
أَلَا حَيِّيَا هِنْدًا علَى النَّأْيِ والنَّوَى /// تحيَّةَ صَبٍّ باسْمِها الدَّهْرَ يَلْهَجُ
عَشِيَّةَ نَادَوْا في الرِّحَالِ: تَحَمَّلُوا /// فَلِلنَّفْسِ مِمَّا قَدْ أَرادُوا تَحَشْرُجُ
فَبَانُوا وفِي القلبِ المُفَجَّعِ زَفْرَةٌ /// على إثْرِهم والنفسُ مِنها تَلَجْلُجُ
وكنتُ وإيَّـاهَـا وليسَ يَـرُوعُـنَا /// على الوَصْلِ وَاشٍ للفِرَاقِ يُهَيِّجُ
فَغُودِرْتُ لا أَلْقَى لِيَ الدَّهْرَ بعدَها /// سِوَاها، ولا نَحْوَ اللِّقَا لِيَ مَنْهَجُ
فَيَا لَيْتَ أَنَّا قَدْ كُفِينَا رَقِيبَنَا /// وَلَمْ يَكُ مِنَّا عَنْ وِصَالٍ تَحَرُّجُ
وَقَدْ أَزْمَعَتْ هِنْدُ النَّوَى فَأَقَلَّهَا /// إلى حيثُ لَا وَصْلٌ هُنَالِكَ هَوْدَجُ
أَشَارَتْ بِمَخْضُوبِ البَنَانِ كَأَنَّهَا /// أَرَاقَتْ دَمِي بالكَفِّ فَهْوَ مُضَرَّجُ
وقالُوا: سَتَسْلُو إنْ تَذَكَّرْتَ غيرَها /// وتَمْكُثُ لا يُلْفَى لَكَ الدَّهْرَ مَحْرَجُ
فقلتُ: هَوَاهَا قد أقامَ بِخَافِقِي /// فليسَ لَهُ منهُ -وإنْ شئتُ- مَخْرَجُ
أَلَا رُبَّ يَـوْمٍ لا أراهَـا كـأنَّـمَا /// لِقَـلْبِيَ مِنْ شَوْقِ اللِّـقَاءِ تَهَـيُّـجُ
«وقد زَعَمَتْ أنِّي تَزَوَّجْتُ بَعْدَها /// ومَنْ ذَا الّذي يَا هِنْدُ لا يَتَزَوّجُ؟!»
سِوَى أنني -واللهُ يعلمُ- ليس لِي /// سـواكِ وللحـقِّ المُـبِـيـنِ تَـبَلُّـجُ
ومَا ذاكَ إلّا للـوُشَـاةِ خَـدِيـعَـةٌ /// فَكِذْبُهُمُ قَدْ بانَ إِذْ كانَ يُنْسَجُ
حرامٌ عَلَيَّ الدَّهْرَ بعدكِ أنْ أُرَى /// خَـلِـيًّا وَما لِي حِيلَةٌ حِينَ أُحْوَجُ
وعَهْدٌ إذَا جُزْتُ الدِّيَارَ عَلَيَّ أَنْ /// أَقُولَ لِأصحابي: علَى الدارِ عَرِّجُوا