وحدة المملكة المغربية علم وعمرانأعلام

أمهات ملوك المغرب رائدات في العمل الديني – الحلقة الخامسة- الأميرة زوجة السلطان المولى الرشيد الأم الرمزية للمولى عبد الله العلوي

الدكتور مصطفى مختار

باحث في مركز علم وعمران

كانت إحدى بنات أولاد أعراص، بمدينة فاس، زوجة لأمير المؤمنين المولى الرشيد العلوي، وأما رمزية (زوجة عم) لأمير المؤمنين المولى عبد الله بن إسماعيل العلوي. وانطلاقا من صلتها بمؤسسة إمارة المؤمنين، أسهمت هذه الأميرة في ترتيب الحقل الديني. وشكلت مثالا وقدوة يحتذيان في العمل الديني، بحسب أربعة وجوه مختلفة ومتكاملة:

الإسهام في استتباب الأمن، بمدينة فاس:

  يبدو أن أمير المؤمنين المولى الرشيد العلوي تزوج بإحدى بنات أسرة أعراص الفاسية بعد دخوله المدينة عام 1076 هـ[1] خلال عملية استتباب الأمن[2]. فأسهمت هذه الأميرة، انطلاقا من زواجها بأمير المؤمنين، في إخماد الفتنة ونشر الأمن، بوصفهما مطلبين دينيين حقّين.

التخلق بأخلاق التضحية:

  كانت الأميرة بنت أعراص امرأة عاقلة ذات رأي صائب. فلم تقترب من الملك أبهة وغرورا. حيث قامت بالتضحية بمهرها في سبيل جماعة المغاربة المسلمين[3]. فقدمت، بذلك، درسا رائعا لنساء المغرب في قوة التضحية وتحمل المسؤولية.

التخلق بأخلاق الإيثار:

  شكلت تضحية الأميرة المذكورة بمهرها تخلقا بأخلاق الإيثار التي نص عليها القرآن الكريم. حيث آثرت على نفسها وهي امرأة من الشعب المغربي. ولم تهب صداقها طلبا للجزاء أو الشكور. وإنما قامت بذلك لوجه الله وحبا فيه وطلبا لمرضاته. فقدمت، انطلاقا من ذلك، درسا إيمانيا قويا لعموم المغاربة في جمالية الإيثار على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة.

إصلاح مسجد القرويين في سبيل الله: 

  وهبت الأميرة المتحدث عنها مهر صداقها من أجل تزليج صحن جامع القرويين[4]. حيث مثل إنفاقها عملا دينيا ذا صلة بمهام مؤسسة إمارة المؤمنين، لأنها زوجة أمير مؤمنين، وأما رمزية (زوجة عم) لأمير مؤمنين هو المولى عبد الله العلوي.

رحم الله هذه الأميرة الفضلى، أما وجدة رمزيتين لأمراء مؤمنين، وقدوة لأميرات فضليات مسهمات في العمل الديني، ومثالا لنساء مغربيات عاقلات. وأكثر من أمثالها.

والله الموفق للصواب والمعين عليه

الإحالات:

[1] نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، ج2، محمد القادري، تحقيق: محمد حجي & أحمد التوفيق، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، سلسلة التراجم (3)، نشر وتوزيع: مكتبة الطالب- الرباط، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ط. الأولى، 1403 هـ- 1982 م،  ص297، الهامش رقم 1.

[2] انظر: تاريخ الضعيف الرباطي تاريخ الدولة العلوية السعيدة من نشأتها إلى أواخر عهد مولاي سليمان، ج1، دراسة وتحقيق: محمد البوزيدي البوشيخي، منشورات دار الثقافة للنشر والتوزيع- الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ط. الأولى، 1408 هـ- 1988 م، ص137؛ وكتاب التقاط الدرر ومستفاد المواعظ والعبر من أخبار وأعيان المائة الحادية والثانية عشر، القسم الأول، محمد القادري، تحقيق: هاشم العلوي القاسمي، بيروت، منشورات دار الآفاق الجديدة، ط. الأولى، 1403 هـ- 1986 م، ص239.

[3] نشر المثاني، ج2، ص297، الهامش رقم 1.

[4] انظر: نشر المثاني، ج2، ص297، الهامش رقم 1؛ وكتاب المورد الهني بأخبار الإمام عبد السلام القادري الحسني، مَحمد الفاسي، تقديم وتحقيق وتعليق وفهرسة: خالد بن أحمد صقلي، الرباط، منشورات دار الأمان، سلسلة تحقيقات رقم (4)، ط. الأولى، 1429 هـ- 2008 م، ص26؛ وسلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، ج2، ص257؛ وكتاب التقاط الدرر، القسم الأول، ص223.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق