مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

شرح “موجز البلاغة”للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور (الحلقة الرابعة)

 

(تأليف صاحب الفضيلة الأستاذ الإمام الشيخ سيدي محمد الطاهر ابن عاشور شيخ الإسلام المالكي وشيخ الجامع الأعظم أدام الله بقاءه). 
التأليف: إيقاع الألفة، والجمع بين شيئين كانا متفرقين، ومنه قوله تعالى:”ولكن الله ألف بينهم”. وهو حقيقة في الأجسام، مجاز في غيرها، وذلك كاستعماله في الحروف، فإن التأليف بينها لتصير كلمات مستعمل استعمالا مجازيا. وعلى هذا الوجه استعماله هنا، فهو بالنظر إلى الأصل مجاز لغوي، وبالنظر إلى ما آل الأمر إليه استعمالٌ عُرفي خاص.
والمقصود بتأليف الكتب الوصل بين الأمور المتفقة، والجمع بين الأشياء المتباعدة، وضم اللفظ إلى اللفظ، والمعنى إلى المعنى، حتى يكون كالجملة الكافية فيما يحتاج إليه. فهو بهذا المعنى أعم من التصنيف، لأن التصنيف ، كما بين ذلك العسكري ـ رحمه الله تعالى ـ في الفروق”تأليف صنف من العلم. ولا يقال للكتاب إذا تضمن نقض شيء من الكلام مصنف، لأنه جمع الشيء وضده، والقول ونقيضه، والتأليف يجمع ذلك كله”. 
وقد حُلي المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ (جمادى الأولى 1296 هـ ـ سبتمبر 1879 م/13 رجب 1394 هـ ـ 12 غشت 1973 م ) هنا بجملة من الألقاب، منها صاحب الفضيلة، وهو لقب اعتاد أهل العصر أن يجعلوه قبل لفظ الشيخ، وجعلوا له في بعض البلاد العربية مدلولا دالا على الترتيب، فيسمى الناشئ في العلم عندهم شيخا، ثم فضيلة شيخ، ثم معالي شيخ، ثم سماحة شيخ. وليس إلى هذا المعنى ذهب من كتب هذه التحلية.
ومنها الأستاذ، وتجمع على أستاذين وأساتذة، وهي كلمة فارسية، إذ لا تجتمع السين والذال في كلمة عربية. قال ابن دحية في “المطرب”:”واصطلحت العامة إذا عظموا المحبوب أن يخاطبوه بالأستاذ، وإنما أخذوا ذلك من الماهر بصنعته، لأنه ربما كان تحت يده غلمان يؤدبهم، فكأنه أستاذ في حسن الأدب”. 
وقد يُطلق هذا اللفظ بين أهل مذهب فيعتبرون “أل” فيه عهدية ذهنية. وذلك من مثل إطلاق المالكية لفظ الأستاذ، إذا لم يعين، على  أبي بكر الطرطوشي(ت:520هـ)، وإطلاق الحنفية له على عبد الله بن محمد بن يعقوب السبذموني(ت: 340 هـ).
ومنها شيخ الإسلام المالكي، وهو المنصب الذي اختير له المؤلف سنة: 1932 م. 
ومنها شيخ الجامع الأعظم، والمقصود به هنا جامع الزيتونة، وكان الشيخ قد عين في هذا المنصب سنة:1932م، ثم استقال منه بعد سنة ونصف، ولما كانت سنة:1945م عاد إلى منصبه واستمر فيه إلى سنة 1952م. وعند استقلال تونس أسندت إليه رئاسة الجامعة الزيتونية سنة: 1374 هـ/1956م.  
وهذه ألقاب احتفل بها المتأخرون بأثر أعجمي، فارسي ثم تركي. وفي بعض ذلك يقول اللكنوي في “الفوائد البهية”:”الغالب على فقهاء العراق السذاجة عن الألقاب والاكتفاء بالنسبة إلى صناعة أو محلة أو قبيلة أو قرية، كالجصاص، والقدوري، والطحاوي، والكرخي، والصيمري . والغالب على أهل خراسان وما وراء النهر المغالاة في الترفع على غيرهم، كشمس الأئمة، وفخر الإسلام، وصدر الإسلام، وصدر جهان، وصدر الشريعة، ونحو ذلك. وهذا في الأزمنة المتأخرة، وأما في الأزمنة المتقدمة فكلهم بريئون من أمثال ذلك”.

د. محمد الحافظ الروسي


(تأليف صاحب الفضيلة الأستاذ الإمام الشيخ سيدي محمد الطاهر ابن عاشور شيخ الإسلام المالكي وشيخ الجامع الأعظم أدام الله بقاءه). 

التأليف: إيقاع الألفة، والجمع بين شيئين كانا متفرقين، ومنه قوله تعالى:”ولكن الله ألف بينهم”. وهو حقيقة في الأجسام، مجاز في غيرها، وذلك كاستعماله في الحروف، فإن التأليف بينها لتصير كلمات مستعمل استعمالا مجازيا. وعلى هذا الوجه استعماله هنا، فهو بالنظر إلى الأصل مجاز لغوي، وبالنظر إلى ما آل الأمر إليه استعمالٌ عُرفي خاص.

والمقصود بتأليف الكتب الوصل بين الأمور المتفقة، والجمع بين الأشياء المتباعدة، وضم اللفظ إلى اللفظ، والمعنى إلى المعنى، حتى يكون كالجملة الكافية فيما يحتاج إليه. فهو بهذا المعنى أعم من التصنيف، لأن التصنيف ، كما بين ذلك العسكري ـ رحمه الله تعالى ـ في الفروق”تأليف صنف من العلم. ولا يقال للكتاب إذا تضمن نقض شيء من الكلام مصنف، لأنه جمع الشيء وضده، والقول ونقيضه، والتأليف يجمع ذلك كله”. 

وقد حُلي المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ (جمادى الأولى 1296 هـ ـ سبتمبر 1879 م/13 رجب 1394 هـ ـ 12 غشت 1973 م ) هنا بجملة من الألقاب، منها صاحب الفضيلة، وهو لقب اعتاد أهل العصر أن يجعلوه قبل لفظ الشيخ، وجعلوا له في بعض البلاد العربية مدلولا دالا على الترتيب، فيسمى الناشئ في العلم عندهم شيخا، ثم فضيلة شيخ، ثم معالي شيخ، ثم سماحة شيخ. وليس إلى هذا المعنى ذهب من كتب هذه التحلية.

ومنها الأستاذ، وتجمع على أستاذين وأساتذة، وهي كلمة فارسية، إذ لا تجتمع السين والذال في كلمة عربية. قال ابن دحية في “المطرب”:”واصطلحت العامة إذا عظموا المحبوب أن يخاطبوه بالأستاذ، وإنما أخذوا ذلك من الماهر بصنعته، لأنه ربما كان تحت يده غلمان يؤدبهم، فكأنه أستاذ في حسن الأدب”.

 وقد يُطلق هذا اللفظ بين أهل مذهب فيعتبرون “أل” فيه عهدية ذهنية. وذلك من مثل إطلاق المالكية لفظ الأستاذ، إذا لم يعين، على  أبي بكر الطرطوشي(ت:520هـ)، وإطلاق الحنفية له على عبد الله بن محمد بن يعقوب السبذموني(ت: 340 هـ).

ومنها شيخ الإسلام المالكي، وهو المنصب الذي اختير له المؤلف سنة: 1932 م

ومنها شيخ الجامع الأعظم، والمقصود به هنا جامع الزيتونة، وكان الشيخ قد عين في هذا المنصب سنة:1932م، ثم استقال منه بعد سنة ونصف، ولما كانت سنة:1945م عاد إلى منصبه واستمر فيه إلى سنة 1952م. وعند استقلال تونس أسندت إليه رئاسة الجامعة الزيتونية سنة: 1374 هـ/1956م.

 وهذه ألقاب احتفل بها المتأخرون بأثر أعجمي، فارسي ثم تركي. وفي بعض ذلك يقول اللكنوي في “الفوائد البهية”:”الغالب على فقهاء العراق السذاجة عن الألقاب والاكتفاء بالنسبة إلى صناعة أو محلة أو قبيلة أو قرية، كالجصاص، والقدوري، والطحاوي، والكرخي، والصيمري . والغالب على أهل خراسان وما وراء النهر المغالاة في الترفع على غيرهم، كشمس الأئمة، وفخر الإسلام، وصدر الإسلام، وصدر جهان، وصدر الشريعة، ونحو ذلك. وهذا في الأزمنة المتأخرة، وأما في الأزمنة المتقدمة فكلهم بريئون من أمثال ذلك”.

الدكتور محمد الحافظ الروسي

  • رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق