مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

ملامح التربية الأسرية في ضوء السيرة النبوية

     الحمد لله رب العالمين والصلاة

     والسلام على أشرف المرسلين

 

 

بقلم الباحث: عبد الفتاح مغفور*

وبعد؛

إنّ السيرة النبوية تشكل مقياسا إسلاميا للقيم والمبادئ والمعتقدات الإسلامية بشكله النقي الأصيل، ومجالا خصبا للتنمية الدينية وغرس الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة في نفوس الفرد والأسرة والمجتمع؛ لأنها تروي سيرة وحياة النبي صلى الله عليه وسلم التي يقتدى بها على مر الزمن، وقراءة السيرة النبوية تحقق عدة أهداف منها: إحياء القيم والمثل والمفاخر الإسلامية، وتهذيب السلوك وتقويم الأخلاق، وتربية النشئ والأسرة تربية حسنة.

ومعلوم أن “الأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الفراخ الناشئة ورعايتها وتنمية أجسادها وعقولها وأرواحها وفي ظله تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكافل، وتنطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة، وعلى هديه ونوره تتفتح للحياة، وتفسر الحياة، وتتعامل مع الحياة”[1].

لذلك “عمل الإسلام جاهدا على أن تكون البيئة التي ينشأ فيها الفرد بيئة تقية نقية تصان فيه الحقوق، وتتحقق فيها الفضائل”[2].

ولقد كان وضع الأسرة قبل الإسلام وضعا مشينا، لا قيمة فيه للمرأة ولا مكانة فيه للوالدين، ولا عناية فيه بالأبناء، وليس هناك إلا القهر والاستبداد من جانب الرجل.

فجاء الإسلام بمبادئه السامية، وتوجيهاته الراشدة فانتشل الأسرة من حضيض العدم وارتفع بها إلى القمة السامقة، وأعطى لكل ذي حق حقه، ووضع الأسرة في مكانتها التي تليق بها في الحياة.

وقد عاشت الأسرة الإسلامية قوية سعيدة هانئة مستقرة حينما ترسمت مبادئ الإسلام، ووضعت من نفوسها موضع التقدير، ومن سلوكها موضع التنفيذ، ونشأت في كنفها أجيال من الرجال في كل الميادين. وكانت تلك المبادئ تقوم في نفوس المؤمنين بها مقام القانون، فكان الأب يعرف مكان ابنه، وكان الإبن يعرف حدوده من أبيه، وكانت الزوجة تعترف بقوامة الرجل، وكان الرجل يؤدي حقوق المرأة، وكانت تسود الأسر والبيوت روح المحبة والسعادة.

وحديثي عن تربية الأسرة في ضوء سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يتضمن العنصرين الآتيين:

1 ـ تعامل الزوج مع زوجته اقتداء بمنهج المصطفى صلى الله عليه وسلم:

جعل النبي صلى الله عليه وسلم حسن معاملة الزوجة وتربيتها على الأخلاق الحميدة، ومعاشرتها بالمعروف معيارا من معايير خيرية الرجال، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم:”خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”[3]
وكان صلى الله عليه وسلم مع زوجاته يُكرِم ولا يهين،يُوجِّه ويربي وينصح،لا يعنِّف و لا يَجْرَح،عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ما ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله”[4]
وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قُدِّم له طعام إن اشتهاه أكله وإلا تركه، وما عاب طعامًا قط، وكان يخدم نفسه، ويُعين أهله ويساعدهم في أمورهم، ويكون في حاجاتهم، لقول أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ :كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أَحَدُكُمْ في بيته. 
وأمر ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرفق عامة وبالنساء خاصة، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ “ما كان الرفق في شيء إلا زَانَه، ولا نزع من شيء إلا شانه”[5].

 وقال:” إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يُعطي على ما سواه”[6].
ومن الدروس التربوية التي يمكن الاستفادة منها والسير عليها في تعامل المسلم مع زوجاته لطفه وحسن عشرته لزوجاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كان يشرب من موضع شربها، ويثني عليها، ويصرح بحبه لها، ويخرج معها، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيضع فاه على موضع في، فيشرب وأتعرق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم ـ فيضع فاه على موضع في”[7].

 وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ”إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك”[8].
لقد أرشد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أُمَّته إلى ما ينبغي أن تكون عليه من حسن التربية الأسرية والعشرة بقوله وفعله، والثابت عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الباب أحاديث ومواقف كثيرة.
قال ابن كثير ” وكان من أخلاق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه[9].. وقد قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة)[10] 

2 ـ تربية الأبناء في ضوء السيرة النبوية  

شدد الإسلام كثيرا على وجوب تربية الأبناء والاهتمام بهم، وتوفير كل الأجواء والمقومات التي تحقق لهم الخير والسعادة في العاجل والآجل.

وكما كان المسلم مطالب بالعمل على إنجاء نفسه من النار، فهو كذلك مطالب بإنقاذ أهله وأبنائه منها عملا بقول الله جل شأنه: (يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يومرون)[11].

وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن نساء الرجل وأولاده أمانة في عنقه، وإن الرجل والأولاد أمانة في عنق المرأة وكلكم مسؤول عن أمانته ورعيته، فقال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع عليهم وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، وامرأة الرجل راعية على بيت بعلها وولدها وهي مسؤوله عنه، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، أو فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”[12].

ورعاية الأبناء وتربيتهم والإحسان إليهم يمكن تحديدها في النقاط الآتية:

ـ حسن اختيار الأم: ذلك أن صلاح الأم ينعكس بالضرورة على أبنائها، وهذا واقع مشاهد، ولذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة انتقاء الزوجة الصالحة التي ستكون بعد ذلك أم الأبناء وراعيتهم فقال صلى الله عليه وسلم: ” تخيروا لنطفكم، فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم”[13].

ـ حسن اختيار الاسم: وهذا من حق الولد على أبيه، إذ إن الاسم بمثابة الثوب الذي يرتديه الإنسان، فهو يزينه أو يشينه، ولذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة اختيار الأسماء الحسنة، فقال:

“إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم”[14].

ـ وجوب النفقة والرعاية المادية: إذ إن حرمان الأولاد والأهل عامة من النفقة إثم كبير وجرم عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: “كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته”[15]. وقد جعل الإسلام نفقة الرجل على بيته صدقة مقبولة ما دامت تتوفر فيها النية الخالصة لوجه الله الكريم، قال صلى الله عليه وسلم: “إذا أنفق المسلم نفقته على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة”[16]

ـ حسن التربية:من المتفق عليه أن نفسية الأطفال كالورقة البيضاء تقبل ما يسطر عليها ويصير جزءا من شكلها، ولهذا اشتد حرص الإسلام على التوصية بتربية الأبناء تربية صحيحة رشيدة، والنصوص التي تحث على هذا المعنى كثيرة منها: قوله صلى الله عليه وسلم: “ألزموا أولادكم وأحسنوا أدبهم”[17] ، وهذا أمر نبوي  بضرورة ملازمتنا لأولادنا ومراقبتهم بأنفسنا  وهو منتهى السمو في تربية  النشئ، أما ترك أطفالنا لغيرنا من الخدم  أو دور الحضانة  وصرف أو قاتنا كلها أو أكثرها  خارج البيت، فهذا خطأ كبير، وإذا فعلنا هذا تداعى ركن من أركان الأسرة، وتجرعنا مرارة فساد الأولاد خلقيا وعلميا ونفسيا[18].

ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها أثناء تربية الأبناء ما يلي:

ـ غرس العقيدة السليمة في نفوسهم.

ـ تربيتهم على العبادات والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة.

قال تعالى: (وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى)[19].

وقال صلى الله عليه وسلم “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع”[20]

ـ أن يعلمهم ما ينفعهم ففي الحديث الشريف “حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية وأن لا يرزقه إلا طيبا”[21].

ـ أن يعودهم على التنافس في الخيرات، وأن يربيهم على الجد والرجولة والخشونة.

ـ تربيتهم على العدل في المعاملة والعطاء: حرص الإسلام أن يكون العدل هو الأساس الذي تبنى عليه العلاقات داخل الأسرة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الآباء أن يسووا بين أبنائهم في العطايا وفي المعاملات، وذلك عملا على نقاء نفسية الأبناء وسلامة صدورهم من الضيق والبغض والحسد[22].

فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: أعطاني أبي عطية فقال عمرة بن رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله، فقال أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “فاتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم”. قال فرجع فرد عطيته[23]

هذه بعض معالم الرحمة النبوية والمعاملة الحسنة في تربية الأسرة في بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الزوجة والأولاد، وإن الناظر في سيرته وأحاديثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليجد أنه كان يُقَّدِّر الزوجة قدرها، ويوليها عناية فائقة، ومحبة لائقة، وكان مع أولاده أباً حنونا، يداعب ويلاعب، وينصح ويربي.. فمن أراد أن يحيا حياة طيبة سعيدة، فلينظر كيف كان يتعامل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ داخل أسرته مع زوجاته وأولاده، ويقتدي به

والحاصل أن المسلم إذا أراد الاقتداء بالنبي صلى عليه وسلم في التعامل مع زوجاته وتربية أبنائه أن يتتبع الخطوات الآتية:

ـ تربية الأبناء على محبة الرسول صلّى الله عليه وسلم.

ـ تربية الأبناء على الاقتداء بالرسول صلّى الله عليه وسلم في جميع أحواله.

ـ اقتناء الكتب عن سيرته صلّى الله عليه وسلم وقراءتها.

ـ اقتناء الأشرطة عن سيرته صلّى الله عليه وسلم والاستماع إليها.

ـ انتقاء الأفلام الكرتونية ذات المنهج الواضح في التربية النبوية.

ـ تخصيص درس أو أكثر في الأسبوع عن السيرة تجتمع عليه الأسرة.

ـ اقتداء الزوج في معاملة أهل بيته بالرسول صلّى الله عليه وسلم.

ـ تشجيع الأبناء على حفظ الأذكار النبوية وتطبيق ذلك.

ـ تشجيع الأبناء على اقتطاع جزء من مصروفهم اليومي من أجل التطبيق العملي لبعض الأحاديث، مثل: كفالة اليتيم، إطعام الطعام، مساعدة المحتاج.

ـ تعويد الأبناء على استخدام الأمثال النبوية في الحديث مثل المؤمن كيّس فطن، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، يسروا ولا تعسروا.

ـ وضع مسابقات أسرية عن سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلم.

*********************************

جريدة المصادر والمراجع:

1-تفسير القرآن العظيم لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير(ت: 774هـ) تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع ط: 2 1420هـ – 1999 م.

2-دعوة الإسلام للسيد سابق، دار الفكر بيروت.

3-الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في عيون غربية منصفة، لحسين معدى، دار الكتاب العربيـ دمشق ط1 1419هـ

4-سنن ابن ماجه دار الفكر ـ بيروت تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي

5-سنن أبي داود دار الكتاب العربي ـ بيروت وزرارة الأوقاف المصرية.

6-سنن الترمذي لمحمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبي عيسى (ت 279هـ). تحقيق أحمد محمد شاكر، ومحمد فؤاد عبد الباقي، وإبراهيم عطوة عوض المدرس في الأزهر الشريف مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي ـ مصر، ط2، 1395 هـ ـ 1975م.

7-صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر دار طوق النجاة

8-صحيح مسلم الناشر: دار الجيل بيروت + دار الأفاق الجديدة ـ بيروت ط 1 1422هـ.

9-في ظلال القرآن لسيد قطب إبراهيم حسين الشاربي (ت 1385هـ)دار الشروق ـ بيروت ـ القاهرة ط7، 1412 هـ.

10-منهج القرآن في إصلاح المجتمع لمحمد يوسف. دار السلام.

هوامش المقال:

**************

[1]في ظلال القرآن(1 /235)

[2]دعوة الإسلام للسيد سابق(ص:71)

[3]رواه الترمذي في سننه باب في فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 3895، (5 /709)

[4]رواه مسلم في كتاب الفضائل، بابمباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام واختياره من المباح أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته، رقم: (6195)، (7 /80)

[5]رواه مسلم في باب فضائل الرقم: (6767)، (8 /22)

[6]رواه مسلم في باب فضائل الرقم: (6766)، (8 /22)

[7]رواه مسلم في رقم: باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها والاتكاء في حجرها وقراءة القرآن فيه(718)، (1 /168)

[8]رواه البخاري،باب قول المريض إني وجع أو وا رأساه أو اشتد بي الوجع وقول أيوب عليه السلام (أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)، رقم: 5668، (7 /120)

[9]تفسير ابن كثير (2 /242)

[10]الأحزاب:21

[11]سورة التحريم الآية:6

[12]راه البخاري بنحوه في كتاب النكاح باب (قوا أنفسكم وأهليكم نارا)عن عبد الله بن عمر. رقم الحديث: (5188)(7 /26)

[13]أخرجه ابن ماجة في سننه،في كتاب النكاح، باب الأكفاء، رقم:1958. (1 /633)

[14]رواه أبو دود في كتاب الأدب عن أبي هريرة رضي الله عنه، رقم: 4950(4 /442)

[15]رواه مسلم كتاب الزكاة باب فضل النفقة على العيال، رقم:13

[16]رواه مسلم كتاب الزكاة باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين عن عبد الله بن عمرو رقم: 2369

[17]أخرجه ابن ماجة في كتاب  الأدب، باب بر الولد والإحسان إلى البنات رقم:(3671) (2 /1211)

[18]منهج القرآن الكريم في إصلاح المجتمع(ص:346)

[19]سورة طه الآية: 132

[20]أخرجه أحمد في مسنده (2 /183). وقال الأستاذ أحمد شاكر: إسناده صحيح.

[21]أخرجه الطبراني في الجامع الصغير (1 /255)

[22]الدعوة الإسلامية في عهدها المدني لرؤوف شلبي (ص:289)

[23]الدعوة الإسلامية في عهدها المدني (ص: 290)

* راجع المقال الباحث: محمد إليولو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق