مركز الدراسات القرآنيةقراءة في كتاب

البرهان في علوم القرآن

كتاب «البرهان في علوم القرآن» لمؤلفه الإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي ( 745 – 794 هـ) بتحقيق أبي الفضل الدمياطي عمل جليل في سلسلة خدمة كتاب العزيز العليم، وقد جاء موصولا بما سبقه من كتب عدة قام بفضل الله على خدمتها وإخراجها المحقق أبو الفضل الدمياطي منها «مناهل العرفان» للزرقاني، وتفسير جمال الدين القاسمي و«الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي، وهكذا يأتي كتاب «البرهان في علوم القرآن» للزركشي رابع هذه الكتب المتقدمة، وعنه يقول المحقق: (وهو أوسع وأشمل من مناهل «العرفان» وكذا من «الإتقان» وإن زعم صاحب «الإتقان» أنه أتى على ما لم يأت عليه غيره في كتابه المذكور، فإن ما طالع الكتابين وجد أن السيوطي اختصر «البرهان» وهذه السمة الغالبة على كتب الإمام السيوطي رحمه الله تعالى وهي اختصار كتب المتقدمين). وقد وطّأه السادة فضيلة الشيخ العلامة محمد بن رزق ساطور وفضيلة الشيخ الأديب العلامة الأستاذ الدكتور علي لقم؛ وقد قدما هذا الكتاب بكلمة، وتوقيعا لمكانة كتاب «البرهان» في مجال علوم القرآن يقول محققه: (وكل ما ألف قبل «البرهان» لا يشفي عليل، ولا يروي غليل، وكل ما ألف بعده فمنه أخذ وعلى طريقته سلك).

وجاء في كلمة الشيخ العلامة محمد بن رزق ساطور قوله: (وبعد فقد أكرم الله تعالى أخي الحبيب أحمد بن علي بتحقيق كتاب البرهان في علوم القرآن للإمام بدر الدين أبي عبد الله محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، وقد أكرمه الله من قبل ووفقه في تحقيق كتاب جلال الدين السيوطي «الإتقان في علوم القرآن» فأحسن وأجاد وأفاد حتى إنك تستطيع أن تجزم أنه صحح الأخطاء وضم كثيرا من شتات الكتاب الذي قد وقع في كل الطبعات قبله مما يحسب له… ثم يأتي تحقيقه لكتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي تتويجا لشغله في علوم القرآن ليكتمل له أجر الثلاثة إن شاء الله عز وجل، وقد نظرت إلى ما بذله في هذا الكتاب نظرة سريعة فوجدت جهدا مشكورا في مقابلة المخطوطات وعدم الاكتفاء بالمطبوع وجهد من سبقه في تحقيق الكتاب في الطبعات السابقة..). وهو جهد وعمل جيد، به من الاستدراكات الشيء الكثير. كما عمل على وضع ترجمة للإمام الزركشي ذاكرا بها اسمه ومولده وشيوخه ومؤلفاته وثناء العلماء عليه، نقتطف منها قول الحافظ ابن حجر في حقه: (كان منقطعا في منزله لا يتردد إلى أحد إلا إلى سوق الكتب، وإذا حضر إليها لا يشتري شيئا، وإنما يطالع في حانوت الكتبي طول نهاره، ومعه ظهور أوراق يعلق فيها ما يعجبه ثم يرجع فينقله إلى تصانيفه). وقد ورد في مقدمة المؤلف كلاما جميلا متأنقا في أوصاف القرآن الكريم نذكر منها قوله: (أما بعد؛ فإن أولى ما أعملت فيه القرائح، وعلقت به الأفكار اللواقح، الفحص عن أسرار التنزيل، والكشف عن حقائق التأويل، الذي تقوم به المعالم وتثبت به الدعائم. فهو العصمة الواقية، والنعمة الباقية، والحجة البالغة، والدلالة الدامغة، وهو الفصل الذي ليس بالهزل، سراج لا يخبو ضياؤه، وشهاب لا يخمد نوره وسناؤه، وبحر لا يدرك غوره. بهرت بلاغته العقول، وظهرت فصاحته على كل مقول، وتظافر إيجازه وإعجازه، وتظاهرت حقيقته ومجازه، وتقارن في الحسن مطالعه ومقاطعه، وحوت كل البيان جوامعه وبدائعه، قد أحكم الحكيم صيغته ومبناه، وقسم لفظه ومعناه…). وعن مؤلَّفه يقول: (ولما كانت علوم القرآن لا تنحصر، ومعانيه لا تستقصى، وجبت العناية بالقدر الممكن. ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه، كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث، فاستخرت الله تعالى-وله الحمد- في وضع كتاب في ذلك جامع لما تكلم الناس في فنونه، وخاضوا في نكته وعيونه، وضمّنته من المعاني الأنيقة، والحكم الرشيقة، ما يهز القلوب طربا، ويبهر العقول عجبا، ليكون مفتاحا لأبوابه، عنوانا على كتابه؛ معينا للمفسر على حقائقه، ومطلعا على بعض أسراره ودقائقه، والله المخلص والمعين، وعليه أتوكل، وبه أستعين، وسميته: «البرهان في علوم القرآن»). وقد ضم الكتاب بين ثناياه جملة من علوم القرآن ومعارفه منها: معرفة سبب النزول، معرفة المناسبات بين الآيات، معرفة الفواصل، معرفة الوجوه والنظائر، علم المتشابه، علم المبهمات في أسرار الفواتح، في خواتم السور، في معرفة المكي والمدني… وقد صنفها في سبعة وأربعين نوعا ليختم بالحديث: (واعلم أنه ما من نوع من هذه الأنواع إلا ولو أراد الإنسان استقصاءه، لاستفرغ عمره، ثم لم يحكم أمره؛ ولكن اقتصرنا من كل نوع على أصوله، والرمز إلى بعض فصوله؛ فإن الصناعة طويلة والعمر قصير؛ وماذا عسى أن يبلغ لسان التقصير! ). 

الكتاب: البرهان في علوم القرآن

المؤلف: الإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي (ت 794هـ)

تحقيق: أبي الفضل الدمياطي

الناشر: دار الحديث – طبع نشر توزيع- القاهرة، طبعة 1427هـ /2006م.

إنجاز: ذ. طه الراضي 

      مركز الدراسات القرآنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق