مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

فضائل ليلة القدر المباركة

بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمد لله الذي جعل ليلة القدر ليلة عظيمة المقدار، جليلة الافتخار، تغفر فيها الذنوب والأوزار، ويتجلى فيها على عباده الملك الغفار، وينادي: هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، وأنا الكريم الغفار.

والصلاة والسلام على من صلى وصام، وذكر الله في ليالي رمضان وأقام، وعلى آل بيته الأبرار، وصحابته العدول الأطهار.

وبعد؛ فإن ليلة القدر من أعظم الليالي التي من الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين، ليلة ذكر فضلها في آيات من الذكر الحكيم، قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر)[1]، ليلة نزول القرآن، وليلة تقدر فيها مقادير بني الإنسان.

ولأهمية هذا الموضوع ارتأيت أن أفرده بهذا المقال الذي سأتناول فيه فضائل ومزايا هذه الليلة العظيمة فأقول وبالله التوفيق:

فضائل ليلة القدر:

ومن فضائل ليلة القدر أذكر الآتي:

1-أنها ليلة اصطفاها المولى سبحانه على سائر الليالي وجعلها مباركة: فهي ليلة عظيمة، لها سمات خاصة تميزها عن باقي الأيام والشهور، وجعلها المولى سبحانه مباركة ، قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)[2]، هي مباركة بنزول القرآن الكريم فيها، وهي مباركة لكونها كثيرة الخير، عظيمة البركة، كي لا وهي ليلة خير من عبادة ألف شهر، العبادة فيها تساوي عمر الانسان كله، فألف شهر تعادل أكثر من ثلاثة وثمانين سنة تقريبا، وأعمار أمة النبي بين الستين والسبعين كما جاء في الحديث[3].

2-أنها ليلة فضلها الله تعالى لبدء نزول وحيه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر)[4]، وقال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)[5].

 قال ابن عباس رضي الله عنهما: “أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم”[6].

3-أن من قام  ليلها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه:

 ففي الحديث المتفق عليه الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”[7].

ولهذا فمن حاز خيرها فهو الملح، ومن حرم خيرها فهو المفلس المحروم حقيقة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم” [8].

4-أنها ليلة نزول الملائكة والروح فيها:

قال تبارك وتعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر) [9]. ” الملائكة تتنزل فيها وجبريل معهم بإِذن ربهم؛ أي: ينزلون بإِذن الله تعالى لهم وأمره إياهم بالنزول ينزلون مصحوبين بكل أمر قضاه الله وحكم به في تلك السنة من خير وشر من رزق وأجل” [10].

وورد الحديث بكثرة أعداد الملائكة التي تنزل في هذه الليلة المباركة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر: إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين، إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى”[11].

5-أنها ليلة السلام والطمأنينة ونزول الروح حتى مطلع الفجر:

وذلك حين وصفها الله تعالى: (سلام هي حتى مطلع الفجر)، وهذا يدل على ما في هذه الليلة من خير، وبركة، وفضل، قال قتادة وابن زيد في قوله: (سلام هي): “خير كلها ليس فيها شر إلى مطلع الفجر”[12].

الخاتمة:

وفي ختام هذا المقال خلصت إلى:

1-أن ليلة القدر من أعظم الليالي التي من الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين.

2-ليلة القدر لها عدة من الفضائل والخصائص والمزايا منها:

  • أنها ليلة اصطفاها الله تعالى على سائر الليالي وجعلها مباركة.
  • أنها ليلة فضلها الله تعالى لبدء نزول وحيه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
  • أن من قام ليلها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
  • أنها ليلة نزول الملائكة والروح فيها بإذن ربها.
  • أنها ليلة السلام والطمأنينة.

والحمد لله رب العالمين.

********************

هوامش المقال:

[1]  – القدر: 3.

[2]  – الدخان: 3.

[3]  – كما في سنن الترمذي (ص: 806)، كتاب: الدعوات، باب (3550) من حديث ّأبي هريرة رضي الله عنه.

[4]  – القدر: 3.

[5]  – الدخان: 3.

[6]  – صفوة التفاسير (3 /585).

[7]  – أخرجه البخاري في صحيحه (ص: 484)، كتاب: ضل ليلة القدر، باب: فضل ليلة القدر (2014).

[8]  – أخرجه النسائي في سننه (ص: 336)، كتاب: الصيام، باب: ذكر الاختلاف على  معمر فيه (2106) ، وأحمد في المسند (12/ 59) (7148).

[9]  – القدر (4-5)

[10]  – أيسر التفاسير (5/ 598).

[11]  –  أخرجه أحمد في مسنده (16/ 427) (110734).

[12]  – تفسير القرآن لابن كثير (4/ 594).

*******************

لائحة المصادر والمراجع:

أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير. لأبي بكر جابر الجزائري. ط3/ 1410هـ- 1990مـ

تفسير القرآن العظيم. لأبي الفداء ابن كثير. دار الفكر (د. ت).

سنن الترمذي. لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، حكم على أحاديثه وآثاره وعلق عليه: محمد ناصر الدين الألباني، اعتنى به: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، مكتبة المعارف، الرياض، (د.ت).

سنن النسائي. لأحمد بن شعيب. حكم على أحاديثه : محمد ناصر الدين الألباني. مكتبة المعارف. الرياض. ط1 (د.ت).

صحيح البخاري. لمحمد بن إسماعيل البخاري. دار ابن كثير. دمشق. بيروت. ط1/ 14233 هـ – 2002مـ.

صفوة التفاسير. لمحمد علي الصابوني. دار  القرآن الكريم. بيروت. لبنان ط 4/ 1402هـ- 1989مـ

مسند أحمد بن حنبل. ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون. مؤسسة الرسالة. بيروت. لبنان. ط1/ 1417هـ- 1997مـ. .

مسند أحمد بن حنبل. ت: شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد. مؤسسة الرسالة. ط 1/ 1418هـ – 1997مـ.

*راجع المقال الباحث: يوسف ازهار

Science

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق