مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

في رحاب ذكرى المولد النبوي:دلالات وعبر

 

 

بقلم الباحثة: خديجة أبوري*

 

الحمد لله رب العالمين، خالق البشر من طين، ثم أكرمهم فاصطفى منهم النبيئين والمرسلين، وجعل منهم أولوا العزم، منهم إمامهم محمد الذي أنير بمولده الكونين، صل الله عليه وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد؛

  تحل بنا في مثل هذا الشهر الكريم «شهر ربيع الأول» من كل عام ذكرى لدى مسلمي العالم؛ ألا وهي ذكرى مولد فخر الكائنات، والرحمة المهداة، والنعمة المُسداة والشفيع لنا يوم القيامة، سيد ولد آدم، المصطفى على العالمين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين. الذي لولا رسالته ما اهتدينا، ولا تحلينا بسائر مكارم الأخلاق، والخصال الحميدة، التي سعدنا بها في ديننا ودنيانا، أفرادا وأمما وجماعات.

هذا النبي الكريم الذي هيأه الله منذ صغره لحمل الرسالة، فحلاه منذ نشأته بالعلم الذي لا يشوبه الجهل، وبالصدق الذي لا يخالطه الكذب، فجمع من المكارم والفضائل التي فاق بها الأولين والآخرين، فنهل منها الناس على اختلاف أجناسهم، ولا تزال على حالها منهلا عذبا للواردين من أصحاب اليمين والسابقين، قال تعالى: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾([1]).

إن في ذكرى مولد خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام أعظم الدلالات، وأجل العبر إن نحن عقدنا العزم على الاقتداء بسيرته واتباع ما جاء به من نور وهداية: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾ ([2])

ومن هذه الدلالات والعبر أذكر:

أولا: تعد ذكرى مولد الحبيب -صلى الله عليه وسلم- مناسبة لكل مؤمن يتذكر فيها اصطفاء الله عز وجل للنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- من بين كل الخلائق، واصطفاؤه لنا من بين كثير من الخلق  لنكون من أمة المصطفى ومن أتباعه، ولا شك أن الفرح بهذا الانتساب يعد شكر للنعمة التي أنعمها الله علينا، فما عرفت تاريخ البشرية جمعاء نعمة أعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثانيا: أنها ذكرى لكل منا يرى فيها حاله مع الله وموقعه عن كل ما أمره به.

 ثالثا: ثم إن في إحياء هذه الذكرى إحياء لسيرته -صلى الله عليه وسلم- والتذكير بها؛ فكلما ازدادت المعرفة بسيرته -صلى الله عليه وسلم- امتلأ القلب بمحبته وتعظيمه وازداد الشوق إليه؛ وكل هذا يعد عادة حسنة إن لم يصاحبها منكرات وتصرفات تنافي الشريعة الإسلامية.

رابعا: وهي مناسبة كذلك للحديث عن أخلاقه، التي ميزته عن كل خلق الله، والتي خلدها القرآن الكريم ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾([3]).

خامسا: كما أنها مناسبة للإكثار من التواصل والتراحم بين المسلمين وتعميق أواصر المحبة بينهم؛ ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعظم بشكل كبير تعاضد المجتمع وكأنه جسد واحد.

سادسا: أضف إلى ذلك أنها ذكرى جامعة يمكن أن تمثل أساسا مهما للوحدة الإسلامية، ومن خلالها يتم التذكير بالأسس الجامعة المهمة التي توحد الأمة.

 سابعا: وهي فرصة أيضا لنشر الإسلام والتعريف بالسيرة النبوية العطرة، خصوصا في ظل التحديات المعاصرة، والتي تكرر فيها الإساءة لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم .

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات 

*******************

هوامش المقال:

([1]) سورة النساء من الآية: (113).

([2]) سورة الأحزاب الآية: (21).

([3]) سورة القلم الآية: (4).

*راجع المقال الباحث محمد إليولو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق