مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويطبيعة ومجال

حضارات ما قبل التاريخ بالصحراء المغربية

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

الحضارة الموستيرية في المجال الصحراوي المغربي:

تنامت الحضارة الموستيرية، خلال الفترة الأولى من العصر الحجري القديم الأوسط[21]، في المجال الصحراوي المغربي[22]. حيث اكتشف الباحثان أنطوان وببرسون موقعا موستيريا قرب كَلميم، به صناعات ذات تقنية “فالوازية”[23].

      وأشار مصطفى الحمري إلى اكتشاف بقايا دالة على الحضارة الموستيرية، بمنطقة شاسعة من الصحراء المغربية[24]. حيث عُثر على أدوات حجرية موستيرية أغلبها مكاشط، بمنطقة “تلمزون” و”وين مذكور” قرب طانطان[25].

      وعُثر، بـ”وادي أجفل” و”وادي تيمكرداد”، بمنطقة “ادوكَج” من بلاد تيرس، على صناعات حجرية قديمة (سواطير، ومكاشط، ومثاقب، وفؤوس حجرية ذات وجهين) شبيهة بالصناعة “الفالوازية” المنسوبة إلى الحضارة الموستيرية. وهي أدوات صنعت من حجر الكوارتز المنتشر قرب المواقع المذكورة. ويظهر أنها أكثر تطورا من الأدوات البدائية (الأشولية) المكتشفة بالمجال نفسه[26].

      وقرب “ادوكَج” بحوالي 50 كلم، عثر، بموقع “خنيفيسة”، بمنطقة “أم كَرين”، على صناعات من العصر الحجري القديم الأوسط والحديث[27]. ولعل منها صناعة دالة على الحضارة الموستيرية.

      وبعيدا عن “ادوكَج” بحوالي 250 كلم، عثر، قرب جبل “كنيني”، على ورش مهم لصناعة أدوات حجرية مثل “ذات الوجهين”، و”المثاقب”، و”المكاشط”، و”السكاكين”[28]. ويبدو أنها دالة على الحضارة المذكورة.

      ووُجدت بمنطقة الساقية الحمراء وروافدها، ومنطقة وادي الذهب، صناعات حجرية لها خصائص أدوات العصر الحجري القديم الأوسط[29]. حيث مثلت الصناعة الموستيرية 35.41 % من الأدوات المكتشفة بالمجال الأول[30]. ويبدو أنها أدوات ما بعد الأشولي وما قبل العتيري، سميت أدوات ليفالوازية[31].

      وفي هذا الصدد أدرج ألماكَرو كل الأدوات الحجرية المكتشفة بمواقع العيون والكزيرة والمسيد وايزيك ضمن مجموعة الليفالوازي- الموستيري[32]. وهي مواقع أركيولوجية غنية دالة على العصر الحجري القديم الأوسط والعُلوي[33].

      وأكد مصطفى الحمري العثور، بقدم هضبة “كور البرد” ووادي الصفا، على أدوات حجرية من بينها شظايا معدلة ومكاشط ورؤوس موستيرية، دالة على التطور التقني الذي عرفه العصر الحجري الأوسط، مثل ما تم اكتشاف أدوات حجرية متنوعة، ذات تقنية شبه معقدة، مثل رؤوس النبال والنصال والأزاميل والرقائق مقلّمة الهوامش، بمواقع غنية، على سطح هضبة “كور البرد” المذكورة[34].

      وأشار عبد الله صالح إلى وجود أهم المواقع النموذجية في حوض طرفاية، مثل موقع تيليمسون، ووينمادكور. حيث عُثر بهما على لقى أثرية دالة على صناعة موستيرية، وخاصة السنان والمجرفات التي عُرفت بهما التقنية الليفالوازية. في حين اكتشف محمد نوصيري موقعا آخر بالمنطقة نفسها على شكل مخبأ يستشف من معطياته أنها موستيرية[35].

      وننبه هنا إلى تعارض ذلك مع قول محمد بوعجاجة وآخريْن الذاهبين إلى أن حوض طرفاية لم يعثر فيه إلى الآن على بقايا موستيرية، مبررين ذلك بضعف البحث الأثري في المنطقة أو نتيجة لظروف المناخ التي أجبرت المجموعات البشرية على التوجه جنوبا إلى الساقية الحمراء (حوزة وتوكّة النخلة وغيرهما)[36].

      وإذ تحدثنا بإسهاب عن الحضارة الموستيرية، بالفترة الأولى من العصر الحجري القديم الأوسط، ننتقل الآن إلى الحديث عن الحضارة العتيرية، بالفترة الثانية من العصر الحجري القديم نفسه.

يتبع                  

 

الإحالات:

[21] الاستيطان البشري للمغرب ما قبل التاريخ، ص75- 77.

[22] نفسه، ص76؛ ملامح من الاستيطان البشري القديم بالصحراء، ص14، وص16- 19.

[23] الاستيطان البشري للمغرب ما قبل التاريخ، ص76.

[24] ملامح من الاستيطان البشري القديم بالصحراء الشمالية، ص14، وص16، وص17، وص18، وص19.

[25] نفسه، ص18.

[26] نفسه، ص16.

[27] نفسه، ص16- 17.

[28] نفسه، ص16.

[29] لمحة عن التاريخ القديم، ص13.

[30] ملامح من الاستيطان البشري القديم بالصحراء الشمالية، ص19.

[31] لمحة عن التاريخ القديم، ص13.

[32] نفسه.

[33] ملامح من الاستيطان البشري القديم بالصحراء الشمالية، ص18.

[34] نفسه، ص19.

[35] لمحة عن التاريخ القديم، ص13؛ وملامح من الاستيطان البشري ما قبل التاريخ بحوض طرفاية، ص19، وص21، وص23؛ وملامح من الاستيطان البشري القديم بالصحراء الشمالية، ص18.

[36] ملامح من الاستيطان البشري ما قبل التاريخ بحوض طرفاية، ص21، وص23، وص35.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق