مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات وأبحاث

التعريف بكتاب تحفة السامعين بمولد سيد المرسلين لمحمد بن سالم الحفني الحمامي الخلوتي(1181)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

وبعد؛

إن الأمة الإسلامية تفننت في طرق تعظيم اليوم الذي ولد فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتذكير بالحدث الذي وقع فيه؛ وأظهر علماؤها فنا من فنون التأليف متعلقا بالحدث، وكتبا منسوبة إليه تسمى “المولديات”، ويُذكر فيها: مولده الشريف وما ظهر من الآيات عند هذا المولد، وبيان نسبه الشريف، وشمائله ومعجزاته صلى الله عليه وسلم. ومن بينها كتاب “تحفة السامعين في مولد سيد المرسلين” ونظرا لمكانة هذا الكتاب وأهميته ارتأيت التعريف به، وبمؤلفه تعريفا موجزا فأقول وبالله التوفيق

 الأول: التعريف بالمؤلف[1]

هو الإمام محمَّد بن سالم بن أحمد الحفني (أو الحفناوي) شمس الدين. من علماء العربية. ولد بحفنة (من أعمال بلبيس بمصر) وتعلم في الأزهر، وتولى التدريس فيه. قال العلامة عبد الحي الكتاني: ” هذا الرجل وقع له من القبول في عصره في جميع الأقطار الإسلامية ما لم يحصل لغيره “[2].

واستجاز من أعلام المغرب مكاتبة العديد من العلماء كالقادري صاحب ” النشر ” وأبي حفص الفاسي، دون من أخذ عنه شفاها بمصر منهم، كالهلالي والشيخ بناني والحضيكي. ومن أشهر من أخذ عنه من رجال الطريقة بالمغرب: العارف الشهير مولاي أحمد الصقلي دفين زاويته بالبليدة من فاس، والمعمر السيد عبد الوهاب التازي.

من كتبه “الثمرة البهية في أسماء الصحابة البدرية “، و “حاشية على شرح الأشموني “، و”أنفس نفائس الدرر” حاشية على شرح الهمزية لابن حجر الهيتمي، و”حاشية على شرح رسالة العضد للسعد” و “ثبت” و “حاشية على الجامع الصغير للسيوطي”، و “رسالة في التقليد في الفروع” و”فرائد عوائد جبرية”. توفي رحمه الله بمصر سنة 1181.

ثانيا: التعريف بالمؤَلَّف:

يعد كتاب “تحفة السامعين بمولد سيد المرسلين”من أفضل الكتب المؤلفة في المولد النبوي الشريف، فقد قام مؤلفه رحمه الله بجمع فوائد وخلاصة مهمة من عيون الكتب المؤلفة في هذا الموضوع.

استهل رحمه الله بعد البسلمة والتصلية والديباجة، كتابه بقصيدة لأحد الشعراء الأفذاذ يخاطب فيها ذاته الأنفسية صلى الله عليه وسلم وهي من البحر الطويل مطلعها:

وأنت رسول أعظم كائن     وأنت لكل الخلق بالحق مرسل

ثم قال بعدها: “أما بعد فيقول محمد بن سالم الحمامي المالكي[3]الخلوتي هذه بعون الله فوائد جمعتها من كلام الأئمة الأعلام، في ذكر مولد سيد ولد آدم، وفي ذكر رضاعه والتنويه بقدره السامي بين الأنام، رجاء أن يكون سماعه سببا للصلاة عليه عند ذكره عليه الصلاة والسلام”[4].

ثم بين السبب الذي جعله يؤلف كتابه والمصادر التي اعتمدها رحمه الله بقوله: “وقد صنف العلماء قديما وحديثا تقبل الله عملهم، وأجزل ثوابهم، وممن صنف في ذلك من العلماء المتأخرين أستاذنا خاتمة المحققين، وعمدة المدققين، وارث الصدق والمقام الحقيقي مصطفى بن كمال الدين بن علي الصديقي الحسني الحنفي مذهبا الخلوتي مـشربا نفعنا الله به المتوفي سنة اثنين وستين ومائة وألف(1162هـ)، فألف في ذلك تأليفا جليلا سماه: “المورد الروي في المولد النبوي”، واختصره في جزء لطيف سماه: بالورد المنهول الأصفا في مولد المصطفى” وبعد نقل أول هذا الأخير، قال: “وقد جمعت هذه الفوائد من التألفين المذكورين، ومن بهجة السامعين للنجم الغيطي(ت 981هـ)، ومختصره لشيخ شيوخنا سيدي حسن المدابغي،ومن تأليف الشيخ سيدي عبد السلام اللقاني المالكي، ومن شرح الشيخ العارف سيدي محمد الزرقاني المواهب اللدنية للإمام القسطلاني ومن غير ذلك من المؤلفات”.

إلى أن قال: “وسميتها: بتحفة السامعين في مولد سيد المرسلين

 ومن الفوائد المبثوثة في هذا الكتاب المتعلقة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم والتي جمعها من عيون مصادر السيرة النبوية والكتب الخاصة بمولده عليه السلام ما يلي:

ـ طهارة نسبه الشريف من سفاح الجاهلية. قال رحمه الله: واعلم أن نسبه الشريف طاهر من سفاح الجاهلية أي: زناها[5]

ـ تسمية السنة التي حملت أم الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، قال رحمه الله: وسميت السنة التي حمل فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم سنة الفتح والابتهاج.

ـ الاختلاف في مدة الحمل. قال رحمه الله: “واختلف في مدة الحمل فقيل: بقي في بطن أمه تسعة أشهر كملا، لا تشتكي وجعا، ولا معصا، ولا ريحا، ولا ما يعترض لذوات الحمل من النساء. وقيل: بقي عشرة أشهر، وقيل: سنة، وقيل: تسعة، وقيل: ثمانية “[6].

ـ الاختلاف في تعيين اليوم والشهر وهل ولد ليلا أو نهارا، والصحيح عند أهل الترجيح أنه ولد صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول، واختير أنه لاثنتي عشرة ليلة خلت منه، وعليه عمل أهل مكة والمدينة بل أغلب الأقطار، وقيل: لثمان وهو اختيار أهل الحديث…

ـ الاختلاف في تفضيل ليلة مولده الشريف على ليلة القدر.قلت: وقد كتب   في هذه المسألة للإمام ابن مرزوق كتابا سماه: ” جني الجنتين في شرف الليلتين ليلة القدر-ليلة المولد والكتاب مطبوع. ومنه نسخ مخطوطة بالخزائن المغربية.

-ذكره الكرامات والعجائب التي ظهرت مع   ولادته منها: أنه لما ولد سيد المرسلين وسيد الأولين والآخرين وقع إلى الأرض ساجدا رافعا رأسه إلى الله تعالى. وأن إيوان كسرى تزلزل وتكسر وسقطت منه أربع شرفات فتهدمت بغير سبب، وكان شديد البناء ثابت الأركان[7].

ذكره أول من عمل المولد الشريف الملك المظفر صاحب إربل، وهي قلعة على مرحلتين من الموصل عفا الله عنه[8].

ثم أفرد فصلا ذكر فيه مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وما اشتهر في ذلك من الأحاديث والآثار، والمرضعات التي ذكرها: أمه، أرضعته تسعة أيام، وثويبة أرضعته أياما، وامرأة من بني سعد غير حليمة، وخولة بنت المنذر، وأم أيمن، ونسوة ثلاث من بني سليم، وأم فروة، وحليمة السعدية[9]

ثم ذكر المؤلف فوائد عجيبة انتقاها من كتاب ابن القطان المعجزات النبوية.

وبعد هذا ختم المؤلف رحمه الله كتابه بقصيدة مخمسة للفقيه المحدث الحافظ الجنان. قائلا: ولنختم هذا المؤلف الشريف بقصيدة مخمسة للفقيه المحدث الحافظ نجل الشعراء في المائة السابعة أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري المعروف بالجنان رضي الله عنه في مدح النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتملت عليه من أوصافه المنيفة، ملزما الصلاة عليه عقب كل بيت منها، وصلوات وأدعية مجموعة مطلعها:

الله زاد محمد تكريما      وحباه فضلا من لدنه عظيما

واختصه في المرسلين كريما    ذا رأفة بالمؤمنين رحيما

صلوا عليه وسلموا تسليما.

وقد اعتمدت في التعريف بهذا الكتاب على نسخة بالمكتبة الوطنية تحت رقم: 2653د/2، تاريخ نسخها يوم الجمعة 2 محرم 1210هـ.

*************

هوامش المقال:

[1]من مصادر ترجمته: تاريخ عجائب الآثار(1 /339)، سلك الدرر(4 /49)،الأعلام (6 /134)، فهرس الفهارس(1 /353).

[2] فهرس الفهارس(1 /353).

[3] كذا في هذه النسخة المعتمدة في التعريف بالكتاب أنه مالكي المذهب، بخلاف الكتب التي ترجمت له والتي فيها: أنه شافعي المذهب.  تحفة السامعين مخطوط الوطنية رقم: 2653د، ضمن مجموع (ص:86)

[4]تحفة السامعين مخطوط الوطنية رقم: 2653د، ضمن مجموع (ص:86)

[5]نفسه (ص:108)

[6]نفسه (ص:119)

[7]نفسه (ص:134)

[8]نفسه (ص:147)

[9]نفسه (ص:150).

**************

جريدة المصادر والمراجع

-الأعلام لخير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي، دار العلم للملايين. ط15ـ مايو 2002 م.

-تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، لعبد الرحمن بن حسن الجبرتي المؤرخ، دار الجيل بيروت.

-سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر.لمحمد خليل بن علي بن محمد بن محمد مراد الحسيني أبي الفضل. دار البشائر الإسلامية، دار ابن حزم، ط3، 1408 هـ ـ1988 م.

-فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، لمحمد عَبْد الحَيّ الكتاني. تحقيق: إحسان عباس. دار الغرب الإسلامي ـ بيروت.ط2، 1982.

راجعت المقال الباحثة: خديجة أبوري 

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق