مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

مخطوطة صحيح البخاري بالخزانة الصبيحية بسلا

 

مخطوطات صحيح البخاري

بالخزانة الصبيحية بسلا:

                                 توصيف وتعريف

                        (النسخ ذات الأرقام: 13 – 14- 15)

                                                         إنجاز الباحث: عبد الفتاح مغفور

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

و بعد؛

فقد أَجمع علماء الإِسلام على تلقي هذا الكتاب الصحيح بالقبول، ولا شك أن صاحبه رحمه الله تعالى عندما سماه ” الجامع المسند الصحيح “، قد عنى بالفعل أن يكون هذا الكتاب مطابقاً لعنوانه، فنفَّذ ما وصفه به بكل دقة وعناية والتزام، ولهذا حظي الكتاب بما لم يحظ به غيره، من تقدير علماء الإسلام وإعجابهم به شرقاً وغرباً، فأثنوا عليه بالغ الثناء، ووصفوه بما يليق به[1]، فقال الذهبي في تاريخ الِإسلام: أما جامع البخاري الصحيح فأجل كتب الإسلام، وأفضلها بعد كتاب الله، وهو أعلى في وقتنا هذا إسناداً للناس[2].

وقال ابن تيميّة: ” ليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن”[3].

وشارك الشعراء في الثناء على هذا الكتاب العظيم، والتغني بمدحه فقال العجلي:

 كأنَّ البخاري في جمعه

 

تلقى من المصطفى ما كتبْ

فلله خاطره ما وعَى

 

 وساق فرائده وانتخبْ

وقال الجرجاني في وصفه:

أسانيدُ مثلُ نجوم السماء

 

أمَامَ متونٍ كمثل الشُّهُبْ

 به قام ميزانُ دينِ النبي     

 

ودانَ له العُجْمُ بعد العربْ

وخير طريق إلى المصطفى     

 

ونور مبين لكشف الريبْ

صحيح البخاري لو أنصفوه    

 

لما خط إلاّ بماء الذهبْ[4]

ـ نفعنا الله به ووفقنا للعمل بما فيه ـ.

و قد وقع  الاختيار على هذه النسخ الثلاث ـ 13 ، 14 ، 15ـ من مخطوطات صحيح البخاري بالخزانة  العلمية الصبيحية بسلا، لتوصيفها والتعريف بها، لما  لها من الندرة والروعة والجمال.

أولا:   النسخة ذات الرقم:13/1ـ5:

ـ أولها: كيف كان بدء الوحي  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

  آخرها: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

عدد أجزائها خمسة أجزاء (تجزئة خماسية تامة).

عدد أراقها: 923 (1846).

ناسخها: محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي القاسم  السوسي الجزولي أصلا الروداني دارا ومحتدا. كتبه للفقيه إبراهيم بن أحمد السوسي البعقيلي، في أواسط ربيع الثاني  عام1084هـ.

مكتوبة بخط مغربي  مجوهر جميل ملون مزخرف بالذهب مشكول.

جاء على وجه الورقة الأولى من هذه النسخة ما نصه: الحمد لله كان على ظهر الأصل المنتسخ منه، والمقابل به، بخط شيخ الإسلام والحفاظ أبي علي الصدفي، قرأ علي هذا السفر الفقيه  الحافظ  أبو عمران ابن سعادة، أخبرته بجميعيه عن شيخي  القاضي  الإمام  أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، سمعت جميعه عليه، أخبرنا به عن الشيخ الحافظ أبي ذر  عبد بن أحمد الهروي رحمه الله عن شيوخه: أبي محمد عبد الله  بن أحمد بن حموية، وأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد، وأبي الهيثم محمد بن المكي  بن زراع، جميعا عن أبي عبد الله محمد بن يوسف الفِرَبْرِي، عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل  البخاري، رضي الله عن جميعهم، وقرأته من طريق أخرى ببغداد عن الشيخ أبي الحسن علي…بن أيوب البزار، أخبرنا به  عن أبي عبد الله  الحسين بن محمد الخَلال، عن أبي علي إسماعيل بن محمد بن أحمد ابن حاجب الكشاني عن أبي عبد الله الفربري، وكتب حسين بن محمد الصدفي بخطه، عقب شهر المحرم من سنة ثلاث وتسعين  وأربعمائة. وسمع أيضا  جميع الصحيح ـ لمحمد بن إسماعيل البخاري ـ مرارا محمد بن يوسف ابن سعادة، وفقني الله وإياه. وكتب حسين بن محمد الصَّدَفِي  بخطه في شهر رمضان المعظم سنة  عشر وخمسمائة وهو يمسك هذا… والحمد لله انتهى.

وعليه أيضا بغير خط الصدفي سماعات أخرى بمرسية إسماعيل  بن أحمد بن إسماعيل بن جعفر الألشي، وسمعه بقراءته جماعة من الفقهاء والطلبة،  في جمادى الأولى  سنة سبع  وخمسمائة.

ثم سماعات أخرى عن محمد بن يوسف ابن سعادة بمُرْسية:

وفي آخر السماعات: وكان على ظهره وبآخره غير هذا. وكتب عبيد الله أحمد بن يوسف الفاسي، وهذا الأخير هو المعروف بأحمد الفاسي الحافظ ابن الشيخ أبي المحاسن الفاسي المتوفى ببوزيري من بلاد مصمودة شمالي فاس، عام: 1021هـ [5].

وعلى هامش الوجه الأول أيضا: حبس السري الجليل الأسمى الأنبل أمير ركب الحج الحاج عبد الخالق ابن أمير الركب النبوي سيدي الحاج محمد عديل الأندلسي على خزانة جامع القرويين لينتفع به نسخا وقراءة، بتاريخ محرم عام سبعة وخمسين  ومائة وألف(1157هـ)

وفي آخر هذه النسخة الجميلة الرائعة،  كتبت أدعية مباركة تقرأ بعد ختم صحيح البخاري.

 ومما كتب أيضا قصيدة جميلة  في مدح صحيح البخاري مطلعها:

هذا البخاري بحمد الله قد خُتما

 

وليس فيه حديث واحد كُتِما

لكن قرأناه أبوابا مُبَوبَة

 

مَمْلُوة أدبا موفورة حكما

وقد قرعنا به الأسماع فانفتحت

 

بعد ما ملئت من قبله صَمَما

وأصبحت كل عين من بصائرنا

 

للحق مبصرة  ليست تخاف عما

هذا الكتاب الذي ما شاب قوته

 

ضُعف وصحته ما يعرف السقما

آخرها:

وقد ختمنا حديثا أنت قائلها

 

يا من به رَبُّهُ للرسل قد ختما

اشفع لنا ولكل المسلمين بما شفعت

 

في مسلم إلا وقد سَلما

صلى عليك إله  العرش ما عبست

 

سحابة وراءها البرق فابتسما

 ثانيا: النسخة ذات الرقم:  14/1 ـ4

أولها: قال أخبرنا الفقيه القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي رضي الله عنه، قال أخبرنا الشيخ أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد الهروي قراءة عليه في المسجد الحرام…

آخرها: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم،وهي نسخة تامة  في أربعة أجزاء،عدد أوراقها: 920(1840ص).

ناسخها: عبد الخالق بن عبد القادر  برادة،  وفرغ منها في يوم  الأحد ثامن (8)  ربيع الثاني عام عشرة  وثلاثمائة وألف: 1310هـ.

خطها مغربي مبسوط جميل، مزخرف بالذهب والألوان، وكل  الأجزاء صفحاتها الأولى والأخيرة لوحات فنية مزخرفة، مذهبة رائعة، وهامش الصفحات الثانية  مذهب مزخرف، وجميع الصفحات مجدولة بإطار مذهب،  وكذلك جميع التراجم مزخرفة بالذهب،  وكل الأجزاء مجلدة بجلد أحمر سميك، حُفرت نقوشه وزخارفه وحليت بالذهب.

وهذه التحفة الفريدة العجيبة كتب في  عين أولها ما نصه:  الحمد لله وحده،  هذه النسخة الرباعية المباركة من صحيح البخاري كانت في خزانة الأمين الأكبر  الأنصح الأمثل السيد الحاج عبد السلام التازي الرباطي، أمين الأمناء، في العهدين الحسني والعزيزي، و كان وهبها لولده الوحيد الأبر الأخير المفضال السيد  الحاج عبد اللطيف التازي، وقد حبسها  حفظه الله على الخزانة العلمية الصبيحية، في 22 صفر 1390هـ.

 ثالثا: النسخة ذات الرقم: 15/1 ـ6.

أولها: أخبرنا الفقيه الحافظ أبي علي حسين بن محمد بن ميارة الصدفي  رضي الله عنه  قراءة عليه مني….

آخرها: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

وهي نسخة تامة أيضا في ستة أجزاء، عدد أوراقها 1393(2776ص)،

خطها مغربي مبسوط دقيق، مجدول مزخرف بالذهب، غاية في الحسن والجمال.

وفي آخر الجزء الثالث والخامس  والسادس أنها  أخذت عن أصل عتيق، على أصل الحافظ أبي عمران موسى ابن سعادة،

والصفحات الأولى  في جميع الأجزاء عبارة عن لوحات فنية مزخرفة  بالألوان والذهب، وكذلك هوامش الصفحات الثانية، والعناوين كلها مزخرفة مذهبة،  فهي تحفة فنية عجيبة.

الخلاصة:

أن هذه النسخ الثلاث  من النسخ الفريدة والنفيسة التي  تزخر بها الخزانة العلمية الصبيحية العامرة بسلا، قل نظيرها.

أن هذه الزخرفة والزركشة والتحلية التي كتبت بها هذه النسخ  الثلاث، دليل على براعة الخطاطين المغاربة في فن الخط العربي الجميل.

 ****************

جريدة المصادر والمراجع:

1. إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، للقسطلاني أبي العباس شهاب الدين (ت: 923هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية، مصر، ط7، 1323 هـ.

2. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام،  للإمام الذهبي (ت 748هـ)، المكتبة التوفيقية.

3. الفتاوى الكبرى لابن تيمية (ت: 728هـ)، دار الكتب العلمية ط1، 1408هـ – 1987م.

4. فهرس مخطوطات الخزانة العلمية الصبيحية بسلا، للدكتور محمد حجي، منشورات معهد المخطوطات العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ط 1 ،1046هـ ـ 1985م.

5. منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري لحمزة محمد قاسم، راجعه: الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة دار البيان، دمشق ـ الجمهورية العربية السورية، مكتبة المؤيد، الطائف ـ المملكة العربية السعودية،1410 هـ ـ 1990 م.

****************

هوامش المقال:

[1]   مقدمة منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري(1 /21) بتصرف

[2]  تاريخ الإسلام(19 /169)

[3]  الفتاوى الكبرى(5 /86).

[4]  ـ شرح  صحيح البخاري للقسطلاني(1 /30)، منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري(1 /21).

[5] فهرس مخطوطات الخزانة العلمية الصبيحية(ص:74).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق