مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةأعلام

من أعلام الدرقاوية المدغرية: محمد بن العربي العلوي المدغري (ت1384ھ)

يعتبر الشيخ محمد بن العربي العلوي المدغري من الشخصيات الصوفية الدرقاوية ذات الأهمية البالغة في تاريخ الطائفة حتى بداية القرن الرابع عشر الهجري.

ولادته ونشأته:

ولد الشيخ محمد بن العربي المعروف بالفقيه، ولد بالقصر الجديد بمدغرة الرشيدية حوالي سنة 1880م، من والده مولاي العربي العلوي، وأمه الهاشمية العلوية، اللذين خلّفا إلى جانب الشيخ محمد ابنا آخر اسمه الصديق وبنت اسمها صفية.[1] 

مسيرته العلمية:

بدأ مسيرته العلمية في تافيلالت حيث تلقى مبادئ العلوم التقليدية التي لم تكن تخرج عن حفظ القرآن الكريم وتجويده، والحديث، وبعض المتون والشعر الجاهلي، بحكم مكانة أسرته وأهميتها العلمية في المنطقة كأشراف وبيت علم. ولعل النبوغ الذي أظهره في هذه المرحلة، وملكة التحصيل والنقد، دفع أباه إلى الخروج من تافيلالت التي أصبح مجالها المعرفي يضيق عن طموح ابنه ومقدراته، فرحل به إلى مدينة فاس للدراسة في جامع القرويين وذلك سنة 1898م، وأقام في المدرسة المصباحية، ثم شرع في التدريس في القرويين، والتفّ حوله نخبة من الشباب، وسرعان ما انتشر فكره وذاع صيته في الأوساط العلمية بالمملكة…[2]

        وبعد عقد معاهدة الحماية سنة 1912م، وإرغام الفرنسيين المولى عبد الحفيظ على التنازل عن العرش واستقراره بطنجة انتقل الفقيه محمد بن العربي من فاس إلى طنجة كأستاذ لأبناء عبد الحفيظ، ثم عاد إلى مدينة فاس سنة 1915م، وبعدها عين قاضيا بفاس الجديد والأحواز، وكان قضاء فاس آنذاك مقسما بين ثلاث قضاة: فاس الجديد والأحواز، وقاضي الرصيف، وقاضي السماط..[3]

        وقد كان توليه لقضاء فاس الجديد حوالي عام ثلاثة وثلاثين وثلاثمائة وألف، وبقي به مدة، ثم ترأس مجلس الاستئناف بالرباط، ثم وزارة العدل، ولما وقعت حوادث أربع وأربعين وتسعمائة وألف الموافقة لصفر عام ثلاثة وستين وثلاثمائة وألف، عُزل من منصبه ونُفي إلى تافيلالت وبقي في منفاه إلى شعبان عام أربعة وستين وثلاثمائة وألف…، وأخيرا انتقل من الرباط واستوطن مدينة فاس، فكان في رمضان يلقي دروسا بالقرويين تُشَدُّ إليها الرحال، وفي أواخر ربيع الثاني عام ثلاثة وسبعين وثلاثمائة وألف بعد خلع السلطان محمد الخامس نُفي محمد بن العربي العلوي إلى تيزنيت أيضا، وعُذِّب على كبر سنه وعلمه، وفي عشري ربيع الثاني عام أربعة وسبعين وصل إلى فاس بعد أن بقي في المنفى سنتين…[4]

وقد كان الشيخ محمد ابن العربي المدغري من العباد الزهاد، كان يعرف بالفقيه ثم بشيخ الإسلام منذ سنة 1962م، وهو لقب لم يكن معروفا في المغرب حيث إنه لم يكن متداولا إلا لقب الشيخ الذي يطلق على رؤساء الزوايا والطرقية والقبائل، ولم يعرف بهذا اللقب أحد لا من العلماء ولا من غيرهم…، كما اشتهر بالاستقامة والنزاهة وهما خصلتان لم يحد عنهما رغم إغراءات المناصب التي مر بها.[5] 

مؤلفاته

لم يترك الفقيه ابن العربي-حسب علمي- أيّ مؤلّف أو أثر مكتوب يمكن أن يلقي الضوء على انطباعاته ومواقفه كعالم و فقيه وقاض من الأحداث التي عاشها المغرب والعالم في تلك الفترة، وربّما هذا لشيء في نفس الفقيه؛ فقد خلّف أحد عشر من الأبناء والبنات ولم يكتب أحد منهم عن سيرة أبيه أو مواقفه رغم قدرتهم الثقافية على ذلك، إلا أن هناك صفات واكبته في جميع مراحل حياته الفكرية والسياسية بقيت عالقة بذاكرة الأجيال التي عرفته، سواء مشايخه أو أقرانه أو تلامذته أو أبناؤه، وكلها صفات تسمع باعتباره شخصية متميزة في تاريخ المغرب.

وفاته

   توفي رحمه الله تعالى مساء يوم الخميس الثالث والعشرين من محرم عام أربعة وثمانين وثلاثمائة وألف، ونقل إلى تافيلالت حيث دفن مع أبيه وأجداده.[6]

[1] معلمة المغرب، 18/ 6163.

[2] المصدر السابق، 18/ 6163.

[3] معلمة المغرب، 18/ 6163.

[4] سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال، عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1417ھ-1996م، ص: 233، رقم الترجمة: 230.

[5] معلمة المغرب، 18/ 6164.

[6] موسوعة أعلام المغرب، محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، د.ط، 9/ 233.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق