مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامقراءة في كتابنصوص مترجمة

ثورة هادئة: عودة الحجاب من الشرق الأوسط إلى أمريكا” ليلى أحمد. ج:2

إلياس بوزغاية

 

بعد أن تتبعت الكاتبة ليلى أحمد مسار تطور الظاهرة الإسلامية والحجاب في مصر في جزئها الأول، تنتقل في جزئها الثاني لفهم هذه الظاهرة عن قرب في المجتمع الأمريكي منذ مطلع القرن الواحد والعشرين. أثناء رصدها لهذه الظاهرة، كانت الكاتبة تحمل معها أسئلة عديدة حاولت الإجابة عنها من قبيل: لماذا وكيف انتشر الإسلام والحجاب في أمريكا؟ كيف تم تلقي الظاهرة الإسلامية في المجتمع الأمريكي قبل وبعد الحرب على العراق وأفغانستان؟ ما هي الأنشطة التي يقوم بها الإسلاميون في الغرب؟ وما موقع وتأثير قضية المرأة والحجاب في المجتمع الأمريكي؟. هذه الأسئلة وغيرها تتناولها الكاتبة من خلال ثلاثة فصول في جزئها الثاني من الكتاب.

 

تناول الفصل الأول تأثير أجواء الحرب على أفغانستان والعراق على الإسلام والمسلمين والحجاب في أمريكا، وفي الفصل الثاني تعمقت الكاتبة في فهم تفاعل المسلمين مع الأحداث حولهم خاصة من خلال أنشطة الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)، ثم انتقلت بعد ذلك في الفصل الثالث إلى تحليل عميق للحراك النسائي الإسلامي من داخل المجتمع الأمريكي وكيف أثر وتأثر بالأحداث من حوله.

 

في محاولة لإسقاط التجربة المصرية على التجربة الأمريكية حول أهمية رصد عوامل أفول وصعود الظاهرة الإسلامية وارتداء الحجاب في المجتمع الأمريكي، قامت الكاتبة بعرض الأوضاع التي كانت تعيشها أمريكا مع مطلع القرن الواحد والعشرين فأشارت إلى التزايد الملاحظ لأعداد المسلمين، وإلى أنشطتهم وفاعليتهم في جمعيات حظيت بهامش كبير من الحرية والديموقراطية. لكن مع أحداث الحادي عشر من شتنبر برز التساؤل عن مدى تورط المسلمين في هذا الفعل وعن مدى قدرتهم على الاندماج في المجتمع الغربي..

 

في ظل ردود الفعل العنيفة ضد المسلمين ابتداء من سنة 2001، تصدر موضوع الإسلام والغرب عناوين الصحف والإعلام بشكل واضح، وشكل الحجاب أحد أبرز شعارات المعركة التي امتدت إلى العراق وأفغانستان. وبمباركة من السيدتين لورا بوش وشيري تم نسويغ الحرب باعتبار الحجاب والبرقع رمزا من رموز تخلف المسلمين وأن من واجب الغرب “تحضير” العالم الإسلامي. مع تسارع الأحداث في العقد الأول من القرن 21 لم يكن لدى المجتمع المسلم في أمريكا خيار آخر سوى التصدي لدعايات الإعلام المغرض وردود الفعل الغاضبة للمجتمع الأمريكي.

 

هذا ما تطرقت إليه الكاتبة ليلى أحمد من خلال تقديم رؤية من الداخل عن المنظمة الإسلامية الأولى في أمريكا -الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)- هذا بالتوازي مع التركيز على مدى حضور الجانب النسائي داخل وخارج التنظيم، فأشارت إلى شخصيات نسائية بارزة بادرت إلى إعطاء نماذج مختلفة عن المرأة في الإسلام مثل أمينة ودود، إنجريد ماتسون، راحيل راضا، وخديجة خفاجي… اللواتي ساهمن بشكل كبير في تأطير النقاش الأكاديمي حول المرأة في الإسلام. بجانب هذا كان ملاحظا أن المجتمع الإسلامي في أمريكا لم يكن متجانسا في آرائه وموقفه بشكل كبير فقد تشكلت تيارات واقطاب حاولت تقديم الإسلام من وجهة نظرها.

 

بالنسبة للكاتبة في الأخير هو أن الأحداث التي تعاقبت بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر وطريقة التفاعل معها شكلت مناخا جديدا للوجود الإسلامي بأمريكا اتسم بفرص أكبر لتحقيق تعارف بين العالمين الإسلامي والغربي، ومهد لخلق هوية إسلامية ونسائية أمريكية مازالت تستمر في التنوع والتجدد.

 

نشر بتاريخ: 4/4/2013

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق