مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

أسماء بنتُ أبي بكر الصّدّيق رَضي الله عنهما

اسمها ونسبها:

هي الصّحابية الجليلة، أسماء بنت أبي بكر  الصّدّيق التّميميّة، أُخت عائشة الصّدّيقة أمّ المؤمنين، وزوج سيّد المرسلين، وهي زوجة الزّبير بن العوام أحد العشرة المبشرين بالجنة، ووالدة الصحابي الجليل، عبد الله بن الزبير بن العوّام.  وأمُّها قتلة أو: قتيلة بنت عبد العزى، قرشية، من بني عامر بن لؤي[1].

لقَبُها:

عُرفت الصحابية الجليلة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضيَ الله عنها في سياق الحديث عن الهجرة النبوية إلى المدينة المنوّرة والاستعداد لها، وارتبط لقبُها “ذات النّطاقين” بهذا الحَدَث، وذلك أنّ  رسول الله صلى الله عليه وسلّم لمّا تجهز للهجرة، ومعه أبو بكر، أتاهما عبد الله بن أبي بكر وهما في الغار، ومعه أسماء بنت أبي بكر، وليست للسُّفرة شناق، فشقَّت لها أسماء من نطاقها، فقال لها عليه الصّلاة والسلام: أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقين في الجنة[2].

وممّا يتّصل بلقبها هذا أنّ أهل الشّام لما حاصروا عبد الله بن الزّبير بمكة مع الحَجَّاج بن يوسف، نادى واحد منهم: يا ابن ذات النِّطاقين اِبرز. فيظن أن يعيره بذلك، فلما سمع ذلك عبد الله قال من الطويل:

وعيّرها الواشون أني أحبها ** وتلك شَكَاةٌ ظاهر عنك عارها[3]

وروى  ابن سعد في الطبقات، عن أسماء قالت: «صنعت سفرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، قالت: فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به , فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئا أربطه به إلا نطاقي، قال: فشقيه باثنين فاربطي بواحد السقاء وبالآخر السفرة ففعلت فلذلك سميت ذات النطاقين»[4].

زواجها من الزّبير ابن العوّام رَضي الله عنه:

تزوجت أسماء بنت أبي بكر الصديق، الصّحابي الجليل الزبير بن العوام؛ أحد العشرة المبشرين بالجنة، وتروي لنا كتب السيَر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «تزوجني الزبير وما له في الأرض مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه، قالت: فكنت أعلف فرسه وأكفيه مئونته وأسوسه وأدقّ النوى لناضِحِه[5] وأُعلفه وأسقيه الماء وأَخْرِزُ غَرْبَهُ[6] وأعجن ولم أكن أحسن أخبز، فكان يخبز جارات لي من الأنصار وكنّ نسوة صدق، قالت: وكنت أنقل النّوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله على رأسي وهي على ثلثي فرسخ، قالت: فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله ومعه نفر من أصحابه فدعا لي ثم قال: «إخ إخ» ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته، قالت: وكان من أغيَر الناس، قالت: فعرف رسول الله أني قد استحييت فمضى , فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب معه فاستحييت وعرفت غيرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقني»[7].

 إسلامها:

أسلمت قديما بمكة, بعد سبعة عشر نفساً[8]، وبايعت رسول الله صَلّى الله عليه وسلم[9]. وهاجرت إلى المدينة وهي حامل فوُلِد لها ابنها عبد الله بن الزّبير، وبذلك كان أول مولود في الإسلام بعد الهجرة[10].

روايتها للحديث النبوي الشريف:

روت السيّدة أسماء بنت أبي بكر الصّديق عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم عدة أحاديث، وروى عنها عبد الله، وعروة ابنا الزبير، وابناهما عباد، وعبد الله، ومولاها عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأبو واقد الليثي، وتوفيا قبلها، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير، وعبّاد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، وابن أبي مليكة، وأبو نوفل معاوية بن أبي عقرب، ووهب بن كيسان، والمطلب بن عبد الله، ومحمد بن المنكدر، وصفية بنت شيبة[11]. ولها في الصحيحين اثنان وعشرون حديثاً، وروى لها أيضاً الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه[12].

وفاتها ومدفنها:

توفيت أسماء بمكة في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابنها عبد الله بن الزُّبير بيسير، إذ لم تلبث بعد إنزاله من الخشبة ودفنه إلاّ ليالي، وكانت قد ذهب بصرها.

واختلف في مُكثها بعد ابنها عبد الله، فقيل: عاشت بعده عشرة أيام، وقيل: عشرين يوماً، وقيل: بضعة وعشرين يوماً حتى أتى جواب عبد الملك بن مروان فأُنزل ابنها من الخَشَبَة. وكانت قد بلغت مئة سنة، فلم يسقُط لها سنّ ولم ينكَر لها عقل[13].. وأوصت عند موتها قالت: «إذا أنا متّ فاغسلوني وكفنوني وحنّطوني ولا تُذِرُّوا على كَفَنِي حنوطاً ولا تتبعوني بنار»[14]

…………………………………………………………………….

[1] الإصابة: 8/12.

[2]  انظر الاستيعاب: 4/1782.

[3]  الوافي بالوفيات: 9/36.

[4]  الطبقات الكبرى لابن سعد: 8/249. قال ابن حجر: سنده صحيح. الإصابة: 8/13.

[5]  النّواضح: الإبل التي يستقى عليها، واحدها: ناضح. النهاية لابن الأثير: 5/69.

[6]  الغَرْبُ: الدّلو الكبيرُ. تهذيب اللغة. 8/116.

[7]  الطبقات الكبرى لابن سعد: 8/250.

[8]  الوافي بالوفيات: 9/36.

[9]  الطبقات الكبرى لابن سعد: 8/249.

[10]  الوافي بالوفيات:14/ 121.

[11]  تاريخ الإسلام للذهبي: 2/785.

[12]  الوافي بالوفيات: 9/36.

[13]  تهذيب الكمال: 35/125. والوافي بالوفيات:9/36.

[14]  أخرجه ابن سعد في الطبقات: 8/249.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق