وحدة المملكة المغربية علم وعمرانفنون

فن تسفير الكتب والمخطوطات: مدخل إلى الأدوات المستعملة

يعد التسفير أو تجليد الكتب تاريخ عريق بالمغرب يمتد لقرون، إذ بواسطته يتم حفظ الكثير من المخطوطات من الضياع، ومع توسع رقعة الفن الإسلامي وانتشاره خارج البلاد العربية، أصبح هناك تعدد في مواد وتقنيات التجليد، ويتم تسفير الكتب يدويا وبأدوات حديدية وخشبية، توارثها معلمين هذه الحرفة جيلا بعد جيل، وتمر عملية التسفير بمرحلتين أساسيتين، أولها جمع أوراق الكتاب وربطها في سفر واحد، والثانية ويتم لصق الملازم أو الكراسات بالغراء، وذلك  لصيانة أوراقها من التلف، والعناية بمظهرها الخارجي ليتلاءم مع قيمتها ومحتوياتها، ومن أجل إحياء والتعريف بهذه الفن العريق، قام مركز علم وعمران ومركز ابن البناء المراكشي بالرابطة المحمدية للعلماء بورشة علمية في هذا الموضوع، وبحضور أحد المعلمين الذي أعطى الكثير لهذا الفن، وهو المعلم سيف الدين بوهادي الذي بدأت علاقة بالتجليد عندما كان في عمر  18سنة ،  حيث التحق بمركز لتكوين الحرفيين بالرباط، وهناك تعلم الحرفة وصارت مصدر قوته اليومي….

ومهنة تسفير الكتب والمخطوطات وترميمها، كانت ولا تزال في الغرب الإسلامي من أشرف الصناعات…ولأهميتها البالغة، كانت من بين الصناعات التي حظيت بالتأليف في قواعدها من طرف المهتمين انطلاقا من ابن المجاهد، وبكر بن إبراهيم اللخمي الإشبيلي ، وقد وضع برسم الخليفة الموحدي، يعقوب المنصور رسالة باسم” التيسير في صناعة التسفير” وفي العصر السعدي نلتقي باين عرضون، أحمد بن يوسف الزجلي الشفشاوني، نظم أرجوزة في نفس الإتجاه، ثم يأتي محمد السفياني مؤلف “ّ صناعة تسفير الكتب وحل الذهب“، وفي العصر العلوي، تلمع مجموعة من المبدعين في هذه المادة… [1].

ومهنة التسفير مهنة شريفة، وقد قال عنها ابن الحاج في كتابه “المدخل”، إن هذه الصنعة من أهم الصنائع في الدين، إذ بها تصان المصاحف وكتب الأحاديث والعلوم الشرعية، وكما جاء في كتاب ” تاريخ الوراقة  المغربية، للمؤرخ سيدي محمد المنوني أن بعض العلماء كانت لهم معرفة بتسفير الكتب مثل البطاوري والتهامي بن علي الرباطي، ومحمد بن سليمان السوسي الروداني نزيل دمشق، وقد جاء في ترجمته ” الرحلة الفاسية”، أنه كان يحسن عدة حرف من بينها تسفير الكتب[2]..

كيفية عمل الدف:

يعني بالدف الواح من الكاغط الذين يكسونهم بالجلد على الكتاب، وذلك بأن تأخذ الكاغط وتدهن الورقة منه بالنشا وتتركها عن يمينك، وتدهن ورقة ثانية أعني التي تقابلها وتنزل الوجه المدهون من الورقة على الوجه المدهون من الورقة الثانية، وتحط عليها بكفيك وتقلبها للوجه الأسفل على الأعلى، وتنظر هل فيه شيء من الرخوة ، فتمدد وتبسط بكفيك حتى يمتد غاية امتداده ولا يبقى في الوجهين كماش ولا والرخوة، فحينئذ تنزل الورقتين الملصقتين بعضها ببعض، وتأخذ ورقتين أخريين، وتعمل فيهما كما عملت في الورقتين اللتين قبلهما حتى تلتقي الأوراق كلها اثنين اثنين، وانشرهم في مكان حار جنبا ييبس…[3].

كيفية حزم كراريس الكتاب:

قال المؤلف رحمه الله: أول ما يبتدئ به المسفر بعد عمل الدف أن يتناسب أولا من الكتاب واحدة بعد واحدة، وينظر في عقب الورقة وفي أول التي بعدها سواء كانوا الكراريس صحاحا أو محزمين من أصولهم، فإذا فرغ من المناسبة وتحقق بصحة كمال الكتاب، فل يبتدئ بجمع الكراريس بعضها ببعض، ويلفها في رق باله، ويضم الرق على الكتاب ويجعله على حجرة ملسا صبرة للضرب، ويضرب على الرق بمنجم ثقيل يزن ستة أرطال أو خمسة أو أربعة…..وإذا عملت الكتاب في التخت بعد الضرب بأي تخت تجمعه يطيعك كاغيطه ويدل ويلين، وفي الضرب سر عظيم، فإذا اطلعت على هذه الفائدة أيها المسفر فادع الله لي بالرحمة… وبعد ذلك تجري خطين بالمداد على أصول الكراديس في موضع تحزيم الكتاب، وتدخل الإبرة الإبرة بالخيط في أصل الكراريس في النقطة المرشومة بالمداد، ويكون الخيط الذي تحزم يه رقيقا صحيحا مسبوكا مبروما، ويظهر للمسفر ولجميع كراريس الكتاب بالخياطة بعضها إلى بعض[4].

الأدوات المستعملة في عملية تسفير الكتب :

 الخفيف: وهي آلة خشبية  يضرب بها على ظهر الكتاب لإبراز الأجزاء المحدبة فيه.

شفرة : وهي أداة لشق  كراسات الكتاب من أجل تمرير الخيط والإبرة.

أداة خشبية : تستعمل من أجل الثني وطي أوراق الكتاب.

آلة التذهيب :  بواسطة هذه الأداة يتم التذهيب بالاعتماد على ورق الذهب، وتوضع هذه الأداة الحديدية محماة على النار وبعد ذلك يتم التذهيب بها.

فرشاة : وهي أداة تستعمل لوضع الغراء أو الصاق على الكتاب.

قرباص : وهي آداة مصنوعة من خشب البرتقال.

الروليطا  : وهي آداة للتذهيب.

مسطرة حديدة : تستعمل لأخذ المقاسات كي تكون أجزاء الكتاب متساوية.

الزواقة  : أداة تستعمل لتزين الكتاب بعد تسفيرة.

آلة التذهيب : هي أيضا أداة تستعمل لتزيين الكتاب بعد تسفيره، على شكل نجمة.

ورق التذهيب : يستعمل لتزيين الكتب بعد تسفيرها.

الجلد:  يستعمل جميع أنواع الجلد، لكنه يستحسن أن يكون جلد المعز .

وفي ختام اللقاء، قام المعلم سيف الدين بوهادي بعمل تطبيقي حول تسفير الكتاب، وقام بجمع كراساته بخيط وإبرة مخصصين لذلك الغرض، وبعدها وضع الغراء أو اللصاق على كعب الكتاب وعلى دفتيه، وباستعمال أدواته الخشبية والحديدة التي تم ذكرها، قام سيف الدين بوهادي بتجليد الكتاب بجلد المعز، كما قام بتزينه وتذهيبه.

ونختم هذا الموضوع بالشكل النهائي للكتاب الذي قام المعلم سيف الدين بوهادي بتسفيره وتجليده.

[1] – تسفير وتذهيب الكتب وترميم المخطوطات ص 6 للسعيد بنموسى طبعة 1993م.

[2] – تسفير وتذهيب الكتب وترميم المخطوطات ص 6 للسعيد بنموسى طبعة 1993م.

[3] – صناعة تسفير الكتب وحل الذهب ص 5 للفقيه أبي العباس أحمد بن محمد السفياني – رحمه الله – .

[4] – صناعة تسفير الكتب وحل الذهب ص 5 للفقيه أبي العباس أحمد بن محمد السفياني – رحمه الله – .

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق