مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

السيرة الغراء فيمن استشهد بالطاعون من القراء -18- أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمْداني الكوفي

الحمد لله رب الناس، مذهب البأس، والصلاة والسلام على محمد خير الناس، وعلى آله وصحبه والتابعين.

وبعد:

ونحن نعيش هذه الظروف الصعبة، التي قد يفقد فيها المرء أحدا من عائلته أو جيرانه أو أصدقائه، يبقى الصبر مؤنسا للمسلم في مصيبته، قال الله تعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَےْءٖ مِّنَ اَ۬لْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٖ مِّنَ اَ۬لَامْوَٰلِ وَالَانفُسِ وَالثَّمَرَٰتِۖ وَبَشِّرِ اِ۬لصَّٰبِرِينَ ١٥٤ اَ۬لذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَۖ ١٥٥ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اُ۬لْمُهْتَدُونَ»، ومما يؤنسه أيضا ما جاء في فضل من مات بالطاعون، كما جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله»، وورد فيه أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطاعون شهادة لكل مسلم»، وقد استشهد جماعة من أخيار القراء على مر التاريخ بالطاعون، وسأحاول في هذه السلسلة جمعَهم، والتعريفَ بهم من خلال هذه المقالات، وسميتها:

«السيرة الغراء فيمن استشهد بالطاعون من القراء»

-18- أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمْداني الكوفي(1)

أبو ميسرة عمر بن شرحبيل الهمداني الكوفي، تابعي جليل صالح، وكان إمام مسجد بني وادعة، من العباد الأولياء. كانت ركبته كركبة البعير من كثرة الصلاة.

قال ابن حبان: وقد قيل إن اسمَ أبي ميسرة عمرُو بن شراحيل، وهذا ليس بصحيح، والصحيحُ شرحبيل.

عرض على عبد الله بن مسعود.

حدث عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وغيرهم.

حدث عنه: أبو وائل، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وأبو إسحاق، ومحمد بن المنتشر.

قال إسرائيل بن يونس: كان أبو ميسرة إذا أخذ عطاءه، تصدق منه، فإذا جاء أهله فعدّوه، وجدوه سواء، فقال لبني أخيه: ألا تفعلون مثل هذا؟ فقالوا: لو علمنا أنه لا ينقص، لفعلنا.

قال: إني لست أشترط على ربي.

أبو معاوية: عن الأعمش، عن شقيق، قال: ما رأيت همْدانيا قط أحب إلي أن أكون في مسلاخه من عمرو بن شرحبيل -رحمه الله -.

وروى عاصم، عن أبي وائل، قال: ما اشتملت همْدانية على مثل أبي ميسرة. قيل: ولا مسروق؟! قال: ولا مسروق.

وعن أبي وائل، قال: أنبأنا عمرو بن شرحبيل، وكان من أفضل أصحاب عبد الله بن مسعود.

وعن مرة بن شرحبيل، قال: سئل سلمان بن ربيعة عن فريضة، فخالفه عمرو بن شرحبيل، فغضب سلمان بن ربيعة ورفع صوته، فقال عمرو بن شرحبيل: والله لكذلك أنزلها الله تعالى. فأتيا أبا موسى الأشعري، فقال: القول ما قال أبو ميسرة. وقال لسلمان: ما كان ينبغي لك أن تغضب إن أرشدك رجل. وقال لعمرو: قد كان ينبغي لك أن تساوره، يعني: تساره، ولا ترد عليه والناس يسمعون .

قال ابن سعد: قالوا: مات في ولاية عبيد الله بن زياد.

عن أبي إسحاق، قال: أوصى أبو ميسرة أن يصلي عليه شريح قاضي المسلمين.

مات في الطاعون قبل أبي جحيفة سنة ثلاث وستين.

  • مصادر الترجمة: طبقات ابن سعد 6/106-109، طبقات خليفة ص251، التاريخ الكبير 6/ 341-342، حلية الأولياء 4/141-147، تهذيب الكمال 22/60-63، سير أعلام النبلاء 4/135-136، غاية النهاية 1/601.

ذ.سمير بلعشية

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق