مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

شرح حديث: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن ما اجتنبت الكبائر”

بسم الله الرحمن الرحيم

   الحمد لله الذي مَنَّ علينا بقبوله  توبة المذنبين، وجعل في الصلوات الخمس والجمع ورمضان أسبابا لتكفير ذنوب المتقين، والصلاة والسلام على من تنزه عن الكبائر والصغائر، ولهج بفضله والصلاة عليه أمم من الأوائل والأواخر، وعلى آل بيته من نالوا الشرف كابرا عن كابر، وعلى أصحابه أسود الوغى وأعلام الورى.

وبعد؛ إن الله سبحانه وتعالى من أسمائه الغفور الغفار، الرحيم الرحمن، التواب، يقبل التوبة عن عباده، ويرفع الإصر عن أحبابه، وما رد سائلا عن بابه، قال تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى)[1]، وقال تعالى: (قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)[2].

ولهذا إن الله سبحانه وتعالى قد جعل في بعض العبادات سببا لتكفير صغار الذنوب؛ كالصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان وقد ورد في ذلك حديث أبي هريرة رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر“.

ولأهمية هذا الحديث؛ أحببت أن أخصه بهذا المقال ، الذي سأتناول فيه المطالب الآتية:

المطلب الأول: تخريج الحديث.

المطلب الثاني: شرح الحديث.

وهذا أوان الشروع في المقصود، فأقول وبالله التوفيق:

المطلب الأول: تخريج الحديث.

الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه[3]، في كتاب: الطهارة، باب: المكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، والترمذي في سننه[4]، في كتاب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب: في فضل الصلوات الخمس، وابن ماجه في سننه[5]، في كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: في فضل الجمعة، وأحمد في المسند[6] ، كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وقال الترمذي: “حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح”[7].

المطلب الثاني: شرح الحديث:

قال النووي في شرح هذا الحديث: “…. ورمضان إلى رمضان“. فيه جواز قول رمضان من غير إضافة شهر إليه، وهذا هو الصواب، ولا وجه لإنكار من أنكره” [8].

وقوله : “إذا اجتنبت الكبائر“.

قال النووي: “هكذا هو في أكثر الأصول (اجتنب) آخره باء موحدة، والكبائر منصوب أي: إذا اجتنب فاعلها الكبائر، وفي بعض الأصول (اجتنبت) بزيادة تاء مثناة في أخره على مالم يسم فاعله، ورفع الكبائر وكلاهما صحيح ظاهر والله أعلم “[9].

ومن فوائد هذا الحديث:

– في الحديث دلالة على فضل الأعمال الصالحة التي يقول بها العبد: كالصلوات الخمس، والجمع، ورمضان … الخ، وأنها من أسباب تكفير وغفران ومحو للذنوب.

– في الحديث دلالة على أن الذنوب التي يقع فيها العبد تنقسم إلى قسمين: الصغائر، والكبائر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا اجتنبت الكبائر” مما يدل على أن هذا التكفير والمحو للذنوب إنما يقع على الصغائر.

الخاتمة:

وفي ختام هذا المقال خلصت إلى أن:

1-حديث: “الصلوات الخمس …” حديث صحيح أخرجه مسلم وأصحاب السنن: الترمذي، وابن ماجه، وأحمد.

2-أن الله تعالى جعل في بعض العبادات سببا لتكفير صغائر الذنوب: كالصلوات الخمس، والجمعة ، ورمضان إلى رمضان… الخ.

3-جواز قول رمضان دون إضافة الشهر له.

4-التكفير للذنوب الوارد في هذا الحديث يقع على صغائر الذنوب.

********************

هوامش المقال:

[1]  – سورة طه (82).

[2]  – سورة الزمر (53).

[3]  – صحيح مسلم برقم : (233).

[4]  – سنن الترمذي برقم: (214)

[5]  – سنن ابن ماجه برقم: (1086)

[6]  – مسند أحمد (14 /333)، برقم: (8715)،  و (15 /106) برقم: (9197)، و(15 /208) برقم: (9356)، (16 /196) برقم: (10285).

[7]  – سنن الترمذي برقم:  (63)

[8]  – شرح النووي على مسلم (2 /101- 102).

[9]  – شرح النووي على مسلم (2/ 101- 102).

****************

لائحة المصادر والمراجع:

مسند أحمد بن حنبل. ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون. مؤسسة الرسالة. بيروت. لبنان. ط1/ 1421هـ- 2001مـ.

سنن ابن ماجه. حكم على أحاديثه: الألباني. اعتنى به : مشهور آل سلمان. مكتبة المعارف . الرياض. ط1 (د.ت).

سنن الترمذي. حكم على أحاديثه : الألباني. اعتنى به: مشهور آل سلمان. مكتبة المعارف. الرياض. ط1 (د.ت).

صحيح مسلم بشرح النووي. اعتناء: محمد فؤاد عبد الباقي. دار الكتب العلمية 2017مـ.

صحيح مسلم . لمسلم بن الحجاج النيسابوري. ت: أبو قتيبة الفاريابي. دار طيبة الرياض. ط1/ 1427هـ- 2006مـ.

راجعت المقال الباحثة: خديجة ابوري

Science

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق