مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعيندراسات وأبحاثمفاهيم

تفاريع فقهية مبنية على أنظار وروايات الصحابة رضي الله عنهم 7) موضع سجود السهو

تقديم

خصَّ الله تعالى الإنسان بحمل الأمانة، وأكرمه بالعقل الذي هو مناط التكليف بها، وأرسل له الرسل والأنبياء ليرشدوه ويذكِّروه بالقيام على مقصِد خلقه ووجوده، فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون الخِلقة الآدمية على هيئة من النقص والعوز تجعل الإنسان يذهل عن مقصده وغايته، فهو مقرونٌ بنفسٍ أمارة، وشيطانٍ وَسواس، وعقلٍ يعتريه النسيان والغفلة، وذلك ليُمتَحَن المُصابِر والمجاهد من المفرط والمتخاذل، إلا أن رحمة الله تعالى شملت عباده بالتيسير والعفو عمَّا لا قدرة لهم عليه، فتجاوزَ عن الخطإ والنسيان والإكراه وكلِّ ما يخرُج عن القصد والإرادة في الإنسان، وشرع لنا أحكامًا نَجبُر بها حالات النقص والسهو التي تعترينا، تصحيحًا لأفعالنا، وتكميلا لواجباتنا، وصونا لعباداتنا.

ومن حالات السهو والغفلة الكثيرة التي تعتري العبد المسلم في عبادته، ما قد يحصل له في صلاته من سهو عن بعض سننها؛ ولأجل ذلك شرع الله تعالى سجود السهو لتصحيح ما نقص عن حال الكمال المرجوِّ في الصلاة. وقد اختلف الفقهاء في موضع سجود السهو من الصلاة؛ أهو قبل السلام؟ أم بعده؟ أم بعضُه قبل السلام وبعضُه بعده؟ فذهب كل مذهبٍ إلى قولٍ، «ومدار هذه المذاهب على اختلاف الطرق في بناء الأحاديث المختلفة الظواهر الواردة في السهو»([1])، حيث روى بعض الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث فيها أنه سجد من سهوه قبل السلام، وأخرى سجد فيها بعد السلام، وبذلك اختلفت طرقهم في التعامل مع هذه الروايات، فمنهم من سلك مسلك الترجيح، وهم الحنفية والشافعية، ومنهم من سلك مسلك الجمع، وهم المالكية والحنابلة، مع اختلاف بينهما في طريقة الجمع كما سيأتي بيانه بإذن الله.

المذهب الأول: مذهب الشافعية؛ وهو أن السجود للسهو يكون قبل السلام مطلقا

ذهب الشافعية إلى أن سجود السهو يكون قبل السلام مطلقا، مستدلين بأحاديث صريحة في ذلك، منها حديث عبدالله بن بحينة رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ. فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ؛ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ، مَكَانَ مَا نَسِيَ مِنَ الْجُلُوسِ»([2]).

ومنها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ. ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ. فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ»([3]).

ومنها حديث ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ وَاحِدَةً صَلَّى أَوْ ثِنْتَيْنِ، فَلْيَبْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثِنْتَيْنِ صَلَّى أَوْ ثَلَاثًا فَلْيَبْنِ عَلَى ثِنْتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَبْنِ عَلَى ثَلَاثٍ، وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ»([4]). وهي أحاديث صريحة في كون السجود للسهو قبل السلام لا بعده.

واستدلوا من جهة المعنى، بأن سجو المصلي للسهو «سجودٌ عن سببٍ وقع في صلاته؛ فوجب أن يكون محلُّه في الصلاة، قياسا على سجود التلاوة»([5])، بمعنى أن موجبَ السجود حاصل داخل الصلاة، والسجود شُرع لتصحيحها، فينبغي أن يكون ذلك داخلها وقبل السلام منها، لا خارجها وبعد السلام منها.

وأما الأحاديث الأخرى التي ورد فيها أنه صلى الله عليه وسلم قد سجد للسهو بعد السلام، فإنها مدفوعة عندهم بثلاثة أجوبة([6]):

الأول: أنها أحاديث منسوخة، ويعضِّد النسخَ ما رواه الشافعي في القديم عن مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري قال: «سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل السلام وبعدَه، وآخِرُ الأمرين قبل السلام»([7])، كما يعضِّد النسخ أيضًا أن ابن مسعود رضي الله عنه وهو الصحابي الذي روى السجود بعد السلام([8]) متقدِّم الإسلام، قد هاجر الهجرتين، وأما ابن عباس وأبو سعيد الخدري وقد روَيَا عن رسول الله السجود قبل السلام فإنهما من صغار الصحابة، إذ قُبِض رسول الله وابن عباس لم يتجاوز ثلاث عشرة سنة على أكثر ما قيل، وكان أبو سعيد الخدري من أحْدَاث الأنصار وأصاغرهم.

الثاني: أنها مستعملة؛ وحاصل الاستعمال فيها أن ما ورد في تلك الأحاديث من لفظ: (بعد السلام)، محمول على (السلام) الذي يكون في التشهد عند قول المصلي: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)، وهذا يحصل قبل فراغه من التشهد وقبل سلامه للخروج من الصلاة.

الثالث: أن ما حصل منه صلى الله عليه وسلم من سجودٍ بعد السلام فهو كذلك، إلا أنه وقع منه في حالات نسي فيها سجود السهو قبل السلام، فاستدركه بعده.

المذهب الثاني: مذهب الحنفية؛ وهو أن السجود للسهو يكون بعد السلام مطلقا

ذهب الحنفية للقول بأن السجود يكون بعد السلام مطلقًا، واستدلوا على ذلك بروايات، منها حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين([9])، حيث سلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ركعتين في صلاة العصر، فقال له ذو اليدين: «أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ: مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا: صَدَقَ، لَمْ تُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ»([10])، فقد حمله الحنفية على العموم «من غير فصل بين الزيادة والنقصان»([11]).

واستدلوا بحديث ثوبان، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ»([12])، وهذا حديث من قوله صلى الله عليه وسلم، وبما أن التعارض قد وقع في الروايات الواردة بأفعاله عليه الصلاة والسلام، فإنه يُرجَّح قولُه على فِعله([13])، يقول الكاساني: «روايةُ الفِعل متعارضة؛ فبقي لنا رواية القول من غير تعارض»([14]).

كما أجابوا عمَّا ورد في الأحاديث المعارِضة من عبارة: (قبل السلام)؛ أنها قبل التسليمة الثانية التي تحصل بعد سجدتي السهو، يقول الكاساني رحمه الله: «وما رواه محتمِل؛ يحتمل أنه سجد قبل السلام الأول، ويحتمل أنه سجد قبل السلام الثاني، فكان متشابها، فيُصرَف إلى موافقة المُحكَم، وهو أنه سجد قبل السلام الأخير لا قبل السلام الأول، ردًّا للمحتمِل إلى المحكَم»([15]).

واستدلوا أيضًا بكون سجود السهو ينبغي أن يكون متأخرًا عن الصلاة كلها، إذ لو كان داخلَها ومَقيسًا على سجود التلاوة -كما ذكر الشافعية- لكان الأولى إيقاعُه حين حصول السهو لا بعده بتراخي إلى ما قبل السلام؛ لذلك فإن المعنى الذي أُخِّر به سجود السهو عن محلِّ حصولِه، وهو أنْ تَجْمَع سجدتا السهو كل سهوٍ في الصلاة، هو نفسه الذي يُقوِّي تأخيرَه إلى ما بعد السلام([16]). فسجود السهو يراد به إصلاحُ الصلاة بعد الانصراف عن كل محلٍّ يُحتمَل حصول السهو فيه، والسهو قد يقع من المصلي في سجود السهو نفسِه أو بعده إن كان قبل السلام، فكان الأولى تأخيره إلى محلٍّ لا يعقبه احتمال حصولِ سهوٍ بعدَ فِعْله.

المذهب الثالث: مذهب المالكية؛ وهو السجود للسهو قبل السلام في حال النقص، وبعده في حال الزيادة

من خلال النظر في المذهبين السابقين، يظهر أن كلًّا منهما قد تشبث بطائفة من الروايات في مقابل ردِّه للروايات الأخرى تأويلا أو نسخًا، وأن كلاهما يروم مسلك إعمال بعض النصوص مع الجواب عن البقية، أما طريقة المالكية فإنها مختلفة، حيث انبنت على مسلك الجمع بين النصوص وإعمالها كلها، وهذا ما نبه عليه المازري قائلا: «ولمَّا استشعر مالك رضي الله عنه بُعْدَ هذه التأويلات، وبِناء الفريقين، وكون كل واحدة من الطائفتين تردُّ مذهَبَه ظواهرُ ألفاظ أحاديثِ الطائفة الأخرى، استعمل في البناء طريقة ثالثة لا يَرُدُّها ظاهر لفظ. فأثبت سجود السهو قبل السلام تارة؛ لأن حديث ابن بحينة تضمن نقصا، فجعل سجود النقص قبل السلام. ورأى حديثَ ابن مسعود في زيادة الخامسة تضمَّن زيادة، فأثبت سجود الزيادة بعد السلام»([17]).

ومن ثمَّ فإن المالكية يرون أن السجود إذا كان لنقص في الصلاة؛ فإنه يسجد لذلك قبل السلام. وأما إن كان السهو عن زيادة؛ فإن السجود يكون بعد السلام. وإذا حصل في الصلاة سهوان: أحدهما عن نقص فيها والآخر عن زيادة فيها، فإن السجود يكون قبل السلام عن النقص والزيادة معا، وذلك تغليبا لجانب النقص؛ هذا هو المشهور في المذهب، وقيل: يسجد بعد السلام لمن حصل له سهوان أحدهما لنقص والآخَر لزيادة([18]).

واستدل المالكية بنفس أحاديث المذهبين؛ الشافعية والحنفية، وحملوها على ظاهرها من غير تأويل، ولذلك فإن مذهبهم يقوم بداية على إبطال تأويلات كل فريق لما يعارضه من الأخبار المخالِفة، فهم يعدونها إخراجًا للنص عن ظاهره من غير موجِب أو مقتضِي([19]). فيستدلون بما استدل به الشافعية على السجود قبل السلام في حال النقص فقط، ويستدلون بما استدل به الحنفية على السجود بعد السلام في حال الزيادة فقط، ولا حاجة لتكرارها هنا.

وزيادة على استدلالهم بالنصوص الحديثية جميعها، فإنهم عللوا حكم السجود قبل السلام في النقص بكون «سجود النقص جبران للنقص الواقع في الصلاة، فوجب أن يكون في الصلاة، كما كان هدي المُتعَة والقِران في الحج؛ لكونه جبرانا للنقص الواقع فيه»([20]).

وعللوا حكم السجود بعد السلام حالَ الزيادة بكون «هذا السهو قد اقتضى زيادة لأجل الصلاة، فلو قلنا إنه يكون فيها لكانا زيادتين في الصلاة؛ وذلك لا يجوز»([21])، «فسهو الزيادة لا يجوز أن يوجِب سجود سهو فيها؛ لأن النقص إنما دخل في الصلاة بالزيادة في فعلها، فلا يصح أن يُزال ذلك النقص ويُجبَر بزيادة أخرى؛ لأنها من جنس ما أدخلَ النقص فيها»([22]).

وقالوا: إن «سجود النقصان جبر، وجبران الشيء لا يكون إلا في نفسه وقبل تَقَضِّيه. وسجود الزيادة ترغيم وليس بجبران الناقص، فوجب أن يكون بعده»([23]).

المذهب الرابع: الحنابلة؛ وهو السجود للسهو قبل السلام مطلقا إلا في مواضع خاصة

أما الحنابلة([24])، فمذهبهم أن السجود كله «قبل السلام، إلا في الموضعين اللذين ورد النص بسجودهما بعد السلام، وهما: إذا سلم من نقص في صلاته، أو تحرى الإمامُ، فبنى على غالب ظنه، وما عداهما يسجد له قبل السلام»([25]). وقد روي عن الإمام أحمد: «كل سهو جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسجد فيه بعد السلام فإنه يسجد فيه بعد السلام، وسائر ‌السهو يسجد فيه ‌قبل ‌السلام. ووجهه: أنه مِن شأن الصلاة، فيقضيه ‌قبل ‌السلام، كسجود صلبها، إلا ما خصه الدليل»([26]).

 فقول الحنابلة يوافق الشافعية في أن السجود للسهو يكون قبل السلام سواء وقع بسبب نقص أو زيادة أو بحصولهما معًا، ثم يستثنون من ذلك ما ورد النص بتخصيصه في سائر النصوص والأحاديث، وهما موضعان: إذا سلم قبل إتمام الصلاة، وإذا تحرى الإمامُ فبنَى على ظنه.

كما أن مسلك الحنابلة في الجمع بين الأحاديث يوافق مسلك المالكية، ولذلك يقول ابن قدامة: «فيما ذكرناه عملٌ بالأحاديث كلها، وجمع بينها، من غير ترك شيء منها، وذلك واجب مهما أمكن، فإن خبر النبي صلى الله عليه وسلم حجة يجب المصير إليه، والعمل به، ولا يترك إلا ‌لمعارض مثله، أو أقوى منه»([27])، غير أن الحنابلة قصروا النصوص الواردة في السجود بعد التسليم على الحالات التي وردت فيها فقط. بينما عدّاها المالكية إلى كل حالة يكون فيها السهو عن زيادة في الصلاة.

ختامًا

من الجدير بالاعتبار في ختام الحديث عن الحكم وما فيه من الآراء، التنبيه على أن الخلاف واقع في الأفضلية وليس في المشروعية، فأقوال المذاهب كلها تروم الاجتهاد لمعرفة موضع سجود السهو الأفضل والأولى، وإلا فإن سجود المصلي للسهو في أي محلٍّ -سواء قبل السلام أو بعده- مشروع صحيح، وذلك لقوة النصوص وصحة الخلاف، وهذا ما يفسر وجود أقوالٍ أخرى في كل مذهب، موافقةً لما عند غيرها من المذاهب.

وقد أكد الفقهاء على هذا الملحظ في معرض بيانهم للخلاف، فأشار إليه العيني الحنفي حيث قال بـ «جواز الأمرين»([28]). ونص عليه المالكية، حيث روي عن الإمام مالك قوله: «‌ما ‌كان ‌الناس ‌يحتاطون ‌في ‌سجود ‌السهو قبلُ ولا بعدُ، وكان ذلك عندهم سهلا»([29])، يقول ابن عبد البر: «وكل هؤلاء يقول: إن المصلي لو سجد بعد السلام فيما قالوا إن السجود فيه قبل السلام، لم يضرَّه شيء. ولو سجد قبل السلام فيما فيه السجود بعد السلام، لم يكن عليه شيء»([30]).

ونص عليه الماوردي من الشافعية فقال: «لا خلاف بين الفقهاء أن ‌سجود ‌السهو جائز ‌قبل ‌السلام وبعدَه، وإنما اختلفوا في المسنون والأولى»([31])، وكذلك النووي حيث يقول: «وإنما الأقوال في بيان الأفضل»([32])، ونص على ذلك ابن مفلح من الحنابلة فقال: «لا خلاف في جواز الأمرين، وإنما الكلام في الأولى والأفضل»([33]).

وليس الغرض من هذا العرض والبيان ترجيحَ أحد الأقوال، أو بيان قوة استدلال على آخر، فذلك مبسوط في المصادر المُحال عليها، حيث كل مذهب يحرص على بيان قوة استدلاله والتنبيه على ما يمكن المؤاخذة به على استدلال غيره، ولكن الغرضَ بيانُ أثر اختلاف روايات الصحابة رضوان الله عليهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فهم النصوص والاستنباط منها، ومن ثم حصول الخلاف في الثمرة والمدلول، وهو الحكم الشرعي المراد العمل به، فليس الخلاف في الفقه بالترف العلمي، أو الكمال المعرفي، بل هو ضرورة أوجبتها نصوص الشرع لحِكم ربانية بليغة، ما فتئ العلماء ينبهون عليها وعلى فوائدها للمكلف وللأمة عموما، ومِن بين أهم تلك الأسباب وأقواها، اختلافُ روايات الصحابة رضوان الله عليه عن المعصوم صلى الله عليه وسلم.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.

——————————————————————————————

 ([1]) – شرح التلقين للمازري (1/601). بداية المجتهد لابن رشد (1/202).

 ([2]) – أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب السهو، باب من يكبر في سجدتي السهو). ومسلم في «صحيحه» (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو فِي الصلاة والسجود له).

 ([3]) – أخرجه مسلم في «صحيحه» (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو فِي الصلاة والسجود له).

 ([4]) – أخرجه الترمذي في «جامعه» (أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب فيمن يشك في الزيادة والنقصان) وقال: «هذا حديث حسن صحيح». وابن ماجه في «سننه» (أبواب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن شك فِي صلاته فرجع إلى اليقين).

 ([5]) – الحاوي للماوردي (2/215).

 ([6]) – انظر: الحاوي للماوردي (2/216).

 ([7]) – أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (كتاب الصلاة، جماع أبواب سجود السهو وسجود الشكر – باب من قال يسجدهما قبل السلام في الزيادة والنقصان ومن زعم أن السجود بعده صار منسوخا) ثم قال: «قول الزهري منقطع لم يُسنِده إلى أحد من الصحابة، ومطرف بن مازن غير قوي».

 ([8]) – حديثه أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان). ومسلم في «صحيحه» (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو فِي الصلاة والسجود له). وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «… إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني. وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحرَّ الصواب، فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين».

 ([9]) – هو الخِرباق السلمي. انظر الإصابة (2/233) و (2/350).

 ([10]) – أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب السهو، باب من يكبر في سجدتي السهو). ومسلم في «صحيحه» (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو فِي الصلاة والسجود له) واللفظ له.

 ([11]) – بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/173).

 ([12]) – أخرجه أبو داود في «سننه» (كتاب الصلاة، باب من نسي أن يتشهد وهو جالس). وابن ماجه في «سننه» (أبواب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن سجدهما بعد السلام). والحديث في سنده إسماعيل بن عياش، وفيه مقال، ولذلك اختلف في صحة الحديث كثيرا. انظر: عون المعبود للعظيم آبادي (3/251).

 ([13]) – المبسوط للسرخسي (1/219).

 ([14]) – بدائع الصنائع للكاساني (1/173).

 ([15]) – المصدر السابق.

 ([16]) – المبسوط للسرخسي (1/220).

 ([17]) – شرح التلقين للمازري (1/602).

 ([18]) – انظر: التهذيب للبراذعي (1/300). المنتقى للباجي (1/179). البيان والتحصيل لابن رشد (1 /526).

 ([19]) – شرح التلقين للمازري (1/602).

 ([20]) – الإشراف لعبد الوهاب البغدادي (1/275).

 ([21]) – الإشراف لعبد الوهاب البغدادي (1/276). المنتقى للباجي (1/175).

 ([22]) – المنتقى للباجي (1/175).

 ([23]) – شرح التلقين للمازري (1/603). التمهيد لابن عبد البر (3/452).

 ([24]) – انظر: المبدع لابن مفلح (2/344).

 ([25]) – المغني لابن قدامة (2/415).

 ([26]) – شرح منتهى الإرادات للبهوتي (1/234).

 ([27]) – المغني لابن قدامة (2/417).

 ([28]) – البناية للعيني (2/604-605).

 ([29]) – النوادر والزيادات لابن أبي زيد (1/363).

 ([30]) – التمهيد لابن عبد البر (3/454).

 ([31]) – الحاوي للماوردي (2/214).

 ([32]) – المجموع للنووي (4/154).

 ([33]) – المبدع لابن مفلح (2/346).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق