من أعلام الطريقة التجانية: الشيخ سيدي محمد بن محمد الحجوجي
من أشراف مدينة فاس، المنتسبين إلى المولى إدريس بن إدريس، وأحد أكبر علماء وأدباء وشيوخ الطريقة التجانية في عصره، محمد بن محمد الحجوجي الإدريسي الحسني الفاسي...
ولادته:
ولد- رحمه الله- بفاس يوم الخميس السابع والعشرين من شهر رمضان عام 1297ھ/ 2 شتنبر 1880م، وتعلم بها، ثم انتقل إلى دمنات (من قرى الأطلس) فانقطع في الزاوية التجانية إلى أن توفي. [1]
شيوخه:
قرأ مترجمنا القرآن الكريم على ابن عمه أحمد الحجوجي، ثم على الفقيه محمد بن محمد الخمسي، ودخل القرويين لطلب العلم عام خمسة عشر وثلاثمائة وألف، فأخذ بها عن الشيخ محمد- فتحا- ابن محمد كنون، وعن الشيخ ابن جعفر الكتاني الحسني، وتبرك بوالده الشيخ جعفر، وعن الشيخ محمد- فتحا- بن قاسم القادري الحسني، وعن الشيخ أحمد بن محمد ابن الخياط الزكاري الحسني، وعن الشيخ أحمد بن الجيلالي الأمغاري، وعن الشيخ عبد المالك العلوي الضرير، وغيرهم من الأشياخ، وقد جمع في ذلك فهرسة سماها: "نيل المراد في معرفة رجال الإسناد".[2]
تلامذته وتصوفه:
لما تخرج مترجمنا عالما محدثا، مشاركا صوفيا، درّس بفاس، ثم انتقل إلى مدينة دمنات لنشر العلم وتلقين أوراد الطريقة التجانية التي كان يعد بحق من أعظم رجالها المرموقين المتفانين فيها، فأكرم وفادته تلميذه عمر الأكلاوي قائد المنطقة، واعتنى به عناية خاصة، وتفرغ الفقيه الحجوجي لدروس العلم والتربية والإرشاد وتلقين الأوراد، والإمامة بالناس إلى آخر حياته، كما كان من تلامذته أيضا العلامة عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة الذي أخذ عنه لما كان بفاس، وأجازه بتآليفه ومروياته...[3]
وفاته:
قبل وفاته بيوم، ألقى- رحمه الله- درسه المعتاد الأول في صحيح البخاري، على الساعة الحادية عشرة صباحا، ودرسه الثاني بين العشاءين، ووافق الموضوع قوله صلى الله عليه وسلم: "موت قبيلة أهون عند الله من موت عالم"،[4] فأبدأ وأعاد في موت العلماء ببيانه الساحر، ومنطقه الباهر، وبعد أن فرغ من درسه وأَمَّ الحاضرين في صلاة العشاء دخل منزله، وفي الساعة الثانية والنصف صباحا أيقظ أهله، وطلب منهم إحضار ماء الوضوء، ولما أراد أن يشرع في الوضوء أحسّ بوهن في أعضائه، فجلس على فراشه يستغيث بالله تعالى، وأيقظ جميع أفراد أسرته، وودعهم في كنف الله الذي لا تضيع ودائعه، وكان آخر ما فاه به: "إني أقر لله بالوحدانية، ولسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة"...[5]
وهكذا توفي- رحمه الله- قرب طلوع الفجر من يوم الأحد ثالث جمادى الثانية عام 1370ھ بمدينة دمنات وبها دفن .[6]
مؤلفاته:
كان لمترجمنا- رحمه الله- ولوع كبير بالتأليف والتحرير، حتى بلغت مؤلفاته اثنين وتسعين كتابا في موضوعات شتى، منها:
- "تفسير القرآن الكريم" في ثلاثة أجزاء
- "الحلل السندسية": وهي حاشية على شرح محمد جسوس على شمائل الترمذي في أربعة أجزاء ضخام
- "بغية السائل في تخريج أحاديث الشمائل" في مجلد
- "فتح القدير في شرح التاريخ الصغير للإمام البخاري" في أربعة أجزاء
- "منحة الوهاب في تخريج أحاديث الشهاب" في مجلد
- "إرشاد المقيم والساعي لفهم أحاديث القضاعي" في مجلدين
- "شرح مسند الدارمي" في ثمانية أجزاء
- "سر الرحمان فيما في مسند الدارمي من تراجم الرواة والقبائل والبلدان" في ثلاثة أجزاء
- "إتحاف أهل المراتب العرفانية، بذكر بعض رجال الطريقة التجانية": وهو كتاب جليل يتكلف بإحصاء بعض كبار رجالات هذه الطريقة واستيعاب ما يمكن ضبطه حسب الوسع والطاقة من مؤلفاتهم وأخبارهم.
- "شرح كتاب الشكر لابن أبي الدنيا" في مجلد
- "فيصل فيض الله الممدود في شرح مسند أبي داوود"
- "سلافة الصفا في تراجم رجال الشفا" في مجلدين
- "شفاء الغرام في حج بيت الله الحرام وزيارة قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام": وهي رحلة إلى الديار الحجازية
- فهرسته المسماة: "نيل المراد في معرفة رجال الإسناد" في أربعة أجزاء- وقد سبقت الإشارة إلى هذا المؤَلَّف- إلى غير ذلك...[7]
الفهارس:
[1] - الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط17، 2007م، 84/7.
[2] - سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال، عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة، تحقيق: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1417ھ-1997م، ص: 143، الترجمة رقم: 173.
[3] - المصدر السابق، ص: 143.
[4] - ذكر هذا الحديث الإمام الغزالي في كتابه: "الإحياء"، 15/1؛ كما أخرجه الطبراني وابن عبد البر من حديث أبي الدرداء. وأصل الحديث عند أبي الدرداء.
[5] - معلمة المغرب، من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 3336/10.
[6] - إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة، تحقيق: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1417ھ-1997م، 526/2.
[7] - معلمة المغرب، 3336/10.