مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

جوانب من التواصل الصوفي الليبي المغربي

ثانيا – الحضور الليبي في المغرب:

ظل الليبيون على تواصل وثيق وعلاقة قوية مع إخوانهم المغاربة، وقد زار الليبيون المغرب وتواصلوا مع أهله، وسجلوا ذلك في كتبهم، لعل أبرزهم أبو عبد الله محمد علي الخروبي ليبي المولد جزائري الوفاة، ت 963 هـ – 1556 م يعد من  أبرز تلاميذ الشيخ زروق، والحامل لأفكاره وطريقته التي دعا لها.

نشأ الخروبي في رحاب التصوف منذ نشأته بين أهل الزهد والورع، وتنوعت حياته ونشاطه العلمي  وعرف عنه كثرة الترحال ومن بين تلك الدول  التي رحل إليها المغرب “فعرف الزوايا بالمتصوفة وجوامع الزهاد وعايش مجالس الإنشاد وحلقات الذكر”12

عندما قدم المغرب في سفارة  عندما أوفدته حكومة الجزائر للقيام ببعض الأمور السياسية التي تتعلق  بالبلاد، في عهد الدولة العثمانية، أتاح للمغاربة أن يلتقوا به، جرت بينهما مناظرات ومساجلات، وقد نتج عن تلك المحاور العلمية رسائل عدة، دلت على مدى تعمقه في العلوم الفقهية والصوفية، وكان رجلا كثير الاطلاع،  له ولع بجمع الكتب وشغف بها؛.يروي أنه التقى بشيخ شيخه أبي عبد الله الزيتوني “ولقنه الذكر فمما لقنه يا الله دلني بك عليك وارزقني الثبات عند وجودك ما أكون به متأدبا بين يديك”13.

تواصل الخروبي مع علماء المغرب خصوصا الصوفية، وجرت بينهما تلك مناظرات، فأثمرت تلك اللقاءات تآليف مفيدة.

ويعتبر الخروبي وارث سر الشيخ زروق، حيث صار على نهج شيخه في التصوف، فترك آثارا عدة شاهدة على عمقه في الحقل الصوفي، كذلك يعد من أبرز الصوفيين في المنظومة الصوفية، الذين جمعوا بين الفقه والتصوف.

ومن الذين زاروا  المغرب وتواصلوا مع علمائه والتقوا برجال أهل الصلاح محمد بن عبد  الرحمان الحطّاب، وأبو سالم إبراهيم الزواري، ، وتذكر الروايات

“أن علي بن داود الهواري المصراتي هو شارح تلخيص أعمال الحساب لابن البناء، يذكر أنه قرأه على مؤلفه فأذن له بشرح الكتاب، “14 وابنه محمد علي الهواري المصراتي فيذكر أنه قرأ كتاب الحوفي على ابن الحسن الطنجي الفاسي.

تواصل أهل ليبيا مع أهل المغرب وحرصوا على الأخذ منهم والتتلمذ على أياديهم، لتبحرهم في كافة العلوم.

بعد المصاهرة التي تمت بزواج السلطان سليمان من عائلة سيف النصر الليبية، وهي أخت المرأة التي تزوجها أخو السلطان المسمى اليزيد، ازداد ذلك التواصل بين البلدين والتقارب بينهما ومن ذلك استقبال جامعة القرويين مجموعة من الليبيين للنهل من علماء فاس والأخذ منهم.

وجاء محمد علي السنوسي إلى فاس فمكث بها سبع سنوات، وتبحّر في معرفة الطرق الصوفية إلى جانب الفقه في علوم الدين، ثم حصل على إجازات من علماء فاس، فأخذ العلم بالرواية عن أفاضل علماء فاس، منهم حمدون بن عبد الرحمن، محمد بن عمر الزروالي، العربي أحمد الدرقاوي.

 كما أصبح السنوسي مدرسا بالجامع الكبير بمدينة فاس، ونال المشيخة الكبرى؛ فأقبل الناس عليه، لما رأوا من صلاحه وتقواه، وفهمه الدقيق لعلوم الشريعة، وروحه الفياضة، وعقله الوافر وفكره الناضج ؛وخشيت حكومة السلطان سليمان من نفوذه، فبدأ يتعرض السنوسي للمضايقات والمحن، فقرر الارتحال عن فاس.

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6الصفحة التالية

ذ.عادل عمر إبراهيم كريم

باحث مختص في التصوف الجمهورية الليبية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق