مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةنصوص مترجمة

من قراءاتِ كتاب مجرد مقالات الشيخ الأشعري يَان بترس

Abü Bakr Ibn Fūrak, Muğarrad maqālāt al-Aš‘ari. Beyrouth, Dar el-Machreq, 1987. 17 × 24 cm., 20 + 386 p.

ابن فورك أبو بكر. مجرّد مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعريّ، دار المشرق، 1987. 17 × 24 سم.، ص. 20 (مق. فرنسية) + ص. 5 (مق. عربية) + صص. 386.

  1. تقديم

لعلَّ الدارس المصري أحمد الطيّب (و. 1946م – …) -شيخ الأزهر (2010م – …)- أوَّل الذين استعانوا بكتاب أبي بكر ابن فورك (ت. 406هـ/1015م) مجرد مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري عند عرضه أفكارا ورؤى تخص الإمام أبا الحسن الأشعري (ت. 324هـ/936م)، وذلك لما حرّر مقالين منفصلين خلال العقدين اللذين سبقا صدور نشرة الدارس الفرنسي دانيال جيماريه (و. 1933م – …) المتقنة للكتاب سنة: 1987م.

وجهت مقالتا الطيّب نظرها في فكر الإمام الأشعري نحو مستويين: الأوَّل، إبستمولوجيا علم الكلام عنده؛ والثاني، نظريته في منطقيات عمليات الجدل وآدابه. وقد كانت المقالتان أنموذجا ابتدائيا، لربما، لما يمكن أن يفتحه الكتاب لدارسي فكر مؤسّس المذهب من جهات قمينة بالبحث لـمّا لم تفِ أعماله المطبوعة، بالعقود المتأخرة، واليسيرة جدًّا في استيضاح جوانب من آرائه الكلامية.

إن قراءة يان بترس Jean Peters (و. 1940م – …)، المضمنة أدناه، تعد جنسًا من الكتابات السائرة في الدارسات الأكاديمية الغربية تحت مسمى ”المراجعة“ أو ”المراجعات“ أو ”المراجعات النقدية“، والمتداولة عربيًّا، بشكل ما، بصيغ: قراءة في…، مراجعة لـ …، أو عرض لـ كذا. ويدخل هذا الجنس من الكتابة، وبحسب التقاليد الأكاديمية، ضمن صنف المقالات الوصفية التي تسعى إلى تحرير توصيفٍ عام وشامل لكتاب أو دراسة ما، من خلال عرض الإشكالاتِ البنيوية وأجوبتها الكبرى؛ كما تجنح هذه المقالات نحو المراجعات والنقاشات النقدية العامة أو الجزئية عند إيراد تعقيبات واستدراكات على أفكار الأعمال المراجعة، أو عرضِ تطوير لها. ويزاد على هذا مساعدتها المهمة للمتخصصين والباحثينَ في تقييم المنشور من الأعمال والتنبيه على ما يصدر منها في مجالاتهم العلمية ضمن إطار علمي محكَّم ومجازٍ للنشر الأكاديمي.

وكغيره من الدارسين كتب المستشرق الهولندي بترس قراءة تقديمية واحتفائية في أهمية كتاب مجرّد مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري، تضمن تأطيرًا عامًّا للكتاب، ومناقشة جزئية للغاية في مسألة نسبة الكتاب لأبي بكر ابن فورك التي تردّد فيها النَّاشر جيماريه ولم يبدِ فيها اطمئنانًا مقنعا له قبل القارئ، ولعلها مسألة لم ينتبه إليها عموم الدارسين والباحثين رغم خطورتها بنسبة لعمل يعدّ، دون شك، أهم مصدرٍ من مصادر الأشعرية؛ سوى إن استثنينا قلَّة منهم تنبهوا لمداها، معززينَ ما جنح إليه بترس بأدلة أشد وثاقة وقوة.

  1. سيرةِ الـمُراجِع

ليست ثمة شيء مفصل في معطيات سيرة المستشرق الهولندي يان بترس Jean Peters (و. 1940م – …) العلمية؛ لكنا، رغم قلة ما بين يدينا من معطيات، وقفنا على معلوماتٍ مهمة من شأنها أن تكوِّن خطوطا عامة لبيوغرافيا بترس العلمية.

الدكتور بِترس أستاذ وباحث متخصّص في الفلسفة والفكر الإسلاميين، درسَ الفلسفة واللاهوت والعربية بكل من نيمخن وجامعة لَيْدن (مملكة هولندا)، وأقام في لبنان، تحديدًا بيروت، من أجل تحصيل اللغة العربية ودراسة اللاهوت على طريقة الرهبان. أنهى، بعد دراسة اللغويات، مرحلة الدكتوراه بعد أن سطر رسالة في هيئة دراسة آراء المتكلم القاضي عبد الجبار الهمذاني (ت. 415هـ/1025م)؛ ثم قام، لاحقا، بنشر مجموعة من الأعمال، رغم قلتها فيما يظهر؛ منها منوغرافيته المشهورة: كلام الله المخلوق God’s created speech (بريل، 1976م) في أكثر من 400 صفحة-ويظهر أنها في الأصل أطروحته للدكتوراه-، ومنها تحقيقه المشترك لكتاب المجموع في المحيط بالتكليف ج. 2-3 (دار المشرق، 1986-1999م) أحدِ عيون مؤلفات المعتزلة في علم الكلام. وقد أحيل على التقاعد سنة 2005م بعد أن تقلد مهاما إدارية.

  1. نص المراجعة المترجمة

أبو بكر ابن فورك، مجرّد مقالات الأشعريّ، دار المشرق، 1987. 17 × 24 سم.، ص. 20 + 386.

Abü Bakr Ibn Fūrak, Muğarrad maqālāt al-Aš‘ari. Beyrouth, Dar el-Machreq, 1987. 17 × 24 cm., 20 + 386 p.

في هذا الكتاب، الذي بين يدينا، نص بالغ الأهمية يضم تنسيقا لمذهب الأشعري [(ت. 324هـ/936م)] ينشر للمرة الأولى استنادا إلى مخطوط قديم (رقم 460 عارف حكمت [بالمدينة المنورة]). وفي هذا النص المثير [والواقع]: في 66 فصلا -أكثر بقليل من 350 صحيفة- يقدم المؤلّف كشفا لـ[علم] كلامِ [الإمام] الأشعري. إنه مصدر أساسي بفضل العدد الكبير من الإشكالات المعالجة فيه، وإحالاتِه على نصوص مفقودة للأشعري نفسِه. إلى ذلك؛ يقدم الكتاب عرضًا لأطروحات معلّم [المذهبِ الأشعريِّ]، بإزاءِ نظرة حول تنسيقه الكلامَ في الأجيال الأولى للمدرسة.

ينسب جيماريه، ناشر هذا النص، الكتابَ إلى أبي بكر ابن فورك (ت. 406هـ/1015م)، أحدِ أكبر علماء الفترة التقليدية للمدرسة الأشعرية في الواقع. ورغم أنَّ المخطوط يورد اسم أبي بكر ابن مبارك كاتبًا للنصّ، فجيماريه يجادل في أنّ الكاتب الحقيقي ينبغي أن يكون أبا بكر ابن فورك. بالنسبة لي؛ فإن الحجج التي أعطاها (ص. 17) وصورةَ المخطوط المضاف حاسمتان/نهائيتان.

وقد حقّق جيماريه المخطوط بالدقة التي عهدناها منه. وتعهدت الطبعَ دارُ المشرق ببيروت (ضمّن مجموعة «بحوث ودراسات») في أفضل تقاليد هذه الدار رغم أحداث البلاد [=لبنان].

ولقد عبر جيماريه عن «بالغ السعادة إذ يُقدَّم لعموم دارسي الإسلاميات هذه القطعة غير المقدرة بثمنٍ» (ص. 20). ولأيّ أحدٍ [منا] أن سيكتشف بنفسه، على الأرجح، فَضل فرحة قراءة ودراسة هذا الكتاب أكثر.

المصدر:

Bulletin critique des annales islamologiques, n°5, 1988. pp. 53-54.

حرَّر الترجمة: ذ. محمد الراضي

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق