مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةشذور

«عهدُ قُرطبة»

 

لَاتَ حِينَ الوَصْلِ يا رَبْعًا عَفَا  ///  لَمْ تَزَلْ فيهِ تُرَاقُ الأَدْمُعُ

 يا خَليليَّ على الرَّبْعِ قِفَا  /// فَاسْأَلَاهُ هَلْ بِوَصْلٍ يَرْجِعُ

 لم أَزْلَ مُسْتَذْكِرًا فيمَا مَضَى ///  عَهْدَنَا فِيهِ وَلَا يُخْشَى غَدُ

 عَهْدَ لَيْلَى إِذْ لَنَا الدَّهْرُ قَضَى /// بِافْتِرَاقٍ مَا لَنَا فِيهِ يَدُ

 عَهْدَ وَصْلٍ بَيْنَ سُخْطٍ وَرِضَى /// وَعُدُولُ الدَّمْعِ فيهِ تَشْهَدُ

 هيَ دَائِي في الهَوَى وَهْيَ الشِّفَا  ///  لستُ أدرِي مَعَهَا مَا أَصْنَعُ

 فَهَوَاهَا في فُؤادي مَا انْطَفَا  ///  لَيْتَهَا تَدْرِي بِهِ مَا تُودِعُ

 وفُؤادي عَنْ هَوَاهَا مَا لَهَا /// مُنْذُ كُنَّا في الزّمانِ الأَوَّلِ

 وَكَذَا عَهْدِي بِهِ مَا مَلَّهَا /// إِنْ يَمَلَّ القَلْبُ مِنْهَا كَيْفَ لِي؟

 ما رأيتُ الدَّهْرَ مِنْ مِثْلٍ لَهَا /// تُنْزِلُ العُصْمَ بِقَوْلٍ مِنْ عَلِ

 وخُرُوقُ القلبِ مِمَّا شَنَّفَا /// قَوْلُهَا مِنْ مَسْمَعِي لا تُرْقَعُ

قد سَقَتْنِي مِنْ يَدَيْهَا قَرْقَفَا /// لا أُبَالِي مَعَهُ إِنْ يَدَّعُوا

 مَنْطِقٌ فَصْلٌ وَحُسْنٌ قُرْطُبِي /// مَا لَهُ مِنِّي قَدْ جَرَى مَجْرَى النَّفَسْ!

 وَمَتَى تَذْكُرْ كَلَامًا تُغْرِبِ /// إِنْ يَكُنْ سِحْرًا وَإِلَّا فَهْوَ مَسّْ

 أنا مِنْ سُكْرٍ بهِ في المَغْرِبِ /// وَهْيَ مِنْ سِحْرٍ لَها في الأَنْدَلُسْ

 آهِ لَوْ أَنَّ وُشَاتِي قَدْ غَفَا /// جَفْنُهُمْ عَنِّي فَمَا بِي مَفْزَعُ

 لَا أُبَالِي وَالهَوَى قَدْ أَسْرَفَا /// هَلْ وَعَوْا قَوْلِي لَهَا أَمْ لَمْ يَعُوا

 كُلَّمَا وَفَّيْتُ عَهْدِي نَكَثَتْ /// ثُمَّ أَرْجَتْهُ لِعَامٍ قَابِلِ

 سِحْرُهَا فِي عُقَدٍ قَدْ وَرِثَتْ ///قَبْلَ دَهْرٍ عِلْمَهُ عَنْ بَابِلِ

 فَوَّقَتْ سَهْمًا بِمَا قَدْ نَفَثَتْ /// لَهْفَ نَفْسِي يَا لَذَاكَ النَّابِلِ

 أَرْسَلَتْ طَيْفًا لَهَا مَا أَنْصَفَا /// لِي إِلَيْهِ عَنْ سِوَاهُ مَنْزَعُ

فَلَقَدْ كَلَّفَنِي مَا كَلَّفَا /// يَا لَنَفْسِي غُلَّةً لَا تُنْقَعُ

 لَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ أَطْوِي بُعْدَهَا /// شَجِيَتْ نَفْسِي وَقَدْ عَزَّ اللِّقَا

 جَسَدِي عِنْدِي وَرُوحِي عِنْدَهَا ///نَزَلَا قُرْطَبَةً فَاعْتَنَقَا

 عُلِّقَ القَلْبُ هَوَاهَا بَعْدَهَا /// مَا لَهُ يَشْقَى بِمَا قَدْ عُلِّقَا!

إِنْ تَرَيْ قَوْمِي يَقُولُونَ كَفَى /// وَالْهُ عَنْهَا لَيْسَ فِيهَا مَطْمَعُ

حُقَّ مُذْ ضَاعَتْ لَنَا أَنْ نَأْسَفَا /// لَمْ يَعُدْ لِلْعُرْبِ فِيهَا مَوْضِعُ

 وَأُهَيْلُ الحَيِّ فِيهِ مَا بِهِمْ /// غَيْرُ شَوْقٍ لِلزَّمَانِ الغَابِرِ

 قَدْ نَفَوْا مَا حُمِّلُوا مِنْ عَابِهِمْ /// ثُمَّ سَادُوا كَابِرًا عَنْ كَابِرِ

 أَوْرَثُوا الأَمْجَادَ فِي أَعْقَابِهِمْ /// وَأَقَالُوا عَثْرَةً لِلْعَاثِرِ

 مِنْ سَرَاةِ القَوْمِ مِمَّنْ قَدْ كَفَى /// عَنْ جُمُوعٍ فِي الوَغَى إِنْ يَدْفَعُوا

 لَمْ أَزَلْ أَرْعَى لَهُمْ حَقَّ الوَفَا /// حَفِظُوا عَهْدِي لَهُمْ أَمْ ضَيَّعُوا

 سَاعِيًا مَا بَيْنَهُمْ عَلِّي أَرَى /// مُمْسِكًا مِنْهُمْ بِوُثْقَى العُرْوَةِ

 ذَاكِرًا فِيمَا تَوَلَّى هَاجَرَا /// سَعْيَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ

 وَاقْتَدَيْتُ الدَّهْرَ فِيهِمْ سَادِرَا /// فِي المُنَى بِابْنِ الزُّبَيْرِ عُرْوَةِ

أَطْلُبُ عِلْمَ عِيَاضٍ فِي الشِّفَا /// سِيرَةَ الهَادِي الَّذِي يُسْتَشْفَعُ

 عَلَّنِي أُعْزَى غَدًا لِلْمُصْطَفَى /// وَبِهِ فِي مُسْتَقَرٍّ أُجْمَعُ

 

للتحميل

عهدُ قرطبة (pdf)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق