مركز الدراسات القرآنيةدراسات عامة

شذرات من التفسير (1)

شذرات من التفسير، عبارة عن لمحات ونصوص مختارة ومـُركـَّزة، تدور حول أقوال علماء التفسير وعلوم القرآن، لتفسير أو تأويل آية أو آيتين أو أكثر، بما يكشف عن معنى جديد بل ومتجدد لآيات الكتاب العزيز، أو يبين مقاصد وحِكم الآي والسور الكريمة، من خلال رصد وتتبع آراء المتدبرين لآيات الله، ونقل مختارات من أقوالهم واجتهاداتهم.

وتدور مضامين هذه الشذرات حول ما سطره العلامة الشَّيْخُ الإِمَامُ العَارِفُ القُدْوَةُ، أَبُو الحَكَمِ، عَبْدُ السَّلاَم بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اللَّخْمِيُّ، المَغْرِبِيُّ، الإِفْرِيْقِيُّ، ثُمَّ الأَنْدَلُسِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ، المشهور بابن برجان (ت 536 هـ) في تفسيره المسمى: ” تنبيه الأفهام إلى تدبر الكتاب الحكيم وتعرّف الآيات والنبأ العظيم”، لقوله عز وجل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)، حيث يقول:

“سبحانه وله الحمد يدعو المولّين عنه كرما، ويقبل المتقبلين إليه تفضلا، لا إله إلا هو الحكيم الكريم، وإذا كان الشرك والكفر والتكذيب لرسله، وكتبه، ونسبة الصاحبة له والولد والافتراء العظيم عليه، يغفره بالإسلام ويهدمه به، فالتوبة من الذنوب إذن، وإن كثرت مع استصحاب الإسلام، واعتقاد الإيمان إلى الموافاة أولى بذلك وأحرى… فالحذر الحذر من التقنيط والعقد عليه، بل الرجاء للقاء الله، والرجاء في عفوه وكريم صفحه؛ فالله جل جلاله يقول: “يا ابن آدم إنك إن لقيتني مسلما بقراب الأرض خطيئة، لقيتك بقرابها مغفرة”، وهذا وعد من الله على توبة ورجاء للمصير.

والعفو والغفور من أسمائه، والكرم والرحمة من صفاته، وصفات العبيد تضمحل وتتلاشى عند حقائق صفات الله جل ذكره، ومن البيان البين في ذلك، اتصافه بأسماء الرحمة وحسن التجاوز، والتوبة على من تاب، وأنه أسرع لإلى العبد من العبد إليه.

ومن الدليل على صدق ما يعضده من الدلائل أن العبد لا يتوب، إلا أن يتوب الله عليه، فإذا رأيناه قد تاب إلى الله، وتاب إليه، رجونا له أن الله قد تاب عليه، ولم يبق عليه إلا خوف الخاتمة، فإن مات على ذلك علمنا أن الله جل ذكره قد سبقه إلى نفسه بذلك منه، فهو الغالب على أمره (إن الذين حقت عليهم كلمات ربك لا يومنون. ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم) (يونس: 96-97)، كذلك لو أسمعهم وتاب عليهم لتولوا وهم معرضون.

المصدر: تنبيه الأفهام إلى تدبر الكتاب الحكيم وتعرّف الآيات والنبأ العظيم، 4/2170-2171

د.محمد المنتار

• مدير البوابة الإلكترونية للرابطة المحمدية للعلماء.
• رئيس مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق