وحدة الإحياءدراسات عامة

سؤال المنهج في التعامل مع مصادر المعرفة الإسلامية

مدخل ابستيمولوجي لإشكاليات هذا السؤال

يعكس هذا العنوان بعد تفكيك مفرداته ثلاث إشكاليات أساسية من الناحية المنهجية نحاول تحديدها ومعالجتها هنا وهي:

أولا: إشكالية مصادر المعرفة

يلاحظ المتتبع للحراك الثقافي الإسلامي المعاصر أنها تعاني من مشكلة التحيز المعرفي سواء على مستوى المنهج أو على مستوى المضمون المعرفي؛ وذلك بسبب الاقتصار على مصدر واحد للمعرفة، وغالبا ما يكون مرد ذلك إلى التعصب الإيديولوجي ورفض الآخر. فالعلماء والمثقفون المسلمون لا يتجاوزون القرآن والسنة بالمعنى الظاهري الحرفي البسيط دون التنبه إلى إحالة القرآن الكريم مثلا إلى ضرورة النهل من المصادر المعرفية الأخرى، وكذلك أهل الكتاب، إن صحت تسميتهم بهذا الاسم اليوم، فإنهم اتخذوا من الكتاب المقدس مصدرا وحيدا لما يسمونه بالحقيقة الدينية؛ مما يتسبب في تخطيء الآخر بالضرورة، بالمقابل نجد العلماء الوضعيين يتخذون من العقل والتجربة مصدرهم الوحيد، وهم بذلك يتعالون عن المصادر الدينية للمعرفة ناعتين إياها بالظلامية والماضوية. هذا بالإضافة إلى أن المعرفة من خلال البحث في الكون والوجود لم ترق، نظرا لقصور المنهج، إلى إدراك مقصد الهداية الذي يحيل إليه التأمل الدقيق في الكون حول الوجود الإلهي.

إن هذا الإشكال يعكس في الحقيقة خطورة غياب خاصية التوحيدية في حركة الإنسان المعرفية، حيث بدل الاعتماد على المنهجية التي توحد مصادر المعرفة تم الركون إلى التفكيكية وإلى الثنائيات المتخاصمة على أساس العلمانية الشاملة سواء في العلوم الدينية أو الإنسانية أو الكونية.

ثانيا: إشكالية منهج التعامل مع مصادر المعرفة

فإلى جانب مشكل التفرقة بين هذه المصادر وعدم اعتبارها وحدة بنائية متكاملة يحيل كل واحد منها إلى الآخر، نسجل إشكالية أخرى تتعلق بمنهج التعامل مع كل مصدر من هذه المصادر من تجزيئية وتفكيكية مرورا بالظاهراتية والشكلانية وصولا إلى القراءات الأيديولوجية سواء كانت لاهوتية أو وضعية.

ثالثا: إشكالية طبيعة المعرفة الناتجة عن هكذا منهج

وهي إشكالية تبعية ناتجة ومتولدة عن الإشكاليتين السابقتين حيث افتقاد هذه المعرفة، في حدود أغلب الدراسات المطبوعة التي استطعنا الاطلاع عليها، إلى البعد الإنساني أي ذلك الخطاب العالمي الذي ينقذ الإنسان من أزمته الخانقة اليوم، فالدراسات الدينية المنغمسة في التراث بدون حس نقدي أو انفتاح معرفي قادت أتباعها إلى التغريب الزماني، والدراسات الوضعية المبنية على الفكر العلماني قادت الإنسانية إلى الأزمة الأخلاقية أو أزمة الهوية.

هذه إذن خطوط عريضة لإشكاليات هذا الموضوع ذات البعد المنهجي بالدرجة الأولى، أما ما يتعلق بأبعاد وتجليات المفردات التفصيلية لهذه الإشكاليات وكيفية معالجتها المرتقبة في هذا المقال إن شاء الله فنعرضها على الشكل التالي:

1. الدراسات القرآنية وسؤال المنهج

أ. الدراسات القرآنية وسؤال المنهج

ـ الأزمة الحضارية وإشكالية المنهج

لا شك أن الأمة الإسلامية تعيش أزمة حضارية بكل ما تحمله كلمة أزمة من معنى، وبكل ما تتسع له دلالة مصطلح الحضارة من امتداد وشمول. كما يمكن القول أن لحظة الوعي بهذه الأزمة إبان الصدمة الحضارية مع الغرب زمن حملته الاستعمارية لم تكن كافية لإدراك حجم الأزمة وأبعادها، وبالتالي إمكانية الدخول في مسيرة نهضوية للبناء الحضاري واستيعاب استحقاقات المرحلة، بحيث لم تؤد صفعة الغرب إلا إلى مجرد إدراك لحجم الفارق التكنولوجي وأنماط العيش بين الحضارتين دونما التفات حقيقي إلى عناصر الأزمة على المستوى الداخلي، والتي تشكلت بفعل التراكم التاريخي لعوامل الانحطاط طيلة التاريخ الإسلامي، ابتداء من انفصام عرى الإسلام عروة عروة، وافتراق السلطان والقرآن مرورا بخلل منهجي خطير على مستوى المعرفة والبناء الحضاري للأمة، والذي تمثل في استقلال العلوم الإسلامية بعضها عن بعض، حتى أصبحت أرخبيلا معرفيا لا ناظم له ولا جامع، ولا يجمعه بالأصل المؤسس الذي هو القرآن الكريم إلا الاستشهاد الجزئي والمبتور عن سياقه الدلالي. بالإضافة إلى ما أحدثه التراكم التاريخي في درسنا المعرفي من تضخم للعلوم الإسلامية الفرعية على حساب الأصل المؤسس حتى غدت هذه العلوم أصلا مرجعيا موجها لحركة المعرفة والحضارة. وبالمقابل أصبح القرآن الكريم فرعا هامشيا لا يستدعى إلا للتأييد والتبرير والانتصار لاختيار من الاختيارات، بل وتطويعه ليساير حركة الواقع بشكل متعسف. هذا إن لم نقل أن مجاله الأساس أصبح مجرد التبرك في الولائم والمآثم وعلى رفات الجماجم.

لقد أدى الاستلاب الحضاري للغرب منذ الصدمة الحضارية إلى نشوء فكر المقاربات والمقارنات. ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا أنه فكر لم يراوح الأزمة بل لا مبالغة في اعتباره داخلا في بنية الأزمة ومنصبغا بصبغتها المذهبية والإيديولوجية. ذلك أن السؤال النهضوي لم يتجاوز عتبة البحث عن أسباب تقدم الحضارة الغربية وتأخر الحضارة العربية. بل والدخول في متاهات المقارنة بين خصائص النموذجين، مما جعل الأمر يتأرجح بين استلاب حضاري يرى الخلاص في الارتماء في أحضان الغرب واتباع خطواته شبرا بشبر وبين رفض كلي، بالمقابل، واستلاب تاريخي ماضوي يرى الخلاص في تجارب تاريخية للأمة من خلال استنساخ لتلك الأفهام السابقة، دونما إدراك للسنن التاريخية التي قصد الشارع اعتبارها في سرده لقصص الأمم وأخبار المجتمعات.

أما المحاولات التي حاولت التوفيق بين الحضارتين فلم تعدو التلفيق بين أنماط غير متجانسة يستحيل عقلا ومنطقا وواقعا الجمع بينها، إلا إذا أردنا إنتاج مخلوق هجين لا يمت بصلة إلى النموذج الحضاري الذي يتطلب فيه البناء أسس ومقومات هي من بنية المنهج والهوية والتاريخ والمرجعية الفلسفية لأي حضارة معينة. والواقع أن الإشكال الحقيقي يتلخص في سؤال المنهج، ولهذا نعتقد أن الوعي الحقيقي هو الوعي بالمنهج لا مجرد الوعي بالأزمة، وإن كان هذا مهما في جانب كمقدمة أولى في البناء الحضاري؛ لأن الوعي بالأزمة والاستغراق فيها، جعل البوصلة الإستراتيجية تتجه إما إلى جلد الذات وتمجيد الآخر أو رفض الآخر وتضخيم الذات الشيء الذي تسبب في استمرار الأزمة؛ ولهذا نطرح السؤال التالي: أي منهج نريد لأي أزمة؟ إن اعتبار الوعي بالأزمة كمقدمة أساسية في البناء الحضاري ومواجهة إشكالية سؤال النهضة، لا يمكن أن يؤتي أكله والثمار المرجوة منه إلا من خلال اعتبار شمولية الأزمة وامتداد مجالها ليطال الغرب نفسه، فالأزمة عالمية لا ذاتية فقط.

فإذا كان الأمر كذلك فالمنهج المطلوب يجب أن يراعي، وهو يبني مفرداته وآليات اشتغاله، معطى عالمية الأزمة، حتى لا يتغرب المنتوج المراد منه في استلاب تاريخي أو حضاري.

ب. مصادر المعرفة الدينية وسؤال المنهج

أولا: القرآن الكريم و سؤال المنهج

يروي الترمذي في سننه عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: “ستكون فتن، قيل: فما المخرج منها؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم. هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تشبع منه العلماء، ولا تلتبس به الألسن ولا يخلق عن الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لا تنتهي الجن إذا سمعته عن أن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم”[1].

لقد لخص هذا الحديث النبوي الشريف المخرج من الأزمة التي تتخبط فيها الأمة، وهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل. والتاريخ يحكي لنا أن الأمة لما تشبثت بكتابها استطاعت في زمن قياسي أن تبني حضارة راقية، راشدة، وأن تحقق الشهادة والعالمية وأن تنير للعالم طريق الهداية والفلاح. كما وضح هذا الحديث بما لا مجال للتفصيل فيه هنا قدرته الاستيعابية للماضي والحاضر وللمستقبل، بما يعنيه من هيمنة وتصديق وختم للنبوة وقيم الهداية المستصحبة.

لهذا فلا مخرج لهذه الأمة ولهذا العالم من ظلمات دنيويته إلا هذا القرآن الكريم، غير أن الإشكال يبقى في منهج التعامل مع القرآن الكريم، هذا السؤال الذي كان محط اهتمام عدد غير يسير من العلماء في المرحلة المعاصرة[2]. ونحن نقارب موضوع المنهج على الشكل التالي:

ـ المشاكل المنهجية في التعامل مع القرآن الكريم

ينطلق هذا البحث من مسلمة ترسخت لدي عبر الزمان وهي أن هناك مشاكل كثيرة حالت دون استثمار حقيقي لكتاب الله تبارك وتعالى، والتي طبعت الكثير من التفاسير أو الدراسات القرآنية خاصة، والفكر الإسلامي عموما، يمكن عرض بعضها اختصارا كالآتي:

أ. مشكلة التجزيء والتبعيض التي تبتر الآيات من سياقها، وتلوي أعناقها لفهم معين قبلي.

ب. مشكلة القراءة الظاهرية التي تتسم بالتبسيط والإطلاق والغموض.

ج. مشكلة القراءات المعاصرة التي تجعل القرآن نسبيا وتحاصر البعد الإلزامي فيه بالمنهج التاريخاني، أو تخضعه لقراءات حداثية لا علاقة لها بطبيعة القرآن و إطاره المعرفي.

ثانيا: المشاكل المنهجية في التعامل مع السنة النبوية

من أهم المشاكل في التعامل مع السنة والتي أثرت سلبا على إنتاجنا المعرفي:

أ. مشكل ثبوت الحديث

قد يقول القائل أن منهج الجرح والتعديل قد كفى بالغرض، كما أن لدينا كتب وسمت بالصحيح كصحيح البخاري ومسلم وابن حبان وغيرهم، لكن عددا من الأحاديث تطرح قضايا إشكالية في هذه الكتب الشيء الذي يوحي بأن مشكل ثبوت الحديث لازال قائما وذلك كالأحاديث التي تناقض أخلاق الإسلام كحديث رضاعة الكبير أو الحديث الذي جمع بين المرأة والكلب والشيطان ممن يمر أمام الرجل في صلاته أو أحاديث بني إسرائيل التي غزت كتب التفاسير… وغير ذلك.

ب. مشكل دلالة الحديث

حيث إن منهج التجزيء والاستشهاد بآحاد الأحاديث في قضايا إشكالية كالردة والجهاد وحرية الاعتقاد أو الاستشهاد بالأحاديث البعيدة عن التفسير في تفسير كتاب الله جعل مرجعية الحديث مرجعية جزئية مفككة لا ترقى إلى مستوى التأطير الحضاري، كما أن العقلية الفقهية التراثية والعقلية الكلامية تتعاملان مع الأحاديث بهذا النفَس فلا تجد في حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا ما يعتبر حجة على مذهبها الفقهي أو الكلامي أو حتى لتدليل جزئية سياسية دون الإحاطة بملابسات الحديث وأسباب وروده وعلاقته بالأحاديث الأخرى في الباب نفسه من حيث العموم والخصوص، ودون إدراك لمقاصد الحديث وأبعاده وهل مضمونه يدخل في إطار المقاصد الثابتة أو الوسائل المتغيرة وغير ذلك مما يجعل الدرس الحديثي في المتن المعرفي يخبط خبط عشواء.

ثالثا. المشاكل المنهجية في التعامل مع العلوم الإنسانية والكونية

في التعامل مع الحضارة الغربية باعتبارها نتاجا فكريا إنسانيا ضمن سيرورة الإرث المعرفي الإنساني نجد ثلاث اتجاهات في الفكر العربي والإسلامي منذ بداية الصحوة إلى الآن:

ـ اتجاه رافض لهذه الحضارة جملة وتفصيلا وهذا الاتجاه لا علاقة له بموضوع بحثنا هذا.

ـ اتجاه متبن لهذه الحضارة جملة وتفصيلا، والمشاكل المترتبة عن هذا الخيار تتمثل في أخذ معطيات الحضارة الغربية دون تمحيص أو نقد معرفي؛ وبالتالي فقد استورد أزماته المعرفية والأخلاقية وكذا أزمته الوجودية على المستوى الحضاري.

ـ اتجاه يحاول التوفيق أو التلفيق بين معطيات الحضارتين الإسلامية والغربية، وهذا الاتجاه وقع في مشاكل متعددة لعل أبرزها عدم واقعية هذا الخيار، على اعتبار اختلاف الأسس المرجعية لكلا المنظومتين؛ لهذا وقع في تناقضات متعددة أدت إما إلى تحريف القرآن ليوافق معطيات الحضارة الغربية، إما إلى تشويه النماذج الفكرية للغرب عن صورته الحقيقية ليتم إدماجها في المنظومة الإسلامية.

منهجية التعامل مع مصادر المعرفة الإسلامية

أولا: منهجية التعامل مع القرآن الكريم

إن أول خطوة للتعامل المنهجي مع القرآن هو تجديد الصلة به باعتباره معادلا موضوعيا للكون والإنسان. ولهذا فإن الخطوة الثانية على هذا الأساس ستتوخى منهج الجمع بين القراءتين، قراءة كتاب الله المشهود وقراءة كتاب الله المسطور من خلال مفهوم الإنسان المستخلف. ومنهجية الجمع بين القراءتين لا تعني بالضرورة ما يطلق عليه بالإعجاز العلمي، وإنما يعني إدراك العلاقة الجدلية بين هذه الأطراف في إطلاقيتهما، وفي تكاملهما المعرفي[3].

وهذا يحيلنا بالدرجة الأولى إلى المفاتيح المنهجية العلمية لتحقيق هذا التصور العام، والذي يتمثل، في نظرنا، في ما يلي:

ـ الدراسة المصطلحية لمفاهيم القرآن.

ـ الوحدة البنائية للقرآن.

ـ بيان السنة النبوية لمجمل القرآن.

ـ جدلية الوحي والكون[4].

ثانيا: منهجية التعامل مع السنة النبوية

أ. توثيق الحديث وضرورة التثبت منه

وهذا يشمل إعادة النظر حتى في بعض ما جاء في كتب الصحاح إذا ظهرت فيه بوادر موضوعية تخالف هدي الإسلام ومقاصده الكبرى، ومنها حفظه ورعايته للعقل وكذلك مقصد إتمام مكارم الأخلاق وغير ذلك؛ وهذا الإشكال يحيل إلى ضرورة تجديد المنهج في تصحيح الحديث أو تضعيفه بنخل التراث السابق وإضافة بعض المعايير الجديدة في التقويم مثل: البعد المقاصدي ومدى موافقة الحديث لمقاصد الشرع.

ب. ضبط العلاقة بين الحديث والقرآن

لا يجب بحال من الأحوال أن يكون الحديث حاكما على القرآن كما قال البعض أو قاض عليه، بل المنهج السليم والصحيح اعتبار القرآن الكريم الكتاب المحفوظ من عند الله والمهيمن على ما عداه والمصدق لما قبله والمتضمن للمنهجية المعرفية الشاملة لخطة البناء الحضاري للأمة؛ وهذا يتضح بشكل كبير في إشكالية حكم الردة حيث نجد أن القرآن يقدم معطيات مغايرة للمعطيات التي يقدمها الحديث.

ج. ضبط مدلولات الحديث

خاصة في تفسير القرآن وكذلك في تشريع الأحكام إذ دلالة الحديث يجب أن تخضع لمنهجية صارمة لعل أبرز معالمها:

ـ مقارنة الأحاديث المختلفة في الموضوع الواحد.

ـ جمع ألفاظ الحديث كلها في المكان الواحد.

ـ رؤية الحديث على ضوء المقصد العام الذي يندرج فيه.

ـ التمييز بين الوسيلة المتغيرة للحديث والمقصد الثابت له.

ـ الاستعانة بمعطيات العلوم الإنسانية خاصة العلوم الاجتماعية في فهم الحديث.

ـ إدراك الوحدة البنائية للحديث والجمع بين القراءتين.

ثالثا: منهجية التعامل مع العلوم الإنسانية والكونية

المطلوب هنا إعادة بناء هذه العلوم على ضوء مرجعية القرآن الكريم، وذلك بـ:

قراءة الكون على أساس الإحالة القرآنية لمعطيات هذا الكون من خلال إدراك لعلل هذه الإحالات كمقصد الهداية ومقصد التسخير ومقصد التعلم.

قراءة ميكانيزم العلوم الإنسانية الذي هو العقل على ضوء كذلك ما يورده القرآن حول مفهومه ودوره في التفكر والتدبر، خاصة أنه جاء بصيغ فعلية دالة على الحركة لا كجوهر يشمل الحقيقة المطلقة، وهذا له أثره الأكيد على البناء المنهجي للعلوم الإنسانية.

إخضاع النظريات العلمية سواء على مستوى قراءة الكون أو الظواهر الاجتماعية إلى الإطار العام المعرفي الذي أسسه القرآن الكريم بحيث يتوافق مع مقاصده.

خاتمة

هذه إذن كانت بعض الإشارات المنهجية، على سبيل الاختصار، قصدنا منها التعبير عن الآمال والطموحات في آفاق المعرفة المتوخاة في حالة مقاربة مرجعية الوحي والعقل والكون في البناء المعرفي للإنسانية من خلال الرؤية المنهجية المبنية على أساس التوحيد والتكامل.

الهوامش

____________________________________________________________

1.  الترمذي، ك. فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل القرآن، ح. 2831.

2. مثلا الشيخ الغزالي رحمه الله في “كيف نتعامل مع القرآن الكريم”، والشيخ القرضاوي في كتاب يحمل العنوان نفسه.

3. أي كمصادر معرفية متكاملة.

4. نعتبر الواقع جزء من الكون ونحبذ استعمال هذا الأخير؛ لأنه أفضل وأشمل.

الوسوم

د. محمد الغرضوف

باحث في الفكر الإسلامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق