مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةشذور

من تضرعات القوم (7)

     إلهي أفردتُ قلبي لك فأفردني عن أهل الغفلة عنك، وطلبت الخَلوة لذكرك فلا تُخلني من لطائف بِرك، ونفرت وحشةً ممن لا يعرفك فاجعل لي من لدنك أنيسا، وقد هربت من الذنوب إليك مستجيرا ببابك فأوِني إلى كهف عفوك فإن عظيم زللي حقير في جنب حلمك وسعة رحمتك، وقليل عملي إذا قبلته كثير في جنب رضاك عني، ولولا سابقة الفضل منك عَلَي لمحقني عدلك فَأَوْلِنِي اللهم بواجب كرمك بالإحسان إلي، وتعطف بالرأفة والبر واليسر علي، وأتمم لي نوي ويسر لي أموري، وحُل بيني وبين لهوي وغروري، وارزقني كمال معرفتي بك وأنه لا شريك لك في وحدتك، ودُلَّني على حسن الأدب في معاملتك، وهبني دوام العافية في عبادتك، وقد سألتك بذاتك التي لا يعرفها سواك، وهُوِيتك التي لا يشهدها إلا إياك، وبألوهيتك التي خضعت لعظمة جلالها الأملاك، وبنورك الذي قهرت به الغواسق العدمية، وبربوبيتك التي تنزَّلْت بها إلى إمداد خلقك بنعمك.

     أن تصلي على أحب خلقك إليك محمد المختار، منبع الأنوار، ومحل الأسرار، الذي بعثته للعالمين رسولا، وصَيَّرته بك عليك دليلا، وعلى آله أركان القدم، وأنوار الظلم، وسادات الأمم، وأن تجعلني يا رب ممن آمن به فألحقته بسببه، وأسمعته ما أودعته من أسراره، فساح في بيدائها حتى وصل إلى حضرة قدسه، فَتَرَوْحَنَ فيها وأشرف على الملائكة الكرُّوبيين [1]، المطيفين بحماه، فجنى من حقائقهم وصار من السابقين المقربين إليه، فامتحنته يا رب بالولاء الأحمدي المستصفى من الرحمة العندية، واستخلصته لها فصار من المختصين به، ولم تزل كرامتك تتولاه حتى أنجب في عبادك، ونقَّب في بلادك، فمنح بالأيتام بأفراد الأيتام الأفذاذ من أوليائك المغموسين في آلائك، ولم يزل نورك يَأُمُّه، وفيضك يعمه، حتى استحق الدخول من باب عزك، وولج في ملكوتك الديمومي، يا هو يا هو، يا من لا يعلم ما هو، امنن علينا بأمنك ومنك، واشملنا بعنايتك ورعايتك، وامددنا بقوتك وحولك، وأسعدنا بنعمتك وطولك، يا غفار يا ستار، يا مدبر الليل والنهار، يا حي يا قيوم.

الهوامش :

 [1] من الكرب، أي الملائكة الذين يدخلون الكرب على الكفار، في: “غريب الحديث” للخطابي (ت:388هـ)، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم الغرباوي، دار الفكر – دمشق، 1402هـ – 1982م، 1/440.

Science

ذ. محمد المنصوري

باحث بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة بالرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق