مركز الدراسات القرآنيةأعلام

ابن جزي المالكي (ت741هـ)

خطيب الجامع الأعظم بغرناطة

أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن ابن يوسف بن جزي الكلبي ـ نسبة إلى قبيلة كلب اليمانية ـ الغرناطي الأندلسي المالكي، الإمام العالم الحافظ المدرس الشهير خطيب الجامع الأعظم بغرناطة، واسم شهرته بابن جُزيّ بالتصغير.

ولد رحمه الله يوم الخميس تاسع ربيع الثاني عام ثلاثة وتسعين وستمائة هجرية، بمدينة غرناطة عاصمة الأندلس آنذاك، والده ابن جزي (ت 710هـ تقريبا)، له طلب وسماع، وجده الأقرب محمد بن عبد الله ابن يحيى بن جزي، وجده الأعلى الأمير أبو بكر بن جزي بجيّان، ويوسف بن عبد الرحمن بن سعيد بن جزي (ت 589هـ)، وأبو أحمد بن جزي الكلبي المالكي (ت 620هـ تقريبا)، كان شيخا، ورعا، زاهدا عابدا متقللا من الدنيا، وكان فقيها مفسرا، وسعد بن سعيد بن سعد بن جزي أبو عثمان، من مدينة بلنسية، توفي سنة 378هـ تقريبا.

وقد نشأ ابن جزي في حجر والده الذي وصفه بأن  له طلبا وسماعا، فقرأ القرآن الكريم برواية ورش عن نافع تكتيبا ثم تلاوة وتجويدا، وهي الرواية التي ينشأ عليها الأندلسيون ثم بعد ذلك انتقل إلى بقية القراءات السبع، وقد أخذ العلم عن مشايخ من الأندلس والمغرب، فقد قرأ القرآن العربية والفقه والحديث على الشيخ أبي جعفر بن الزبير، وروى عن أبي الحسن بن مستقور، وقرأ القرآن أيضا على الأستاذ المقرئ الرواية أبي عبد الله بن المكاد، ولازم الخطيب أبا عبد الله بن رشيد، وسمع على الشيخ الوزير أبي محمد عبد الله بن أحمد بن المؤذن، وسمع على الرواية المسن أبي الوليد الحضرمي، وروى عن الخطيب الوليد أبي عبد الله الطنجالي وغيرهم..

بعد هذه المرحلة تفرغ ابن جزي لتعليم طلبته القرآن وأحكام تجويده، والقراءات برواياتها، وأسمعهم الحديث، خصوصا الصحيحين والسنن والموطأ، واللغة العربية، والتفسير، والفقه المالكي، محققا ومرتبا، ومبسطا.

وقد اشتغل في وقت مبكر بالتأليف، والخطابة والإمامة، بالمسجد الأعظم بمدينة  غرناطة، واشتغل بالإفتاء على الأغلب بالمذهب المالكي.

وقد ألف في التفسير وعلوم القرآن، كالتسهيل لعلوم التنزيل، وفي الحديث وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم، وفي الفقه وأصوله؛ القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية، وفي العقائد النور المبين في قواعد عقاد الدين، وفي علم النحو؛ الفوائد العامة في لحن العامة، وفي علم التاريخ والتراجم؛ فهرسة ابن جزي.

وقد وصفه تلميذه لسان ابن الخطيب «كان رحمه الله على طريقة مثلى من العكوف على العلم، والاقتصار على الاقتيات من حر النشب، والاشتغال بالنظر والتقييد والتدوين …».

وكان لابن جزي عناية فائقة بالشعر وتقريضه وروايته، تمثل بوضوح في الرقائق الدينية، والمدائح النبوية، والصفات الخلقية، من أمثلة ذلك:

 لكل بني الدنيا مراد ومقصد  ***   وإن مرادي صحة وفراغ

لأبلغ في علم الشريعة مبلغا  ***  يكون به لي للجنان بلاغ

 وفي مثل هذا فلينافس أولو النهى  ***   وحسبي من الدنيا الغرور بلاغ

     فما الفوز إلا في نعيم مؤبد     ***    به العيش رغد والشراب يساغ

واستشهد رحمه الله ضحوة يوم الإثنين السابع من جمادى الأولى سنة 741هـ، في معركة طريف.

قال الفقيه المحدث الوزير أنشدني ـ يقصد ابن جزي ـ يوم الوقيعة من آخر شعره قوله:

                   قصدي المؤمل في جهري وإسراري  ***  ومطلبي من إلهي الواحد الباري

        شهادة في سبيل الله خالصة    ***    تمحو ذنوبي وتنجيني من النار

 إن المعاصي رجس لا يطهرها     ***    إلا الصوارم في أيمان كفار

مصادر ترجمته:

  • الإحاطة لابن الخطيب (1/52).
  • الدرر الكامنة لابن حجر (5/88).
  • طبقات المفسرين للداودي (2/81).
  • درة الحجال لابن القاضي (2/117).
  • فهرس الفهارس لعبد الحي الكتاني (1/306).
  • الأعلام للزركلي (6/221).
إعداد: ذ. محمد لحمادي
مركز الدراسات القرآنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق