحقيق البديل الإسلامي.ولعل هذا ما قصد إليه المفكر طارق البشري في توصيفه للفكر المنتج والمتأثر بمقولة البديل الإسلامي وحتمية الحل الإسلامي الشامل وفق الحاكمية لله في تدبير الكون والحياة: “…وهو فكر مجانبة ومفاصلة، وفكر امتناع عن الآخرين…، وهو فكر يحفر خندقا، ويبني قلاعا عالية الأسوار، سامقة الأبراج، قلوعا ممتنعة..[1]“.

2. الخضوع للنسيج النفسي لمقولة “البديل الإسلامي”، وهو نسيج مخدر للذات، يطمئن صاحبه بأن “الجواب الكافي والدواء الشافي” لكل أمراض الإنسانية وعللها وأزماتها موجود في الإسلام، ولن تتقدم البشرية إلا بالعودة إلى تعاليمه، ويتم تأويل الآيات الدالة على عدم تفريط الكتاب في شيء تأويلا شموليا يتلاءم مع الرؤية الاكتفائية التي تتجاهل أثر الأزمان والأوطان والعمران في التغيير وتبدل الأحوال واستحداث أقضية تستوجب استصحاب الكسب الإنساني في عالم النفس والاجتماع والاقتصاد والعلاقات الدولية، فتقع في خطأ تحميل الآيات ما لا تحتمله، مع أن الإحاطة المستفادة من قوله تعالى مثلا: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ (الأنعام: 39) إنما هي إحاطة هداية وبصائر وكليات ومقاصد، وليست إحاطة محتوى معرفي تفصيلي وكسب بشري جزيئاتي في ميادين العلم والعمران.

3. الإصابة بفيروس “الجاهزية”، وهو فيروس يعطل حركية الاجتهاد والإبداع، ويجعل صاحبه مرتهنا إلى ما لديه من “بديل إسلامي” يلوح به مع كل أزمة تبتلى بها الإنسانية، ويمتلك يقينا لا يتسلل إليه أدنى شك بأن ذلك البديل جاهز، ولا ينتظر إلا النوايا الصادقة.

كما أن هذا الفيروس يحدث خللا في وظائف الرؤية، فلا يدرك من البديل الإسلامي، الذي يحمله في وجدانه، إلا اليقينيات التي لم ترد في القرآن الكريم إلا باعتبارها ثمرة لتفاعل المسلمين مع هدايات القرآن وواقعهم. ولا يدرك من الواقع إلا تجلياته وتمظهراته السطحية، ولا يتبيّن العناصر المتشابكة والدقيقة التي تحكم حركة الأفراد والمجتمعات، ولا تتضح له خطورة الإكراهات والتحديات النفسية والاجتماعية التي تقف في وجه الطهرانية الحالمة والجاهزية المتجذرة في بنية العقل المسلم.

فضلا عن هذا وذاك، فإنه يسم رؤية العقل المسلم وتجلياته في الممارسة بداء الكبر والتعالي عما تنتجه الحضارات المعاصرة من قيم وأخلاقيات في الرؤى والأفعال، إذ الأصل الأصيل عنده أن الكافر لا خلاق له، ومن ثم، فلا خير ينتظر في كل ما تنتجه حضارته حتى ولو عميت العقول ببريقها وفتنت العقول ببهرجها.

4. تبيئة روح المفاصلة والاستعلاء داخل الوجدان المسلم وعقله؛ لأن زاد مقولة “البديل الإسلامي” ومحركها لا يمكن أن يصنع إلا في بيئة المفارقة التي قد تصل، أحيانا، إلى تعدية مفاهيم الولاء والبراء الخاصة في علاقة المسلمين مع الكفار وجعلها تنسحب على علاقة المسلمين مع غيرهم من المسلمين ممن لم يقولوا بمقولة “البديل الإسلامي”… هذه البيئة هي التي تضخ باستمرار القيم النفيية للكسب الإنساني كلما انزاح، قليلا أو كثيرا، عن معايير البديل الإسلامي كما يفهمه دعاته.

وتغيب الدلالات التدافعية للتوجيهات النبوية، من مثل “المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم”، وتتراجع قيم التعايش والتوادد والتقبل، ويصير الفكر الإسلامي مزكيا لتوجهات “الاستعلاء الإيماني”، و”الطهرانية المثالية”. ويتحول التراجع عن التدافع الثقافي والاجتماعي والحضاري، والانزواء في عالم النسيج النفسي لمقولة البديل الإسلامي مظهرا من مظاهر صدق التدين ودليلا على الابتلاء الذي يكون للمؤمن مثل النار للذهب.

5. استحكام ثنائية؛ السواد والبياض، والظلمات والنور، والهداية والضلال، والولاء والبراء، وهو استحكام حدي قاتل، لا يتصور معه أي مكان أو موقع لبروز لون ثالث أو قبول بتدرج متصاعد.

ويتمكن هذا الاستحكام في ظل الثقافة الإسلامية التي تراكم من الحضور التراثي تراكما كميا لا يخضع لأي غربلة، سواء وفق مقاييس علماء الحديث في التصحيح والتضعيف والجرح والتعديل، أو وفق مقاييس الأصوليين الذين اجتهدوا في بيان محورية التدرج والتيسير ومقاصد الشريعة في الانتقال السلس من أوضاع سلبية إلى أوضاع إيجابية عبر قيم اكتسبت قوتها المقولاتية من خلال الفهم السليم لهدايات القرآن وسنة الرسول المصطفى، من مثل: “جلب المصالح ودرء المفاسد”، و”الضرورات والحاجيات والتحسينات”، و”إعمال السياق أولى من إهماله”، وغيرها مما تزخر به مصنفات العلماء المعتبرين.

6. تنميط الوجود النفسي والاجتماعي للإنسانية في قالب قبلي صيغ وفق فهم غير دقيق لهدايات القرآن الكريم، وتحت تأثير إدراك مثالي لمفهوم “الأمة الإسلامية”، مع أنه، أولا، من الكليات الكبرى في القرآن الكريم التنبيه على اختلاف الناس والشعوب والقبائل، وأن هذا الاختلاف سيظل جاريا باعتباره سنة اجتماعية، ومع أن الحضارة الإسلامية، ثانيا، تؤكد بمختلف منجزاتها الثقافية والعمرانية والفنية، أن الاختلاف مكون من مكوناتها، ولولاه لما أمكن للأمة أن تستوعب بداخلها مكونات مذهبية وعقدية وعرقية تختلف في الأصول والفروع على حد سواء.

7. تسويق وهم الخروج من مختلف الأزمات بمجرد تطبيق البديل الإسلامي، والقول بالوهمية لا يمس هدايات الإسلام بأي حال، ولا يقول به باحث موضوعي، وإنما الوهمية ثمرة من ثمرات عدم إدراك مقولة “البديل الإسلامي” بأن المجتمعات انتقلت من مرحلة الفطرية إلى المادية، ومن البساطة إلى التركيب، ومن الاستقلال والانكفاء على الذات إلى التواصل وتداخل المصالح، ولم تعد السلط فيها تقليدية مثل سلطة الحاكم والقضاء، وإنما نشأت سلط ضاغطة مثل الإعلام والأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني..، وذلك كله أحدث نوعا من الإكراهات والتحديات التي لا قبل للإنسانية بها. فأي فكر يستطيع، في ظل هذا الوضع، أن يدعي بأنه يمتلك مفاتيح حل الأزمات، والخروج بالناس إلى بر الأمان..؟

8. ضعف حاسة التواضع العلمي، وهذا واضح جلي، فالقول بوجود بديل إسلامي جاهز يتنافى مع خاصة التواضع العلمي الذي أضحى سمة بارزة تميز العقلاء من العلماء بالعصر الحديث؛ لأنه إزاء تضخم العلوم، كميا ونوعيا، أفقيا وعموديا، وتسلل التقنية المتطورة إلى مختلف الميادين من الكومبيوتر إلى العلوم العسكرية، مرورا بالعلوم الفيزيائية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية، يصبح من الكبر العلمي القول بأن البديل الإسلامي هو الذي سيهدي الخلاص للإنسانية جمعاء بمجرد أن تعلن انتماءها للدين، ويخرجها من أوهاق الباطل والاستبداد والإلحاد والرذيلة إلى نور الإيمان والصلاح، مع أن هذا النوع من الكبر لا نلمس له أثرا؟ قليلا أو كبيرا، في إنتاج الأئمة الأعلام، بل يمكن رصد عباراتهم وأوصافهم الدالة على أن أقصى ما يمكن أن تقدمه الشريعة للناس أن تساعدهم على الاجتهاد في أن يكونوا أقرب إلى الصواب وأبعد عن الفساد، وهذا واضح، مثلا، في قولة دالة للإمام ابن تيمية يقول فيها: “إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأنها ترجع إلى خير الخيرين وشر الشرين، وتحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما”[2].

وليس مبالغة القول إن هذا التوصيف مبثوث في ثنايا مصنفات العلماء، وهو محتاج إلى وقفة تأمل ربما تكشف عن الطبيعة النفسية للعلماء القائمة على التواضع العلمي والحضاري، مع أن علوم عصرهم وتحديات أزمنتهم لم تكن بالقوة والضغط المعاصرين للقرن الماضي والقرن الجديد، بخلاف “اليقينيات” المستحكمة لدى العقل المسلم المعاصر في العديد من الاتجاهات والمدارس والحركات.

إن مقولة “البديل الإسلامي” تؤسس لأساطير فكرية ونفسية وعملية، ولا يمكن لفرد، مهما أوتي من حكمة وحنكة وحكامة، أن يدعي القدرة على تتبع تجليات تلك الأساطير، وتشريح العقل الثاوي خلفها، وتقديم الحلول المقترحة لتجاوزها. وهذا يدل على أن الموضوع خطير، وهو محتاج إلى أن تتنادى له مؤسسات ومراكز، ويقوم به مختلف المشتغلين بأمر التوجيه الإسلامي والمنظرين للفكر الإسلامي وشعب العلوم الشرعية بالجامعات والكليات والمعاهد.

إنها أساطير تتلخص في النظرة الأحادية والتصنيف الحدي والمثالية المتوهمة والقابلية للصراع…

فماذا نجد لدى المقولة الثانية بالبيئة الغربية، ونقصد بها مقولة “العقلانية”؟

الهوامش

[1] . طارق البشري، الملامح العامة للفكر الإسلامي في التاريخ المعاصر، القاهرة: دار الشروق، ط1، 1996م، ص33.

[2] . ابن تيمية، مجموع فتاوى ابن تيمية، مجمع الملك فهد، (1416ﻫ/1995م)، ج20، ص48.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق