مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويطبيعة ومجال

حضارات ما قبل التاريخ بالصحراء المغربية

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

الحضارة النيوليتية في المجال الصحراوي المغربي:

تنامت الحضارة النيوليتية خلال العصر الحجري الحديث[64]، في المجال الصحراوي المغربي[65] الذي شكل فضاء غنيا لأدوات العصر الحجري المذكور[66].

      وعُثر على صناعات من العصر الحجري القديم الأوسط والحديث، بموقع “خنيفيسة”، بمنطقة “أم كرين”، قريبا من منطقة “ادوكَج” من بلاد تيرس، بحوالي 50 كلم[67]. ويبدو أن مجموعات بشرية بحوض الساقية الحمراء وتيندوف خلفت صناعات دالة على العصر الحجري القديم والحديث[68].

      واكتشفت بعثة علمية، بساحل الصحراء المغربية، مواقع أركيولوجية عائدة إلى العصر الحجري العُلوي والحديث. عثر بها على سكاكين ومكاشط ومثاقب، ورؤوس رماح من الصوان، وقطع خزفية نيوليتية، وغير ذلك.

      ومن بين المواقع المذكورة موقعان. أولهما: موقع “تافراوت”، ببئر يبعد شمالا عن مصب واد الساقية الحمراء بحوالي 28 كلم. وهو تمركز غني لحجر الصوان المعالج، ذي اللون البني، والأبيض اللامع، إلى جانب بقايا من الفخار.

      وأما ثاني الموقعين، فموقع كثبان Medano de Santiago، بعيدا غربا عن مدينة العيون بحوالي 22 كلم. وهو تمركز لأدوات حجرية صنعت من الصوان[69].

      وأشار عبد الله صالح إلى 41 موقع خاص بالعصر الحجري الحديث، ممتد على ساحل الصحراء الأطلنتية، ومُشكّل تمركزين كبيرين. أولهما في حوض طرفاية، بالساقية الحمراء. وثانيهما بين الداخلة والكَويرة.

      وهي مواقع مرموز لها بما يأتي: توليت- كابو جوبي- Le site Letan- الواد الواعر- , site 11 إزريتين- ميكَريو- سبخة لعزيليا- Medano Santiago-أخفول- أوعيطال- أمطل- ماحاريات- لمحيريس- إدجيلا- Site A- Site B- Site K- Site M- Site f- Site G- Site H- , site I الخيبيطا- , site J الخيبيطا- واد لكَيد- أعظيْم- الأعطف- البو- كَاران- إميريكلي- ميجيك- كَليبات موسدر- نيكيير- تاكَيرزيميتز- تيريف- تيريس- كَلتة زمور- زوكَ Zoug- Site Ty-7- Site -TF-1 Site TR-4- Site TR-5 [70].

     وتتواجد أغلب المواقع قرب المحيط الأطلنتي أو على مصبات الأودية أو على ضفاف السبخات. ولكن هذا لا يعني أنه تم جرد مواقع الصحراء المغربية، بشكل كامل. حيث تمنع وعورة المجالات الداخلية من استكمال البحث الأثري الشامل[71].

      وعُثر على فؤوس من الحجر الصقيل، ورؤوس رماحية صحراوية نيولوثية، بمنطقة السمارة[72]، مثل ما اكتشفت بقايا الحضارة النيوليثية في حوض طرفاية، ورأس جوبي، ومنطقة السمارة، والساقية الحمراء، ووادي الذهب. حيث عثر على عدد كثير من النصال أو رؤوس السهام الصحراوية في المناطق المذكورة[73].

      وتظل هذه الأدوات الحجرية دالة على إتقان الإنسان القديم. حيث صُنعت النصال المذكورة بتقنية بالغة التعقيد عن طريق الضغط، على الأرجح، واستعمال نوعية جيدة من حجر الصوان، وأدوات تشذيب دقيقة[74].

      وفي هذا السياق بينت دراسة لمنطقة حوض طرفاية المستوى التقني والثقافي البشريين بالمجال المذكور[75]. حيث دلت الأدوات الحجرية المكتشفة، بموقعي “إزريتن” و”لخبيطة”، على تنوع غني في الصناعات الحجرية، اعتمادا، بشكل أساسي، على مادة الصوان نظرا لعامل الوفرة والقرب[76].

      وتجدر الإشارة إلى تشابه بعض الأدوات الحجرية المذكورة مع الأدوات المكتشفة بحوض أركين الساحلي الموريتاني، بشكل دال على وحدة ثقافية ساحلية، وامتداد حضاري واصل ما بين مصب درعة شمالا، وحوض أركين جنوبا. ويبدو أن أدوات هذا المجال مستمدة من تقنيات تقليم الحجارة[77].

      وقد بينت دراسة الآثار الأركيولوجية في 47 موقع قديم، بالمجال الصحراوي المغربي، أهمية حضارة العصور الباليو تاريخية الحديثة المتزامنة مع فترة الهلوسين. حيث دلت دراسة 88 عينة مأخوذة من 19 موقع قديم يتوزع بين مصب واد درعة، بالمغرب، ورأس تيميرس، بموريتانيا، على وجود استقرار بشري مكثف بساحل الصحراء الأطلنتية، بفضل مناخ أقل جفافا من الزمن الحالي[78].                      

      ونتيجة لتتبع أنواع حضارات ما قبل التاريخ في الصحراء المغربية، نخلص إلى ما يأتي:

– قدم الاستقرار البشري بالمجال المذكور.

– دلالة مسير الأدوات الحجرية على تطور التقنية القديمة، بالصحراء المغربية.

– التشابه بين الصناعات الحجرية ما قبل التاريخية في كل مناطق المغرب.

الإحالات:

[64] الاستيطان البشري للمغرب ما قبل التاريخ، ص81- 82.

[65] نفسه، ص82- 83.

[66] الساقية الحمراء ووادي الذهب، ج1، ص97.

[67] ملامح من الاستيطان البشري القديم بالصحراء الشمالية، ص16- 17.

[68] نفسه، ص17.

[69] نفسه، ص15.

[70] لمحة عن التاريخ القديم، ص16، وص18- 19.

[71] نفسه، ص16، وص17- 18، وص26، وص27.

[72] انعكاسات الهجرات البشرية داخل الصحراء الكبرى، ص14، وص19.

[73] الاستيطان البشري للمغرب ما قبل التاريخ، ص82- 83.

[74] ملامح من الاستيطان البشري ما قبل التاريخ بحوض طرفاية، ص23، وص25، وص26- 28.

[75] نفسه، ص23، وص25، وص26، وص27، وص28.

[76] نفسه، ص23- 24، وص26- 27، وص28.

[77] نفسه، ص27، وص35.

[78] لمحة عن التاريخ القديم، ص16- 19، وص26.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق