مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

فضائل شهر الله المحرم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بقلم الباحثة: دة خديجة أبوري*

-باحثة بمركز ابن القطان-

تمهيد

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيداً، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى أثره، وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

  فيقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم، وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين﴾([1])

وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ خطب في حجته فقال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله تعالى السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان» ([2])

لقد خص الله تعالى هذه الأشهر الأربعة بالذكر، ونهى عن الظلم فيها تعظيما وتشريفا لها. ومن هذه الأشهر شهر الله المحرم، وهو أول شهور السنة الهجرية وأفضلها، وقد ورد في شأنه أحاديث نبوية وآثار تدل على عظمته وفضل الأعمال الصالحة فيه.

ولأهمية الموضوع  أفردته بهذا المقال الذي سأتناول فيه ـ إن شاء الله تعالى ـ ما ورد في فضله من أحاديث وآثار صحيحة فأقول وبالله أستعين:

فضائل شهر محرم وما ورد فيه من الأحاديث والآثار

من فضائل هذا الشهر الفضيل: أن جعله الله بداية للسنة الهجرية، قال الحسن البصري: «إن الله افتتح السنة بشهر حرام، وختمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم». ([3])  

ومن فضائله: أنه يستحب الإكثار من صيام النافلة فيه؛ ذلك أن صيامه يلي فضل صيام رمضان كما ورد في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم»([4])

قال القرطبي: «إنما كان صوم المحرم أفضل الصيام من أجل أنه أول السنة المستأنفة، فكان استفتاحها بالصوم الذي هو أفضل الأعمال»([5])

ومن فضائله: أن فيه يوم عاشوراء؛ وهو اليوم العاشر من شهر الله المحرم كما هو معروف: عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: « يكفر السنة الماضية»([6]) 

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله ﷺ يامر بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عليه». ([7])   

وهو اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من فرعون وقومه: فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه»([8]).

ومن فضائل هذا الشهر كذلك: والتي يستحب للمسلم القيام بها: التزوج والتزويج([9]) دفعا لما هو متعارف عليه وما يتخيله بعض العوام اليوم من التشاؤم من وقوع الزواج فيه.

ومن فضائله كذلك: تميزه بأنه أفضل الأشهر الحرم لتخصيصه بالذكر عنها: فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ خطب في حجته فقال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله تعالى السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان»([10])

ومن فضائله: تحريم الله تعالى الظلم فيه، ونهيه عن البدء في القتال فيه مع بقية الأشهر الحرم.قال قتادة: «إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء»([11]).

ومن فضائله: أنه موسم توجب فيه الزكاة على الأموال التي دار عليها الحول فعن عثمان رضي الله عنه قال: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عنده دين فليقض دينه، ثم ليزك بقية ماله([12]).

الخاتمة:

وفي الختام أحمد الله تعالى الذي وفقني في هذا المقال الذي تحدثت فيه عن بعض ما ورد في فضائل شهر الله المحرم من أحاديث وآثار صحيحة. والله تعالى أسأل أن يتقبل مني هذا الجهد المتواضع وأن ينفع به إنه مجيب.

********************

لائحة المراجع المعتمدة في المقال:

1- تفسير القرآن العظيم. ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل ابن كثير. المحقق: سامي بن محمد سلامة. دار طيبة للنشر والتوزيع. ط2/ 1420هـ – 1999 م

ا2- لجامع الصحيح (المسند من حديث رسول الله ﷺ وسننه وأيامه). البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. قام بشرحه وتصحيح تجاربه وتحقيقه: محب الدين الخطيب- رقم كتبه،  وأبوابه،  وأحاديثه،  واستقصى أطرافه: محمد فؤاد عبد الباقي- نشره وراجعه وقام بإخراجه وأشرف على طبعه: قصي محب الدين الخطيب. المطبعة السلفية القاهرة. ط1- 1400.  

2- الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج. السيوطي: عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.حقق أصله وعلق عليه: أبو إسحاق الحويني. دار ابن عفان. ط1/ 1416-1996.

3- صحيح مسلم. وفي طليعته: غاية الابتهاج لمقتفي أسانيد كتاب مسلم بن الحجاج للزبيدي.دار طيبة. الرياض. ط1/ 1427-2006.

4- لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف. ابن رجب الحنبلي: زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد ابن رجب الحنبلي. تحقيق: ياسين محمد السواس. دار ابن كثير بيروت. ط5/ 1420-1999.

5- الموطأ –رواية يحيى بن يحيى الليثي- حققه وخرج أحاديثه: د. بشار عواد معروف. دار الغرب الإسلامي. ط2/1417-1997.

 

هوامش المقال:

**************

([1]) سورة التوبة الآية: (36).

([2]) متفق عليه.أخرجه البخاري في صحيحه (3 /236)كتاب تفسير القرآن، باب: قوله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله…) برقم: (4662)، ومسلم في صحيحه (2 /799) كتاب: القسامة، باب: تغليظ تحريم الدماء برقم: (1679).

([3]) لطائف المعارف ص: (79).

([4]) أخرجه مسلم في صحيحه (1 /520)، كتاب: الصيام، باب: فضل صوم المحرم، برقم: 1163.

([5]) قاله السيوطي في الديباج (3 /251).

([6]) أخرجه مسلم في صحيحه –مطولا- (1 /519)، كتاب: الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام، برقم: (1162).

([7]) أخرجه مسلم في صحيحه (1 /503) كتاب: الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء برقم: (1128).

([8]) أخرجه البخاري في صحيحه (2 /58-59)، كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء، برقم: 2004.

([9]) وقد تبث أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج صفية في هذا الشهر.

([10]) تقدم تخريجه.

([11]) تفسير ابن كثير (4 /148).

([12]) أخرجه مالك في الموطأ (1 /344) كتاب: الزكاة، باب: الزكاة في الدين برقم: (685).

* راجع المقال الباحث: محمد إليولو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق