مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

“تقييد فيما يقتدى بذبحه في الضحية هل السلطان، أو أئمة الصلاة للعيد” تعريف وتحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة رغب فيها الإسلام وحث عليها، قال الله تعالى: [فصل لربك ‌وانحر] الكوثر:2، وتدل هذه الشعيرة على أمر جلل، وهو تضحية أبينا إبراهيم عليه السلام في امتثاله لأمر الله تعالى، وعزمه على تنفيذ رؤياه، بذبح ولده وقرة عينه إسماعيل عليهما السلام، وإنه لبلاء عظيم، فكانا من الصادقين عليهما السلام، فأكرمهما المولى تعالى على طاعتهما وصبرهما، يقول عز وجل: [وفديناه ‌بذبح ‌عظيم] الصافات:107، ويستلزم على المسلمين حين يضحون أن يستحضروا القيم الأخلاقية لهذه المناسبة المجيدة، فيتمثلون معاني  السمع والطاعة لله تعالى، والتضحية له.

ومن أهم القضايا التي تنتشر بين الناس، وتصيبهم بالتشويش في موسم عيد الأضحى هو الوقت المشروع لذبح الأضاحي؛ هل يتعلق بالصلاة، أو ذبح السلطان، أو ما ينوب عنه، أو أئمة المساجد وخطبائهم؟ فيقع الناس في الإشكال، ويرغبون في معرفة حكم المسألة. فدفعني هذا إلى البحث عن أقوال علمائنا في هذه النازلة، فوقفت على تقييد نفيس لفقيه مالكي مغربي حصيف ألا وهو العالم الفاطمي الشرادي رحمه الله تعالى.   

ولتحقيق هذا التقييد، قسمته إلى ثلاثة أقسام: الأول: التعريف بالمؤلف، والثاني: التعريف بالتقييد، والثالث: ضبط النص.

أولا: التعريف بالمؤلف.

ترجمة المؤلف:

اسمه ونسبه:

هو: الفقيه المالكي الفاطمي بن المقدم محمد الشرادي، من قبيلة الشراردة بأحواز فاس، يعرف قبيله منها بالشرادي بأولاد بوعصا[1].

ولادته:

بعد تتبع المصادر المترجمة للمؤلف لم أقف على تاريخ ولادته.

شيوخه:

أخذ العالم الشراردي عن جمهرة من العلماء نذكر منهم[2]:

عبد المالك بن محمد العلوي الضرير، (ت1318هـ)[3].

عبد الله الكامل الأمراني الحسني، (ت1321هـ)[4].

أحمد بن الطالب ابن سودة الجد، (ت1321هـ)[5].

عبد السلام  بن محمد الهواري، (ت1328ه)[6].

أحمد بن محمد  ابن الخياط (ت 1343 هـ)[7].

محمد بن جعفر الكتاني  الحسني، (ت1345هـ)[8].

تلاميذه:

تتلمذ على يد الشيخ ثلة من العلماء الفحول منهم:

عبد الرحمن مولاي الكبير بن زيدان، (ت1365ه)[9].

محمد بن الحسن الصنهاجي، (ت1365ه)[10].

أبو الشتاء بن الحسن الصنهاجي الغازي، (ت1365ه)[11].

محمد بن محمد ابن سعيد المكناسي، (ت1368ه)[12].

أحمد بن عبد القادر الفاسي، (ت1381ه)[13].

محمد بن عبد القادر المدعو قدور العبادي، (ت1385ه)[14].

محمد بن الطيب الصبيحي السلاوي، (ت1389ه)[15].  

أحمد بن بنعاشر بن عبد النبي السلاوي، (ت1392ه)[16].   

مهامه: 

عمل المؤلف قاضيا  بمدينة بتارودانت مدة. ثم رجع إلى فاس، وتفرغ للتدريس، وولي خطابة مسجد المنية، ثم أسندت إليه في آخر عمره نيابة رئاسة المجلس العلمي بفاس، وبقي على هذا الحال إلى أنه وافته منيته[17].

مؤلفاته:

ولمترجمنا مؤلفات عديدة نذكر منها: “النسيم الصيفي والروح اليوسفي، و”حاشية على الشيخ التاودي على التحفة”، و”شرح على ألفية بن مالك”، ومن مؤلفاته المطبوعة على الحجر[18]: “تسهيل النجعة بمراتب الشفعة”، و”تشنيف السمع في حكم السبع”، و”تقييد في نوني التوكيد”، و”مسائل النحلة”، و”وردة الدهان في أحكام الرهان”.

ثناء العلماء عليه:

نال الفقية الشرادي مكانة عليا بين زمرة العلماء، فقد وصفه ابن سودة بقوله: “علامة، مشارك، كثير التدريس والإفادة”[19].  

وحلاه القيطوني فقال: “شيخنا الفقيه العلامة، الدراكة، المدرس، النفاعة …كان رحمه الله عالما، عاملا، متمكنا في الفقه والأصول والنحو وغير ذلك دؤوبا على مختصر الشيخ خليل، وألفية ابن مالك وغيرهما، عارفا بصناعة القضاء، هينا، لينا ذا أخلاق كريمة، وشيم مستقيمة، من أهل الفضل، والمرؤة، والدين المتين، والخير، والصلاح، والإحسان إلى الضعفاء، والمساكين سرا، ممن سلم المسلمون من لسانه ويده”[20].

وفاته :

توفي الفقيه الفاطمي رحمه الله تعالى بفاس يوم الأربعاء 20 صفر الخير عام 1344 هـ، ودفن مع شيخه أحمد بن الخياط بضريح سيدي يحيى الزكاري المشهور بابن الخياط بالرميلة بفاس[21].

ثانيا: التعريف بالتقييد.

هو: جواب عن مسألة فقهية تتعلق فيما يقتدى به في الضحية هل السلطان، أو أئمة الصلاة العيد، وهذه النازلة تثير جدلا عند العديد من المسلمين حول مشروعية أضاحيهم، ومدى موافقتها لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا التقييد يحمل جوابا كافيا للمستفتي، لما تضمنه من الشرح والبيان.

تاريخ تأليفه: لم يذكر المؤلف تاريخ انتهائه من التأليف، وإنما اكتفى بقوله: و”كتبه أفقر الورى إلى مولاه الفاطمي ابن محمد الشرادي لطف الله به. انتهى بحمد الله وحسن عونه، وتوفيقه الجميل”ه.

واعتمدت في تحقيق هذا التقييد على النسخة المحفوظة بالخزانة الوطنية تحت رقم: 2892د، بخط مؤلفها رحمه الله، ويظهر أنها مبيضة المؤلف لسلامتها من التشطيب، وتصحيح الأخطاء، والاستدراكات.

وهو في مجموع من ص:522 إلى ص:531، مسطرته: 20سطرا، مقياسه: 22 17 سم. مكتوب بخط مغربي معتاد.

ثالثا: النص المحقق.

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله

تقييد لعبد ربه العلي الفاطمي بن محمد الشرادي غفر الله له، ولوالديه، ولأشياخه، وجميع المسلمين.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وعلى آله، وأصحابه أجمعين.

وبعد، فقد سئل كاتبه عفا الله عنه بمنه وكرمه، وجعله من الشاكرين لفيضان بحر نعمه عن تحقيق من يقتدى بذبحه في الضحية، هل السلطان، أو أئمة الصلاة للعيد، فإنه يقع كثيرا في هذه السنين تقدم إمام الصلاة في الذبح على السلطان، فيحصل التشويش للناس بذلك، والشيخ خليل حكى قولين فيمن يعتبر ذبحه: هل العباسي، أو إمام الصلاة ؟

فأجبت مستعينا بمثبت الألباب، سائلا منه تعالى الهداية والتوفيق للصواب، بأنه ينبغي أن يعلم أولا: أنه تارة لا يكون بحضرة الناس إمام، وهؤلاء إن كان بقربهم، أو كان، ولم يكن تحريه، فجماعة المسلمين تنصب من يقتدى به، فإن لم تكن، فهل يذبح بعد أن يصلي العيد، أو يؤخر لقرب الزوال، أو يذبح في أي وقت شاء؟ توقف في ذلك الخرشي، والزرقاني[22]، وأتباعهما، وتارة يكون لهم إمام، فاقتداء وقت ذبحه هو بعد الفراغ من صلاة العيد، والخطبتين في يوم النحر كما في كلام ابن عرفة، وابتداء وقت ذبح غيره في اليوم الأول أيضا /522/ هو بعد ذبح الإمام الواقع بعد صلاته، وخطبته، فقد تأخر ابتداء وقت ذبح الغير عن الإمام بزيادة زمن ذبحه، ويتحران في الانتهاء، وذلك بغروب شمس اليوم الثالث، وإلى بيان الابتداء لغير الإمام في اليوم الأول، والانتهاء لهما، أشار الشيخ خليل بقوله: “مِنْ ذبح الإمام لآخر الثالث”[23]، هذا إذا ذبح الإمام، وكذا إن لم يذبح، وترك السنة، فإنه يعتبر قدر ذبح الإمام زائدا على قدر الصلاة، والخطبة كما في كلام ابن ناجي[24]، وهو المشهور خلافا للتوضيح[25]، ثم الذي ذبح حالتان: يبرزها للمصلى كما هو مطلوب؛ لقوله: “وندب إبرازها”[26]، وحكمه ما تقدم، وتارة لا يبرزها، وهذا يتحرى وقت ذبحه وجوبا، كما يتحرى من لم يحضر ببلد الإمام، وهو من كان على أزيد من ثلاثة أميال.

وأما من كان على ثلاثة فدون فهو بلدي، يجب عليه أن يتحقق الذبح، ولا يكفيه التحري هذا هو الصواب خلافا لبعضهم، فتحصل أن الإمام إذا أخرج أضحيته، وأبرزها للمصلى، وجب على كل من كان بداخل ثلاثة أميال أن يتحقق ذبح الإمام، فيذكي بعده، ولا يكفيه التحري، وأن من خرج عن ثلاثة أميال من بلد الإمام، أو كان بداخلها، ولم يبرز الإمام أضحيته، ففي هذين القسمين: يتحرى ذبحه، فإن لم يتحر، وترك الواجب، وسبقه، فلا ضحية، وإن تحرى، وسبقه، فأما من خرج عن ثلاثة أميال، لا إعادة عليه، والضحية صحيحة لفعله الواجب، وإليه أشار بقوله: /523/ “إلا المتحري أقرب إمام”[27]، وأما من تحرى في البلد لعدم إبراز الإمام الأضحية، وسبقه؛ لكون الإمام توانى؛ لغير عذر، فأضحيته صحيحة، وإن توانى لعذر، فينتظر الزوال وهو قول المصنف، “كأن لم يبرزها، وتوانى بلا عذر قدره، وبه انتظر للزوال”[28]، هذا سبق من حكمه التحري. وأما من سبق عن حكمه وجوب التأخير عن ذبح الإمام تحقيقا، فيبطل الضحية، ويوجب إعادتها لقوله: “وأعاد سابقه”[29]؛ وفيه تسع صور على قياس صور المتابعة في الإحرام والسلام، قاله الزرقاني[30]، فإن سبقه في الابتداء؛ بأن شرع قبله بطلت مطلقا، ختم معه، أو قبله، أو بعده، فذي ثلاث، وكذا إن شرع معه له ثلاث أيضا والبطلان فيها كلها، وإن شرع بعده، فإن ختم قبله، فالبطلان، وإن ختم معه، أو بعده، فالبطلان في سبع، والصحة في اثنين من  التسع. هذا الذي قرروه، ثم الإمام المذكور المعتبر ذبحه وقتا لضحية المأمومين؛ هل هو إمام الطاعة، وهو السلطان، أو نائبه، أو هو إمام صلاة العيد المستخلف عليها من قبل السلطان، أو قضاته؟ قولان: الأول: اللخمي، والثاني: لابن رشد. ونص الأول: “المعتبر إمام الطاعة؛ كالعباسي اليوم، أو من أقامه لصلاة العيد ببلده، أو عامله على بلد من بلدانه”[31]ه. ونص ابن رشد في البيان: ” المراعى الإمام الذي يصلي صلاة العيد بالناس إذا كان مستخلفا على ذلك”[32]ه.

وهل ما بين الشيخين خلاف حقيقي، وعليه ابن عرفة والشيخ خليل، حيث قال ما نصه ممزوجا بكلام الزرقاني: وهل الإمام المقتدى به في الذبح هو إمام الطاعة، /524/ وهو العباسي، فليزم تحري أهل بلاده كلها لذبحه فيما يظهر، واعترض الشيخ (الزرقاني) في قوله: “تحري أهل بلاده كلها لذبحه؛ بأنه فيه نظر وقصور”[33].

وإن الصواب على هذا القول كل بلد يعتبر عاملها، واستشهد عليه بنص اللخمي المتقدم، ثم قال المصنف بمزجه، “(أو إمام الصلاة) للعيد المستخلف عليها سواء استخلف على غيرها أيضا أم لا أي: الذي يصلي خلفه العيد”[34]ه.

وعلى أن الخلاف حقيقي ذهب ابن عاشر، وارتضاه الشيخ التاودي، ونص ابن عاشر: “اعلم أن الأئمة ثلاثة أقسام: الخليفة، أو من يقيمه مقامه قي وجوب الطاعة، وإقامة الحدود، والجمعة، والثاني: المستخلف على الصلاة دون غيرها من أمور الخلافة. الثالث: المصلون دون استخلاف كأئمة القرى والعمود، فالقسم الأول: هو المراد بالعباسي، والثاني: هو المراد بإمام الصلاة، الذي قال فيه بصحة الاعتبار قائلا: إذا استخلف على ذلك، وأما القسم الثالث: فلم يذكر عن أحد صحة اعتباره فينبغي أن يتفطن لهذا، فإن أهل البادية كثيرا ما يذبحون بذبح أئمتهم المصلين بهم دون الاستخلاف من قبل الأئمة، أو أمرائهم”[35] ه منه. ونقله الشيخ التاودي، وزاد ما نصه: “وقد ظهر من هذا أن الخلاف حقيقي لا لفظي، خلافا للزرقاني، والأجهوري، قاله العلامة الرهوني”[36]، قال الزرقاني: “والراجح الثاني على تقرير اختلافهما”[37]ه، أو الخلف بينهما لفظي فقط لا معنوي، وهو الذي رجع إليه الزرقاني أخيرا، وإن اعترض عليه، علم ذلك من المصنف /525/ حيث قال: “وعلم من المصنف أن كلا من صاحبي القولين يقول بقول الآخر، فليس خلافا حقيقيا”[38]ه، وتقدم أن اللخمي يقول في نصه: “الإمام، أو من يقيمه لصلاة العيد”.

وأيد العلامة بناني القول بأن الخلاف لفظي، بقوله: “نعم، الظاهر من خارج أنه لفظي، أما عبارة اللخمي، فتقدمت، وأما عبارة ابن رشد فهي ما نصه: المراعى الإمام الذي يصلي صلاة العيد بالناس إذا كان مستخلفا على ذلك ه. -كلام ابن رشد- قال بناني: فشرط في إمام الصلاة أن يكون مستخلفا، ولا شك أن إمام الصلاة المستخلف هو الإمام، أو من يقوم مقامه، وهو الذي تقدم عن اللخمي”[39]ه.

قال العلامة الرهوني مؤيدا للقول بأن الخلاف لفظي: “من تأمل كلام ابن رشد في البيان، وتأمل كلام اللخمي، الذي قدمناه وأنصف ظهر له أن الصواب ما قاله الشيخ البناني”[40] ه.

وأما كلام ابن رشد في نوازله، ونصه: “وسئل عن ذبح الأضاحي، فقال: المعتبر في ذبح الأضاحي الإمام الذي يصلي بالناس؛ لأن الأضحية مرتبطة بالصلاة”[41] ه. فهو وإن أمكن أن يكون المصنف وابن عرفة حملاه على إطلاقه، ولم يرداه لما له في البيان، فيكون الخلاف بين كلام اللخمي، وكلامه في نوازله حقيقيا، لكن الظاهر رد ما لابن رشد في الأجوبة، لما له في البيان؛ لأن المطلق يحمل على المقيد، والتوفيق بين كلام الأئمة مطلوب ما أمكن إليه سبيل، فكيف بين كلام الإمام الواحد، فلو قال المصنف: /526 من ذبح الإمام بشرط كونه إمام طاعة، أو نائبا عنه؛ لأجاد.

قال شيخنا في الاختصار: فتحصل أنه إذا ذهبنا على التوفيق بينهما، وأنه لا خلاف في المعنى، وهو المعول عليه، فأيهما ذبحت بعده صَحَّ، وإنما المحترز عنه سبقهما معا، إن كان واحد منهما في البلد، وإن ذهبنا على الخلاف، فالراجح أن المعتبر هو ذبح إمام الصلاة[42]، ثم الخلاف على القول به، فقيد بقيود أن يكون إمام الطاعة لم يقل الصلاة بنفسه، فإن تولاها بنفسه فهو المعتبر قولا واحدا، ولا يعتبره غيره، وإن صلى صلاة العيد في غير مكان الأول، ومقيد بما إذا لم يبرز إمام الطاعة أضحية للمصلى، وإلا كان المعتبر أضحيته، فلا خلاف، وإن لم يصل كما هو الواقع عندنا بفاس حاطها الله بمنه أن السلطان اتخذ نائبا عنه في صلاة العيد، وخطبته، لا في ذبح الضحية، فإنه يبرزها للمصلى، ويباشر ذبحها بيده، فليس هذا من صور الخلاف لما تقدم، ومقيد أيضا بما إذا ولاه أمر الصلاة فقط، ولم ينبه عنه في الذبح، كما يؤخذ من ابن عبد السلام؛ فإن أنابه الإمام فيه فمحل الخلاف على هذا أن يكون السلطان أناب غيره في صلاة العيد، ولم يتعرض للذبح، ولم يبرز أضحيته للمصلى كما تقدم، وليس هذا عندنا اليوم، ثم اعلم أنه مما أنابه السلطان في صلاة العيد، والذبح معا، إمام الأندلس بفاس البالي، يصلي بمصلى باب الفتوح، /527/ ويضحي قبل السلطان بفاس الجديد غالبا، فمن ذبح بذبحه، فهو على صواب، وليست من صور الخلاف، ولو على القول به، وإن كان ينبغي لأهل كل حارة أن يقتدوا بإمام حارتهم، وإن صلوا وراء غيره فيها، أو في غيرها، قال الزرقاني: “وينبغي اعتبار إمام حارته، أي: حومته الساكن بها، وإن صلى خلف غيره في غيرها، أو فيها كمجيء نائب عنه فيها؛ لأن إمام الحارة مستخلف بالفتح من الإمام، أو نائبه”[43]. وهذا على وجه الابتغاء، فلو خالف لصح، وعلى صحة الذبح بذبح إمام الفتوح عول شيخ الأعصار والأمصار الإمام أبو عبد الله سيدي محمد القصار لما سئل عما قيل: أن من ذبح بذبح خطيب الأندلس على ما مر عليه العمل، ومشى من السنين كما في التواريخ، والعلماء، والصالحون متوافرون لا يجزئه، وحزن لذلك خلق غاية الحزن على أجورهم، أي: فواتها، وأجور المسلمين.

فأجاب: هذا باطل، نعلم قطعا أن الخلفاء نصبوه للذبح للناس رفقا بهم؛ لأن الخلفاء كثيرا ما يتعذر عليهم الخروج في أول الوقت، بل في وسطه لتهيئ الجيوش، وغير ذلك من أمورهم الكثيرة، فيشق على العيال وغيرهم الانتظار مع ندب الفطر عليها.

أقول: وأيضا فإن اقتداء الخلق الكثيرين المفترقين في بلدين مستقلين، وفي خارج البلدين في /528/ الصلاة، والذبح بواحد يشق، وجرى العمل بتعددها تبعا لتعدد الجمعة لهذين الأمرين المذكورين، ولأن سامع الخطبة في التعدد يتضاعف، بخلافه في عدمها، وناهيك بها في الشرع، ويصليها الخليفة وراء آخر في ناحية فاس جديد لاقتداء أهله، والخميس، والأرباض، والطالعة في الصلاة والذبح، وربما خرج في أول وقت، ومسألة ابن عرفة التي خولف فيها، ليست مسألة خطيب الأندلس؛ لأن الخليفة أذن في الذبح، ولم يحضر، بل مسألته هي خطيب الخليفة فرأى مخالفه أن كل خطيب يعتبر ذبحه لإطلاقهم، ورأى أن حضور الأصل، وذبحه للناس، يدل على عدم الإذن له في الذبح، فإن أذن له اتفقا في الإجزاء، وكذا إن لم يذبح الخليفة، ثم إن صح ما قيل: إن البلدين المتغاربين كالمتباعدين على ما يقتضيه قبولهم، رأى ابن القصار أن ذات الجانبين تصير كالبلدين، وغير ذلك، فكل بلد مصلاه، ونائبه على فاس البالي كنائبه على مكناسة، وارتفع التعدد وغيره. وقول الونشريسي أي: كالبلدين المتباعدين لا يصح؛ لأنها إنما تشبه المتقاربين، وما له صحبة، إلا أن الجمعة داخل كفرسخ، وهو محتمل للبلد مع قراه، لا للبلد مع البلد ويؤيده المثل. ونهى الحذاق أن يتعارض لما به العمل والسلام على من يقف عليه ورحمة الله وبركاته”[44]. وكتب محمد القصار /529/ عفا الله عنه، انتهى.

فقدر رأيت الصراحة في كلامه رحمه الله على الصحة، وإن صورة باب الفتوح مما اتفق على الأجزاء فيها لما فيها من إذن الإمام في الذبح كإذنه في الصلاة خلافا لمن اشتبه عليه الحال، فأفتى المسلمين بالضلال عفا الله عنا أجمعين، ثم الأئمة تقدم في كلام ابن عاشر ثلاثة: الثالث إمام الصلاة الذي لم ينصب من قبل إمام الطاعة، أو نائبه. وقد قال ابن عاشر: لم يذكر عن أحد صحة اعتبار الخ، بناء على نصب الجماعة له غير معتبر، وهذا ما لم يحمل كلام ابن رشد في نوازله على الإطلاق، والأصح الاقتداء بهم، وإن لم يقاموا من قبل الإمام وأيضا جماعة المسلمين تقوم مقام الإمام في الأحكام، إذا أهمل النظر فيها، قال العلامة الرهوني: “تنبيه: إن حمل ما لابن رشد في نوازله على الإطلاق سقط بحث ابن عاشر في القسم الثالث، وإن رد لما له في البيان توجه البحث، وكانت الضحية غير مجزئة باتفاق القولين، وقد وقع هذا البحث بدرس الشيخ أجنوي، وانفصل الجواب عنه، بأن الإمام إذا أهمل النظر في أئمة الصلاة تنزل جماعة المسلمين منزلته، فالمقدم منهم كأنه هو الذي قدمه، وهو جواب حسن، وأصله لأبي علي ابن رحال فإنه قال: الصواب صحة اعتباره، أي: في القسم الثالث؛ لأن الجماعة تقوم مقام الإمام الأعظم في تقديم الصلاة”[45]ه. ولا مفهوم /530/ للصلاة عند الفقهاء، ثم قال الرهوني: لكنه أي: الجواب لا يرفع الإشكال مطلقا لأن جماعة المسلمين الذين يتنزلون منزلة الإمام هم أهل العدالة والعلم، بما تتوقف عليه صحة الإمام، فمن كانوا كذلك صح الجواب في حقهم، والغالب فقد هذا الشرط في غالب البلاد التي أهمل الأئمة النظر بها في أئمة الصلاة، فالمخلص من ذلك في حق هؤلاء أن يتأخروا بالصلاة، والذبح حتى يغلب على ظنهم أن ذبحهم وقع بعد الإمام الأعظم، أو من قرب منهم فمن يعتبر ذبحه”[46].

وبقي قسم رابع من الأئمة وهو من لم ينصب، ولم يبايع، ولكنه تغلب شوكته، فهل يعتبر الوقت من ذبحه، أو حكم الناس معه كحكم من لا إمام لهم، وبالتالي قال اللخمي: ونقله التتائي، وبالأول قال ابن عبد السلام: وهو المعول عليه. قال الزرقاني: “تنبيه: نقل التتائي عن اللخمي أنه لا عبرة بالمتغلبين، ويكون الناس معهم؛ كمن لا إمام لهم، فيتحرون ذبح أقرب الأئمة إليهم، ونظر ابن عبد السلام فيه بأن نصوص أهل المذهب نفوذ أحكامهم وأحكام قضاتهم”[47]، وعليه ابن غازي والبدر، فقال: “ينفذ حكمهم، وتصح ولايتهم نظرا؛ لأنها صورة ولاية ولو رددناها لكان ذلك ضررا، وقد قال في الباغية:/531/ وقضى حكم قاضيه واحد أقامه”[48]. انتهى  وكتبه أفقر الورى إلى مولاه الفاطمي ابن محمد الشرادي لطف الله به. انتهى بحمد لله، وحسن عونه، وتوفيقه الجميل ه.                                   

خاتمة

حاصل القول، إن تقييد الفقيه الشرادي يحمل في طياته فقها نافعا، وفوائد جليلة حول المسألة، وما يتصل بها من صور صفة السلطان، وما ينوب عنه في الصلاة والذبح من أئمة، أو جماعة المسلمين تنصب من يقتدى به في حال غيابه، كما ذكر أقوال فقهاء المالكية، وتفصيلاتهم، وترجيحاتهم، واختياراتهم في المسألة، كاللخمي وابن رشد. وأعقب الفقيه الشرادي تقييده بأجوبة من العلماء كابن القصار، الذي أشفى غليل أهل فاس، وخفف عنهم، ورفع الملامة عليهم، حينما سمعوا ببطلان متابعتهم في الضحية لخطيب مسجد الأندلس، وهذا ما أقره الزرقاني في اتباع كل حومة لإمامهم في الصلاة؛ لأن تحري الذبح يثقلهم ويحرجهم.

ويومئ هذا التقييد النفيس إلى سعة اطلاع صاحبه، ورجاحة فكره؛ لجمعه بين فقه النصوص، والرؤية المقاصدية للشريعة الإسلامية ورفع الحرج عنهم.   

*************************

هوامش المقال:

[1] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة، تنسيق وتحقيق، محمد حجي، دار الغرب الإسلامي-بيروت، الطبعة: الأولى، 1417ه-1997م، ص35.

[2] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص35.

[3] – الأعلام، خير الدين بن محمود  الزركلي، دار العلم للملايين، الطبعة: الخامسة عشر، مايو 2002م، 4 /164.

[4] – إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، عبد السلام  ابن سودة، تحقيق: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة: الأولى، 1417هـ- 1997م، 1/358.

[5] – إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، 1 /358.

[6] – إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، 1 /380.

[7] – إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، 1 /245.

[8] – إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، 2/ 444.

[9] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص127.

[10] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص123.

[11] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص119.

[12] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص138.

[13] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص188.

[14] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص208.

[15] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص199.

[16] – سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص199.

[17] – معجم المطبوعات المغربية، إدريس بن الماحي الإدريسي القيطوني، اعتنى به عبد الله كنون، مطابع سلا، سلا-المغرب، ص189.

[18] – معجم المطبوعات المغربية، ص189.

[19] – إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، 2/440. سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص35.

[20] – معجم المطبوعات المغربية، ص188.

[21] – إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، 2/440. سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، ص35. معجم المطبوعات المغربية، ص189.

[22] – شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، عبد الباقي الزرقاني، ضبطه وصححه وخرج آياته: عبد السلام محمد أمين، دار الكتب العلمية، بيروت– لبنان، ط1: 1422هـ – 2002م، 3 /64. شرح الخرشي على مختصر خليل، أبو عبد الله محمد الخرشي، المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر، الطبعة: الثانية، 1317هـ، 3 /37.

[23] – مختصر خليل، خليل بن إسحاق المصري، تحقيق أحمد جاد، دار الحديث/القاهرة، الطبعة: الأولى، 1426هـ-2005م، ص80. 

[24] – شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة، قاسم بن ناجي التنوخي القيرواني، آعتنى به: أحمد فريد المزيدي، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، الطبعة: الأولى، 1428ه-2007م، 1/ 365.

[25] – التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب، خليل بن إسحاق المصري، أحمد بن عبد الكريم نجيب، مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث، الطبعة: الأولى، 1429ه- 2008م، 3/ 277.

[26] – مختصر خليل، ص80.

[27] – مختصر خليل، ص80.

[28] – مختصر خليل، ص80.

[29] – المصدر السابق.

[30] – شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 2/ 41.

[31] – التبصرة، علي اللخمي، دراسة وتحقيق: أحمد عبد الكريم نجيب، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، الطبعة: الأولى، 1432هـ – 2011م، 4/ 1556.

[32] –  البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة،  أبو الوليد محمد بن رشد القرطبي، تحقيق: محمد حجي وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، 1408هـ- 1988م، 3/ 340.

[33] – شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 3/62.

[34] – شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 3/62.

[35] – حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر الخليل وبهامشه حاشية المدني علي كنون، محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف الرهوني-الزرقاني؛ عبد الباقي بن يوسف بن أحمد الزرقاني-محمد بن المدني-كنون، المطبعة الأميرية ببولاق مصر المحمية، الطبعة: الأولى، سنة 1306ه، دار الفكر- بيروت:1998ه-1978م، 3/ 53-54.

[36] – حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر الخليل وبهامشه حاشية المدني علي كنون، 3 /54.

[37] –  شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 3 /62.

[38] – شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 3 /62.

[39] -شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 3 /63.

[40] – حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر الخليل وبهامشه حاشية المدني علي كنون، 3 /54.

[41] – فتاوى ابن رشد، أبو الوليد أحمد بن رشد، تحقيق المختار بن الطاهر التليلي، دار الغرب الإسلامي، بيروت- لبنان: ط1 1407ه-1987م، 2 /950.

[42] – ينظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 3/ 62.

[43] – شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 3 /62.

[44] – الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، العباس السملالي، راجعه عبد الوهاب ابن منصور، المملكة المغربية- الرباط، الطبعة: الثانية، 1420ه-1999م، ص216.

[45] – ينظر: حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر الخليل وبهامشه حاشية المدني علي كنون، 3 /54-55. بتصرف المؤلف.

[46] – حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر الخليل وبهامشه حاشية المدني علي كنون، 3 /55.

[47] – شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 3 /63.

[48] – شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، 3 /63.

***********************

لائحة المصادر والمراجع:

إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، عبد السلام  ابن سودة، تحقيق: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة: الأولى، 1417هـ- 1997م

الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، العباس السملالي، راجعه عبد الوهاب ابن منصور، المملكة المغربية- الرباط، الطبعة: الثانية، 1420ه-1999م.

الأعلام خير الدين بن محمود ، الزركلي، دار العلم للملايين، الطبعة: الخامسة عشر، مايو 2002م.

البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة،  أبو الوليد محمد بن رشد القرطبي، تحقيق: محمد حجي وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، 1408هـ- 1988م

التبصرة، علي اللخمي، دراسة وتحقيق: أحمد عبد الكريم نجيب، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، الطبعة: الأولى، 1432هـ – 2011م.

التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب، خليل بن إسحاق المصري، أحمد بن عبد الكريم نجيب، مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث، الطبعة: الأولى، 1429ه- 2008م.

حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر الخليل وبهامشه حاشية المدني علي كنون، محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف الرهوني-الزرقاني؛ عبد الباقي بن يوسف بن أحمد الزرقاني-محمد بن المدني-كنون، المطبعة الأميرية ببولاق مصر المحمية، الطبعة: الأولى، سنة 1306ه، دار الفكر- بيروت:1998ه-1978م.

سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال فهرس الشيوخ، عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة، تنسيق وتحقيق، محمد حجي، دار الغرب الإسلامي-بيروت، الطبعة: الأولى، 1417ه-1997م.

شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة، قاسم بن ناجي التنوخي القيرواني، آعتنى به: أحمد فريد المزيدي، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، الطبعة: الأولى، 1428ه-2007م.

 شرح الخرشي على مختصر خليل، أبو عبد الله محمد الخرشي، المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر، الطبعة: الثانية، 1317هـ.

شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، عبد الباقي الزرقاني، ضبطه وصححه وخرج آياته: عبد السلام محمد أمين، دار الكتب العلمية، بيروت– لبنان، ط1: 1422هـ – 2002م.

فتاوى ابن رشد، أبو الوليد أحمد بن رشد، تحقيق المختار بن الطاهر التليلي، دار الغرب الإسلامي، بيروت- لبنان: ط1 1407ه-1987م.

مختصر خليل، خليل بن إسحاق المصري، تحقيق أحمد جاد، دار الحديث/القاهرة، الطبعة: الأولى، 1426هـ-2005م.

معجم المطبوعات المغربية، إدريس بن الماحي الإدريسي اليطوني، اعتنى به عبد الله كنون، مطابع سلا، سلا-المغرب.

راجع المقال الباحث: عبد الفتاح مغفور

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق