مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

فضائل رمضان من خلال أحاديث صحيح البخاري

                                             بسم الله الرحمن الرحيم

 


الباحثة: دة. خديجة أبوري

 

لقد منَّ الله تعالى على عباده بمواسم الخيرات فيها تتضاعف الحسنات، وتمحى السيئات، وترفع الدرجات، ومن هذه المواسم: شهر رمضان الذي فضله على سائر الشهور لما له من الفضائل التي يتميز بها، وقد جاء في الكثير من النصوص الشرعية ما يبين ذلك.

ولأهمية هذا الموضوع إرتأيت أن أفرده بمقال أبين فيه بعض هذه الفضائل من خلال ما أورده الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري من الأحاديث في فضله في كتابه: الجامع الصحيح (المسند من حديث رسول الله ﷺ وسننه وأيامه)؛ فأقول وبالله أستعين:

من الفضائل التي امتاز بها شهر رمضان عن بقية الشهور: أن فيه تفتح أبواب السماء، وأبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين: كما جاء هذا في الحديث الذي رواه  أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:« إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين». ([1])

ومن الأمور التي امتاز بها شهر رمضان عن غيره من الشهور أن فيه صلاة التروايح؛ وهي صلاة لا تُقام إلا في شهر رمضان، وتسمى أيضاً بصلاة القيام، كما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:«من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»([2])

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه «سأل عائشة رضي الله عنها: كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، فقلت: يا رسول الله! أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي». ([3])

وأن فيه ليلة من أعظم ليالي السنة وهي: ليلة القدر: عن أبي سلمة رضي الله عنه، قال: «سألت أبا سعيد، -وكان لي صديقا- فقال: اعتكفنا مع النبي ﷺ العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين، فخطبنا وقال: «إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها -أو نسيتها-، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإني رأيت أني أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله ﷺ فليرجع فرجعنا، وما نرى في السماء قزعة فجاءت سحابة فمطرت، حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله ﷺ يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته». ([4])

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال:«تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» ([5])

ومن الفضائل الأخرى التي تميزه عن بقية الشهور:  أن العمرة فيه تعادل أجر حجة؛ كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما رجع النبي ﷺ من حجته قال لأم سنان الأنصارية: ̎ما منعك من الحج؟ قالت: أبو فلان -تعني زوجها- كان له ناضحان حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضا لنا، قال: فإن عمرة في رمضان تقضي حجة»([6])

وأن فيه غفرانا للذنوب؛ فعن أبي  هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول لرمضان: «من قامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»([7])

كما يعد فرصة لمدارسة القرآن وختمه: وذلك بتدبّر معانيه، والتدرّب على فهمه وتحليله، واستنباط المقصود من الآيات والأحكام الشرعية للعمل بها، وهو كما ورد عن الحبيب المصطفى ﷺ في الحديث الشريف الذي رواه ابن عباس عنه قال: «كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة»([8]).

وأن الاعتكاف فيه له ضعف أجر الاعتكاف فيما عداه من الأيام فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي ﷺ إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله([9]).

وغيرها من الفضائل التي تدعوا المسلم إلى أن يشمر عن ساق الجد والاجتهاد ، ويدأب في سائر أحواله لتدارك ما فاته من أعمال الخير في هذا الشهر الكريم لينال ويفوز برضوان الله تعالى.

نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من أوفر عباده حظا ونصيبا في كل خير وبر ورحمة.آمين.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

 *****************

المراجع المعتمدة في المقال

*الجامع الصحيح (المسند من حديث رسول الله ﷺ وسننه وأيامه). البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. قام بشرحه وتصحيح تجاربه وتحقيقه: محب الدين الخطيب- رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه واستقصى أطرافه: محمد فؤاد عبد الباقي- نشره وراجعه وقام بإخراجه وأشرف على طبعه: قصي محب الدين الخطيب. المطبعة السلفية القاهرة. ط1- 1400.

*************

هوامش المقال:

([1])أخرجه البخاري في صحيحه (2 /30) كتاب: الصوم، باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ ومن رأى كله واسعا برقم:(1899).

([2])أخرجه البخاري في صحيحه (1 /28) كتاب: الإيمان، باب: قيام ليلة القدر من الإيمان برقم:(35).

 ([3])أخرجه البخاري في صحيحه (1 /356)كتاب: التهجد باب: قيامه ﷺ في رمضان وغيره برقم: (1147)

([4]) أخرجه البخاري في صحيحه (2 /62-63) كتاب: فضل ليلة القدر، باب: التماس ليلة القدر في السبع الأواخر برقم: (2016).

([5]) أخرجه البخاري في صحيحه (2 /63) كتاب: فضل ليلة القدر، باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر فيه عن عبادة  برقم: (2017).

([6]) أخرجه البخاري في صحيحه(2 /19-20) كتاب: جزاء الصيد، باب: حج النساء برقم: (1863).

([7]) أخرجه البخاري في صحيحه(2 /60) كتاب: صلاة التراويح باب: فضل من قام رمضان برقم: (2008).

([8]) أخرجه البخاري في صحيحه(1 /15-16) كتاب: بدء الوحي باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ برقم: (6).

([9]) أخرجه البخاري في صحيحه(2 /64) كتاب: فضل ليلة القدر باب: العمل في العشر الأواخر من رمضان برقم: (2024).

* راجع المقال الباحث: محمد إليولو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق