مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويمعالم

دور الشرفاء العروسيين في الدفاع عن الوحدة الوطنية

إن المتتبع لتاريخ العمل الوطني والمقاومة بالجنوب المغربي قديمه وحديثه، ليعلم حقا وتمام العلم أن هذا التاريخ طافح بالملاحم والبطولات، التي تشهد على رسوخ وتجدر وقوة العروة الوثقى النابعة من روابط البيعة، التي جمعت دوما القبائل الصحراوية بملوك الدولة المغربية، الذين امتدت مملكتهم إلى تخوم الصحراء، بما يجسده ذلك الامتداد من وحدة في العقيدة واللغة، وتقارب في التقاليد والعادات والأعراف، وأنماط العيش التي تستمد روحها من جذورها الضاربة في أعماق تاريخ الصحراء المجيد. وعن مساهمة الصحراء في بناء الدولة المغربية يقول الأستاذ محمد زنيبر: «ولئن كان هذا الجزء عانى منذ أزمان بعيدةمن الخصاص والجدب والفقر، فقد قدر له مع ذلك أن يكون له حضور مستمر، أحيانا حاسم في تاريخ المغرب، ومن يتصفح ذلك التاريخ بإمعان يخرج بانطباع عام، وهو أن منطقة الصحراء والواحات كانت أكثر فعالية ودينامية من المناطق الشمالية الغنية والخصبة في تحريك التاريخ»(1).

والتاريخ يحفل بمجموعة من المؤشرات التي تثبت ارتباط الأقاليم الصحراوية بالمغرب، نذكر منها: تعيين وتوجيه ممثلي السلطة المخزنية إلى مختلف مناطق الصحراء، ذلك أن هذه الجهات لم تكن تختلف في شيء عن مناطق المغرب الأخرى، بل إنها في بعض الظروف كانت تنال من اهتمام المخزن ما لم تنله بقية الجهات الأخرى، وفي ذلك يقول محمد الغربي في كتابه «الساقية الحمراء ووادي الذهب»: «وفي الصحراء الآن كثير من الرؤساء تسلسل تعيينهم وتعيين آبائهم بظهائر سلطانية منذ مئات السنين، وقد اكتسب ذلك عائلاتهم تقديسا كبيرا، وما من قبيلة في الصحراء إلا ويوجد فيها الكثير من الأسر عين منها قواد بظهائر سلطانية»(2).

فالجنوب المغربي كان له دائما دورا سياسيا وحاسما في بناء الكيان السياسي المغربي كدولة لها حدودها وهويتها منذ الفتح الإسلامي إلى عهد الدولة العلوية، فمن مجموع ثمان دول تعاقبت على حكم المغرب ستة منها قدمت من جهة الجنوب: المدارية، الزناتية، المرابطية، المرينية، السعدية، وأخيرا العلوية، ومن ثمة نستنتج أن هذه الربوع الطيبة برجالاتها الأتقياء كانت دائمة ساعية إلى جمع الشتات وتوطيد وحدة البلاد، حيث  تمكن أولئك المجاهدون والشرفاء الصالحون من تأسيس رباطات وزوايا وقبائل واصلت مهمة الجهاد والدفاع عن بيضة الدين وحوزة الوطن، من تلك القبائل؛ قبيلة  العروسيين التي تنتسب إلى ولي من أولياء المغرب وصلحائه الشيخ سيدي أحمد العروسي المتوفى سنة (1002هـ/1594م)، دفين الساقية الحمراء، والتي تعيش في الصحراء المغربية جنوب مدينة العيون، وينتشر أفرادها مثل بقية القبائل الصحراوية في مناطق الصحراء: في الداخلة، وبوجدور، وفي ربوع موريتانيا، وفي كثير من مناطق المغرب في الوسط والشمال.

ومن المؤكد أن منطقة الساقية الحمراء قد أصبحت منذ القرن 10هـ/16م قاعدة للجهاد ورباطا لتوحيد الصفوف ومقاومة الاحتلال، فسيرة سيدي أحمد العروسي وأبناء عمومته بالمناطق الصحراوية حافلة لمواقفهم الثابتة لترسيخ الوحدة الوطنية ونبذ الاختلاف والتشرذم، حيث طغى على عالمهم البعد العلمي واتجهوا نحو تعميق قيمة الجهاد بين أتباعهم، خاصة بعد ضعف الدولة السعدية، والدور الأكبر الذي سيضطلعون به في توحيد الصفوف ضد الغزو الأوربي، وهو الأمر الذي سيتجدد بعد قيام الدولة العلوية، والعلاقة المتينة التي ستربط بين الملوك العلويين وأبناء الساقية الحمراء، سواء عن طريق المساهمة في توطيد دعائم الحكم أو التصدي للمحاولات الغاشمة لاحتلال الثغور الصحراوية. بل أكثر من ذلك إن تواجد الشرفاء بالمناطق الصحراوية قد استطاع أن يشكل حزام أمن مشترك بين إفريقيا السوداء المسلمة وبين دول المغرب العربي قاطبة ضد الاجتياح الأوربي، ولعل مواجهة قبائل العروسيين للاحتلال الفرنسي لموريتانيا لخير مثال على ذلك، فهم إلى جانب مقاومة الاستعمار بالعتاد والمال عملوا على إرساء دعائم الإسلام بهذه المناطق والمناطق المجاورة لها، فلولا تواجدهم علماء وفقهاء من أبناء عمومتهم بهذه المناطق لوجد الاستعمار أرض خلاء يرتع فيها كما يشاء(3).

لقد امتد جهاد العروسيين إلى أقصى جنوب بلاد موريتانيا، حيث تتابعت الروايات الشفوية على أن إبراهيم بن الشيخ سيدي أحمد العروسي قاد حملات الجهاد بنفسه ضد التسلل الفرنسي الزاحف من شمال السينغال إلى جنوب موريتانيا خلال فترة آخر حكم السعديين، ويروى أنه ساهم في بعض وقائع حرب «ببه» المشهورة في تلك الجهة(4)،  وأنه جمع جيشا كبيرا من مختلف قبائل المنطقة آنذاك، وحاول تأسيس نواة لقوة قادرة على حماية الجنوب المغربي من أي تسلل للنصارى، وحتى يتمكن من ذلك تاقت نفسه لحماية الضفة الشمالية لنهر صنهاجة، واستمر في ذلك إلى أن وافاه الأجل في أحد سفراته على رأس جيش من المجاهدين، ثم دفن بمكان يسمى دومس بوادي الذهب (5).

وتبعه في ذلك ابنه شنان الذي ذهب إلى الشرق للقيام بنفس الهدف الديني الذي قام به والده إبرهيم في الجنوب، وفي ذلك يقول الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين:«والمرجح لدي أنه ـ أي إبراهيم بن أحمد العروسي ـ عقب ولدا اسمه شنان اشتغل بنفس المهمة، ودليلي على ذلك ما قاله صاحب الحسوة البيسانية: «أن أحد الشرفاء اسمه شنان ابن إبراهيم، وهو شريف، نزل بولاتة في محلته، وفرض الضرائب على كل شيء حتى على حطب الطبخ، فشق ذلك على السكان نظرا لقوة جيشه وعدم طاقتهم على قتاله، فلقد نزل على عين ماء جارية توجد شرق المدينة اسمها عين النخل، وأدار على جيشه حائطا، فاحتال عليه أولاد يونس بأن انقسموا فريقين أظهرا خلافا مصطنعا، فانضم إليه أحدهم، فأدخله معه في قصبته، فهجم عليه الفريق الآخر، فلما خرج لقتالهم أخذه الفريق المهادن من الخلف، فأوقعوا في جيشه القتل والنهب، ثم قتل هو، قتله رجل من أحلاف أولاد يونس»»(6). إن قتل شنان بن إبراهيم العروسي بولاتة سنة 1040هـ  لدليل على سعة الرقعة التي انتشر فيها جهاد الشرفاء العروسيين(7).

ويظهر من خلال تتبع حركات أبناء وحفدة الشيخ سيدي أحمد العروسي أن هذه القبيلة بدأت في الانتشار نحو الجنوب انطلاقا من الساقية الحمراء موطن الجد المؤسس نحو مناطق تيرس والحوض الشرقي ومالي وأرض الكبلة وذلك في شكل حملات عسكرية(8)، يقول الباحث الموريتاني سيد أحمد بن أحمد سالم بهذا الصدد: «… قبيلة العروسيين المشهورة بالصحراء يبدو من خلال المصادر التاريخية الموريتانية التي أرخت لهذه الفترة أن البلاد عرفت موجات متلاحقة من غزوات العروسيين القادمين من جنوب المغرب، فنجد شنان بن إبراهيم العروسي يرافقه أخوه التونسي وأبوهما إبراهيم يضايق أهل ولاتة طيلة إحدى عشر سنة وزيادة، ويفرض عليهم المغرم إلى أن قتله أولاد يونس سنة 1040هـ، وسيدي إبراهيم بن سيد أحمد العروسي  يفعل نفس الشيء مع زوايا الكبلة إلى أن أضعفه أحمد بن دامان مستعينا بقوته العسكرية في معركة انتيتام ضد أولاد رزك سنة 1040هـ، ودارت حرب شديدة بين العروسيين وتجاكانت الذين أجلوهم عن أركيز وتامشكط وتجاكانت يومها في نكبة»(9)، إذن لم يعد العروسيين فقط زوايا منعزلين عن الحياة العامة للصحراء، بل دخلوا في سلك الحرابة والغزو، وبذلك جمعوا ما بين المعرفة والحرابة أي كل من الرأسمال الرمزي والمادي، خاصة أننا في وسط صحراوي شحيح بموارده الطبيعية والبشرية والبقاء فيه للقوة والشوكة.

إن التحرك العروسي بجنوب تراب البيضان تزامن مع ظرفية خاصة، هي بداية انتشار الطرق الصوفية هناك وتحرك المجموعات القبلية المشرئبة إلى تأسيس الإمارات الحسانية والحضور السعدي في منطقة تنبكتو وبلاد مالي، لذلك كان على هذه المجموعة الاجتماعية الناهضة إيجاد مكانة لها ضمن هذا السياق المتحول(10).

كما أن انتقال العروسيين نحو الجنوب لم يكن وليد عوامل الصدفة، بل كان جنوب تراب البيضان هو مجال نمو الزوايا العلمية الظاعنة ومجال تمركز الموجة الحسانية الصاعدة كما أنه بوابة السودان موطن الذهب والتجارة(11)، وهكذا نجد صاحب كتاب «تاريخ السودان» يتحدث عن بعض العروسيين بمنطقة تنبكتو بمالي من ذلك قوله: «…وفي يوم الإثنين آخر يوم من المحرم فاتح عام التاسع والثلاثين والألف توفي عمر بن إبراهيم العروسي وغلامه بلال قتلا في المعركة بينه وبين الباشا علي بن عبد القادر»(12)، ويقول في مكان آخر من نفس الكتاب: «… في العام التاسع والأربعين والألف … وفي شهر ذي القعدة منه توفي اسكيا علي سنب المعزول في بلد كير جينو قتله أصحاب غزوة شنان بن إبراهيم العروسي وقتلوا كثيرا من خيار الصنهاجيين الساكنين هنالك وأفسدوا فيها فسادا عظيما»(13). وهنا نلاحظ دور الحرابة والقوة المادية في هيمنة العروسيين على جنوب الصحراء في النصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري إلى درجة بنائهم لبعض القصبات هناك مثل ما ذكر الطالب أحمد بن طوير الجنة الحاجي في مرحلة لاحقة هي القرن 12هـ  حيث يقول: «وفي الثالث والستين ومائة وألف نزل أولاد امبارك في برسق وهو عام كسر كصبة ولد أبير العروسي»(14)، لكن نتيجة قلة العروسيين وبروز قوى مناهضة لهم هناك كحلف تشمشة الزاوي وقوة أولاد امبارك تراجع العروسيون نحو شمال الصحراء، وبدأ آنذاك تمركزهم بمنطقة تيرس والساحل(15).

لقد دافع الشرفاء العروسيون ببسالة ورباطة جأش على وحدة المغرب، فوقفوا ضد البرتغال والانجليز وفرنسا واسبانيا، فكل المعارك التي نشبت بالمنطقة الصحراوية ابتداء من القرن 17م كان العروسيون السباقون إليها، ولما تحكم الاستعمار الإسباني ظل شيوخ العروسيين من أقوى المجاهدين ببيعتهم للعرش العلوي(16)، حيث جمع أبناء هذه القبيلة في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بين العلم وحمل السلاح، فقادوا عدة عمليات جهادية لصد الهجمات الصليبية على الشواطئ المغربية في الأقاليم الصحراوية، ولذلك عين السلطان مولاي الحسن أحد رجالاتهم وهو حسن بن العروسي قائدا للمخزن بالمنطقة، وكلفه بمراقبة السواحل الصحراوية، ومنع تسرب الأجانب إليها(17).

ومن مواقفهم الجهادية أيضا ضد المستعمر نذكر إسهامهم الجريء مع قبائل الصحراء الأخرى: ففي سنة 1893م حاولت الشركة التجارية الإسبانية Transatlantique التي استأجرت منشآت مركز فيلاسيسنيروس «الداخلة» من الشركة التجارية الإسبانية ـ الإفريقية إعادة بناء ما تهدم من منشآت المركز بسبب الهجوم الذي قامت به القبائل سنة 1892م. لكنها فشلت في تحقيق ذلك بسبب الهجومات التي قادها كل من العروسيين وأولاد دليم وأولاد أبي السباع سنة 1894م، فحاول أعضاء هذه الشركة إغراء محاربي هذه القبائل بمبالغ مالية ومواد غذائية متنوعة للسماح لهم بإعادة بناء منشآت المركز وربط علاقات ودية معهم، فامتنعت القبائل المذكورة وقررت مواصلة الجهاد ضد الأجانب. كما شاركت قبيلة العروسيين في أغلب الهجومات التي قامت بها قبائل الجنوب المغربي ضد مركز البريطانيين في ساحل طرفاية(18).

ومع بداية ظهور أطماع فرنسا في بلاد شنقيط وآدرار انتدبت قبيلة العروسيين بعض شيوخها وأعيانها لمرافقة الشيخ ماء العينين في زيارته المتكررة سواء لفاس أو لمراكش لتجديد البيعة للسلطان والحصول منه على الأسلحة لمواجهة مشاريع فرنسا التوسعية في الجنوب المغربي وحاول الحاكم العسكري والسياسي الإسباني بالصحراء الليتونان كولنيل Francisco Bens نهج سياسة مرنة مع محاربي قبيلة العروسيين تبتعد عن استخدام السلاح، فتوصل في أواسط شهر مارس 1906م إلى عقد لقاء مع شيوخ أولاد دليم والعروسيين والركيبات وأولاد أبي السباع للتفاوض حول الطرق السلمية الكفيلة بحماية مركز الداخلة من أي هجوم تقوم به هذه القبائل في المستقبل، كما أنه حاول إقناع شيوخ قبيلة العروسين برغبته المتمثلة في إدماج بعض الأفراد في الحامية العسكرية الإسبانية المكلفة بحراسة فيلاسيسنيروس(19).

وكذا إرغامهم بعثة عسكرية إسبانية حاولت التوغل في أراضيهم على النكوص إلى طرفاية.

ويظهر مما سبق أن قبيلة العروسيين حظيت مثلها مثل باقي قبائل الصحراء المغربية بمكانة خاصة لدى المخزن المغربي، فكل ما كان يستعصي حله على القبائل الصحراوية يتكلف به المخزن المركزي، وكل ما تعذر على المخزن تحقيقه في هذه البقاع النائية تقوم به القبائل على أحسن وجه وتمثيل، كما أنها كانت تأتمر بأوامر ونواهي السلطان، ويكفي أن نذكر في هذا الصدد مثال على ذلك وهو: امتثال شيوخ قبيلة العروسيين لأوامر السلطان مولاي عبد العزيز الذي بعث برسالة لشيوخ قبيلة العروسيين حثهم فيها على عدم التهاون في الدفاع عن سواحل الصحراء ووعدهم بكميات هامة من السلاح لمساعدتهم في جهادهم ضد الأجانب، ومما قال فيها: «… بلغ لشريف علمنا ما تشكونه من محاولات الأمم الأجنبية للاستيلاء على بلادكم … وأن الإذن الخصوصي والقائد المطاع هما اللذان ينقصانكم، ومن جهة أخرى الأسلحة العصرية، وهذا دليل على حسن نباهتكم … ونحن نرى أن خوفكم من ذوي المطامع السياسية في بلادكم برهان قاطع على حسن إيمانكم بالله ومن جهة أخرى فإن ما تطلبوه من حكومتنا الشريفة التي تعرف إخلاصكم من قديم هو موجب مطالبكم ودليل على وفائكم في التعلق بجنابها العالي بالله وبذلك ستدافعون عن ملتكم وتحتفظون بمكانتكم عندنا…»(20).

 ونظرا لهذه المكانة أصدر السلطان مولاي عبد العزيز ظهير تعيين سليمان العروسي قائدا على قبيلة الكَرح من قبائل تكنة في 24 غشت 1906م، ومما قال فيه: «… خدامنا الأرضين جماعة الكَرح من قبيلة تكنة أهل الصحراء وفقكم الله وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فقد ولينا عليكم خديمنا القائد سليمان العروسي، وأسندنا له النظر في أموركم، فنأمركم أن تسمعوا وتطيعوا وتكونوا عند الأمر والنهي في أمور خدمتنا الشريفة، أسعدكم الله به وأسعده بكم، ووفت الجميع لما فيه رضاه والسلام»(21).

كما حضر شيوخ وأعيان قبيلة العروسيين في الاجتماع الذي عقدته قبائل الصحراء بمدينة السمارة تحت إمرة الشيخ ماء العينين بسبب وصول المبعوث السلطاني الشريف مولاي إدريس للصحراء سنة 1906م لمواصلة الجهاد ضد الجيوش الفرنسية، فجددوا بيعتهم مثل باقي القبائل للمبعوث السلطاني ودفعوا له ما ترتب عليهم من زكاة وأعشار(22).

وكانت لهم أيضا مشاركة فعالة في مؤتمر أم الشكاك في أبريل سنة 1956م بدعوة من نائب الخليفة الولي الكامل والعالم العامل والقائد المحنك الصالح المصلح الشيخ محمد الأغظف الذي دعا لذلك المؤتمر فترأسه ومَوَّلَه ووجَّهَه، فكان أبناء العروسيين من أكثر الناس الذين حضروا فيه، فهبت مجموعة منهم في الوفد الأول من الصحراء فبايع جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه(23)، دون أن ننسى الإشارة إلى إسهامهم في تجديد بيعة أهل وادي الذهب للملك الحسن الثاني سنة 1979م، ومما ورد فيها: «نحن قبائل أولاد دليم والرقيبات وآيت لحسن والسكارنة والعروسيين والزركيين وآل الشيخ ماء العينين وأولاد تيدرارين ويكوت وآيت باعمران وآل محمد سالم وآل بارك الله وإيديقب وتندغ والفويكات وإيمراكن سكان وادي الذهب … نجدد لأمير المؤمنين حامي حمى الوطن والدين سيدنا الحسن الثاني حفظه الله بالسبع المثاني، البيعة التي بايع بها آباؤنا وأجدادنا آباءه وأجداده الكرام»(24).

وبناء عليه فإن الشرفاء العروسيون حملوا السلاح في وجه المد الاستعماري بشرف وإخلاص وشجاعة، ونفس الشيء فعلوه مع جيش التحرير خلال الخمسينات والستينيات، فدافعوا عن الوحدة المغربية داخل الجيش دفاع المجاهدين الأبطال(25). كما أنهم أسهموا كغيرهم من القبائل وكعادتهم في الإخلاص للعرش العلوي المنيف في تجديد بيعة أهل الصحراء المغربية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم فاتح شتنبر 1999م(26).

إذن، لقد ظل العروسيون واقفين في الصف الأمامي مع المدافعين من أبطال قبائل الصحراء لصد التسللات الأجنبية برتغالية كانت أو إنجليزية أو فرنسية أو إسبانية، فكل المعارك التي تتابعت في المنطقة ابتداءا من القرن السابع عشر حتى وضعت الحرب أوزارها سنة 1934م في الصحراء المغربية كان رجال العروسيين من أصلب مقاتليها وأشجع مجاهديها، ولما تحكم الاستعمار الإسباني ظل شيوخ العروسيين من أقوى المدافعين عن الشريعة الإسلامية المجاهرين ببيعتهم للعرش العلوي المجيد، كما استمروا في مقدمة العمل الوطني بالمنطقة إلى اليوم.

 

 

إعداد: حسناء بوتوادي

 

 

 



 (1)مساهمة الصحراء في بناء الدولة المغربية، لمحمد زنيبر، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، عدد مزدوج 21-22، السنة 1998م، ص77).

 

 (2)(1/102).

 (3)انظر بحث: العروسيون من العهد السعدي إلى عهد العلويين ثلاثة قرون من الجهاد والوفاء، لخرباش عبد اللطيف، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص96).

 (4)انظر: كتاب قبائل الصحراء المغربية أصولها ـ جهادها ـ ثقافتها، حمداتي شبيهنا ماء العينين، المطبعة الملكية، الرباط، 1419هـ/1998م، (ص127)، (ص131).

 (5)المرجع نفسه (ص131).

 (6)انظر: كتاب قبائل الصحراء المغربية (ص131ـ132)، والحسوة البيسانية في علم الأنساب الحسانية، بصالح بن عبد الوهاب الناصري، مخطوط.

 (7)كتاب قبائل الصحراء المغربية (ص132).

 (8)انظر: بحث العروسيون من الجد الجامع إلى المجموعة الاجتماعية، لمحمد دحمان، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص27ـ28).

 (9)انظر: تعليق لسيد أحمد بن أحمد سالم ضمن تحقيقه لكتاب «تاريخ ابن طوير الجنة للطالب أحمد بن طوير الجنة الحاجي الواداني (ت1265هـ/1849م»، منشورات معهد الدراسات الإفريقية بالرباط، سلسلة نصوص ووثائق (4)،مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 1995م،  (ص45).

 (10)انظر: بحث العروسيون من الجد الجامع إلى المجموعة الاجتماعية، لمحمد دحمان، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص28).

 (11)المرجع السابق (ص29).

 (12)(ص245ـ246).

 (13)تاريخ السودان (ص297).

 (14)تاريخ ابن طوير الجنة (ص66).

 (15)انظر: بحث العروسيون من الجد الجامع إلى المجموعة الاجتماعية، لمحمد دحمان، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص29).

 (16)بحث: العروسيون من العهد السعدي إلى عهد العلويين ثلاثة قرون من الجهاد والوفاء، لخرباش عبد اللطيف، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص97).

 (17)الحركة الصوفية وأثرها في أدب الصحراء المغربية (1800ـ1956)، محمد الظريف، منشورات كلية الآداب والعلةوم الإنسانية بالمحمدية، سلسلة الرسائل والأطروحات رقم (2)، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2002م، (ص189).

 (18)انظر بحث: مساهمة قبيلة العروسيين في الجهاد ضد الغزو الأجنبي، لنور الدين بلحداد، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص101ـ102).

 (19)انظر بحث: مساهمة قبيلة العروسيين في الجهاد ضد الغزو الأجنبي، لنور الدين بلحداد، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص102).

 (20)انظر بحث: مساهمة قبيلة العروسيين في الجهاد ضد الغزو الأجنبي، لنور الدين بلحداد، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص102ـ103).

 (21)انظر بحث: مساهمة قبيلة العروسيين في الجهاد ضد الغزو الأجنبي، لنور الدين بلحداد، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص102).

 (22)المرجع نفسه (ص102).

 (23)انظر: كتاب قبائل الصحراء المغربية (ص133)، والساقية الحمراء ووادي الذهب، محمد الغربي، دار الكتاب، الدار البيضاء، (ص33).

 (24)الساقية الحمراء ووادي الذهب (ص33).

 (25)كتاب قبائل الصحراء المغربية (ص127).

 (26)انظر بحث: الشرفاء العروسيون من خلال المصادر: نزوع وحدوي، للدكتور سعيد الفاضلي، ضمن أعمال ندوة تاريخ الشرفاء العروسيين كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية التي أقيمت بالرباط أيام 1-2 غشت 2002م، (ص111).

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق