مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويأعلام

فترة التكوين في سيرة سيدي أحمد العروسي

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

اختلفت الروايات حول المسير التعلّمي الخاص بسيدي أحمد بن عمر العروسي، الشريف[1]، الشاذلي طريقة، الزروقي سندا[2]، الجامع بين الزروقية والجزولية[3]، من أهل القرن العاشر الهجري[4] أو القرن الحادي عشر[5]. فمن قائل إنه من بلاد بني عروس[6] حيث درس القرآن في كتاب[7]، ومن قائل إن أصله من مراكش[8]، أو من تونس[9] التي هاجر أبوه إليها قادما من بني عروس، فدرس ابنه على شيوخ جامع الزيتونة[10] بعد قراءته القرآن في أحد الكتاتيب[11].

      ويبدو أنه درس، بتونس، على أحد رموز الطريقة العروسية التي هي فرع من الشاذلية [12]. ولعله من هناك رحل إلى سيدي أحمد بن يوسف الراشدي الملياني، تلميذ سيدي أحمد زروق البرنسي الفاسي، ليأخذ عنه إلى أن أصبح من مذابحه[13].

      وقيل إن المترجم انتقل من تونس إلى المغرب، رفقة سيدي أحمد بوغنبور[14]، فأقام في فاس، فبني عروس، فمراكش[15]. حيث أخذ عن صلحاء فاس، وعن شيوخ آل ريسون، بضواحي بني عروس[16]. ولعل من شيوخه سيدي محمدا السهلي آمرَ سيدي أحمد الكرزازي بالقدوم على المترجم[17]، أو سيدي محمدا الريسوني ناصحَ سيدي يوسف بن عابد الفاسي بزيارته في الساقية الحمراء[18].

      ويبدو أن المترجم أخذ عن سيدي رحال الكوش البدلي، ببلاد بني عروس[19]، أو بمدينة مراكش[20]. حيث تابع، بالساقية الحمراء، طريقة شيخه الجزولية بالاعتماد على كتاب دلائل الخيرات، وكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم[21]. وأُثرت عنه قصيدة في مدحه عليه السلام[22].  وقيل انتقل من تونس إلى بني عروس، فالشاوية[23]، أو من تونس إلى مكناس [24]. حيث صاحب سيدي عبد الرحمان المجذوب[25]، شيخ سيدي يوسف الفاسي.

      ويبدو أن المترجم اتصل بالشيخ سيدي مَحمد بن عمرو المختاري، تلميذ سيدي مَحمد بن عيسى الفهدي، وأخذ عنه. حيث قال له: “جيتَّكّ يا ابن عمرو بِيَامِينْ الصُّلْح والْعَاطِي رَبِّنا وانْتَ المِفْتَاحْ. فقال له الشيخ سيدي امحمد بن عمرو: بَرَّك جمَلْكَ يا العْروسي تَدِّ الْمَسْكْ الْفَوَّاحْ، وكَفْ لْسَانْك يا لعروسي لاَتْجِيلَكْ رِّياحْ“[26]. ومن مكناس انتقل إلى مراكش[27]. وقيل إنه تعلم في مدارس سوس[28].

      وبذلك، شكلت سيرة سيدي أحمد العروسي التعلّمية صلتين ثقافيتين كبريين. أولاهما صلة ثقافية رابطة بين مكونات المغرب الكبير. وثانيتها : صلة ثقافية رابطة بين الطريقة الراشدية والطريقة الجزولية، ورابطة بين الزاوية الزروقية، والزاوية الجزولية، والزاوية العيسوية، والزاوية الفاسية.

الإحالات:

[1] أعلام من الصحراء المغربية، محمد الجيلاني لعبدَّ، الداخلة، مطبعة BENSS، د. ت، ص23، وص25، وص27، وص27- 28.

[2] الحركة الصوفية بالساقية الحمراء، لعروسي داهي، في: ثقافة الصحراء مدارات الهوية والمعنى، الرباط، مطبعة دار المناهل، 2013، ص123، وص129.

[3] مادة العروسي، أحمد، محمد بوخالد، في: معلمة المغرب، ج27، ص454.

[4] ممتع الأسماع في الجزولي والتباع، محمد المهدي الفاسي، تحقيق  وتعليق: عبد الحي العمروي- عبد الكريم مراد، مطبعة النجاح الجديدة، 1994 م، ص123.

[5] مادة العروسي، أحمد، أحمد الوارث، في: معلمة المغرب، ج18، ص6046.

[6] نفسه، ص6045.

[7] العروسيون: من الجد الجامع إلى المجموعة الاجتماعية، محمد دحمان، في: تاريخ الشرفاء العروسيين، سلا، مطبعة بني ازناسن، 2004 م، ص26.

[8] الولي الصالح سيدي أحمد العروسي في آثار الدارسين، إدريس نقوري، في: تاريخ الشرفاء العروسيين، ص61، وص65.

[9] أولياء وصلحاء الصحراء، إدريس نقوري، مطبعة ديماكَراف، 2018 م، صفحات: 193- 204- 313- 314- 315- 319- 321- 342.

[10] الشرفاء الرقيبات بالصحراء المغربية، ج2، عبد العزيز منير، الدار البيضاء، دار قرطبة للطباعة والنشر، د. ت، ص126.

[11] الحركة الصوفية وأثرها في أدب الصحراء المغربية، محمد الظريف، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 2002 م، ص188.

[12] أعلام من الصحراء المغربية، ص25، وص27.

[13] سيدي أحمد العروسي الشريف المتصوف، أحمد الوارث، في: تاريخ الشرفاء العروسيين، ص14- 15، وص15- 18.

[14] أولياء وصلحاء الصحراء، ص204، وص314، وص315، وص342.

[15] نفسه، ص193، وص314، وص315، وص319، وص321.

[16] الحركة الصوفية بالساقية الحمراء، ص123، بتصرف.

[17] زاوية الشيخ امحمد بن عمرو المختاري، أحمد الوارث، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 2016 م، ص133، وص135- 136.

[18] رحلة ابن عابد الفاسي، يوسف الفاسي، تحقيق وتقديم وتعليق: إبراهيم السامرائي- عبد الله محمد الحبشي، دار الغرب الإسلامي، 1993 م، ص52.

[19] هجرة الشيخ سيدي أحمد العروسي من مراكش إلى الساقية الحمراء، محمد الجيلاني، في: تاريخ الشرفاء العروسيين، ص70.

[20] ممتع الأسماع في الجزولي والتباع، ص123.

[21] الحركة الصوفية بالساقية الحمراء، ص129.

[22] كتاب منهج الارتحال، محمد الرحالي، مطبعة الأمنية، 1956 م، ص37- 39.

[23] الشرفاء الرقيبات بالصحراء المغربية، ج2، ص126.

[24] أولياء وصلحاء الصحراء، ص315.

[25] الحركة الصوفية بالساقية الحمراء، ص123.

[26] زاوية الشيخ امحمد بن عمرو المختاري، ص133.

[27] السمارة: تراث روحي وعلمي، عبد الوافي الخرشي، في: التراث الحساني والإقلاع التنموي، فاس، مطبعة الكتاب، 2014 م، ص147.

[28] أولياء وصلحاء الصحراء، ص314، وص316.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق